نصوص أدبية

مصطفى علي: حولَ مَوْقِدِ الكوخِ شتاءً

كالخُزامى دَنا يَرُشُّ عَبيرا

وَتَنائى كما الهلالُ مُنيرا

*

في مَرايا ضميرِهِ قد تَجَلّى

فَتَسامى سَريرَةً وَضَميرا

*

النَوادي تَنوّرتْ بِرُؤاهُ

والمُنادى أصغى لَهُ مُسْتَنيرا

*

كُوزُ ماءٍ في كوخِهِ وَدَواةٌ

حيثُ خوصُ النخيلِ قُدَّ حَصيرا

*

مَوْقِدُ الكوخِ مُوقِدٌ كَلِماتٍ

ذوَّبتْ ثلجاً في القلوبِ وَفيرا

*

خَشَبُ الخيزرانِ شَبَّ جِماراً

يَتَهجّى أسرارَهُنَّ كَثيرا

*

والشبابيكُ سَوْسَنٌ وسُنونو

حَسِبَتْ كوزَ الحالِمينَ غَديرا

*

ناسِجاً سُنْدُسَ القوافي غِطاءً

شَفَّ، واسْتبْرَقاً يَشِفُّ سَريرا

*

سَوْسَنيُّ مَياسِماً ، فوْضَويٌّ

خضّبَ الكَشْفُ ريشَهُ لِيَطيرا

*

رَوّضَ السْيْرُ والسلوكُ فُؤاداً

طالما غاصَ بالجِدالِ أسيرا

*

فَتَرَقّى على الطَريقِ مَقاماً

فَمَقاماً ، وكادَ يَزْهو أميرا

*

دونَ تاجٍ وَدونَما صَوْلَجانٍ

فَأميرُ الطريقِ ظَلَّ فَقيرا

*

طَيْلَسانُ أميرِنا زيْزَفونٌ

وَأكاليلُ لا تُبيحُ حَريرا

*

راوَدتْهُ شَقائقٌ في حِماها

فَتَناسى خَوَرْنَقاً وسَديرا

*

عُرْوَةُ الوَرْدِ كانَ أوفى نَديمٍ

لم ينادمْ فَرَزْدَقاً وَجَريرا

*

كلّما دارَ حَوْلَ سورِ سُليْمى

وَتَقَرّى خُطى الغواةِ ضريرا

*

وَأطَلّتْ هُنيْهَةً ثمّ غابتْ

نادَمَ الليلَ عاشقاً وحَسيرا

*

بِنْتُ ماءِ السماءِ حينَ أهلّتْ

شمّ نِعْناعَها فَعادَ بَصيرا

*

زنجبيلٌ مَزاجُها كوثَريٌّ

فاسْقِنيها سُلافَةً وَنَميرا

*

رَبِّ رُحماكَ بالحَيارى فَمهْما

قيلَ تاهوا لمْ يَبْرَحوكَ سَميرا

*

لو أُعِدّتْ جَهنّمٌ للحيارى

أصبحتْ نارُها غَداً زَمْهريرا

*

حَيْرَةُ النفسِ بينَ مَعنىً ومعنى

مَحْضُ تَقوى تَسُحُّ دمعاً غزيرا

*

لا يُبالي بِجَنّةٍ مُنْذُ لاحتْ

في شِفاهِ المُطَفّفينَ سَعيرا

*

لا يَهابُ الجَحيمَ إنَّ لَظاها

قدْ تَراءى للعارفينَ يَسيرا

*

يا ندامى ويا أُسارى القوافي

لا تخافوا يوماً بها قَمْطَريرا

*

لا تَهابوا غرامَها إن تَلَظّى

رُبَّما يَستحيلُ غيماً مَطيرا

*

فَإذا ما مَسَّ العَذابَ مَجازٌ

راحَ يزهو عُذوبَةً وخريرا

*

فَسُكارى وما هُمو بِسُكارى

إنّما مُنْكرٌ يُساقي نَكيرا

*

أسُكارى وَلمْ يَذوقوا نَبيذاً

بينما أنهُرٌ تّدُرُّ وفيرا

*

نادلي نادِلي تَرَنّمْ مَقاماً

لِمَقاماتِ السالكينَ نظيرا

*

حَبّذا لو كَمَنجةٌ تتهادى

وَتَراً هامساً صدىً وَهَديرا

*

قابَ قوسينِ رُبّما بل وأدنى

قد تَدَلّى فَنامَ نامَ قَريرا

*

فَرُويداً إذا أغاني فُؤادي

دغدغتْ خافِقَ السرابِ هجيرا

***

د. مصطفى علي

 

في نصوص اليوم