نصوص أدبية
نضال البدري: أذرع الصمت

كان صوته يسبق خطواته، يشق جدار الصمت داخل البيت، يلوث الهواء، كما لو انه إعلان حرب.
(أنتن حطب جهنم، وصوتكن عورة)!! قالها كثيرا حتى صارت جزءا من حديث اليوم، جزءا من خشب الباب، وارتعاشه الملاعق.
هي لم ترد يوما، ولم تتكلم، كانت تصمت، لكنه لم يكن صمت من الخوف، بل صمت يربي أنيابه في الظل، كانت تزداد قوة، في كل ليلة حين تنطفئ الانوار، تغمض عينيها وتستدعيه، هناك في أرض الأحلام، كانت الأدوار تتغير، تراه أمامها واقفا مزهوا بنفسه، بجبروته ، تمتد أذرع الصمت من حوله تحاصره، تسحبه من حنجرته التي طالما مزقت سكونها، تخنق الزئير، تخمد الغضب، وتخرسه، تستفيق في الصباح تتثاءب، تتلوى بغنج، تتأمل أصابعها تقبلها بصمت واحد تلو الآخر ، تلك الانامل التي خنقت الصوت لاتزال تختفظ بدفئها، في اليوم التالي يعاود صوت الزئير.. لكن شيئا ما قد تغير، لم يعد الصوت كما كان، ولم تعد هي كما كانت، الصمت الذي لطالما ظنه ضعفا، صار هو سلاحها، وفي داخلها، كانت الثورة قد بدأت..
***
نضال البدري