أقلام حرة

صادق السامرائي: العجب وما وجب!!

أمة فيها رموز معرفية ساطعة، لها دورها الثقافي وقدرتها الإبداعية المتميزة، وتصف الأمة بالإنحطاط وهي فيها.

لا يُعرف كيف تتجرأ على هذا القول، وهي رموز منوّرة تتباهى بها الأمة وتتفاخر وتتألق.

فكيف يُفسَر هذا السلوك أو الشعور السلبي تجاهها، وكأنها حالة خيالية متصورة، وليست مجموع أفرادها ومجتمعاتها المتفاعلة.

هذه الحالة تقدم صورة جلية عن مدى تأثير الحرب النفسية الغاشمة القاسية الضارية على وجودها، فلكثرة القول بالسلب عن أحوالها، صار من العسير على نخبها رؤية الصورة بوضوح، وتسيَّد الوهم بأنها خامدة مقعدة، لا قيمة ولا دور لها، ولو إختفت لن تتأثر الدنيا، وكأنها دعوات للإعداد لمحقها بضربة نووية هائلة.

فالثقافة المعادية لوجودها تنتشر، ويساهم فيها أبناؤها من جميع دولها.

الأمة فيها جامعات ومراكز علمية وبحثية وقدرات معرفية وحضارية هائلة، ولا نعرف سوى الكتابة بمداد السوء عنها، ونعزز ذلك بفعاليات مأساوية متوجة بدين.

فالأمم يتحقق قتلها بالإجهاز على نخبها وتحويلهم إلى أدوات للتعبير عن إرادات الطامعين فيها.

إذا قلنا أن الأمة بخير لا يعني إغفال ما تعانيه، بل تسليط الأضواء على الإيجابي فيها لكي يتنامى ويتطور ويمحق ما هو مضاد لخطوها إلى الأمام.

إنها ليست نظرة خيالية، أو تصورات طوباوية، بل جد وإجتهاد للإنتقال إلى مدارات الصيرورة المتوافقة مع جوهرها الحضاري الإبداعي الأصيل.

فالقول بذلك ليس من باب النظر بعين واحدة، وتجاهل الواقع والقفز فوقه، وإنما ناجم من رؤية شاملة وعميقة وإطلاع واسع على مسيرتها وتراثها، وما فيها من طاقات وقدرات كغيرها من الأمم الأخرى.

وبما أن عددها السكاني في تزايد، فأن إحتمالات إنجابها للأفذاذ النوابغ سيتزايد، وهذا يعني أن أجيالها واعدة وليست قاعدة.

وعلة الأمة أنها ما تولاها صفوتها وأكفاؤها، وأذعنت للمُسخرين لتنفيذ أجندات الآخرين.

ولهذا فأن القول بأن الأمة "منحطة" إعتداء سافر على وجودها وقيمها ومعاني كينونتها الكبرى، ورسالتها الحضارية الإنسانية الساطعة.

فهل لنا أن نكتب بمداد جوهر أمتنا؟!!

أمةٌ تبقى وتحيا حرةً

باقتدارٍ تتسامى عِزةً

كونها كونٌ فسيحٌ مطلقٌ

برسالٍ سوف تمضي قدوةً

أمةٌ شادت صروحا أشرقت

بعصورٍ وأقادت ثورةً

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم