نصوص أدبية

عدنان الظاهر: طُوفانُ نوحٍ

إقفلْ عينيكَ بقُرحةِ كافورِ الموتى

الكوّةُ غرقى بسوادِ يقينِ الأيامِ

والدربُ عسيرُ المرمى فضفاضُ شقوقِ الأكمامِ

ذكّرى مرّتْ مرَّ العاصفِ بعدَ الزلزالِ

أينَ مكانيَ مَنْ يُطفئُ نارَ الحرمانِ

شتّوا جَمْعاً وفُرادى

كانَ الأوّلُ مخضوبَ الرأسِ وكان الثاني مخنوقَ الأنفاسِ

ظلَّ الكهفُ سبيلاً مفتوحَ الثغرةِ والصدرِ

يستقبلُ عُوّادَ الدُنيا الأُخرى أجيالاً أمواجا

*

طافتْ أركانُ المعمورةِ جذلى

تصبغُ أُفْقَ الشرقين الأدنى والأقصى

بفنونِ بروقِ الطيفِ الشمسي

الحارسُ خلفَ المِقوَدِ يحكي للريحِ مخاريقَ الطُوفانِ

كيفَ انحرفَ الرأسُ العاري وحطَّ النورسُ  فوق الصاري

لا ريحَ تُعكِّرُ أمزجةَ الموجِ ولا قَمَرٌ يرقبُ عينَ الربّانِ

نوحٌ باحَ وراحَ يُجمِّعُ أخشابَ الأرزِ

كلكامشُ يقتلُ وحشَ الغابةِ (خِمْبابا)

أين صديقُكَ (أنكيدو)؟

تركَ الفُلكَ يُفتِّشُ عن قنينةِ خَمْرِ

طافتْ .. طوّفتُ ولمْ أغرقْ إلاّ في حالةِ إغماءٍ قسري

حالَ الباكي ينفثُ من رئةٍ غيماً منفوشا

قد يلحقُ بالموجِ الضاربِ أطنابا

يدّافعُ والحلْقاتِ العُظمى في دولابِ التدويرِ البحري

لا من صوتٍ إلاّ صوتَ زئيرِ سقوطِ الأفلاكِ

لا يخلو موجٌ من شارةِ حُزنٍ بعدَ الإقلاعِ

فشلَ الطوفانُ فأعلى الصاري رأسا

(نوحٌ) يسقي في حانةِ (سيدوري) (أنكيدو) كأسا

الماءُ يشفُّ وريشُ حمامٍ فوقَ الصاري

الرِحلةُ قد تمّتْ وانحسرتُ موجاتُ الطوفانِ

نوحٌ في حانةِ (سيدوري) يسقي (أنكيدو) كأسا

جذلانَ فقد جفَّ الماءُ.

***

د. عدنان الظاهر

أيلول 2025

في نصوص اليوم