نصوص أدبية
نزار فاروق: "ياسر" ربّما سنتقابل من جديد!

إلى ياسر جرادي،
من أجل قابس
***
ليالي أشتية قابس القاتمة،
كان يتحدّاها فتات أضواء تنبعث بكلّ بطئ
من فوانيس "الكرنيش" المحتضرة،
وبعض وانعكاساتٍ خافتةٍ لمصابيح شبه بالية،
كانت تَنتثِرُ أمام نُزلي الشّاطئ الشّبه مهجور.
*
في الطّرف البعيد،
تتراءى أبراج الموت المتجبّرة،
مهيمنة بأدخنتها الشيطانيّة على شاطئ السّلام المخنوق.
*
مماشى الشّاطئ المحاصرة بالأشواك،
والملغّمة بزجاج قوارير السّخط،
وقمامات المتباكين على أوجاع المدينة المنكوبة.
*
"الكازينو" المليئ بذكريات طفولة مسلوبة،
آهات بحر مغدور،
قهقهات السّكارى،
صرخات نفوس مقهورة،
والغادر المارق يراقب بتكبّر من وراء الميناء المهترء.
*
في الألفين هَرَبتُ ياصاح،
أقصى "برشا" من ذلك البحر الذّي تلاقينا فيه،
وبقيت وحدك تغرّد عن أيكك
كالطّيور التّي كنت تعشقها،
وزدت عشقا بها في الكبر.
*
"ياسر" ربّما سأذاكرك من جديد
لسانا بكلّ براءة عشقناه.
"ياسر" ربّما سأساعدك من جديد
على تشفير مفردات " إيقاع الخنافس" و "ملوك الغجر".
"ياسر" ربّما سأسمعك من جديد
"حكمت الأقدار" و"إبيتاف" و"الضباب رماديّ"،
*
"ياسر" ربّما سأحدّثك من جديد
عن أب لم أكن قد رأيته بعد.
"ياسر" ربّما سنلعب كرة،
أحببناها فقرا في الصّغر،
وتنافسنا صخبا من أجل حومنا:
"الكنيسيّة" و "دشرة القاضي" مع باقي الحوم.
*
"ياسر" ربّما سنتقابل من جديد،
عندما نجهض على تلك السّموم الغَازِيَةِ
التّي أنبتها الأشرارفي مدينتك ووطنك وفلسطينك
التّي أحببتهم "ديما ديما"
رغم القهر وظلم البشر.
***
نزار فاروق هِرْمَاسْ
جامعة فيرجينيا