أقلام حرة

صادق السامرائي: الشك البيني!!

شك في الأمر: إرتاب فيه، تردد ولم يصل فيه إلى يقين، إلتبس عليه، والشك حالة نفسية يتردد معها الذهن بين الإثبات والنفي ويتوقف عن الحكم، وهو نقيض اليقين.

ظن: شك، علم بغير يقين " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث"

ديدننا الشك ببعضنا وتصديق الطامع فينا، فعلاقاتنا المسماة سياسية مبنية على الشك، وحتى أعضاء الكتلة الواحدة حزبية أو فئوية يشكون ببعضهم، ويتوجسون خيفة من أي إقتراب من مواقعهم، فالشك سلطان يبيدنا ويمزق كينونتنا المتلاحمة.

وهناك العديد من ينابيع تغذية الشك وتفعيل طاقاته التدميرية لتأمين المصالح وتحقيق المطامع.

الشك من أهم أسباب أكل الثورات لرجالها، وعامل مدمر للأحزاب والحركات والتجمعات وإنشقاقها وتفرقها، فلا يوجد حزب بلا إنشقاقات بسببه، ومعظم العقائد تشظت بفعله، ففي كل تجمع بشري هناك مشاعل شك ملتهبة، تتبادل اللعنات والنكبات، والكل خاسر، لأن الشك نار تحرق أخضرها ويابسها.

الشك أو الظن بالسوء من المعضلات السلوكية المدمرة للوجود البشري، والمذكية للحروب والصراعات والتفاعلات السلبية بين أبناء كل شيئ واحد.

الشك عدو الإطمئنان، والأمان، ومبعث القلق والإمتهان.

الشك المقصود هنا ليس المنهجي والإيجابي وإنما المرضي والسلبي.

فالشك الإيجابي ينمي التفكير النقدي والوصول إلى الحقائق، ويحفز الحذر والوعي والإبداع ، والشك السلبي يؤدي إلى القلق والتوتر، وضعف العلاقات والتردد وإضطراب الحالة النفسية.

والسائد في المجتمعات المتأخرة الجانب السلبي من الشك، ويتعذر قبول الوجه الإيجابي منه، الذي يساهم في إطلاق القدرات الإبداعية، والتفاعلات الخلاقة التي صنعت التطورات والمبتكرات المتجددة، بما أوجدته من أفكار ذات أجنحة تعينها على التحليق عاليا في فضاءات الوعي المعرفي الجمعي.

فمعظم الأشعار والخطابات والرؤى والتصورات في المجتمعات المتأخرة تنبع من إعتبار الشك سلوكا عدوانيا وإرتيابا مرضيا، يدفع إلى إجراءات تدميرية ونكبات مأساوية.

و"إن بعض الظن إثم"

و"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"

ويقول أحمد شوقي:

"ساءت ظنون الناس حتى أحدثوا

للشك في النور المبين مجالا"

شكوكٌ أولعتْ فينا ارْتيابا

ومِن حذرٍ نُطاردها سرابا

تُمزقنا وتُهلكنا لأنّا

إذا انْطلقتْ رأيناها ضَبابا

تفاعلنا بلا أملٍ بخيرٍ

فسوءُ الظنّ أوْردنا انْتكابا

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم