نصوص أدبية
أسامة محمد صالح: أُخوّة

فلْتَلْتمِسْ لِمَنِ انقضىْ الأعذارا
وبِرحْمةٍ ادعوْ لهُ الغفّارا
*
تلكَ الأخوّةُ أصْبَحتْ خبَرًا على
موجِ سرىْ عبرَ الفضا دوّارا
*
والذِّكْرُ لولا ربُّه ما ظلَّ وال
حَرَمانِ لولا حفظُهُ لانهارا
*
والميْتُ لو ناديتَ كلَّ الدّهرِ ما
قرَّ النِّدا في سمعِهِ أوْ دارا
*
وبقيّةٌ منهُ تناشِدُها الدِّما
ءَ ولم تزِدْ عن كونِها أحْجارا
*
جلبَتْ لكَ الأعداءَ والعُبدانَ وال
أوغادَ والشُّذّاذَ والفُجّارا
*
ألصّفحَ أيتها الحجارةُ فاتَني
أنّ الحجارةَ أنجَدتْ أحرارا
*
عبر البلادِ وخلّدتْ أمصارا
عبر الزمانِ وحُمِّلتْ أخبارا
*
للسابقينِ وأَلهمتْ أفكارا
للمُنشئينَ ونَزَّهَتْ جبّارا
*
ومآثرٌ لِمَنِ انقضَوا حمّالةٌ
للوهْمِ أسرابًا تُذَكِّي نارا
*
حتّى ليغدو واحدُ الثُّوارِ في
الوِجدانِ منكَ متى هوَتْ ثُوّارا
*
فتُصِرُّ أنّك لو خرجْتَ بهم إلى
البلدانِ لاسْتَعْمَرتها اسْتعمارا
*
وتقيمُ إحياءً لها الحَفلاتِ وال
نَدواتِ فيها تُنشِدُ الأشْعارا
*
وتقودُ مُعْتدًّا بها الحملاتِ وال
غزواتِ حتّى تصْحبَ الأقمارا
*
في قرنِ إسرائيلَ والأعرابِ أن
صارًا غدَتْ تَتسوَّلُ الأنْصارا
*
بل إنّها في دورِهمْ طمعًا بِصف
حِ إلههِم تُسْتنكرُ اسْتنكارا
*
ومعالمٌ في الأرضِ ترويْ نجْدةَ ال
أخِ للإخاءِ بحصْرهِ الأنهارا
*
وكأنّ ما يتَخلَّلُ الأصْقاعَ مِنْ
ماءٍ دماءٌ تجْمعُ الأقطارا
*
وعلى نفوسٍ باسقاتٍ حجّةٌ
لا تُتّقى تسْتوجِبُ الإبْحارا
*
ما أضيقَ الأكوانَ والأزمانَ إذْ
تُجرىْ الدُّنى لأُخوّةٍ إعْصارا
*
لم يبْقَ من تلكَ الأخوّةِ غيرُ ما
يرتادُه زوّارُها آثارا
*
ومغانمٌ غُنمتْ بما في اللهِ دو
ن الضّادِ والدّمِ أصبحَتْ أخْبارا
*
تأتيكَ في نغَمِ المواضي كُلّما
راقَ الزّمانُ وأشعلَ الأنوارا
*
ومتى ترُقْ نفسُ الزّمانِ فما مَضى
أحْلى الّذي يُشجيْ بهِ الزوّارا
*
وأخوةٌ في اللهِ والإعرابِ وال
دّمِ لهْيَ أجملُ ما انْقضى أقْدارا
*
وَيْ لو يعودُ بنِا الزمانُ لما مضى
ويْ لو يعودُ بما مَضى إعْمارا
*
ومجلّداتٌ أينَ رُحتَ وجَدْتَها
ووجَدْتَ فيها أهلكَ الأطْهارا
*
تُحْمي بكَ الأنفاسَ رهبَتُها فتُم
سي مثلَ مَن يَتَرَقَّبُ الأخْطارا
*
فإذا دَخَلْتَ مُقَلِّبًا أوشَكْتَ مِنْ
حرِّ الإخاء هُناكَ أنْ تنهارا
*
فتنامُ فوقَ سُطورِها مُتلحِّفًا
دفءَ الإخاءِ وتمتطيْ الأدْهارا
*
وجرائدٌ موصوفةٌ بالعارِ من
كُبرى الفِرى تستلهمُ الأخبارا
*
وكأنّها وُجدَتْ لتلْجمَ كلَّ مُن
تصِرٍ لقُدسٍ تنقضُ الأعذارا
*
ماتتْ أُخُوّتُنا ليخلُفَ إخوةٌ
في العارِ علَّوا بينهُم أسْوارا
*
ماتتْ وماتَ نصيرُها في أمّةٍ
باعتْ أخًا كي تشْتري أغيارا
*
وكأنّ من نادَوا بها نوحٌ فلمْ
يُبقِ المهَيمِنُ منهمُ ديّارا
***
أسامة محمد صالح زامل