آراء
عبد الأمير الركابي: المنطقة ونهاية الايديلوجيا والتشبهية الابراهيميه (9)

هل نحن على مشارف الاختراقيه الثانيه؟ لاشك ان افتراضا من هذا القبيل يتعدى ما يعتبر في باب المعقول او الممكن استيعابه على مستوى الموضوعات والاسباب، عدا المعطيات الفاعله، سواء على جسامة المدى الزمني على طوله، او من حيث النوع، الامر الذي يذهب بنا الى افتراض التفارقيه النوعية بين عالمين وزمنين، من حيث مراحل ومستويات الادراكية والوعي البشري المتاح للكائن الحي حتى الان، وماقد تسببت به القصورية العقلية من عجز عن مقاربة الظاهرة الاجتماعية ومنطوياتها، والمآلات التي هي ذاهبه اليها، وظلت تحكم تفاعليتها التاريخيه مع حجب الهدف المقرر لها.
والاهم فيما يشار اليه هو التراكمية الهائلة المتولدة عن القصورية العقلية الطبيعية، وعن توالي تكريس المنظورات والمفاهيم الموافقه، بالذات منها تلك العادة للاشتراطات اليدوية الجسدية الحاجاتيه، ماقد القى بثقله على اللحظة الانقلابيه الالية ساعة وقوعها، واخضعها لماقبلها من رؤى وتصورات راسخه، من المستحيل حتى اليوم تصور ماعداها، يدخل في ذلك ميل الكائن البشري العضوي والعقلي الى الخضوع للعادة والتكرار، هذا غير الانسياق وراء امكانية ان يذهب ماهو حاصل، مع ما يمكن ان يكون " تقدما"، وسيرا الى الامام من دون خروج على اسس الراسخ والمعتاد، ان لم تعيد تكريسها بصيغة اخرى.
كل هذا ونحن نقف امام ثورة عقل تنفي "العقل" كما متعارف عليه، وكما موصوف ومستعمل، مالايمكن تخيل احتمالية وقوعه باي شكل كان، الا اذا استوجب ضرورة عليّه قصوى راهنه على الكائن البشري ووجوده، وفي هذا السياق سيكون من غير المعقول، وبعد كل المسار المجتمعي التاريخي، القول بلا ادرية او صدفوية الحياة والوجود البشريان، او عدم اتفاقهما مع الغائية الكونيه العليا الناظمه للكون وتحولاته ومساراته العظمى غير المدركة، ولا المماط عنها اللثام كما قد يعتقد بناء للمحدودية العقلية الراهنه، اي تلك التي تصدر عن مابين عشرة الى خمس عشرة بالمئة من الطاقة العقلية المتاحة والقابلة للاستعمال، والمدخره لحين حلول اشتراطات العيش بالعقل خارج الجسدية.
المؤكد ان الغائية الكونيه العليا قد هيات الاسباب واللوازم الضرورية حتى تتوفر اسباب الانقلابيه الحالية بكل مايفترض ان تنطوي عليه من "اكراهية " لزومية، واشتراطات واسباب مادية ضرورية لاجل التحول الانقلابي الاعظم، بعد ان وفرت العامل الاهم الالي المتحول اليوم ومن هنا فصاعدا، الى تكنولوجية عقلية غير قابلة للتفاعل مع اشتراطات المجتمعية الانتاجية الجسدوية اليدوية ومتبقياتها الصناعية الاولى، او حتى الحالية التكنولويجية الانتاجيه، وبالاجمال توفير الانتقالية الفاصلة بين اليدوية ومابعدها، بما هي عليه، اي كانتقال من اليدوية الجسدية الى العقلية، لاكما تقول الى اليوم متبقيات المنظور اليدوي للاله، مكرسه اليدوية، بافتراضات من نوع "التقدم" تكريسا للبقائية الاحادية الابدية المجتمعية الارضوية الجسدية.
يجب ان نكون واثقين من ان العالم مقبل على "مالاعين رات ولا اذن سمعت"، وذلك بحكم نوع وطبيعة ومستوى الانقلابيه الفنائية التحولية المقصوده، ونوعها غير المسبوق، والذي عاشت البشرية تاريخها الى الساعة بانتظار بلوغ مشارفه، بالمقابل وفي ارض الاختراقية اللاارضوية الاصل الاولى، سيكون المطلوب والمتوقع هو الاخرمما لايمكن تخيل نوعه ومستواه من حيث الرؤية الموافقة للانتقالية التحولية الكونية، من الجسدية منتهية الصلاحية، الى العقلية مافوق اليدوية، بالانتقال من النظر النبوي الحدسي الابراهيمي الاول، الى المنظور اللااارضي العلّي السببي، وسط وفي غمرة الاضطرابيه الافنائية العظمى، مايضع الايديلوجيات والموروثات خارج الاحتساب، وخارج العالم.
هذا بينما يكون الغرب قد غادر موقع الفعالية القيادية وتوهميتها الاليه المؤقته.
***
عبد الأمير الركابي
..........................
(1) فبعد سقوط روما "راح الوثنيون وكانوا مايزالون هم الاغلبية يعزون اسباب انهيار روما والانحلال العام الذي اصاب الامبراطورية الرومانيه الى انتشار الديانة المسيحية . لهذا انتدب اوغسطين للدفاع عن المسيحية ضد هذا الاتهام، فانشا يكتب كتابه الاساسي المشهور "مدينة الله" ابتداء من سنة 415 او بداية سنة 416 م وفرغ من كتابة المقالات العشر الاولى منه في ذلك الوقت، لكنه احس بان كتابه هذا بحاجة الى تكمله تتولى بيان ماوقع في تاريخ العالم قبل ذلك الوقت من مصائب وكوارث لاشان للمسيحية بها. لانها سبقت ظهورها، فعهد اوغسطين بهذه المهمة الى اوروسيوس"/ اوريسيوس ـ تاريخ العالم: الترجمه العربيه القديمه حققها وقدم لها د عبدالرحمن بدوي/ المؤسسة العربيه للدراسات والنشر/ ص 6 / هذا وكتاب اوريسيوس اصلا معنون ب " التواريخ ضد الوثنيين".
(2) نلفت النظر الى كتابنا الصادر قبل اشهر عن / دار الانتشار العربي ـ بيروت/ كتاب العراق: الكتاب اللاارضوي المنتظر منذ سبعة الاف عام/ عبدالامير الركابي/. كبداية ومنطلق تاسيسي.
* ازيل هامشان كانا وردا ترقيما في الحلقات، لانتفاء اللازمه.