نصوص أدبية
فارس مطر: تحت شجرة الجوز
كنت مشرقةً..
نحيلةً بفستانِك الأسود
الذي يناظرُ أصابعَ البيانو في ركنه الأنيق
أما الليل،
فكان بكامل حُلَّته يُقطِّرُ نفسه في هدوئِكِ الساحر
وكان لابُدَّ من ريشةِ طائرٍ مغردٍ على قبعتِكِ،
لتعيدَ توازني
خلف النافذة الواسعة شارع واسع
وأضواءٌ ومطرٌ يكملُ المشهد
ولأَنَّ لي جرحاً واحداً، فقد آويتُ جراحاً أخرى
لأستطيعَ كتابةَ قصيدةٍ كما تأولّتِ
ثم خرجتُ حاسرَ الرأس
إلى حيثُ شجرةُ الجوزِ التي آثرتُ أن أكون تحتها
وقفوا خلفي بظلال طويلة هادئة
رائحتهم تشي بأنهم شعراءُ هبطوا من الغيم
أمهلوني دقيقةً لسيجارةٍ أخيرةٍ
عرفوا أني لا أدخن فقالوا اكتب قصيدتَكَ الأخيرة
وعندما لم أحرك ساكناً
لم يطلقوا النار على رأسي
ومضوا واضحين بلا أقنعةٍ تحُفُّهُمُ الموسيقا
شاهدُ العيان أكَّدَ أنَّهُ لم يرهم
لم يرَ شجرةَ الجوزِ
ولا الليلةَ الممطرةَ
لا الأضواءَ، ولا الشارعَ
ولا النافذةَ المضيئةَ الواسعة
لم يرَ القبعةَ ولا ريشةَ الطائرِ المغردِ
ولا الليلَ المُقَطَّرَ في هدوئِكِ الساحر
لم يسمع البيانو
ولم يرَكِ نحيلةً ومشرقةً بفستانٍ أسودَ
وقبل أن يختفي ويتركَ المشهدَ فارغاً همس لي مؤكداً،
أني ما زلتُ حياً برأسٍ حاسرٍ
وجراحٍ تؤهلني لكتابةِ قصيدة
***
فارس مطر / برلين






