قضايا

حسن عجمي: الأخلاق السوبر خلاّقة

من منطلق المنهج التحليلي السوبر خلاّق، الأخلاق السوبر خلاّقة = إنتاج كلّ الأفعال والمبادىء المفيدة للذات والآخرين × إنتاج كلّ الأفعال والمبادىء المقبولة عقلانياً ومشاعرياً. هذه أخلاق سوبر خلاّقة لأنها فعّالة في إنتاج كلّ الأفعال والمبادىء المفيدة للذات والآخرين والمقبولة عقلانياً ومشاعرياً. فبدلاً من أن تكون الأخلاق إتّباع مبادىء معيّنة وتقليد أفعال، الأخلاق الحقة إنتاج أفعال ومبادىء مما يجعلها أخلاقاً سوبر خلاّقة ويُحوِّل الإنسان إلى سوبر خلاّق في عملية بناء الأفعال والمبادىء الأخلاقية. هكذا يستعيد الإنسان دوره في إبداع ماهيته الإنسانوية الكامنة في إنتاج الأخلاق.

تنجح فلسفة الأخلاق السوبر خلاّقة في ضمان استمرارية التطوّر الأخلاقي. وفي هذا فضيلة كبرى دالة على صدق تلك الفلسفة الأخلاقية. فبما أنَّ الأخلاق السوبر خلاّقة = إنتاج كلّ الأفعال والمبادىء المفيدة للذات والآخرين × إنتاج كلّ الأفعال والمبادىء المقبولة عقلانياً ومشاعرياً، وعلماً بأنَّ كلّ الأفعال والمبادىء المفيدة للذات والآخرين والمقبولة عقلانياً ومشاعرياً تتضمن الأفعال والمبادىء المفيدة والمقبولة عقلانياً ومشاعرياً الغير مُكتشَفة حالياً أو في الماضي، إذن الأخلاق السوبر خلاّقة تستلزم اكتشاف الأفعال والمبادىء المفيدة والمقبولة عقلانياً ومشاعرياً التي لم تُكتشَف بعد مما يتضمن أنَّ الأخلاق السوبر خلاّقة تضمن استمرارية التطوّر الأخلاقي من خلال اكتشاف الأفعال والمبادىء الأخلاقية الخيّرة غير المعروفة حالياً أو في الماضي والعمل على ضوئها. هكذا لا تسجن فلسفة الأخلاق السوبر خلاّقة الإنسان في أخلاق الحاضر والماضي بل تدفع به إلى اكتشاف أخلاقيات المستقبل الجديدة وبذلك تحرِّر الإنسان من أخلاقية الحاضر والماضي من أجل بناء أخلاقيات المستقبل. من هنا، تضمن الأخلاق السوبر خلاّقة حرية الإنسان ومشاركته في صياغة وجوده الأخلاقي. وكلّ هذه الفضائل، كفضيلة ضمان حرية الإنسان، أدلة على نجاح فلسفة الأخلاق السوبر خلاّقة وصدقها.

بالإضافة إلى ذلك، تتنوّع النظريات الأخلاقية وتختلف فمنها نظرية الأخلاق الأنانية التي تقول إنَّ الأخلاق تتكوّن من تحقيق الفرد لمصالحه ومنفعته الذاتية كما جاء ذلك لدى الفيلسوفة آين راند ومنها النظرية النفعية القائلة بأنَّ الأخلاق كامنة في تحقيق المنفعة الكبرى للعدد الأكبر من الناس الآخرين كما يصرّ الفيلسوف جون ستيوارت مِل. نظرية أخلاقية أخرى تؤكِّد على أنَّ الأخلاق قائمة على العقلانية بمعنى أنَّ الأفعال الأخلاقية الخيّرة هي الأفعال المقبولة عقلانياً كما وَرَد ذلك في نظرية الفيلسوف إيمانويل كانط مما يتضمن أنَّ الأفعال الأخلاقية هي المقبولة عالَمياً من قِبَل كلّ البشر العقلاء. أما نظرية أخرى في الأخلاق فتقول إنَّ الأخلاق قائمة على المشاعر فالفعل الأخلاقي الخيّر هو الذي يسبِّب الشعور باللذة أو المتعة بينما الفعل غير الأخلاقي يسبِّب الألم كما يعبِّر عن ذلك الفيلسوف ديفيد هيوم.

أما فلسفة الأخلاق السوبر خلاّقة فتنجح في التوحيد بين النظريات المختلفة السابقة فتحلّ الخلاف فيما بينها. وعلى أساس هذا النجاح في حلّ الخلاف الفلسفي بين تلك النظريات الأخلاقية المتصارعة تكتسب فلسفة الأخلاق السوبر خلاّقة صدقها. فبما أنَّ الأخلاق السوبر خلاّقة = إنتاج كلّ الأفعال والمبادىء المفيدة للذات والآخرين × إنتاج كلّ الأفعال والمبادىء المقبولة عقلانياً ومشاعرياً، إذن تتضمن الأخلاق السوبر خلاّقة أنَّ الأخلاق كامنة في إفادة الذات تماماً كما تؤكِّد نظرية الأخلاق الأنانية وتتضمن أنَّ الأخلاق كامنة أيضاً في إفادة الآخرين كما تقول النظرية النفعية بالإضافة إلى تضمنها لنظرية أنَّ الأخلاق متكوِّنة من الأفعال والمبادىء المقبولة عقلانياً فالعالمية كما لدى كانط وتضمنها لنظرية أنَّ الأخلاق قائمة على المقبول مشاعرياً كما لدى هيوم. هكذا تنجح الأخلاق السوبر خلاّقة في التعبير عن كلّ المذاهب الأخلاقية السابقة فتوحِّد فيما بينها وتحلّ الخلاف الفلسفي القائم بين تلك النظريات.

كما تنجح فلسفة الأخلاق السوبر خلاّقة في التعبير عن الأفعال الأخلاقية الخيّرة والتمييز بينها وبين الأفعال غير الأخلاقية من خلال تحليل الأخلاق على أنها المفيدة للذات والآخرين والمقبولة عقلانياً ومشاعرياً. مثل ذلك أنَّ القتل والسرقة والكذب أفعال غير أخلاقية لأنها غير مفيدة للذات والآخرين وغير مقبولة عقلانياً ومشاعرياً بينما تطوير الذات ومساعدة الآخرين ومحبتهم أفعال أخلاقية خيّرة لأنها مفيدة للذات والآخرين ومقبولة عقلانياً ومشاعرياً. وهذا النجاح في التمييز بين الأفعال الأخلاقية والأفعال غير الأخلاقية دليل أساسي على صدق فلسفة الأخلاق السوبر خلاّقة.

***

حسن عجمي

في المثقف اليوم