علوم
حسن عجمي: لا مُحدَّدية الكون السوبر خلاّقة

بالنسبة إلى فرضية لامُحدَّدية الكون السوبر خلاّقة، الكون = اللامُحدَّد × الوعي. تملك هذه الفرضية قدرات تفسيرية ناجحة مما يدعم صدقها. مثل ذلك أنها تنجح في تفسير لامُحدَّدية العالَم ما دون الذري ومشاركة الوعي في صياغة الواقع. كما تنجح الفرضية السابقة في التعبير عن أنَّ لامُحدَّدية الكون سوبر خلاّقة. فبما أنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي، إذن اللامُحدَّد = الكون ÷ الوعي. وبذلك اللامُحدَّد مصدر تكوين الكون مما يجعل لامُحدَّدية الكون سوبر خلاّقة من جراء أنها مصدر كيفية تكوّن الكون.
جُسيمات أم موجات
تؤكِّد نظرية ميكانيكا الكمّ العلمية على أنَّه من غير المُحدَّد إن كانت الجُسيمات (كالإلكترونات) جُسيمات أم موجات ولذلك تتصرّف الجُسيمات وكأنها جُسيمات وموجات في آن رغم أنَّ الجُسيمات نقائض الموجات [1]. وتنجح فرضية لامُحدَّدية الكون السوبر خلاّقة في تفسير تلك الحقيقة العلمية ضمن ميكانيكا الكمّ وذلك على النحو التالي: بما أنَّ، بالنسبة إلى فرضية لامُحدَّدية الكون السوبر خلاّقة، الكون = اللامُحدَّد × الوعي، إذن من المتوقع أن يكون الكون غير مُحدَّد كأن يكون من غير المُحدَّد إن كانت جُسيماته جُسيمات أم موجات. هكذا تنجح فرضية لامُحدَّدية الكون السوبر خلاّقة في تفسير لامُحدَّدية الجُسيمات من خلال قانونها القائل بأنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي. وعلى ضوء هذا النجاح تكتسب تلك الفرضية صدقها.
قطة شرودنغر
من منطلق ميكانيكا الكمّ أيضاً، للوعي دور أساسي في تكوين الواقع. تُعبِّر ميكانيكا الكمّ عن الدور الفعّال للوعي في عملية تكوين الكون من خلال تصوّر وجود قطة شرودنغر في صندوق مُغلَق حاوٍ على مادة مُشِعة بينما احتمال أن تقتل تلك المادة المُشِعة قطة شرودنغر يساوي احتمال عدم قتلها لتلك القطة لأنَّ الكون المُتصوَّر في هذا الاختبار النظري يطابق عالَمنا المحكوم بقوانين احتمالية بدلاً من حتمية. وبما أنَّ احتمال أن تكون قطة شرودنغر ميتة يساوي احتمال أنَّ تلك القطة ليست ميتة بل حيّة، إذن من غير المُحدَّد إن كانت قطة شرودنغر حيّة أم ميتة. وهذا ما يُعبِّر عن لامُحدَّدية الجُسيمات في عالَم ميكانيكا الكمّ. لكن فقط حين نفتح ذلك الصندوق الحاوي على قطة شرودنغر والمادة المُشِعة ونبصر تلك القطة، تصبح تلك القطة إما حيّة وإما ميتة مما يدلّ على أنَّ وعينا بها يُحدِّد إن كانت حيّة أم ميتة [2]. من هنا، الوعي يُشكِّل الكون والواقع.
لكن فرضية لامُحدَّدية الكون السوبر خلاّقة القائلة بأنَّ "الكون = اللامُحدَّد × الوعي" تنجح في تفسير دور الوعي الفعّال السابق مما يشير إلى صدقها على ضوء نجاحها التفسيري. فبما أنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي، إذن من المتوقع أن يشارك الوعي في تكوين الكون ولذلك فقط حين نعي الواقع يغدو الواقع مُحدَّداً مما يُفسِّر لماذا فقط حين نعي قطة شرودنغر تصبح تلك القطة إما حيّة وإما ميتة. هكذا قانون فرضية لامُحدَّدية الكون السوبر خلاّقة ألا وهو أنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي ينجح في تفسير لماذا فقط حين نعي قطة شرودنغر، تمسي تلك القطة إما حيّة وإما ميتة. وعلى ضوء الاعتبارات السابقة، الوعي تحديد الكون اللامُحدَّد. فالكون غير مُحدَّد ولكن فقط حين نعيه يصبح مُحدَّداً.
قدرة تعبيرية
بالنسبة إلى نموذج علمي أساسي، الكون معلومات وتبادل للمعلومات كما يؤكِّد الفيزيائي جون ويلر بينما المعلومات قياس الاحتمالات أي قياس اللامُحدَّد المُعبَّر عنه بالاحتمالات المختلفة والمتعارضة. فكلما ازدادت الاحتمالات أي كلما ازداد اللامُحدَّد في الخطاب أو الظاهرة، إزدادت معلومات ذلك الخطاب أو تلك الظاهرة بازدياد مثلاً التفاسير المحتملة والمختلفة للخطاب أو الظاهرة (من جراء اختلاف وتعدّد احتمالات معاني الخطاب أو الظاهرة) كما أكَّد على ذلك عالِم الرياضيات كلود شانون. وبذلك باللامُحدَّد في الخطاب أو الظاهرة تُقاس المعلومات [3]. وينجح القانون القائل بأنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي في التعبير عن أنَّ الكون معلومات. فبما أنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي بينما باللامُحدَّد تُقاس المعلومات، إذن الكون = المعلومات × الوعي. من هنا، ينجح قانون أنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي في التعبير عن أنَّ الكون معلومات. وهذا النجاح التعبيري دليل إضافي على صدق قانون أنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي.
نشوء الحياة والعقل
ينجح أيضاً القانون الطبيعي القائل بأنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي في تفسير نشوء الحياة والعقل. فبما أنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي، إذن الكون يستلزم وجود الوعي. ولكن الوعي يستلزم وجود عقل يقوم بعملية الوعي بينما العقل يستلزم وجود كينونة حيّة مالكة للعقل. وبما أنَّ الكون يستلزم وجود الوعي بينما الوعي يستلزم وجود عقل الذي بدوره يستلزم وجود حياة، إذن الكون يستلزم وجود العقل والحياة. لذلك نشأت الحياة ونشأ العقل في الكون. هكذا ينجح قانون أنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي في تفسير نشوء الحياة والعقل مما يدلّ على صدق القانون السابق على ضوء نجاحه التفسيري. فبمجرّد أن يوجد الكون تولد الحياة ويولد العقل لأنَّ وجود الكون يستلزم وجود الوعي الذي يستلزم بدوره وجود العقل والحياة.
الوعي والكون
إن كان الكون معلومات وتبادل للمعلومات، وعلماً بأنَّ المعلومات لا تنشأ وتنتظم سوى من خلال برامج تؤدي إلى نشوئها وانتظامها، إذن الكون برامج مُنتِجة للمعلومات. ولكن الوعي مُنتِج للمعلومات. بذلك الكون والوعي يشكّلان حقلاً وجودياً واحداً لا يتجزأ تماماً كما عَبَّر عن ذلك القانون القائل بأنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي. فبما أنَّ الكون = اللامُحدَّد × الوعي، إذن من المتوقع أن يكون الكون والوعي كينونة واحدة غير متجزئة مما يُفسِّر الارتباط الضروري بين وجود الكون ووجود الوعي.
***
حسن عجمي
...................
المراجع
[1] Peebles, P. J. E. (Author): Quantum Mechanics. 2020. Princeton University Press.
[2] John Gribbin (Author): In Search of Schrodinger’s Cat: Quantum Physics and Reality. 2025. Penguin.
[3] James Gleick (Author): The Information. 2011. Pantheon Books.