أقلام حرة
نايف عبوش: لكي لا يستلب الذكاء الاصطناعي مشاعر الحس المرهف عند الإنسان
تظل المشاعر العاطفية، والحس المرهف، والتفاعل الحي مع معطيات الحياة، حالة إنسانية حية، ومواهب شخصية، مرتبطة بالذات الإنسانية، التي تميزه عن الجمادات، وعن غيره من المخلوقات.
وهكذا يكون الإنسان بهذه الخواص الفريدة الحية، التي حباه الخالق، جل وعلا بها، قادرا على التفاعل بحيوية، مع الموثرات المحفزة لمشاعره، والمدغدغة لعواطفه، سلبا أو ايجابا، حزنا أو فرحا، جدا او هزلا.
وفي ضوء التطور السريع للثورة الرقمية، ولاسيما تلك القفزات النوعية التي تحققت حتى الآن، في مجال الذكاء الاصطناعي، وما تراكم منها من منجزات مدهشة، فاقمت السعي المحموم، لطرح الإنسان الرقمي الآلي، الذي سيحل مكان الانسان الحيوي في كل مجالات العمل، والانشطة المعروفة، فان التخوف من أن يحل الذكاء الاصطناعي، بما سيحققه من قدرات خارقة، وامكانيات هائلة، في التصرف، واتخاذ القرارات، محل العقل البشري، بما قد يعطل الكثير من قدراته، ويمسخ الكثير منها، يظل تخوفا مشروعا حقا، ولاسيما عندما تكون خوارزميات تطبيقاته، متعمدة، وغير محايدة.
ولذلك بات الأمر يتطلب تعزيز الوعي الجمعي بمخاطر مثل هذا النهج، بحيث يكون الجميع على دراية تامة بالتأثير المحتملة للذكاء الاصطناعي على مشاعرنا ووعينا، وعواطفنا مستقبلا، وهو ما يتطلب ان يكون التفكير الجمعي نقديا صارما، عند التعامل مع موضوعة استخدامات الذكاء الاصطناعي، بحيث لا يتم التسليم بكل ما يقدمه من معطيات مطلقا، وان لا يتم القبول بكل ما يتم التوصل إليه من انجازات، دون تقييم، أو تمحيص.
ولعل الحفاظ على التواصل الإنساني الحقيقي الحي، في واقع الحياة اليومية، بعد فجوة الانفصال عن الواقع الاجتماعي الحي، بالانغماس التام في فضاء الواقع الافتراضي الموازي، هو ما ينبغي المحافظة عليه، وعدم السماح باستبدال العلاقات الإنسانية الاجتماعية الحية، بالعلاقات الآلية للذكاء الاصطناعي، التي تؤثر على سلبا على مشاعرنا، وتمسخ الكثير من قيمنا، وذلك تعزيزا للمشاعر والمناقبيات الإنسانية الأساسية الحية، وعدم فسح المجال للذكاء الاصطناعي أن يستلبها، ويستبدلها بقيم الية مصطنعة .
ولذلك بات الأمر يتطلب تعزيز الرقابة العلمية والتقنية والاجتماعية، على مسارات، واتجاهات التطور، في مجال الذكاء الاصطناعي، والعمل على تنظيم استخدامه، بحيث لا يستخدم للمس السلبي بالوعي، ومصادرة العقل، واستلاب مشاعر الحس المرهف عند الإنسان بتاتا، مع التوكبد على أن يكون الذكاء الاصطناعي، اداة لخدمة مصالح الإنسان، والحفاظ على طبيعته البشرية في كل الأحوال.
***
نايف عبوش






