نصوص أدبية
جاسم الخالدي: قيامة الألم

ما زال هذا الجرحُ ينزفُ راعفًا
فإلى متى نتقاسمُ الآلاما؟
*
ستونَ جرحًا قد حملتُ شجونَها،
قد صيرتني للجراحِ إماما.
*
أمضي وأحملُ في الفؤادِ مواجعي،
كالنارِ تأكلُ في الحشا إضراما.
*
وأرى الليالي، وهي تزرعُ وحشتي،
تُهدي إليَّ من السنينِ سهاما.
*
كم قد بكيتُ على رُفاتِ أحبّتي،
حتّى غدوتُ لأدمعيَ إقلاما.
*
إنّي غريبٌ في الدروبِ كأنّني
زرعٌ تجرّعَ في المدى أيتاما.
*
والصمتُ يوجعُ مهجتي في وحشةٍ،
فيغورُ في صدري الأسى إقداما.
*
أبقى وحيدًا، والظلامُ يطوِّقُ الـ
أحلامَ حتّى يعتلي الأحلاما.
*
وتنازعتني في الليالي لوعةٌ،
تمضي لتُشعلَ في الفؤادِ حطاما.
*
أبني على أملِ النجاةِ قصائدي،
لكنْ يُحوِّلها الأسى أوهاما.
*
والجرحُ أوسعُ من يدي، فكأنّهُ
بحرٌ يمدُّ إلى العروقِ سهاما
*
أُلقي على شفتيَّ صمتاً بارداً
كي أستبيحَ بها الجراحَ خصاما.
*
وأضعتُ في ليلِ الفناءِ ملامحي
وتناثرتْ في مقلتي أيّاما.
*
وسَكبتُ في جوفِ الخرابِ حكايةً
ومضيتُ مكسورًا أجرُّ حُطامًا
*
أبقى غريبَ الروحِ، أحملُ غصّةً،
تغتالُ طيفي، تستبيحُ مناما.
*
فإذا رحلتُ، فلن أخلِّفَ غيرَ ما
خطّت جراحي للورى أقلاما.
*
دمعي نشيدي، والدماءُ قصيدتي،
قد علَّمتني أن أصوغَ مَراما.
*
وإذا رحلتُ فهل سأتركُ بعديَ الـ
ـجرحَ الذي كانَ الوجودُ قيامًا؟
***
د. جاسم الخالدي