آراء

عبد الأمير الركابي: "وطن كونيه عراقية" لا وطنيه زائفه (6)

اول ماتقتضيه المروية المغيبة الجاري طمسها باسم الانقلابيه الاليه الارضوية المرتهنه للقصورية العقلية، اعادة قراءة الحدث الكبير الانتقالي بنقله من القول بالانقلابيه الالية الى الانقلابيه العقلية، مع اعتماد مايقضيه التفارق الكلي في التسميتين من معنى ودلالة، بحيث تتمكن الثانيه منهما من الغاء هيمنة الاولى، بان تضعها في محلها الذي تستحقة ضمن مسار اشمل هي فيه مجرد عتبة ومحطة ابتداء، تسنى لها ان توجد ابتداء خارج القصد المضمر في العملية التاريخيه التحولية الاشمل، خارج اللاارضوية السماوية المتعدية للارضوية الجسدية الانيه الحاجاتيه، واشتراطات تحققها المتاخر العقلي، المتحرر من وطاة الجسدية والذاهب ب "الانسان" الى الكون الاخر غير المرئي.

ولايجب ان نستغرب اذا اكتشفنا بان المروية الشائعه عن الانقلاب الالي كما صدرت عن اوربا موضع الانبجاس الالي وعممت، هي بالاحرى الاكذوبة الايهامية الاكبر التي مرت على البشرية، او عرفتها خلال تاريخها برمته، الامر المتوقع والخارج عن ارادة الكائن البشري الخاضع ادراكا لاشتراطات وظروف اليدوية الارضوية المديده، وموروثاتها الراسخه وهي تتفاعل مع حدث وعنصر انقلابي من غير نوعها، مباين لطبيعتها، فالالة وجدت في الغرب الاوربي الازدواجي الطبقي الاكثر ديناميات ضمن صنفه الارضوي، في حين انها بالاحرى وسيله وعنصرا مستجدا نوعا، من طبيعة مافوق ارضوية، كينونتها موافقة للمجتمعية اللاارضوية وتفاعليتها التحولية المتعدية لليدوية وللجسدية.

***

الانقلاب الالي هو حصرا انقلاب عقلي لاارضوي، يبدا ارضويا بصيغته الدنيا الابتداء المصنعية، باعتبارها محطة افتتاحية متبدله، مع ظهورها وفي غمرته تنقلب الديناميات المجتمعية وعناصرها الفاعله، فلا تعود المجتمعية الاولى اليدوية الارضوية قائمة، في حين يصير الاتجاه للتحول الى المجتمعية المتناظرة مع اشتراطات الانقلابيه الاليه التكنولوجية هو الغالب، وصولا الى انتهاء متبقيات المجتمعية اليدوية، ووصول الالة قمة تشكلها التكنولوجي الاعلى العقلي، وهو مايظل خافيا ومبعدا من الادراكيه بحكم قوة حضور متبقيات الطور اللاارضوي، وممكنات الاداركية العقلية المتصلة به، بحيث تعيش البشرية تا ريخها الراهن المعروف بالحداثي العصري كحالة افتراق خطر، بين الوعي، والواقع وسيرورته المتناميه، الامر الذي لاحل له ابتداء، مادامت اللاارضوية ماتزال غير قادرة بعد على النطق.

والحاصل هو الامر الطبيعي الموافق لسياقات التحولية التاريخيه المجتمعية كما هي مصممه ابتداء، فالمجتمعات تتبلور ابتداءحامله ملامح وممكنات الانقلاب التحولي المجتمعي جوهرا تكوينيا، مع نقص اساسي يمنع في البداية وعند المنطلق، المجتمعية اللاارضوية من ان تتحقق، بالذات بسبب غلبة وطغيان العامل الانتاجي اليدوي مادون التحققي اللاارضوي المرتهن تحققا لوسيلة انتاجية مختلفة، لاارضوية عقلية، ماكانت متوفرة وقتها، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى فان الادراكية وممكنات الوعي بالانقلابيه التحولية، وبالمجتمعية المزدوجه ومقتضياتها،والاليات الناظمة لوجودها، ولمسارات تحققها، تحتل هنا وفي مثل هذا الغرض النهائي المجتمعي، موضعا فاصلا ليس اقل فعالية وضرورة من الالة، او وسيلة الانتاج الغائبة، وعليه فان الانقلابيه التحولية حين تنشا ابتداء مع بدء تبلور الظاهرة المجتمعية، فانها تكون بحاجه لاجل التحقق الى سد النقص في مجالين هما، الوسيلة المادية، وزوال القصورية العقلية الادراكية، وذلك هو الغرض الاعلى للوجود المجتمعي، وليس منتهيات"الصراع الطبقي" كما قرر ماركس، ملزما الكرة الارضية باشتراطات التحقق الازدواجي "الطبقي" الجزئي، غير الساري كبنيه على معظم الكرة الارضية ماعدا اوربا.

تحضر اللاارضوية كونيا ضمن اشتراطات ماقبل التحقق وحكم النقص في الوسائل، بصيغة تعبيرية شاملة ضمن اشتراطات التفاعلية المجتمعية والانصبابية الشرقية الغربية في الموضع اللاارضوي الشرق متوسطي والرد عليها، متخذه صيغة التعبيرية النبوية الالهامية الحدسية الابراهيمة، مكرسة الاختراقية المضادة الازدواجية المجتمعية بصيغتها الممكنه المتناسبه مع اشتراطات الغلبة الارضوية اليدوية، محكومة لقانون الاصطراعية المجتمعية الازدواجية ودوراتها الانقطاعية، الاولى السومرية البابلية الابراهمية، والثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، والثالثة الراهنه النطقية التحققية مابعد اليدوية، مع منجزاتها الكبرى الذاهبة الى الانقلاب الالي، اللازم لاجل سد النقص المادي الحائل دون التحققية النهائية مابعد اليدوية الجسدية، في الدورة الاولى بالتعبيرية والمنظور السماوي الحدسي الغامر الدائم شرقا وغربا، وفي الثالنيه بتهيئة الاسباب التجارية الضرورية ماديا للانقلاب الالي على الطرف الاخر من المتوسط ببنيته المتلائمه مع اشتراطات الانقلاب الالي الابتدائي.

من اهم مايحدث كانقلاب تواجهه اللاارضوية اصطراعيا مع بداية الانقلاب الالي وصعود الغرب الاوربي، تبدل صيغة الاصطراع من الذاتي واليدوي التاريخي الى الالي الابتدائي المعمم المتغلب على مستوى المعمورة بقوة مفعول الالة وتسريعها للاليات المجتمعية في الموضع الذي انبثقت فيه، لنصبح من يومها تحت طائلة المسار التشكلي التحولي المجتمعي الالي من صيغته الاولى المصنعية ومايرافقها من نموذجية كيانيه ونوع دولة، هي الدولة/ الامة قمة صيغة ( الوطنية / القومية)، الى تجاوز الاله تطورا، الصيغة الابتداء والموقع، من اوربا ونموذجيتها التاريخيه الازدواجية الطبقية وتصادمها كينونه مع العامل المستجد وطبيعته المتجاوزه للصيغة والنموذج الموروث المعدل، بحلول العتبه التكنولوجية الانتاجية، وتصدر المجتمعية الامريكيه اللاطبقية المتشكله خارج الرحم التاريخي كصيغة اكثر ملائمه لاشتراطات التحول الالي المجتمعي بطوره الثاني، وصولا الى مؤشرات عبور الاله للصيغة التكنولوجية الانتاجية، وتهاوي كل صيغ واشكال المجتمعية والكيانات والدول المعدلة الموروثة من الطور اليدوي، الامر الحاصل اليوم ومن هنا فصاعدا، مع مايقابل المراحل الثلاث الانفة الذكر، والمنتظر الاخير منها، على المنقلب العراقي اللاارضوي، تحت طائلة الجنوح المتصل للافنائية النمطية النموذجية المسلطة من الغرب على ارض الازدواج التاريخيه النوعي الاول، ابتداء بالنموذجية الكيانيه ابان الطور الاوربي، وسحقا وازالة من الوجود بالقوة التدميرية ككيانيه راهنه، اتفاقا مع اشتراطات نفي الكيانيه الجاري تغلبه ضمن حال من التازم الشامل غير المحدد الاسباب والافاق.

يتبع ـ الثورات اللاارضوية العراقية الثلاث واللانطقة الكونيه.

***

عبد الأمير الركابي

 

في المثقف اليوم