نصوص أدبية
إبراهيم مصطفى الحمد: ظِلال كاذبة

أتَوني بأشجـارٍ ظَليلٍ ضَلالُهُـا
يسيرُ بِمَهْواةٍ بعيدٍ خَيـالُهـا
*
وما كانتِ الأشجارُ إلّا كمِثلِ ما
تَظُنُّ بـأمواهٍ ويَأْتِيكَ آلُـهـا
*
فَتَحتُ شَبابيكي وكانتْ رئاتُهم
عَناكِبُ تستقوي رويدًا حِبالُها
*
كتبتُ بحبرٍ مِنْ دِمائي حروفَهم
وآوَيتُهُم روحي وغَنَّتْ دِلالُهـا
*
وآنَستُ نارًا أصطلي بعضَ دِفْئِها
فألفَيتُني يَـنمو بِقَلْبي اشتِعالُهـا
*
فلا تأمَنِ الأفعى يَخُنْكَ انْسِلالُها
فَمهما نَضَتْ جِلْدًا سَتبقى خِصالُها
*
عراقَكَ لا تغفَلْ ففي كُلِّ ضِحكةٍ
فِجـاجٌ تَلَوَّى شَرُّهـا وَوَبالُهـا
*
فَكُنْ صَخرةً تأبى ويَختالُ سِرُّهـا
وَتَضْحَكُ لو مَرّوا وفيهِمْ سُؤالُهـا
*
تَدورُ بِكَ الدُّنيا رَحًى مُستَديرَةً
يُشَتِّتُ نَجمَ الأمنياتِ اخْتِلالُها
*
كحَسنـاءِ قَصرٍ لفتَةً ثُمَّ تَنثَني
ويَعبَثُ في غَيمِ المَسَرّاتِ شالُها
*
وتُوشِكَ أن تَدنو ولكنَّ أمرَها
عَجيبٌ فأشباهُ الرِّجـالِ تَنالُهـا
*
غَريبًا تَرى نَفسًا بِنَفسٍ غزيرةً
أصَبْتَ، سِوى أنَّ الرّزايا عِيالُها
*
لذلكَ لا إلّاكَ فالذاتُ نَجوَةٌ
فأَثِّثْ بِكَ النَّجوى يَزِنْكَ اخْتِزالُها
*
حَنانَيكَ لا بَلواكَ بَلْوًى تَرُدُّها
ولكنَّهـا بَلوًى يَضيقُ احتِمالُها
*
ولَو كنتَ لا مَعنًى يُطَرِّيكَ بينَهم
لَما هُنْتَ لَو ضَرَّ السَّوَامَ ابْتِلالُها
*
ولكنَّكَ الفردُ الذي فوقَ رأسِهِ
تَشُبُّ نجومٌ بالسَّمـاء اتِّصالُهـا
*
ولَو كنتَ ذا خَصْمٍ شريفٍ عَذَرتَهُ
وخاصَمتَ لكنْ لا وإذْ ما يَزالُهـا
*
عراقَكَ هل في الأرضِ نِدٌّ تَرُدُّهُ
وأنتَ لَهـا تـاجٌ وأنتَ عِقالُهـا
*
ولكِنَّهـا الدُّنيـا عَجيبٌ سِجالُهـا
أصيلٌ بهـا تَكبو وتَسمو بِغالُهـا
*
وتَزعُمُ فيهـا الخُنفُسـاءُ فُرُوسَةً
وتُوهِنُ عَزْمَ الأُسْدِ فيها جِعالُها
*
ولكنْ سأَلْتُ الروحَ واشْتَدَّ حالُها
وأَرعَدَ فيهـا سَهْلُهـا وجِبالُهـا
*
أُبُوَّةُ هذا الأرضِ مَنذا يَطالُهـا
مَسَلَّتُهـا مِـنّي وصَوتـي بِلالُهـا
*
فإنْ خانَ دَهرٌ أو تَهاوَتْ رِجالُهُ
فَإنَّ بِلادي حُـرَّةٌ ورِجالُهـا
***
إبراهيم مصطفى الحمد/ آب 2025