نصوص أدبية

مجيدة محمدي: خيانة بيضاء

أنا اليوم

قررتُ أن أخونَ ذاكرتي،

أن أنسلَّ من جلدِ الحنينِ كأفعى عجوز،

تعبت من لسعِ نتوءات الأحراش،

ومن نُدوبِ الوقتِ على جسدِ الغيمة، الهاربة .

*

أنا اليوم،

أودعتُ مفاتيحي القديمة

في صدرِ صندوقٍ خشبيٍّ

تفوحُ منه رائحةُ النسيان المُمَلَّح،

وقلتُ، كفى!

*

ألتحقُ بسِربِ الغزاة،

أولئك المتمترسين على حافّةِ الفعل،

يَسِنّونَ رغبتهم كالسيوف،

يُطلّون من شقوقِ المعنى

ويزرعون في العواصفِ نشيد الماء،

*

لم أعد أرغبُ

أن أُطعمَ ذاكرتي من جسدي،

أن أُرضعها من حليبِ الرؤى اليابسة،

أن أُربّتَ على كتفِ الأمس

كلّما انطفأ الحاضرُ من حولي.

*

أنا اليوم،

كغصنِ زيتونٍ نبتَ في منفى،

لا يحنُّ للجذور،

ولا يطمئنُّ إلى الغصون.

*

تركتُ حكاياتي تمشي حافيةً

فوقَ شوكِ التأويل،

وانحنيتُ للريح،

كي أُخفي ملامحي عن القصائد

التي ما عادت تعرفني.

*

الغزاةُ،

هنا،

عند تخومِ الإرادة،

يرفعونَ الراياتٍ

ينشدونَ صوتا له شفاهُ البرق،

ويرقصونَ فوقَ جثثِ الحلم القديم.

*

وأنا،

بلا ذاكرةٍ،

بلا بكاءٍ،

بلا قصيدةٍ تذكرني،

خنتُ ذاكرتي...

لأبحث عن نافذةٍ

لا تطلُّ على جرحٍ

ولا تُغلقُ على قيد.

***

مجيدة محمدي

في نصوص اليوم