تقارير وتحقيقات

علجية عيش: الكرسي العلمي مالك بن نبي للدراسات الحضارية بالجزائر

مشروع حضاري إنمائي

(ماهي الآليات التي ينبغي توفرها لتحويل الكرسي العلمي إلى جامعة متخصصة وحاضنة أفكار؟)

مشروع الكرسي العلمي مالك بن نبي للدراسات الحضارية هو حاضنة أفكار ومشروع نهضوي ونافذة تطل على العالم، ظهر لأول مرة في الساحة الفكرية الجزائرية ليعيد الاعتبار لروح الأمة لكي تبتدع حضارة رفيعة وتبلغ أعلى مراتبها الفكرية، لقد جاء مشروع الكرسي العلمي مالك بن نبي بعد مشاورات بين أهل الفكر، وخبراء في الدراسات الاستشرافية، من أجل الخروج من ثقافة الاستهلاك والعفن الفكري الذي تعيشه الأمة على حد قول البروفيسور علي حليتيم المدير العام لمركز الشهاب للبحوث والدراسات

الكرسي العلمي مالك بني كغيره من البرامج البحثية  التي تهدف إلى إثراء المعرفة وتطوير الفكر،  لتحرير الإنسانية من فكرة الهيمنة والعبثية،  حيث أعلن عن ولادته يوم 10 مايو 2025، فمالك بن نبي كما قال محاضرون أخرج الأمة من دائرة القابلية للاستعمار وكرس جهوده من أجل تحقيق الإنماء الحضاري، حيث أسس مشروعه في باب واحد سمّاه المشكلة الحضارية، عالج فيها قضايا الفكر العربي والإسلامي، هي مشاريع طموحة  طرحها خبراء في الدراسات الاستشرافية  لتوسيع مشروع الكرسي العلمي مالك بن نبي للدراسات الحضارية  رغن أنه ما يزال  حديث الولادة، وهذه أول خرجة علمية له اختار الطاقم الفكري للكرسي العلمي أن تنطلق من عاصمة الهضاب العليا سطيف، احتضنه مركز الشهاب للبحوث والدراسات  طرح فيها أكاديميون أفكارا تحتاج إلى اهتمام كبيرو إثراء، من هذه المشاريع إنشاء  مخبر بحثي  يضم أربع فرق بحثية، مع إمكانية تحويل الكرسي العلمي إلى جامعة متخصصة في الفكر الحضاري، وهو المقترح الذي قدمه رئيس الكرسي العلمي الدكتور عمار طالبي، هي طبعا مشاريع طموحة تحتاج إلي من يتبناها بصدق ووعي، ودعن مالي وتضامن  من أجل تجسيدها ف الميدان وتكون في خدمة الفكر من أجل الإنماء الحضاري، فالفكر لا يعترف بالتخصص (طبيب أو مهندس أو أديب أو رجل قضاء أو رجل سياسة)  فأهل الفكر هم الذين يعالجون واقع المجتمع ويبحثون في العلل والمسببات لإيجاد الحلول للمشكلات  التي يتخبط فيها المجتمع الفكرية، السياسية، الاجتماعية والاقتصادية بدلا من أن يعيش في ماضٍ  يعيد حياة مقدسية منفصلة عن الواقع وهذه واحدة من مقاصد المفكر ملك ابن نبي.

والكرسي العلمي مالك بن نبي للدراسات الحضارية يتكون في للوقت الحالي من خمسة أعضاء، وهو الأن بصدد فتح الآفاق لكل المهتمين بفكر مالك بن نبي  مع إصدار مجلة ثقافية فكرية تحت اسم" آفاق جزائرية" وتنظيم ندوات وملتقيات وحوارات تعمل على إعادة نشر فكر مالك بن نبي والدراسات التي أقيمت حوله سواء من داخل أو خارج الجزائر، وقد وضع طاقم الكرسي العلمي مالك بن نبي خطة علمية معرفية محكمة من أجل تقريب فكر مالك بن نبي وتحليله والتفكير بمنهجه  في حل مشكلات تجاوزها التحليل، ولابد من  إخضاعها للتطبيق والعمل الميداني، حتي لا يبقى الإنسان معتمدا على الاستهلاك الفكري العشوائي، بل يحوّل الفكر -إن كان مقتبسا من أمة أجنبية- إلى  فعل حتى يترك بصمته، حسب المدير العام لمركز الشهاب للبحوث والدراسات فإن رسالة مالك بن نبي تعرضت للخيانة لا لشيء إلا لأن مالك بن نبي كان يدعو إلى الأفكار المتحررة من الاستعمار والمحررة للإنسان، وكان يدعو إلى  محاربة ظاهرة القابلية  للاستعمار، وكيف انغمس المسلم في دهاليز الفكر الغربي وتأثر بمفكريه كنيتشه وميشال فوكو، لقد كرّس مالك بن نبي حياته لرسم  وجهة العالم الإسلامي، فكان فكره ثورة  على الاستعمار والقابلية للاستعمار، خاصة وهو كان يرى في التاريخ امما تغير عناصر حضارتها فتعتنق اديانا جديدة  وأمما تتخلى عن معتقداتها، وثقافتها وحتى جنسيتها.

مالك بن نبي لم يتخل عن دوره كمفكر

كان مالك بن نبي يحمل في قلبه هموم أمّة و لم يدخر أيّ جهد بفكره  وقلمه، فلم يترك نظرية أو يضع معادلة إلا وتناولها بالشرح والتبسيط لإثباتها، لحل مشكلات إنسان ما بعد  الموحدين، وفي هذا يقول الدكتور هشام شراد  أن التحرر السياسي لم يرافقه تحرر فكري، ومالك بن نبي عبّر عن تقهقر القوى الأخلاقية، يأتي هذا الكلام في سياق انتقاده  ( أي المحاضر) للإنسان الجزائري وتغيره في مرحلة ما بعد الاستقلال، عندما قال : إن الثائر الذي استعد للاستشهاد، نجده بعد الاستقلال يتسابق مع الانتهازيين والمتاجرة بالقيم الثورية، وبدلا من دخوله مرحلة العقل دخل مرحلة الغريزة، مؤكدا علي رؤيته الفكرية بأن مشكلتنا هي  أننا (الحديث هنا خصه للجزائريين)  لم نحافظ على خطنا الثوري بعد الاستقلال ولم نعمل لمرحلة لما بعد الثورة، مقدما إيران كنموذج حين أسست مجلسا ما بعد الثورة وهو الذي لم تعمل به ثورتنا  وبذلك أفرغت من محتواها، داعيا في ذلك إلى الحفاظ على الخط الثوري.

وقد اثارت هذه التصريحات غضب بعض المشاركين من صناع الثورة وكأن الثورة الجزائرية كانت شكلية، حيث اعتبروها إهانة لهم، خاصة  بعد أن وصف الشعب الجزائري بالساذج عندما شارك في حرب فرنسا ضد ألمانيا، وقال ان الاستعمار ليس ساذجا فهولا ينسحب متقبلا الهزيمة بل  تجده يعود من زوايا أخرى، وهوما جعل الجزائر تسقط في فخ القابلية للاستعمار الجديد، ولعل الدكتور هشام شراد تدارك ما قاله، عندما تحدث عن فقه المرحلة  ليستطرد قائلا:  أن الثورة الجزائرية غيرت علاقة الإنسان بالمجتمع وأعادت بناء العلاقات الإنسانية والاجتماعية وثورة نوفمبر 54 دفعت بالإنسان إلى استئناف دورته الحضارية .

نحو إنشاء مخبر بحثي تابع للكرسي العلمي مالك بن نبي

المخبر البحثي التابع للكرسي العلمي مالك بن نبيو المقترح إنشاؤه  يتولى إدارته الدكتور هشام شراد بحكم ما يملكه من تصور واسع الأفق وباعتبار أن الكرسي العلمي كل شروطه متوفرة،  من أجل النهوض بالمجتمع علميا، وهو يضم أربع فرق بحثية تختص كل فرقة بمجال معين (فرقة تهتم بترجمة أفكار مالك بن نبي، (لأن هناك نصوص لم تتم ترجمتها بعد)، وفرقة تهتم بالدراسات السوسيولوجية، وفرقة تهتم بالجانب السيكولوجي والدراسات التقنية والتربوية، والفرقة الرابعة تهتم  بالمؤسسات التفكيرية البحثية، ما لوحظ أن الخرجة  العلمية الأولي للكرسي العلمي مالك بن نبي لقيت تجاوبا مع ما  تم طرحه من أفكار، خاصة في الجلسة المغلقة، أين طرح  مشاركون أسئلة حول قضايا قيمة لمعرفة ماهي القيمة المضافة لمرحلة ما بعد مالك بن نبي، أمام تفشي الفساد الأخلاقي والسياسي والعلمي والإعلامي والفكري (الجامعي)، جعل الجميع يتراجع إلي الوراء ويميل إلى القطيعة، في الوقت الذي ظهرت طبقات خارج التيار الإسلامي تدافع عن منهج مالك بن نبي الفكري والحضاري في كثير من الكتابات من خلال معالجة إشكالية التخلف خاصة في جانبها الاقتصادي، إذا قلنا أن وحدة العالم الإسلامي منعدمة والمسلمون منقسمون إلي تيارات ويعيشون صراعات طائفية وبات من الصعوبة بمكن تحقيق الوحدة الإسلامية.

***

تقرير علجية عيش

 

في المثقف اليوم