أقلام حرة
عبد الأمير الركابي: العراق يملك مياها جوفيه تعادل جريان دجلة والفرات

في اوائل السبعينات من القرن الماضي كنت اعمل محررا اول في جريدة الحزب الشيوعي العراقي "طريق الشعب"، كاحد مؤسسيها، واراس القسم الاكبر في الجريدة "حياة الشعب" من دون ان اكون عضوا في الحزب الشيوعي، ومن بين ماوجدته وقتها حريا بالبحث والتدقيق موضوع المياه في بلد النهرين، واحتماليات تحوله الى "عراق مابعد النهرين"، وكان وزير الري وقتها الاستاذ "مكرم الطالباني" عضو اللجنه المركزية في الحزب الشيوعي، وكان مقر الوزارة في اول شارع الرشيد من جهه الباب الشرقي، وقد قررت الذهاب اليه كي استطلعه عن الموضوع المائي .
وكعادته فلقد استقبلني الرجل بكل ترحاب ومودة واستعداد للتعاون، وكان الموضوع قضية المياة ومستقبل دجله والفرات، واذا كانت ثمة، او يمكن ان توجد حلول لهذه الكارثة الوشيكه، وقد علمت منه ان الامر قابل للحل، وان المخزون الطبيعي من المياه الجوفيه العراقية المتوفرة في المنطقة الشمالية شرق الموصل من شانها سد النقص في حال حصوله، وان هذا ليس كلاما مجردا، بل عمل حصل بالفعل وحضرت شركات عالمية قامت بالمسوحات اللازمه واكدت ماذكره، وهو مالم يكن قيد التنفيذ في حينه لعدم الحاجه الراهنه، فامر صدام حسين بايقاف العمل بالمشروع، واعتباره مدخرا تم التاكد من انه يمثل جريان دجله والفرات لمدة تزيد على القرن، وان الموضع الذي جرت من خلاله عمليات الفحص والتحري اقفلت في موضع معين يمكن العثور عليه.
وقد اطلعني الوزير على كتب صادرة عن الوزارة، ومراسلات مع الشركات المعنية، واوامر وتقارير وغيرها، كانت موضوعه في دفتر من الحجم الكبير، باعتقادي انه مازال موجودا في ارشيف الوزارة، وهو ماقد عدت وكتبت عنه مقالا نشر في حينه في جريدة "طريق الشعب"، وليس لدي بالطبع وبعد كل هذه السنين والغربة رقم العدد المشار اليه ولاتاريخه.
في السياق اعتقد انه من المناسب ذكر واقعة حضر فيها الموضوع اعلاه بعد عام 2003 وضرب العراق، حين التقيت في اليابان رئيس الوزراء الياباني " كويزمي" بتدخل من مركز البحث التابع لرئاسة الوزراء الياباني، عندما كانت اليابان بصدد ارسال قوات عسكرية للعراق مدفوعة من الولايات المتحده الامريكية بما يشبه الامر، ما حدا بالقيادة اليابانيه للبحث عن افضل السبل الملائمه لللمصلحة اليابانية وللمباديء المعتمده، قبل الاقدام على الخطوة المذكورة، ووقتها وانا في اليابان، وبعد اللقاء برئيس الوزراء خطر لي ان اقترح تحاشيا لايه احتمالات تصادامية كانت اليابان تخشاها خشية شديدة، ان تبادر اليابان بما لها من امكانات ومعروف عنها من تقدم تقني، الى القيام بعملة تحرير للعراق من وطاة الحاجة الى الاخرين مائيا، الامر الذي لن يكلف كثيرا، واستندت هنا الى المعلومه التي اخذتها في حينه من السيد الطالباني، فاقترحت ان تبادر اليابان مع التغطية الاعلامية اللازمه، الى تفعيل المشروع المتوقف عنوة، مع مايتطلبه ويقتضيه من موجبات على الارض، وان تهيء اسباب التدير المائي للمياه قبل دخولها شط العرب، اي اعادة احياء الاهوار التي عمل صدام حسين على قتلها، مع مايمكن من عمل سياحي، المنطقة هناك مهيأة له.
وبهذا ومع اعادة تدوير المياه عن طريق انابيب تعيد الماء من جديد الى الشمال، يكون العراق قد استقل استقلالا كليا عن تركيا وايران مائيا، لابل صار في حال وفرة تجعل من مجيء اليابان وقتها الى العراق، ليس هدفا للمقاومة الجاري التحسب لها، بل تغدو اليابان اعز صديق للعراق على مستوى المعمورة.
قدمت المشروع المذكور مكتوبا، وانا واثق من انه مايزال في ارشيفات رئاسه الوزارة اليابانيه ومركز دراساتها، الامر الواجب الانتباه له ولفت نظر الحثالة الريعية المتحكمة بشؤون العراق ورئيس وزرائها له، والاهم لفت انتباه من يسعون اليوم الى التحرك على الصعيد الجماهيري والاعلامي، لان يركز هؤلاء جهدهم على تشكل "لجنه وطنيه عليا" مهمتها التاكد من المعلومات التي اوردتها، ومن ثم ضمان العمل على اقامة مشروع الاستقلال المائي العراقي مع اليابان، على سبيل المثال ومجددا لماتتمنتع به من قدرات وجديه، علما بان العراق يملك المقابل النفطي القائم اليوم فقط تحت سطوة وسلطة الحثالة الريعيه المتحكمه بالبلاد واهلها، الغائبة عن اي شان يخص مصلحتها ومصلحه العراقيين العاجزين.
وليس من الصعب ايجاد الخيوط التي تعيد فتح الموضوع في اليابان، فسفرتي لم تكن وقتها عابرة، او مرت بلا ضجه وتناول من قبل محطات التلفزيون اليابانيه، عدا الصحافه ومنها صحف اليمين الامريكي الذي عمل على منع الموضوع بالتدخل الامريكي المباشر، وسيكون الان ايضا معنيا
بمنعه بكل السبل، لقد قابلت وقتها قائد الجيش، ووزيرة البيئة التي تتكلم العربية، وهي اليوم امينه العاصمة طوكيو، ووزير الدفاع في حينه، وكلهم كانوا مؤيدين لما اقترحت وليس من الصعب ايجاد من مازال منهم حاضرا وقادرا على اعادة احياء المشروع وانقاذ العراق.
العراق يمكن ان يستقل مائيا، والجماهير يجب ان تتحرك لتفرض ارادتها في اعز ماتملك، وماهي من دونه فانيه.
***
عبد الامير الركابي
........................
* اجلنا الحلقة الرابعه من " حرب الانهار والابار.." للضرورة.