نصوص أدبية

مروان ياسين الدليمي: كنت أظن!!

كنت أظن أن الشعر هو ما تقولهُ جدّتي وهي تطهو*

***

أكتبُ القصيدة كما يكتب المجنونُ

وصيّتَه على الحائط:

كلماتٌ مجرّدة من العقل،

لكنها مبلّلة بدم القلب.

*

أترك علاماتٍ لا ترشد،

وخرائطَ بلا شمال،

وأمنحُ لكلّ قارئٍ حقّ التيه،

فمن لم يضِع في المعنى،

لن يعرف أن الشعر هو نوعٌ آخر من الخراب،

خرابٌ

يجعلُك تحبّ العالم أكثر،

لأنه لا يفهمك.

2

الشعرُ لا يُولد من العقل،

بل من عطبٍ صغير في آلة الفَهم.

هو جرحٌ يتقنُ التخفي،

يضحكُ حين نُحاول تضميده بالكلمات،

ثم يفتحُ فمهُ ليلتهمَ الصياغة.

*

في تلك اللحظة،

أدركتُ أنّ البيت الشعري ليس بيتًا،

بل زقاقٌ ضيّق تضيع فيه خطواتي،

وأصواتُ المارّة كلُّها تقول لي:

"ارجع إلى الخلف،

فلا أحد هنا يعرفُ لماذا البكاءُ يبدو موسيقًى

حين لا يسمعه أحد".

3

حين كنتُ صغيرًا،

كنت أظن أن الشعر هو ما تقولهُ جدّتي وهي تطهو.

الآن،

أفهم أنها كانت تكتبُه بالبصل،

وتنقّطهُ بالملح،

وترتّله بصوتٍ مُبحوح،

في صحنٍ من الخوف

وأصابعَ من ذهبٍ مكسور.

4

أحيانًا،

يمرُّ أمامي ظلٌّ أشعر أنه يشبهني،

لكنه لا يسلّم.

*

أتبعه،

أدخّن خطواته،

أسأله: هل الشعرُ أنت؟

فيضحك كمن وجد مزحةً في جنازة،

ويرد:

"أنا فقط

الفكرة التي نسيتها على السطر الرابع،

حين خفتَ من نفسك".

5

أكتب لأني لا أجيدُ الحديث.

أحبُّ المجاز،

لأنه لا يطلبُ إثباتًا

ولا يردّ على الهاتف.

*

الصورةُ عندي لا تُوصف،

بل تُشمّ،

تُذاق،

تُغنّى بين الأسنان،

كأنها خُدعة

أُتقنتْ لا لتُفهم،

بل لتوقظَ فيك إحساسًا بأنك نسيت شيئًا…

ولا تعرف ماذا.

***

مروان ياسين الدليمي

................

* المقاطع جزء من مجموعتي الشعرية "أبحث عن الشعر" 2025

 

في نصوص اليوم