آراء
عبد الأمير الركابي: "وطن كونيه عراقيه" لاوطنيه زائفه (3)

هل العالم بحاجة الى تعديل المروية المجتمعية الاليه؟ وكيف يمكن الذهاب الى تصرف من هذا القبيل بالضد من وطاة الهيمنه التاريخيه التغلبية للمروية الارضوية، راهنا مضخما مع الانقلاب الالي الاوربي، وعلى اجمالي التاريخ اليدوي السابق؟ ليس من سبيل لهذه الجهه يمكن اتباعه غير المجازفة الخطرة، لابل الكبرى، تلك التي تذهب الى الغاء الاحادية الاوربية من دون ان يكون للالة اي مكان اخر عرفته، او كان له اي شكل من حضور يمكن تلمسه والتدليل عليه، والقصد كما سبق التنوية احيانا خلال مقاربات سابقة، القول بان الانقلاب الالي حكمته من قبل ومن بعد تاريخيتان تستحقان مرويتين، اولى مرهونة للالة وفعلها المادي المباشر، انبثقت في الموضع الازدواجي الاصطراعي الطبقي الاعلى ديناميات ضمن نوعه، اساسها ومنطلقها فعل من خارج المكان، واخرى هي الحاصلة في الموضع الازدواجي المجتمعي الاعلى ديناميات على وجه العموم كحالة انبعاثية ثالثة، هي مروية مسار ادراكي عقلي مؤجل ومنتظر، تبدا كدورة انبعاث قبل إنبجاس الالة بعقود، عند القرن السادس عشر، في نفس موضع التبلور الاول المجتمعي اللاارضوي، في ارض سومر في مابين النهرين.
يعني هذا اننا بصدد تاريخين ومجتمعيتين نوعا، كما هو حاصل واقعا لاسباب انتقالية تخص الظاهرة المجتمعية ووجودها، ومآلها كما هي منطوية في المجتمعية اللاارضوية بالذات، فالظاهرة المجتمعية هي ظاهرة لاارضوية كينونة، حين تتبلور عند الابتداء تكون غير قابله للتحقق لاسباب قصورية عقلية مظهرها النقص في الادراكية، ومادية ناشئة عن تدني وسيله الانتاج المتاحة والممكنه في حينه بحسب صيغتها اليدوية الجسدية، ومترتباتها الحاجاتية، وهو مالا يمنعها من ان تكون محكومة لاليات و ديناميات تحول تاريخي، ذاهبه الى اكتمال اسباب التحققية التحولية، الموهونه لقانون من التفاعلية الذاهبة بالمجتمعات الى هدفها ساعة توفر اسباب تحققه مع انقضاء زمن اليدوية.
وهنا ننتقل من مجتمعية الى اخرى مختلفة نوعا على الصعد كافة، فالمجتمعية اليدوية نوع آخر بنية وكينونة، مقارنة بالالية التكنولوجية، الاولى ارضوية جسدية، والثانيه لاارضوية هي تلك الابتداء المؤجل غير القادر على التحقق عند البداية، والباقي كظاهرة ازدواج مجتمعي ماثلة في كيانيه لها دينامياتها الناظمة لحركة تاريخها دورات وانقطاعات، محكومة لاصطراعية ازدواجيه بين مجتمعيتين متحدتين لاتتوحدان، تمارسان حضورهما الكوني مع تبلورهما عبر الدورات التاريخيه التي تفصل بينها الانقطاعات والغياب، من الاولى السومرية البابلية الابراهيمه، الى الثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، وصولا للثالثة الحالية الاخيرة النطقية، المجال الاوحد المهيأ والمنطوي على اكمال اسباب وضرورات الانتقال الالي المجتمعي، بعدما تكون المجتمعية الازدواجية الطبقية الارضوية اليدوية التي تعرف الانبجاس الالي قبل سواها، قد تفاعلت بكينونتها اليدوية مع الانقلاب المختلف عنها، والمباين لطبيعتها وبنيتها نوعا، لتنتج فترة من الانتقالية الاليه اليدوية رؤى ونموذج مجتمعي كياني.
يعني ماتقدم وبغض النظر عن المتعارف عليه والشائع المكرس من قبل الغرب "الحديث"، ان الانتقال من اليدوية الى الاليه ياتي محكوما لعملية انتقالية تبدا توهمية خاضعه لمتبقيات وقوة حضور اليدوية، بالذات بسبب ارضوية الموضع الذي تنبثق فيه لاسباب لاعلاقة لها بالخصوصية الموافقه للانقلاب النوعي التاريخي المجتمعي الحاصل، هذا مع الاخذ بالاعتبار كون الحاصل حدث استثنائي انقلابي نوعي من مستوى التبلور المجتمعي الاول اليدوي، ان لم يكن اخطر منه بما انه منطو على انتقاليه نحو عالم اخر، فالمجتمعية الارضوية اليدوية هي استمرار للتاريخ الحيواني البشري ، وان يكن حالة انتقال ومحطة اخيرة مابين الطور الحيواني والعقلي من تاريخ هذاالكائن، وافتراض انتقالية انقلابيه نوعية من هذا القبيل من الصعب تخيل تحققها في ساعتها على الفور، بالاخص اذا اخذنا بالاعتبار مادة الحدث مدار البحث، وتاريخها، ونوع اليات تشكلها وارتقائها الطبيعي وشروطه.
ولايمكن من ناحية ثانيه اساسيه، اهمال حقيقة الازدواج المجتمعي المغفلة وغير المكشوف عنها النقاب، مما لاينفي فعاليتها وحضورها بالاشكال الممكنه بحسب الفترات والمراحل، فاذا حل وقت الانتقال الالي، تغير دور ودرجه فعالية هذا الصنف المجتمعي حتما لنصبح امام انتقال آلي ارضوي، واخر لاارضوي من شانه ان يقلب كليا مجمل الحالة الناشئة والنظر اليها والمتوقع منها، ونوع مترتباتها، وصولا حتى الى طبيعتها، فاذا نظر الغرب الارضوي الى الالة "مصنعيا" وبنى توهميته بخصوصها على اساسها، فان الموقف اللاارضوي لايقبل مثل هذه الاستعجالية الانوية الساذجه بحكم كينونته، فالاله ليست المصنعية التي هي عتبه اولى وانفتاح لمسار في الوسيلة الانتاجية بعد المصنعية، تكنولوجيا بمحطات ومراحل، اولى تكنولوجية انتاجيه هي المعاشة اليوم، واخرى عقلية منفصله عن الجسدية، بما ينهي وقتها على وجه التحديد صلاحية وامكان استمرار المجتمعية اليدوية الجسدية، وعندها تكون المجتمعية اللاارضوية قد بلغت الاشتراطات التحققية ماديا، وهو ماكانت تنتظره منذ نشاتها الاولى في ارض سومر عند بداية تبلور المجتمعية، ليبقى الاهم او الركن الفاصل الثاني الانقلابي الادراكي التصوري، حين تنتقل التعبيرية في خطورة انقلابه عظمى، مابعد ابراهيمة، من "الحدسية النبوية الالهامية"، الى العلّية السببية، وليصبح الانتقال الكوني اللاارضوي من ساعتها شاملا المعمورة، بينما تكون المتبقيات الغربيه الارضوية قد فقدت زخمها، واقتربت من الانهيار النموذجي والتفكري.
يحدث هذا في مجرى العملية الانتقالية الكبرى الراهنه، ضمن اشتراطات الاصطراعية الافنائية، مع تكرار ظاهرة الانصبابات الغربيه الشرقية الى الشرق المتوسطي، كبداية تفاعلية شامله بعد التفاعلية الاولى الذاتيه البابلية السومرية، وظروف الاصطراعية التغلبية التي مكنت بابل من امتلاك القدرات المقاربة لامكان افناء اللاارضوية السفلى، بسرقة منجزها اللاارضوي التالهي والسلوكي، وبالقوة، ماقد حفز اسباب اكتمال الرؤية المجتمعية اللاارضوية مجسده بالامبراطورية المضادة الابراهيمه المتحققه خارج ارضها، في حين لعب الانصباب الفارسي الروماني مايلزم من تحفيز للاليات التعبيرية اللاارضوية الضرورية، اليهودية النظرية، قبل المسيحية والمحمدية العملية، كحالة اختراق كوني مضاد، عمت العالم حتى الصين والهند، وهاهي الانصبابية الغربيه الافنائية تتكرر اليوم كما متوقع، عند لحظة فاصلة على المستوى الوجودي، وبقدرات وامكانات نوعية هائلة غير مسبوقة، لتؤجج اسباب الاختراقية المضادة الثانيه، السببية العليّة.
ـ يتبع ـ
***
عبد الأمير الركابي