مع اندلاع الأزمات وزيادة درجة الثقافة تتوسع الصحافة أفقيا لتغطي مساحة كبيرة من الرأي العام. وهذا معروف منذ الربع الأول من القرن العشرين حينما ظهرت أمهات الصحف في المنطقة كالعرفان في لبنان والحديث والضاد في حلب والطالب العربي والنواعير في دمشق وحماة.
ومن يقلب صفحات تلك المطبوعات سيفاجئه الجرأة في الطرح والتبويب ثم التفسير. حتى أن العدد الأول من الطالب العربي كانت فيه مواد لطه حسين وعيسى الناعوري وأمينة السعيد وفؤاد الشايب. ويمكن أن تقول إن السلة كاملة الدسم، وتتصدرها صورة لرئيس الجمهورية يومذاك وهو شكري القوتلي، وحوله لفيف من “أدباء العروبة” كما ورد تحت الصورة.
ومن بين أهم القضايا التي حازت على نصيب الأسد، في تلك الدوريات المبكرة، ظاهرة جبران والحداثة في أساليب التعبير. وقد تكررت نفس الظاهرة مع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان. فالنار التي بدلت وجه مدينة بيروت ومحتواها هي نفسها التي ولدت منها صحف هامة مثل الجيل والسفير وفكر...
وكانت كلها تحاول أن تصهر معدن المواطن العربي في بوتقة نضالية وتحررية. ولكن للأسف ليس هذا هو حال أزمات هذه المرحلة. فهي تهدم ولا تبني. لقد خسرنا في المرحلة الأخيرة السفير "صوت من لا صوت له". ودخلت الحياة مرحلة السبات. وهناك مجموعة من المطبوعات الوطنية التي تحتضر في غرف الإنعاش. وبضوء هذه الحقيقة تأتي صحيفة المثقف بشكل فرصة نادرة للتنفس. فهي تعوض جزءا من هذه الخسارة، وتضيف إليها نقطتين هامتين.
- الأولى خاصة بالمثقف نفسها. وهي ما تقدمه في محور الإصلاح والتنوير. فمن أولى مهام هذه المطبوعة الإلكترونية ترقية مشاكل الحداثة من تجديد مشروط إلى ترميم تجديدي. بمعنى أنها عملت وفق مبدأ فلسفة تحرير الحداثة من نفسها. فكل حادث يصبح بالتقادم جزءا من التقاليد. وهذا يضاعف من ضرورة إزاحة الغبار المتراكم عليها وحقنها بمنشطات تعيدها للمسار الطبيعي مع دورة الحياة والطبيعة. وكما ورد في كتاب ماجد الغرباوي عن رهانات السلطة: إن الإسلام الحركي مسؤول مسؤولية مباشرة عن انكفاء الإيمان والعقيدة على الدين*. بمعنى أنه لأسباب سياسية تحول من دين إلى وعاء من "الإجراءات والعلاقات"*. ويدخل في هذا المضمار الجدل الدؤوب بين كتاب المثقف حول معنى الاستعمار والشراكة بين الدول، ومتى يكون الشريك مستبدا ومحتلا ومتى يكون قوة تحرير ومؤازرة. وأعتقد أن ما نشرته المثقف عن أشكال التدخل الأجنبي بدعاوى مختلفة في الشؤون المحلية يصلح ليكون مادة للدراسة، فما كان يعرف باسم انتداب وحماية عاد إلينا باسم مساندة وتدريب وتفتيش وما شابه ذلك. ولا يخفى على أحد أن القوة الناعمة للاستعمار المعاصر بدأت تتغلغل في حياتنا شئنا أم أبينا.
- النقطة الثانية وهي رفد الكتابة بأسماء جديدة. وهذا يعني فيما يعنيه إحياء الأساليب وليس الانقلاب عليها. ففي (إبداعات) فتحت المثقف بابها لألوان جديدة من المقامات، والشعر النثري الذي لا يخلو من لمسات لوتريامون. ومثل هذا التقاطب، لا يغني معرفتنا بالماضي وبدايات الحداثة، ولكنه يخلق فرصة لنوع من الصوت وصداه. وبالأخص أن المقامة المعاصرة ليست ناقدة جوهريا، ولكنها تحاول أن تلعب باللغة، وأن تحول المشاعر لنوع من الأفكار السائلة liquid thinking. وهذا هو ما تفعله القصيدة النثرية الجديدة. إنها تفجر قالب القصيدة ومحتوياتها في آن واحد. أما باب (دراسات) فهو مثل غربال نعيمة، يبدأ من الشك ليصل لشيء يشبه اليقين.
أتمنى للمثقف دوام العطاء، وأن تكون شموعها الحزينة جزءا من رصيد صحافتنا التي تكافح من أجل البقاء بمقدار ما تكافح لمقارعة الحقيقة بالحقيقة.
وشكرا.
د. صالح الرزوق – أديب وناقد ومترجم سوري
...............
*انظر الكتاب الذي اشترك في تبويبه ماجد الغرباوي وطارق الكناني، و صدر عن دار الأمل الجديدة بدمشق عام 2017 بعنوان: رهانات السلطة في العراق: حوار في إيديولوجيا التوظيف السياسي.
هذا المقال الثاني عشر الذي أكتبه في ذكرى تأسيس "
بمناسبة ذكرى تأسيس
أطفأت مؤسسة المثقف 12 شمعة من عمرها المديد وهي تواصل مشروعها التنويري الفكري والجمالي في حقول المعرفة الانسانية والابداع، سنوات تمضي و"المثقف" تتواصل بكل محبة لاشاعة الفكر الجدلي والبحث الجدي عن مواطن الخلاف والتعبير الحرية في مناقشة المحظور والمسكوت عنه .
هذه المثقف لا ريب فيها، بستان الثقافة والأدب، من ثمرأشجاره ونخيله طعمنا، ومن ثر عيونه غرفنا، ورقيق مائة رشفنا، ومن شفيف هوائه شممنا .
ان تثبت صحيفةٌ ما أنها صحيفة مهنية وجادة ومتزنة وملتزمة، وانها استطاعت أن تنال احترام وثقة المواطن على جميعِ الاصعدة، وأن تزوده بالمعرفة في كل جوانب حياته المعاصرة، معتمدة في ذلك على أهم عناصر النجاح وهي المصداقية في طرح قضايا وهموم الوطن.. هذا هو بحق الامر الصعب..!
تحتفل
غدا تحتفل صحيفة
قد ابتعد عنها بحرفي ، لكنني أتابعها يوميا فالذي يسهم بالكتابة فيها هم خير نخبة فكرية وأدبية لهم حضورهم في الوسط الثقافي المحلي والعربي، جمعتهم فوق صفحاتها منذ 11 عاما ولتصبح خلال تلك السنوات إرشيفا ثقافيا كبيرا لمن يريد الكتابة عن أهم رموز الفكر والثقافة في العراق والوطن العربي، " المثقف " عنوان رصين لمن يبحث عن الثقافة الواعية المتجددة غير المتجمدة فتحية لها ولحادي ركبها الباحث الأستاذ ماجد الغرباوي وكل من يعمل معه
في السنة الأولى من العقد الثاني لتأسيس 
كرنفالٌ كما الحلم.. ننتظرهُ عاماً بعدَ عام.. كرنفالُ نضعُ من خلاله آمالنا وأُمنياتنا بقبضةِ عملةٍ معدنيةٍ نُلقي بها الى بركةِ الحلم..!
هنيئاً لكم بهذا المنجز المعرفي الثقافي الفكري والأدبي بإيقادكم إحدى عشرة شمعة، وضّاءة في عالم الأعلام والثقافة، وتألق نجم
تحتفل الشعوب بيوم تأسيس اوطانها. وتحتفل المنظمات والاتحادات وغيرها في كل انحاء العالم بيوم تأسيسها، وتعتبره عيدا لها فتعم الافراح وتتلقى التهاني من كل المحبين والمعجبين والموالين والمنضوين تحت لوائها.
حتى نحسن التصالح معنا .. نكتب
ربَّ تجربة قصيرة تقودك إلى عوالم وفضاءات رحبة لم تكن تعتقد في يوم ما انك ستلجها بهذه الصورة، عوالم تتيح لك ان تفكر بصوت عال وتستنشق كل الضياء المحيط بالفكر الإنساني دون ان تسقط في شرك الوهم والخديعة، فهناك من يصحح لك المسيرة على الدوام في هذه العوالم، دون ان تقمع هذه الومضة التي تضيء في افكارك فجأة، فترى من يحتويها ويؤطرها ضمن ما يوائمها من افكار ومعطيات تنتج عن هذه المخاضات والارهاصات التي يتعرض لها الانسان العربي بصورة عامة والعراقي بصورة خاصة الواقع تحت ضغوط هائلة من الارث الديني وقائمة الممنوعات التي تقمع كل ماهو جديد وكل صحوة من شأنها ان ترسم بارقة امل للتنوير.
عرفت المثقف قبل نحو أربع سنوات، وكان دخولي مصادفة خلال إحدى زياراتي جنة العمارة، ولم يستغرق تجوّلي في رحابها اكثر من دقائق معدودة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، لكن هذه الدقائق المعدودة أخذت بالتنامي كلما دخلت رحابها، فكانت من بين النوافذ التي أطلّ منها على العراق من مغتربي البعيد . علاقتي الحميمية هذه، قد ضاعف منها شغفي بالأدب بشكل عام وبالشعر بشكل خاص، قبل أن يضاف شغف جديد في الفترة الأخيرة هو قراءة الهايكو لانه نوع ادبي جديد عليّ والذي يحظى باهتمام القراء . كنت قارئة لا غير، أكتفي بالقراءة وأغادر بدون كتابة سطر تعليق أو إبداء رأي .. هكذا مضت السنوات الأربع، كنت خلالها كالتي تتصفح بصمتٍ كتابا في مكتبة عامة وتغادرها لتعود في يوم آخر ..
لمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس المثقف، أعدت صحيفة المثقف ملفا شارك فيه عدد كبير من الكتاب والكاتبات، ولخصوصية المناسبة تم عرضه في ملف خاص ضمن ملفات الصحيفة، على الرابط أدناه، فيرجى المتابعة، مع التقدير
الاستاذ ماجد الغرباوي المحترم