أقلام ثقافية

بنيامين يوخنا دانيال: سياحة كبار السن

تشمل هذه السياحة كبار السن الذين ينضمون إلى مجاميع سياحية خاصة تضم أشخاصا ينتمون إلى هذه الفئة العمرية الذين يحتاجون إلى عناية خاصة واهتمام زائد وتعامل دقيق بحكم وضعهم الصحي المعروف، واحتراما لسنهم وتماشيا مع حاجاتهم ورغباتهم وميولهم. وهي فئة تتوسع يوما بعد يوم على مستوى العالم ولعدة أسباب وبالذات في اليابان وكوريا الجنوبية وإيطاليا، ووفقا للأمم المتحدة من المتوقع أن يزداد عدد الذين يبلغ عمرهم (60) سنة من (810) ملايين شخص في عام 2012 إلى (2) مليار شخص في عام 2050 على مستوى العالم. ويمكن تصنيف (سياحة كبار السن) على أنها من أنواع (سياحة ذوي الاحتياجات الخاصة)، ويمارسا عادة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين (55 – 60 سنة). وتتولى تنظيم وإدارة معظم هذه المجاميع السياحية شركات سياحية متخصصة، توجد على نحو ملحوظ في البلدان الأوروبية (إسبانيا، اليونان، بلجيكا، البرتغال، إيطاليا) والولايات المتحدة الأمريكية بالدرجة الأساس، ولها مواقع الكترونية تروج لمثل هذه السياحة التي تنمو يوما بعد يوم، وتتوسع على نحو ملحوظ في ظل تزايد اهتمام المجتمع والكثير من المؤسسات والتنظيمات الاجتماعية والصحية والإنسانية بهذه الفئة من المجتمع، وبتنامي حاجات ورغبات كبار السن في الخروج برحلات آمنة ومريحة ومسلية، تساعدهم على تجديد نشاطاتهم البدنية وتريحهم نفسيا، وتتيح لهم الكثير من الفرص للدخول في تجارب وعلاقات وتعاملات اجتماعية جديدة  ومتنوعة مع أشخاص من سنهم وغيرهم من الفئات العمرية المختلفة، ومن مجتمعات مختلفة تبعا للدول التي يقومون بالسفر إليها. وكثيرا ما تختار هذه الشركات تلك المقاصد والوجهات السياحية التي تتمتع بطبيعة جميلة آسرة وغنية بالموارد والعناصر المؤثرة، طبيعية كانت أو ثقافية... الخ. وذلك بهدف تنفيذ برامجها المعلنة سلفا. ومن هذه المقاصد والوجهات السياحية قبرص التي تتمتع بأجواء ربيعية متميزة وخلابة في شهر آذار على وجه الخصوص، وتتيح لهؤلاء فرص ممارسة هذه السياحة بنجاح وأمان، وبالذات في منتجع (بروتاراس) الواقع على الساحل الجنوبي الشرقي لهذه الجزيرة الساحرة من كل النواحي، وبالقرب من قرية (باراليمني) على شاطئ يقع بمحاذاة البحر الأبيض المتوسط وبطول (10) أميال تقريبا. وهو مزدان ب (العلم الأزرق) الممنوح من قبل (مؤسسة التعليم البيئي) لجودة ونظافة مياهه، وحسن إدارة المشاريع والمرافق السياحية والفندقية عليه، ومستوى الخدمات المقدمة فيها. فيتوافد علية السياح من كبار السن، كي ينعموا بالهدوء من أجل ممارسة هوايات محببة إلى نفوسهم بغياب السياح من الفئات العمرية الأخرى تقريبا، والذين يصلون عادة في موسم الصيف، ومن هذه الهوايات السير في الطبيعة ومشاهدة البحر ومراقبة الطيور والتشمس والارتخاء والتأمل في أجواء تلفها السكينة، وأيضا القراءة والكتابة ولعب الورق والمشاركة في لعبة البنغو داخل منشآت الايواء التي يقيمون فيها أو يقومون بزيارة الأصدقاء فيها، والرقص الخفيف ومجالسة الأصدقاء والمعارف من أهل البلد، وتناول الأكلات الصحية والمرطبات وشرب العصائر الطبيعية والخروج برحلات قصيرة في الشوارع شبه الخالية، وفي أحضان الطبيعة الجميلة، ومن ألمانيا وبريطانيا وروسيا على وجه الخصوص وغيرها من البلدان التي لم يغادرها الشتاء بعد وما زالت باردة بالنسبة لهؤلاء. وتكون مشاركة كبار السن هؤلاء في هذه البرامج السياحية إما بمبادرة شخصية ومن ادخاراتهم ورواتبهم التقاعدية، أو كهدايا من أولادهم وأحفادهم بمناسبة ما مثل عيد الميلاد أو عيد الزواج، أو بتعضيد ودعم من مؤسسات وتنظيمات اجتماعية وصحية ودينية وإنسانية وطنية في بلدانهم، تشجع العمل بهذا الاتجاه لما له من آثار إيجابية، تنعكس بوضوح على حياة كبار السن.

***

بنيامين يوخنا دانيال

بروتاراس – قبرص في 25 آذار 2012

في المثقف اليوم