نصوص أدبية
عدنان الظاهر: أنا وهُمْ.. مَن أنا؟

حارَ المرءُ وجزّأَ في ساعةِ حُزنٍ ألواحاً سودا
إطفاءً لضميرِ الغيضِ المُندّسِ بأعراقِ السوسِ
خلاصاً من سُمِّ الروعِ وسلطانِ الإغواءِ
يا حسرةَ مَن أوفى الكيلَ وخانَ شروطَ الميزانِ
كَنّا جئنا دُنيانا لبلوغِ الجُبِّ الأزرقِ جريا
هل كافأَنا وحشُ الغابِ وباركَ مسعانا
لا أملُ في خَبِّ رِكابِ الخيلِ ولا وعدٌ يأتي عَجلانا
ما أنتَ ضميرُ ضمورِ الودِّ وتهريجِ الصوتِ العالي
لا خيرَ وقد بانَ الوهمُ الفاقدُ ألوانا
سأظلُّ أُلِحُّ على فقدِ البيتِ أصولَ الأهلِ
باعوني في سوقِ وداعِ الهِجرةِ بَخْسا
ما ضرَّ إذا ما أغضوا حلّوا أَضيافا
كنتَ الرافعَ تابوتَ البينِ الشامخَ رأسا ..
دارتْ طاحونةُ عُمرِ البلوى تلقائيا
طارتْ جابتْ أصقاعَ الدُنيا فَلَكاً دوّارا
يبحثُ عن معنىً في لغوِ المقهى والحانِ
الشمسُ الحمراءُ تُراقبُ قوّةَ دفعِ الريحِ العمياءِ
والقمرُ الطارقُ رجمُ خفايا النيرانِ
كرَّ وكرّرَ مرّاتِ الدوراتِ
أفقدني مِنظارَ العينِ وُغطّي أجفاني
راحوا فلماذا أبقى
ولماذا يمضي في مركبِ أضلاعِ الفِقدانِ
حتفاً ينسى أنَّ اللُقيا شأنٌ ثانِ !
الحاصلُ جَرْدٌ من كُلٍّ أبقاني
أتمرّدُ خلفَ حرارةِ دمعِ شرودِ الأوتارِ
أنسجُ للغائبِ في محرابي بيتا
وأُنقّحُ دربَ المُقلةِ في أدراجِ النسيانِ
لا وقتَ لمحرومٍ ضاقَ فكسّرَ في اللهفةِ أطواقا
يستصرخُ عُمقَ الحسرةِ في عينٍ دمعى
ويُجيبُ على تسآلِ الشاخصِ في دقِّ الطَرْقِ على البابِ
أحلمُ أنْ أنطُقَ من سالفِ عُرْفٍ حرفا
يُنهي حِقبةَ قلبِ الأوزانِ
يُدنيني من مَلكوتٍ غابَ يطوِّرُ في طينٍ جَذْرا
صدّقهُ مغرورٌ مقروحُ العينِ
يبكي الأوّلَ والآخرَ حتى قانونِ طلوعِ الفجرِ
الدمعةُ في المُقلةِ سلوى
مأوى شَفْةٍ تتلّوى ظمأى
ويُنادي وا .. وا .. يا ويلَ المتُسربلِ جِلبابَ الليلِ
سأُحِلّقُ فوقَ ممراتِ عقودِ الزيتونِ
لأَشمَّ خلائطَ عصرِ النكبةِ بالكافورِ
يضوّعُ كأساً رأسا
مضروباً بخروجِ مسارِ الخطِّ المرسومِ إيابا
ما آبتْ إلاّ بالكَفنِ الرافعِ تابوتاَ كفّا
تتكسّرُ ضِلْعاً أنفا
قالتْ لا رؤيا بعدَ اليومِ، بكتْ
صفَّ القلبً مساميرَ مجئِ الآجالِ
واستكثرَ أنَّ الرؤيا جاءتْ دمعاً رمليّا
أسعى لمحطّةِ أيواءِ الموتى مشيا
أستحضرُ ما كُنّا في الماضي ... أبكي
وألمَّ الرملَ دموعا
أشهدُ أنَّ القبرَ ضريحُ الحاضرِ والماضي والآتي
والداخلُ عيسى يُحيي أنفاسَ الموتى.
***
عدنان الظاهر
أُكتوبر 2025