نصوص أدبية
جاسم الخالدي: وهمُ الوصالِ

كثير ما يواجهني سؤالُ
لماذا الشوقُ يقتله الوصالُ؟
*
لماذا كلما اقتربت فُتَاتٌ
من الآمال ينقطع المنالُ
*
لماذا كلما طلعت شموسٌ
شكت عيناي والشكوى انخذالُ
*
لماذا كلما حاولت دفئًا؟
أفاق القلبُ والتاعَ السؤالُ
*
كأنَّ البعد يشعل في الحشايا
لهيبًا من حنينٍ لا يُحالُ
*
كأنَّ القربَ يقصيني بعيدًا
وياخذني إلى الوهم الخيالُ
*
كأنَّ الدربَ يطويني جحيمًا
ويُغرقني، ولا يُجدي النضالُ
*
كأنَّ الحلمَ ينسجُ لي سرابًا
ويُخلفُ وعدَهُ حتى المُحالُ
*
أحاولُ أن أرى في الليلِ ضوءَا
ولكنْ كيفَ والظلُّ احتلالُ؟
*
يُناديني الهوى صوتًا شجيًّا
فأصغي ثمَّ يخذلني المآلُ
*
أحنُّ إليكَ رغم البعدِ شوقًا
كأنَّ الوصلَ يعشقُهُ الزوالُ
*
فهلْ يبقى على الأملِ انتظاري
وهلْ يُجدي من الصمتِ انفعالُ؟
*
كأنّي فيكَ لم أُخلقْ ولكنْ
لأحيا فيكَ يُرشدني الضلالُ
*
كأنّي فيكَ لم أعشقْ ولكنْ
تصيَّرني المنى وَهْماً يُقالُ
*
أجوبُ الليلَ، أستجدي رؤاهُ
فلا حلمٌ.. ولا طيفٌ يُطالُ
*
تمرُّ الريحُ، تُلقيني جريحًا
وتَسلبني المواسمُ والظلالُ
*
إذا جفَّتْ عروقُ الأرضِ يومًا
فإنَّ الحُبَّ أنهُرُهُ سِجالُ
*
وإنْ ضاقتْ على العشّاقِ دنيا
فعشقُ الروحِ لا يُبليهِ حالُ
*
أحبُّكَ كيفما جُرِحَتْ يدانا
وكيفَ تَبدّدَ الوصلُ المِثالُ
*
فإنْ طالَ الرحيلُ، فذاكَ دربي
وإنْ عُدنا، فيغمرني الوصالُ!
***
د. جاسم الخالدي