قضايا
مؤيد عبد الستار: حمورابي وقانون الاحوال الشخصية

رغم وضع حمورابي بنود شريعته قبل ما يقرب من أربعة الاف عام (توفي حمورابي عام 1750 قبل الميلاد)، لم يتوان عن توخي العدالة في احكامه رغم ما جاء فيها من شدة واللجوء الى عقوبة الاعدام في بعض الحالات. ولا شك انه استفاد من الشرائع التي وضعت قبله مثل شريعة اوركاجينا (ينظر مقالنا)، ومن الطريف أنه اهتم بتفصيلات دقيقة شملت حتى خزن المواد الغذائية واجرة الخزن التي يجب دفعها.
شريعة حمورابي التي تقرب من ثلاثمائة مادة قانونية شملت النشاطات التجارية والاجتماعية والعلاقة الزوجية.
في المادة 148 نقرأ مايلي:
(إذا سيد تزوج امرأة واصيبت بمرض وأراد أن يتزوج ثانية فله أن يتزوج ولا يجوز أن يطلق زوجته التي اصيبت بالمرض وأنها تسكن في البيت الذي بناه وعليه أن يعيلها طالما هي في قيد الحياة.)*
في هذه المادة يحاول المشرع الحفاظ على حقوق الزوجة وانصافها، بينما نجد في بعض الشرائع الحديثة اهمال حقوق الزوجة وغمط حقوقها واستغلالها مادامت تلبي نزوات الرجل والتخلي عن اعالتها اذا مرضت او اصيبت باعاقة تمنعها من اداء وظيفتها الزوجية.
أما اوركاجينا فقد اعفى في شريعته، وهي سابقة لشريعة حمورابي - الارامل والايتام من الضريبة.
ولا بأس من اعادة نشر مقال قانون اوركاجينا ضمن هذا السياق.
قانون اوركاجينا
عرف اوركاجينا** بمحاربة الفساد، ويعرف قانونه الذي سنه لمحاربة الفساد بانه اول قانون من نوعه في التاريخ، صدر قبل قوانين حمورابي. رغم ان النص الاصلي للقانون لم يعثر عليه، لكن الاشارات في القوانين اللاحقة تكشف ذلك.
في قانونه اعفى الارامل والايتام من الضريبة.
وفرض على حكومة المدينة دفع تكاليف الجنازة والانتقال الى العالم السفلي بما في ذلك تكاليف طعام وشراب المأتم.
أمر الاغنياء الدفع بالفضة حين يشترون من الفقراء، واذا ما رفض الفقير بيع بضاعته فلا يسمح للغني (او الكاهن) اجبار الفقير على البيع.
يعد قانون اوركاجينا افضل مثال على الاصلاح الحكومي، قانون يطمح لتحقيق العدالة والحرية.
حدد صلاحية الاغنياء - الكهنة، رجال المعبد - واصحاب الاملاك الاغنياء.
واتخذ خطوات حاسمة ضد الربا، والضرائب الباهظة، الجوع، السرقة، القتل، والاستيلاء على اموال الاخرين.
ينص في احدى فقراته:
الارامل والايتام لم يعودوا تحت رحمة الرجال الاقوياء - الاغنياء -.
وبالرغم من هذه المحاولات لكبح جماح الطبقة العليا في المجتمع الا ان رفاهية الفئات الغنية ازدادت وعلى الاخص النساء. واصبحت زوجته شاشا، او شاغ شاغ (شاه شاه ؟)، شخصية غنية رفيعة .
حكم اوركاجينا في القرن 24 قبل الميلاد.(2380 ق م - 2360 ق م) وتناوب في الحكم باسم اورو اينيم جينا، اواسم اريكا جينا واصبح ملكا على مدينة لجش، اختارته الالهة على اثر سقوط الملك الفاسد لوجالاندا.
جاء في اللوح الذي عثروا عليه ما يلي :
هو اورو اينم جينا Uruinimgina حفر القناة الى مدينة نينا، في بدايتها شيد مدينة اينينو Eninnu وفي نهايتها شيد مدينة ايسيراران Esiraran.
مـُدح اوركاجينا في الشعر السومري باعتباره مصلحا اجتماعيا في لجش.
***
د. مؤيد عبد الستار
....................
* شريعة حمورابي، ترجمة محمود الامين، دار الوراق، لندن، ط1 2007.
** رابط مقال /قانون اوركاجينا
https://iraqicparchives.com/index.php/sections/platform/54627-2017-02-14-18-40-35
ينظر كذلك مقال : اعمدة اشوكا وشريعة حمورابي
https://www.iraqicp.com/index.php/sections/platform/68412-2025-08-21-16-20-40
- ترجم صاموئيل نوح كريمر بعض قوانين اوركاجينا عام 1964.
- لوح قانون اوركاجينا محفوظ في متحف اللوفر / باريس.