نصوص أدبية
حميد بن خيبش: تشريق

في ساعة الظهيرة
حيث الأشياء تقترب من ظلها
ويحتمل الغبار خِفّته
لوّح سيدنا الشهيد بعصاه
فانبجست قصيدة.
*
كيف أكتب القصيدة؟
قلّبت أشعار من سبقوا
لعل شاردة تليق بي.
في عكاظ الغاوين
من يقدح زنده لا يثبت
كمن سرقوا
حي على التلصص
مهنة الشعراء الفريدة!
*
حملت صمتي الموقر إلى ضفة الوادي
للماء في الشعر ملحمته
هو الساكن/الخالد
هو الرجاء..
ينزّ من ثدي السماء العنيدة
كسارة الألوان هو
والحامل والمحمول
وما شئت من سلالم إلى الروح البعيدة.
تفتق شاعر على الراديو ليصيح:
ريب هي الحداثة!
مشقة وغياب
لا ماضي إلا ما مضى
والآتي.. عائد للتو من غربته
كن بلا وطن لتكتب
كن بلا وثن
لتضيء الحروف سبيلك
إلى مدن سطّرتها المكيدة!
تريث وأنت تعبر بين قلبين
لعل في البوح
ما يفسد الحنين إليك
لعل في صمتها ألف سنبلة
تحنّ إلى المناجل
لعلها قنديلك المُسرَج
إلى موت خفيف.. وعاجل
هُزَّ إليك بجذعها
تسّاقط الكلمات
خُذها.. لا تخف!
وضع في المقلتين زمردا
لتشرق الكائنات
دونك هذا الزمان الجريح
دونك ما تبقى من أمنيات
خُذها.. لا تخف!
ما الروح إلا همهمة
ما الشعر إلا نمنمة
سطّرتها يد الغلَس
هذي حروفك تجري على اليَبَس
لتضيء الروحَ داخلها
ويهتف الشعراء: حي على الفجيعة
وانكسار الذات كمرآة
وجع هي الكلمات!
*
ثم عدتُ الشاعر الذي كُنتُه
مُمحّصا هذرك الناقد
مُلوّحا بالشمس لظلك المارد
لي أبجدية:
عشرون حرفا تُقلّبها الصبابة
لي عرّافة تحثّ الرمل
في أثر الغياب
ولي زفرة
تصعد من ثقوب الناي إلى مولاي!
*
تلوّى كل بيت في دمي
لتكتمل القصيدة
وأظفر بالمعاني لأسُكّها
درهما للقُرُبات
وتشرد أوزاني بلا كلل
من خيمة إلى طلل
إلى نقش على دار الخلافة
أنا الشعر
والشعر كينونتي الأولى
رونق أوجاعي في مهب الحياة.
***
حميد بن خيبش
فاس- المغرب 2025