نصوص أدبية

جاسم الخالدي: القصيدة الأخيرة

لم تكن على ما يرام،

قلبُك يرتجفُ مثلَ عصفورٍ غضّ،

وعلى مقربةٍ منك

حقلٌ كبير،

تحاولُ أنْ

تمدَّ منقارَك،

لكنَّ ما يؤخِّركَ

ذلكَ التردّدُ الذي جُبلتَ عليه

منذ كنتَ صغيراً،

تخافُ الموت.

*

عبرتَ الأولى،

لكنّكَ في الأخرى

رفعتَ الراية،

وركضتَ إلى الموت

كعاشقٍ قبَّلَ جبينَ محبوبتِه،

ثمّ أغمضَ عينيه

على ضوءٍ لا يشبهُ النهار،

ولا الليل،

ضوءٍ خفيفٍ

كأنَّهُ غفران.

*

ثمّ ابتسمَ،

كأنّهُ أدركَ — متأخّرًا —

أنَّ الموتَ ليسَ سوى

ظلٍّ آخرَ للحياة،

وأنَّ الحبَّ، حينَ يكتمل،

يذوبُ في المعنى،

ويتركُ الجسدَ

مثلَ قشرةِ ضوءٍ

على حافّةِ الوجود.

*

ومنذ تلكَ اللحظة،

لم يُعرفْ إنْ كانَ الطائرُ قد مات،

أمْ طارَ أخيرًا

إلى ما وراءِ الحقل.

*

هناك،

لم يعدْ قلبُك يرتجف،

ولا عصفورُك يختبئُ في الظلّ،

بل صارَ الحقلُ بيتَه،

وصارتِ الرايةُ غصنًا أخضرَ

ينامُ عليهِ

سلامُك الأخير.

***

د. جاسم الخالدي

في نصوص اليوم