نصوص أدبية

مجيدة محمدي: جدائل منهوبة

في مساءٍ تتسكّع فيه الأرواح على أرصفة الخديعة،

رأيتُ جديلةً تمشي وحدها،

عارية الرأس إلا من ظلِّ أنوثةٍ شرسة،

جديلةٌ فاحمةُ الحزن،

مجدولةٌ بأصابع الحاجة،

مبلولةٌ بعرق الأمهات حين يُخيَّط الفقرُ في أثواب البنات.

*

يا للجدائل...

كم تشبه السلاسل حين تُترَكُ على أبواب المصانع،

كم تُشبه السنابل حين تُدهسها أقدام الموضة،

كم هي هشّة،

صلبة،

متمرّدة،

هادئة كدمعة،

شرسة كجملةٍ أخيرة !

*

في الجانب الآخر من المدينة،

على مقاعد الزيف المخمليّة،

تتمايل باروكاتٌ مستوردة،

صناديق من الوهم الممشّط،

شَعْرٌ لا يعرف طَعمَ المطر،

ولا نُدبةَ مشطٍ قديم،

ولا حكايات الجدّات بين الخصل.

*

باروكاتٌ تشتهي أن تَنسى الأصل،

أن تتجاهل أن الجَمالَ لا يُشترى،

وأن اللمعان لا يُغني عن الحقيقة،

فما أغرب هذا الزمن الذي يُزيّن الغنى بدموع الفقراء!

*

أيتها الغنيّةُ بتاجٍ ليس لكِ،

هل تعلمين أنّ الفقيرة حين تُقصُّ ضفيرتها،

تُقصُّ معها حياةٌ كاملة؟

هل تعلمين أنّ ثمنَ باروكتكِ

هو شهقةُ طفلةٍ رأت أمّها تبيع أنوثتها قطعةً قطعة؟

أنّكِ حين تَسحرين الجميعَ بتلك الخصلات،

تسرقين قمرًا من سماءٍ مكسورة؟

*

ألا يكفي هذا العالم سطواً على الأحلام؟

أما آن له أن يكتفي من فُجورِه في التسلّق؟

لقد نَهَبَ القمحَ،

والحبرَ،

والحنجرة،

والآن... ينهبُ الضفائر؟

*

أيتها الجدائل...

يا خرائطَ الصبر،

يا أنينَ القصائد المدفونة في صمتِ الصالونات،

عودي،

عودي عاصفةً،

عودي نارًا تحرق كلَّ ما يُلبَسُ على الكذب،

أعيدي للسماءِ مطرَها،

للشعرِ سِرَّه،

وللفقرِ شرفَ البقاءِ جميلًا… دون إذنِ الأغنياء.

***

مجيدة محمدي

 

في نصوص اليوم