آراء

علجية عيش: الحروب السبب الرئيسي في تدمير الدّول وزعزعة استقرارها

ما يحدث في غزة من قصف وتجويع وإبادة جماعية على غرار الشعوب الأخرى التي تعاني من الفقر والمجاعة والتي تعيس اللاإستقرار سياسي وعسكري ومذهبي، يعيد النقاش حول الأمن الغذائي إلى السطح من طرف الخبراء والباحثين في الأمن الغذائي، والبحث عن سبل وآليات لضمان حق  الشعوب في الأمن والاستقرار وتحقيق اكتفائها الذاتي وحمايتها من سوء التغذية والأمراض المعدية، وإعطائها القدرة على الصمود والبقاء، ولذلك نجد خبراء في الأمن الغذائي يعكفون على وضع صورة واقعية لما تعانيه الشعوب من ظاهرة المجاعة، وبخاصة ساكنة غزة وأطفالها الذين يموتون بالعشرات يومية بسبب الجوع وما يقوم به الكيان لمنع عنهم الحصول على المواد الغذائية، من خلال عقد الملتقيات والمؤتمرات لتحسيس القوى العظمى بخطورة الوضع على كل المستويات النفسية والاجتماعية والاقتصادية،  فقد بات السؤال مطروحا بأشكال مختلفة لمعرفة كيف تؤثر الحروب العسكرية على الأمن الغذائي؟  وماهي نتائجها؟ والحلول التي من شأنها إنقاذ البشرية من خطر المجاعة، فهناك عوامل كثيرة تؤثر على المحصول الزراعي، كالتغيرات المناخية التي تؤثر على الأمن الغذائي، عندما ترتفع درجات الحرارة وتتغير نسبة سقوط الأمطار، فتتعرض المحاصيل إلى التعفن ومن ثم التلف، وأحيانا يجد الفلاح صعوبة في مواجهة الجفاف، عندما تنخفض نسبة تساقط الأمطار، ناهيك عن الأمراض التي تصيب المحاصيل، في حالة انعدام العناية والمتابعة المستمرة في حمايتها، مع ضرورة ترقية السقي الفلاحي وتطويره.

  هي أسئلة طرحها خبراء اقتصاديون تتعلق بالأمن الغذائي في منظومة الأمن القومي وقضايا عديدة تتعلق بالزراعة التي تعتبر المورد الأول لضمان الأمن الغذائي، وتطوير القطاع في ظل التطور التكنولوجي  وظهور الذكاء الاصطناعي، والذي  من خلاله أصبحت  الزراعة الذكية خيارا استراتيجيا لتحقيق الأمن الغذائي، فالحروب العسكرية سبب رئيسي في تدهور القطاع الزراعي، ويتجلى ذلك في عدة عوامل، أهمها إجبار الفلاح على ترك أرضه، مما ينجم عنها إتلاف المحاصيل وتعديل الدورة الزراعية وتعرض الماشية للهلاك والموت لانعدام المصدر الغذائي لها، فالحروب العسكرية  وحتى الحروب الأهلية|، فالنزاعات الداخلية بين النظام والمعارضة المسلحة  تؤدي بالضرورة إلى تدمير القدرة على إنتاج الغذاء وتوزيعه، مما يعرض أعدادًا كبيرة من الناس لخطر  الموت بسبب المجاعة، فهذه الحروب تضع الحكومات والأنظمة على المحك لما تسجله من خسائر مادية وبشرية.

 يقول الأستاذ  سعيد بودينار باحث في الأمن الغذائي من عاصمة الغرب وهران الجزائر  أن الغرض من الحروب العسكرية تدمير قدرات الدول وإرغامها على الركوع، بداية من زعزعة الاستقرار بتواطؤ الجهلة والخونة، وهذه العمليات تنفذ  بخطوات بطيئة وبتحريض داخلي، وهذه الصورة  حسب المعطيات الحديثة انعكست في شقين، الأول هو أن الأمن الغذائي يلعب دورا محوريا في الغذاء القومية من خلال تحقيق الاستقرار للمجتمع، ومنع الاضطرابات التي تهدد الأمن الوطني، تحقيق الاستقلال الاقتصادي، فالدولة التي تعتمد على الاستيراد من الخارج،  مثلما نراه في الجزائر  تعرض نفسها إلى الذوبان\ن وتكون تابعة، كما قد تتخذ إجراءات سلبية لا تتماشى مع التوجه الفكري وثقافة المجتمع،، وأضاف الأستاذ سعيد بودينار بالقول أن الأمن الغذائي وسيلة أساسية لحفاظ الدولة علي سيادتها، وهذا يمكنها من عدم اللجوء إلى الآخر وفرض عليها سيطرته، ويتساءل هذا الباحث وهو ناشط في المجتمع المدني، كيف لدولة ذات سيادة تسمح لعدو أجنبي دخول بلدها ، وهذا لا ينبغي ان يكون لكي لا تقع في أخطاء قد تعود عليها بالسلب والخسارة، وإن كانت الوسطية تحل بعض المشكلات لضمان الاستقرار والسلم، فهي أحيانا تؤدي إلى الخيانة،  مقدما الجزائر نموذجا وما تواجهه من تحديات على كل المستويات، ولذا يقول : كل واحد مطالب أن يكون في موقعه وفي مجاله، الجيش في مكانه والطبيب في مجاله وكذلك لمهندس والفلاح، مع مراعاة الجو الجيواستراتيجي للبلاد والتهديدات التي تواجهها،  ما يجعلها عرضة للخطر، ومحل أطماع بعض الدول في فرض هيمنتها، وهذا بسبب ما تملكه من رصيد تاريخي وثوري تستخلص منه العبر لإرساء دول قوية .

من جانب آخر أصبح استخدام الزراعة الذكية مطلب ضروري، ذلك باستخدام التكنولوجية  الحديثة والذكاء الاصطناعي، لترقية المحصول الزراعي وزيادة  كفاءة المردود، وهو ما أشار إليه الدكتور قادة عبد المالك خبير فلاحي من مدينة مستغانم  (غرب البلاد) وباعتبارها رهان المستقبل  قال أنها خيار استراتيجي  في اقتصاد أي دولة لتحقيق الأمن الغذائي، هناك مقترحات يمكن أن تفعل في الميدان لضمان الأمن الغذائي للشعوب منها إنشاء بنك للجينات البقولية، إنشاء وحدات تحويل الوحدات الزراعية وتبادل الخبرات بين الوزارات والمنظمات العربية المختصة في المجال الغذائي، تعزيز، الاستغلال العقلاني للمكننة في الاستعمال الزراعي،  إعادة تأهيل النظم البيئية، إنشاء مشاتل رعوية وحقول لتحسين الحالة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات،  مع تحسين كذلك السلالات  الحيوانية ( الماشية) لتحسين الأمن الغذائي والدخل القومي للبلدان، وضع رؤية واضحة لتفعيل المشاريع الموجودة أولها الترتيبات المؤسساتية  وفي مقدمتها التمويل والذي يشكل حاجزا مانعا لتجسيد المشاريع التنموية.

***

علجية عيش

في المثقف اليوم