نصوص أدبية
جاسم الخالدي: نوافذ النور
من أيِّ نافذةٍ تلوّحُ باسِمًا
فتعيدُ لي وجهَ الطفولةِ حالِمًا
*
يا نفحةَ السرِّ الخفيِّ ترفَّقي
قد عادَ قلبي للنداءِ مُخاصما
*
في صمتِ عينيكَ التجَلّي واضحٌ
نوراً يُحيلُ الكونَ ظِلًّا ناعِمًا
*
أنصتُّ لاسمِكَ في الرياحِ فإنّها
تُصغي إليكَ وتستفيضُ معالما
*
ما كنتَ إلا في المدى سرَّ الهوى
متجسِّدًا نُورًا، وسِرًّا قادِمًا
*
يا منْ تركتُ على المدى آثارَنا
ومضيتَ تزرعُ في الفؤادِ عوالِمَا
*
علّمتَني أنَّ الطهارةَ رحلةٌ
تمضي خفيَّ البوحِ، صمتًا كاتما
*
وغسلتَ في نهرِ اليقينِ حنينَنا
حتّى غدونا بالضياءِ عزائِمَا
*
فإذا الظلامُ تبدَّدَتْ أستارُهُ
والصبرُ في دربِ الوصولِ غنائِمَا
*
حتّى رأينا كلَّ شيءٍ واقعاً
في عينِ منْ بالحقِّ كانَ مُسالِمَا
*
نرنو إليكَ، وكلُّ دربٍ موصلٌ
نُورًا، إذا طَهُرَ الفُؤادُ سَلالِمَا
*
وَيَظَلُّ سِرُّكَ لِلْقُلُوبِ مُلازِمَا
يَهْدِي سُلُوكَاً حَيْثُ كَانَ القادِمَا
*
كُلُّ الوُجُودِ لَهُ صَدَىً وَخَفِيقَةٌ
يُصغِي إِلَيْكَ بِقَلْبِهِ مُتَفاهِمَا
*
فَالشَّوْقُ حَوَّلَنَا إِلَيْكَ حَبِيبَنَا
وَالحُبُّ جَاوَزَ كُلَّ حَدٍّ حَاطِمَا
*
نَهْرُ المَحَبَّةِ فِي الضُّلُوعِ مُتَدَفِّقٌ
يُجْرِي إِلَى بَحْرِ الحَقِيقَةِ عَالِمَا
*
فِي كُلِّ سِرٍّ نَسْتَبِينُ ضِيَاءَهُ
مِنْهُ اسْتَفَقْنَا وَالصَّبَاحُ تفاقما
*
فَكَأَنَّ قَلْبِيَ لَمْ يُغَادِرْ حُزْنَهُ
خَلْفَ النَّوَافِذِ بَاكِيًا وَمُلَازِمَا
*
فِي كُلِّ عُمْرٍ لِيْ سَرابٌ مَوْجِعٌ
وَالفَقْدُ ظِلٌّ مَا يُفَارِقُ عَالَمَا
*
رُوحُ المَحَبَّةِ فِي الضُّلُوعِ مُتَدَفِّقٌ
يَجْرِي إِلَى بَحْرِ الحَقِيقَةِ عَالِمًا
*
فِي كُلِّ سِرٍّ نَسْتَبِينُ ضِيَاءَهُ
مِنْ نُورِهِ نُحْيِي القُلُوبَ سَلَالِمَا
*
فَكَأَنَّ قَلْبِيَ لَمْ يُغَادِرْ حُزْنَهُ
إِلَّا لِيَرْتَقِيَ الفَنَاءَ كِرَامًا
*
فِي كُلِّ عُمْرٍ لِي سَرَابٌ لَامِعٌ
يَهْدِي خُطَايَ إِلَى الحَقِيقَةِ حَالِمًا
*
وَلَقَدْ مَضَتْ خَمْسٌ وَلَمْ يَشْفَ الجَوَى
وَالجُرْحُ بَاقٍ بِالفُؤَادِ مُلازِمَا
*
وَالآنَ نَخْتِمُ سِيرَةَ العُمْرِ الَّتِي
عَادَتْ إِلَى نَفْسِ النَّوَافِذِ باسِمَا
***
د. جاسم الخالدي






