أقلام حرة
عبد الخالق الفلاح: المناهج التعليمية والنهضة خارجها

لم تُركّز مناهجنا التعليميّة على آثارنا الحضاريّة في الأرض، ولم تُعطِ أيّ فكرةٍ عن التواصل مع الشعوب الأخرى، إحياء النهضة يتطلب إحياء للفكر والثقافة، التي سبق أن تعاقبت مظاهرها على العديد من الأمم في دورات تاريخية مختلفة. والعمل على كشف معنى النهضة الفكرية والتعرف على الاحتياجات والتحديات، التي تطرحها، وتجادل بأن مطالب التركيز على خلق صراعات في الفكر تميل إلى زعزعة الصور النمطية العلمية المتعلقة بالعلاقات الهرمية بين الظواهر والأساليب ومشاكل الوعي والطبيعة الاجتماعية، والتي تتطلب تفكيرًا خلاقًا في العلاقات بين الإنسان والمجتمع في الواقع الراهن، وما تبقى من القرن الحالي، المناهج هجرة التكلم عن الآثار الباقية الصحيحة عن الماضين، وعن الآثار الحضاريّة والثقافيّة والاقتصاديّة والتنمويّة والبُنَى التحتيّةِ فيما تركّزت أحاديث المناهجِ في أحسن أحوالها حولَ دخول الناس في الأحزاب والسياسات الفردية. مصطلح النهضة يستخدم للتعبير عن المرحلة التاريخية منذ بدايةً القرن 19 فقط وهي المرحلة التي تميّزت ببروز اتجاهات فكرية في منطقة المشرق بأسئلتها المعرفية والسياسية واللغوية، وإن كنا نلاحظ غياب تواتر هذا المصطلح في أدبيات تلك الفترة وعدم تداوله واستخدامه من قبل المفكّرين والكتّاب في الوقت التي ترد تعبيرات أخرى لإصلاح ويقظة.
أما الصعوبة فتكمن إذا كانت التحديات التي تخوضها أيّة أمة تؤثّر إيجاباً في نهضتها بل إذا كانت تلك التحديات شرطاً أساسياً للحضارة عند بعض دارسي الحضارات، فان صناعة التحديات على الصعيد الشخصيّ آليّةً لصناعة رجل الحضارة، فكما أن جسم الإنسان يتدرب على الرياضة بالتمرين المستمر وبالتدريج وكلما كان قادرا على أداء التمارين الصعبة كان أكثر صحة وسلامة فكذلك عقله وروحه، فإذا رأيت كتابا صعبا، على صعيد المثال، يجب ان لا يترك بل يستوجب البحث عمن يساعدك في فهمه. يقرأ مرات ويقرأ كتاباً آخر، أو الخوض في تحدياتٍ مع النفس واستعن في ذلك بقصص العلماء الأوائل المخلصين من الذين جعلوا عدمَ الخضوع النفس وتربيتها ديدناً.
مع الاسف ان شعوب الأرض تعيش فترة عصيبة وفترات ظلم عظيم جدًّا، تنازعت البشريّة فيها قوى عظمى سيطرت على الناس بذريعة تطبيق ما تريده وأكلت حقوق الناس تحت شعار مختلفة، ومنعت الناس من التفكير بظلمها وحَرَمَتْهُم من الحريّاتِ مرورًا بأوهامِ الانتصاراتِ واهية لتشبكها مع تلك التحديات بدل الاهتمام بحضارتها،
نرى في واقعنا اليوم أنّ الأمم المسيطرة على العالم تبذل كلّ جهد ممكن لإنهاء وجود خصومها، والسيطرة على تفكيرهم، وزعزعة استقرارهم، وهذا ما يجعل همَّها الأكبر الاستخفافَ بالآخر لا الحرص عليه، ومحاولة استغلاله لا النهوض به، ولذلك فإنّها تظلم وتبرّر ظلمها بقضائها على إرهابٍ صنعته بأيديها وتنسيبها الى الاخرين وهي ليست مجرد صناعة يتم عرضها انما حسب الطلب وكلما دعت الحاجة لاستخدامها لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية.. وهي وليدة اخراج سيناريوهات موجودة بكل المجتمعات وبكل العصور والأزمان , الإرهاب صناعة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من مهنة واحتراف،المجتمع الدولي يشارك بشكل حقيقي بصناعة الإرهاب الذي يدعون محاربته عبر وقوفه متفرجا وعدم اتخاذ أي فعل من شأنه وقف الجرائم، وحجب العدالة عن الضحايا وعدم إرسال أي رسالة حقيقية أن الجرائم المرتكبة التي سيتم المحاسبة عليها وأن المجرمين سينالهم العقاب من أي جهة كانوا ومهما كان وضعهم وأنه لا مجال للإفلات من العقاب، وعندما يتحرك المجتمع الدولي يتحرك جزئيا ويمارس عدالة انتقائية عرجاء عبر غض الطرف عن جرائم الدول التي تدعم الارهاب مثل إسرائيل وأمريكا والتركيز على جرائم أخرى.
***
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
مركز الوعي الفكري للدراسات والابحاث