قضايا
عليّ أسعد وطفة: تأمّلات تراثيّة في التعابير الجماليّة لجسد المرأة
يتأصّل الجمال في طبيعة الإنسان فاللّه قد خلق الإنسان على صورته وهو جميل يحبّ الجمال. ولذا فالإنسان ميّال بطبعه إلى عشق الجمال نزاع إلى استجوابه ومناشدته حيثما وجد في الطبيعة، وفي الكلمة وفي الأشياء، وفي الإنسان نفسه. وإذا كان الإنسان جميلاً، فإنّ الطبيعة خصّت المرأة بالجمال الّذي يندر مثيله فـي الكون، فجعلت منها آية من آياتها وسرّاً من أسرارها فإذ هي جمال يتفتّق بالجمال، ويفيض بالسحر ويعبق بالجاذبيّة، وينضب بالمعاني الجميلة. ومنذ بدء التكوين والرجل يقف مسحوراً أمام جمال المرأة وفتنتها حيث وجد فـي سحرها وجمالها ينبوع الهامة فإذ به يستوحي جمالها في بناء جمال الأشياء الّتي تجسّدت فـي الأدب والفنّ والروائع والأحداث الجسام.
كان جمال جسد المرأة يلعب وما زال دور أساسيّاً في إيقاظ الرجل على معاني الجمال وصـوره جميع الحضارات الإنسانيّة الأولى، ومنه انتقل الفلاسفة والمفكّرون والفنّانون إلى غيره من مظاهر الجمال في الطبيعة والنفوس والمنازل والأبنية (عبد اللطيف شرارة: 72).
فالجمال والحبّ توأمان لا يقوم أحدهما مـن غير الآخر، وفي ذلك إشارة إلى ما يفعله الجمـال فـي نفوس البشر، وإلى مدى تأثيره في قلوبهم. وها هو أفلاطون نفسه لا يميّز في كتابه "المائدة " بين الحبّ والجمال؛ إذ يقول" إنّ الحبّ هو التمتّع بالجمال لأنّ فكرة الجمال هي الحقيقة السامية (أوسفلد سفارتس: علم الجنس نفسه، ص. 145).
وإذا كان الحبّ هو أساس كلّ تقدّم إنسانيّ بما يوحيه من اندفاعات وتضحيات، فإنّ الجمال هو معيّن الحبّ وملهمه. فعالم الحبّ هو عالم النفس البشريّة في جملته، ومن استطاع أن يتذوّق جماليّاته [...] كان حرّيّاً به أن يدرك أسرار النفس الإنسانيّ (شرارة: ص.11).
لقـد قـدّر لشخصيّات التاريخ العظيمة من شعراء وأدباء وفنّانين أن تدرك لمحات الجمال وأن تستشعر عظمته "فامتازوا بقدرتهم العجيبة على الحبّ وتفرّدوا بذلك اللهب الداخليّ الّذي جعلهم لا يملّون الجهد من أجل غيرهم ومن أجل العطاء والإبداع " (شراة ص.16). وكان لجمال المرأة لدى كلّ شعب طراز يصفه شعراؤه، ويتغنّى به عشّاقه، ويرسمه مصوّروه وينحت له التماثيل مثّالوه وتجهد النساء في تحقيقه (شـرارة ص. 74). ففي اليونان القديمة كان مقياس الجمال الأنثويّ عند اليونان يتمثّل فـي المرأة الممتلئة قليلاً كما يلاحظ في التماثيل والرسوم اليونانيّة (خمّاش: ص.29).
كان إحساس العاشق بجمال عشيقته في الجاهليّة يتحوّل على يد الحبّ إلى ضـرب مـن العبادة [...] وكـان العرب الجاهليّون يرون في جمال المرأة محور أحاديثهم وأداة الوحي الكبرى لشعرائهم (شرارة). وقـد وجد ديون Dion سنة 1977 أنّ جاذبيّة الوجه تعدّ نقطة الارتكاز الأولى للجاذبيّة، وأنّها تساعد صاحبها أو المتعامل معه على إقامة علاقات اجتماعيّة أكثر استدامة ووفاقاً، كما أنّ لذلك أثراً بيّنّاً في توجيه السلوك نحو مسالك لا تتّسم بالضعف والعدوانيّة.
"وتبين الدراسات الجماليّة الجارية بشكل عامّ أنّ الأفراد الأكثر جاذبيّة من ناحية الشكل يملكون في نظر من يتعاملون معهم خصائص إيجابيّة، بعكس الّذين لا يملكون هذه الجاذبيّة، فينظر إليهم على أنّهم يحملون خصائص سلبيّة" (الخشت: ص 72).
وتتعـدّد وجهات النظر في تحديد شواخص الجمال عند المرأة فهناك من ينظر إلى الجمال الأنثويّ في رشاقة الجسم وانسيابه، بينما يركّز آخرون على تناسق الوجه وبهائه، في حين يجمع البعض في نظريّتهم بين اعتبار رشاقة الجسد وبهاء الوجه. وثمّة رجال يفضّلونها ممتلئة، وآخرون يرغبون فـي الرفيعة، وهناك من تعجّبهم معتدلات الجسم، كما أنّ بعض الرجال يتوقون إلى السمراء، وآخرون إلى الشقراء، وطائفة يحبّذون البيضاء. فللجمال الجسـديّ ألوان مختلفة وأنماط متعدّدة، وتؤكّد أحدث الدراسات الّتي وقعت عليها أيدينا تنوّعاً كبيراً في نظرة الرجال إلى الجوانب الجماليّة للجسد الأنثويّ.
ويتجسّد جمال المرأة الجاهليّ في القصيدة اليتيمة الّتي تمثّل إحدى اللوحات الرائعة لجمال المرأة في منظور الثقافة الجاهليّة وهي من أقدم اللوحات الفنّيّة، إذ لم تكن أقدّمها إطلاقاً. تقول القصيدة:
بيضاء قد لبس الأديم أديم = الحسن فهو لجلدها جلـــد
ويزيّن فوديــهاً إذ حسرة = ضافــي الغدائر فاحم جعد
فالوجه مثل الصبح مبيّـض = والشعر مثل الــليل مسوّدّ
ضدّان لمّـا استجمعا حسناً = والضدّ يظهر حسنه الضــدّ
وجبينها صلّت وحاجبـــها = شخط المخط أزج ممــــتدّ
فكأنّها وسنى إذ نظـــرت = أو مـدنّف لما يفق بــعد
بفتور عين ما بـها رمـد = وبها تداوى الأعين الرمد
وتريك عرنينا به شمّـــم = أقنى وخدا لونه الـورد
وتحيل مسواك الأراك علـى = رتل كأنّ رضـــابه الشهد
والجيّد منها جيّـد جؤزرة = تعطو إذا ما طالها المردّ
وامتدّ من أعضائها قصــب = فعمّ تلته مرافــــق درد
والمعصمان فما يرى لهما = من نعمة وبضــــاضة زند
ولها بنان لو أردت لــه = عقداً بكفّك أمكن الــعقد
كأنّما سقيت ترائبــــهـا = والنحر ماء الورد إذ تبدو
وبصدرها حقّان خلّتهــمـا = كافورتين علاهما نـــــدّ
والبطن مطويّ كما طويــت = بيض الرياط يصونه الملد
وبخصرها هيف يزيّنـــــه = فإذا تنوء يكاد يتّــقـد
والتفت فخذاها وفوقهمـا = كفل بجانب خصرها نهـــد
فتيامها مثنّى إذ نهضــت = من ثقله وقعودها فـــردّ
والساق خرعبة منــــعّمة = عبلت فطوق الحجـل مـنسدّ
والكعب ادغم لا يبيّن لـه = حجم وليس لرأسه حـــــدّ
ومشت على قدمين خصرتـا = والينتا فتكامل الــعقد
ما عابها طول ولا قصر = في خلقها، فقوامها قصــد
يقـول محمّد عثمان الخشت في هذا المقام:" احتلّ جمال المرأة مكانة خاصّة في الأدب العربيّ فطالما تحدّث الشعراء والأدباء عن مفاتن المرأة وبهائها" ( الخشت: ص. 76). وقـد ربط العرب منذ وقت مبكّر بين الجوانب الجماليّة الجسديّة في الأنثى ومجالات الإبداع في الأدب، وقد بلغ ذلك التعبير حدّاً من الروعة لا يقلّ عـن التعبير الإبداعيّ لحضارات أخرى لجأت إلى أساليب متنوّعة كالنحت والسيراميك في الحضارة اليونانيّة والرومانيّة، والرسم في الحضارة الرينساس والعصر الحـديث. فضلاً عن أنّها تتعادل في دقّتها أحدث الأبحاث المعاصرة في مقاييس الجمال الأنثويّ ( الخشت: ص. 76 ).
لقـد أبدع العرب وأيّ إبداع في وصف جمال العيون إذ غالباً ما ينجذب شعراء العرب إلى حوراء العينين: (شدّة البياض والسواد، ويقال الحور اسوداد المقلة كلّها كعيون المها ( البقر الوحشيّ). وفي ذلك قال جرير:
" إنّ العيون الّتي في طرفها حور = قتلتنا ثمّ لم يحيين قتلانا"
وهناك كثرة كاسرة من النصوص الأدبيّة النثريّة الرائعة الّتي تصف جمال المرأة ومنها ما قاله الأخوان عمرو وربيعة عندما سألهما أبوهما عن صفات أحبّ النساء إليهما فقال عمرو:
الهركولة.. اللفاء (1).. الممكورة(2).. الجيداء (3)... الّتي يشفي السقيم كلامها... ويبرّئ الوهيب إلهامها، الفاترة الطرف (4) الفلّة الكفّ.. العميمة الردف.
أمّا أخوه ربيعة فقال: الفاتنة العينين.. والأسيلة الخدّين (5)... والكاعب الثديين (6)... الردّاح الوركين (7)... الشاكرة القليلة... المساعدة للحليل... الرخيمة الكلام (8).
لقـد أرسـل الحارث بـن عمرو ملك كندة امرأة يقال لها عصام إلى ابنة عـوف لكي تتعرّف على أوصافها لما أخبره البعض بكمالها وجمالها وعندما عادت استنطقها بالقول المأثور: ما وراءك يا عصام".
فقالت:" رأيت وجهاً كالمرآة المصقولة... يزيّنها شعر حالك كأذناب الخيل، إن أرسلته خلّته السلاسل، وأنّ مشطته قلت: عناقيد جلاها الوابل، وحاجبين كأنّهما خطّا بقلم أو سوداً بحمم (1)... وبينهما أنف كحدّ السيف الصنيع... حفّت به وجنتان (2) كالأرجوان (3) في بياض كالجمان (4). شقّ فيه فم كالخاتم، لذيذ المبتسم، فيه ثنايا غرّ ( بيضاء )، ذوات أشرّ ( الأشر تباعد بين الأسنان)، تقلّب فيه لسان بفصاحة وبيان، بعقل وافر وجواب حاضر، تلتقي فيه شفتان حمراوان تجلبان ريقاً كالشهد إذ ذلك.. وفي رقبة بيضاء ركبت كدمية… وعضدان ممتلئين لحماً، مكتنزين شحماً، وذراعين ليس فيهما عظم يمسّ ولا عرق يجسّ… نتأ في صدرها ثديان كرمانتين يخرقان عليها ثياباً.. تحت ذلك بطـن طويّ كطيّ القباطي المدجّنة (5).. كسي عكنا(6) كالقراطيس المدرّجة، تحيط بتلك العكن بسرة(7) كمدّهنّ (8) العاج المجلوّ.. خلف ذلك ظهر فيه كالجندول (9) ينتهي إلى خصر، لولا رحمة اللّه لا نبتر... لها كفل (10) يقعدها إذا نهضت، وينهضها إذا قعدت كأنّه دعص(11) رمل تحمله فخذان لفـا كأنّهما نضيـد الجمان (12). تحتهما ساقان خدلتان (13)، كالبردتين وشيتا (14) بشعر أسود كأنّه حلق الزرد (15).. ويحمل ذلك قدمان كحذو اللسان; فتبارك اللّه كيف تطيقان حمل ما فوقهما. وما أن سمع ملك كندة هذه الأوصاف، حتّى أرسل من يخطبها له من أبيها وتزوّج بها (الخشت: ص82-83 ).
وخلاصة القول: إنّ الحبّ عند العرب كان ينبعث ويتحرّك في النفس عن تأثير الحواسّ بجسد المرأة وإشعاعاته. وكان الجاهليّ يعجب بتحرّكات المرأة ويلمس فيها الجمال وفي هذا يقول الشنفري:
ويعجبني أن لا سقوط خمارهـا = إذا ما مشت، ولا بذات تلـفّت
كأنّ لها في الأرض نسياً تقصّه = إذا ما مشت، وإن تكلّمت تبلّت
وهذا ما يقوله الأعشى في وصف مشيتها:
غراء فرعاء، مصقول عوارضها = تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل.
كأنّ مشيتها من بيت جارتهـا = مرّ السحــــابة لا ريث ولا عجـــــل
ومن أجمل ما قيل في المرأة قول خالد صفوان في وصفه وجهه إلى أبو العبّاس السفّاح: " وحسبك من جمالها أن تكون فخمة من بعيد مليحة مـن قريب أعلاها قضيب وأسفلها كتيّب كأنّها كانت في نعمة ثمّ أصابتها فاقة فأثّر فيها الغنى وأدّبها الفقر ( عن كتاب العقد الفريد: كتاب المرجانة الثانية في النساء وصفاتها).
" وقـد ظلّت هذه الصفات الجسمانيّة في المرأة مثال إعجاب العربيّ وموضوع غزله واهتمامه إلى يومه هذا فلم يختلف بذوقه عن الجاهليّ في شيء كثير، وما زال تراثه القديم في هذه الناحية يعمل عمله في نفسه عن وعي منه وغير وعي" ( شرارة: ص. 78).
سئل أعرابيّ عن النساء، وكان ذا تجربة وعلم فقال: أفضّل النساء أطولهنّ إذ قامت، وأعظمهنّ إذ قعدت، وأصدقهنّ إذ قالت، والّتي إذا غضبت حلمت، وإذا ضحكت ابتسمت، وإذا صنعت شيئاً جوّدت، الّتي تطيع زوجها وتلزم بيتها العزيزة فـي قومها الذليلة في نفسها، الودود الولود وكلّ أمرها محمود (شرارة:ص.79).
قال عبد الملك لرجل من غطفان " صفّ لي أحسن النساء " قال " خذها يا أمير المؤمنين: ملساء القـدمين، ردحـاء الكعبين(1) مملوءة الساقين، جماء الركبتين (2) لفاء الفخذين، مقرمدة الرفغين(3)، ناعمة الإليتين، بداء الوركين، مهضومة الخصرين، ملساء المتنين، فخمة الذراعين، منيفة المأكميّتين (4)، فعمّة العضدين (5) فخمة الذراعين، رخصـة الكفّين (6) ناهدة الثديين، حمراء الخدّي، كحلاء العينين، زجاء الحاجبين(7)، لمياء الشفتين (8)، بلجاء الجبين(9)، شـماء العــرنين (10) شنباء الثغر (11) حالكة الشعر(12)غيداء العنق (13) غيداء العينين (14) مكسّرة البطن ناتئة الركب. فقال " ويحك وأنّى توجد هذه " قال " تجدها في خالص العرب أو في خالص الفرس (السنّاد: ص. 170).
قال خالد بن صفوان لأبو العبّاس السفّاح واصفاً محاسن المرأة:" إنّ منهنّ يا أمير المؤمنين الطويلة الغيداء والبضّة البيضاء والعنيقة الإدماء والدقيقة السمراء والبربريّة العجزاء ولو رأيت يا أمير المؤمنين الطويلة البيضاء والصفراء والعجزاء والسمراء واللعساء، والمولّدات البصريّات والكوفيّات ذوات الألسن العذبة، والقدود المهفهفة والأوساط المخصّرة والأصداغ المزرنفه والعيون المكحّلة والثدي المحققة. (شرارة:ص.107).
ومن بدائع وصف الحسناوات ما تسجّله قصّة ألف ليلة وليلة حيث جاء في وصف منار السنا:
" صاحبة وجه مليح وقد رجيح أسيلة الخدّ قائمة النهد دعجاء العينين ضخمة الساقين بيضاء الأسنان حلوة اللسان طريفة الشمائل كأنّها غصن مائل بديعة الصفة حمراء الشفة بعيون كحال وشفايف رقاق على خدّها الأيمن شامّة وعلى بطنها مـن تحت سـرّتها علامة ووجهها منير كالقمر مستديرة وخصرها نحيل وردفها ثقيل وريقها يشفي العليل كأنّه الكوثر والسلسبيل، وبين فخذيها تخت الخلّاقة، وهي بنت الملك الأكبر (عبداللّه بوحديبة:" الإسلام والجنس ص.196).
وقد نظر خالد بـن صفوان إلى جماعة في المسجد في البصرة فقال ما هذه الجماعة؟ قالوا امرأة تدلّ على النساء. فأتاها فقال لها: أبغي امرأة قالت: صفها لي. قال:" أريدها بكراً كثيب، أو ثيّب كبكر، حلوة من قريب فخمة من بعيد، كانت فـي نعمة، فأصابتها فاقـة، فمعها أدب النعمة، وذلّ الحاجة. فإذا اجتمعنا كنّا أهل دنيا، وإذا افترقنا كنّا أهل آخرة. قالت المرأة: لقـد أصبتها لك. قال: وأين هي. قالت: في الرفيق الأعلى من الجنّة فاعمل لها. (محمّد عثمان الخشت: ص.87)
وإذا كان العرب قـد أجادوا في وصف محاسن المرأة وأسرار جمالها فأبدعوا فـي ذلك وفجّروا عبقريّتهم الشاعريّة فإنّ ملامح هذه الصورة الجماليّة ما زالت راسخة في العمق الوجدانيّ للإنسان العربيّ. يقول بوعلي ياسين:" نلاحظ أنّ المفهوم الجماليّ لدينا نحن العرب قد تأثّر بعلاقـة المرأة بالطبيعة والحضارة، فالرجل الأسمر الّذي لوحته الشمس جميل مثلما هي جميلة المرأة ناصعة البياض الّتي لم تر الشمس وجهها. " ولا أقول إنّ المرأة العربيّة هـي الّتي اخترعت هذا الفهم الجماليّ ولكنّها فـي الأحوال كلّها تتصرّف بمقتضاه" (بوعلي ياسين ص.112).
يقول نزار قبّاني في هذا الخصوص:" الانفعال بجمال المرأة كان صحراويّاً بمعنى أنّ أمير الشعراء شوقي لم يستطع أن يتحرّر وهو في باريس وإسبانيا وجارون سيبني من رنين خلاخل البدويّات ووسمهنّ وكحلهنّ وأوتاد خيامهنّ (قبّاني: ص.22).
بهذا يتبيّن لنا أنّ الأدباء العرب القدامى وأيضاً فقهاء اللغة وقـد نظروا إلى جمال المرأة على أسس تكامليّة بين جميع أعضاء الجسد ومكوّناته. وهذا يظهر وجه التشابه بينهم وبين نظرة اليونان إلى الجمال الأنثويّ، وإن كان كلّ منهم يلجأ إلى شكل مختلف من أشكال التعبير الفنّيّ. فإذا كان العربيّ القديم يلجأ إلى رسم لوحة شعريّة بالكلمات للأنثى الجميلة، فإنّ اليونانيّ القديم كان يلجأ إلى فنّ النحت، فينحت تمثالاً لـ (فينوس) يضع فيه أجمل وأروع ما رأته عيناه أو خطر بخياله مـن صفات الحسناوات.
تؤكّـد أحـدث الدراسـات عـلى أنّ العـامل الجسـديّ الشـكليّ هو أكثر العـوامل تـأثيراً في انجذاب الأطفال والفتيات بعضهم إلى بعض، فمن كان شكله جذّاباً منهم ذكر أو أنثى يحظى بقبول أكبر وحبّ أعظم. فقـد جاء في دراسة قام بها وجنز Wiggins سنة 1968م ودراسة أخرى قـامت بهـا سالي بك Sally Beck في جامعة بتلر بأمريكا سنة 1979: أنّ الفروق الفرديّة بين الرجال في اختيارهم للإناث تعكس خصائص شخصيّة الذكر وخلفيّته الاجتماعيّة والثقافيّة والحضاريّة، وهذا يتّضح كالآتي: إنّ الرجال الّـذين يختارون الأنثى البدينة هـم عادة غـير مستقرّين عاطفيّاً، واهتماماتهم قليلة بالتحصيل الأكاديميّ والأمور الجماليّة.
***
عليّ أسعد وطفة
......................
الهوامش:
(1) الهركولة مـن النساء: العظيمة الوركين واللفاء: الّتي ضاق ملتقى فخدّيهـا لكثرة لحمهـا.
(2) الممكورة: ذات الساق الغليظة المستديرة الحسـناء.
(3) الجيداء: الّتـي طـال عنقها وحسن.
(4) الطرف: العين. ويقال: طرف فاتر: فيه ضعفت مستحسن.
(5) الردف: العجز ومؤخّر كلّ شيء.
(6) (أسل) أسالة: ملس واستوى فهو أسيل. ويقال خدّ اسيل، وكفّ أسيلة الأصابع.
(7) (كـعبت) الفتـاة-كعوبـاً: مهد ثديها، أي برز وارتفع، فهو كعـاب وكـاعب.
(8) الـرداح الـوركين: أيّ ضخمة تردف سمينة الاوراك.
(9) الرخيمة الكلام: الّتي لان كلامها ورق ولطف.
(1) الحممـة: بـوزن رصيّة: ما أحرق من خشب ونحوه. والجمع بحذف الهاء ويقصـد كأنّمـا سـوداً بفحـم.
(2) الوجنـة مـا أرتفـع من الخدّين
(3) الأرجوان: شـجر مـن الفصيلـة القرنيّة له زهر شديد الحمرة حسن المنظر وليسـت له رائحة.
(4) الجمان: الفضّة.
(5) القباطىء: جمع قبطيّة ثياب من كتّان بيض رقاق كانت تنسج بمصر المدرّجة والملفوف في الملامسة.
(6) عكنت: الجارية: صارت ذات عكن، وتعكّن البطن: صار ذا عكن والعكنة: ما انطوى وتثنّى من لحم البطن سمناً.
(7) البسرة: واحدة البسـر، وهو الغضّ من كلّ شيء.
(8) المدهن: آلة الدهن وقارورته.
(9) الجـدول: النهـر الصغـير.
(10) الكفـل: الـردف أيّ مؤخّرة المرأة وعجيزتها.
(11) الدعص: الكثيب والمجتمع من الرمل المستدير.
(12) نضيـد: الجمان اللؤلؤ المنظوم الفضّة المنضدية الّتي يكون بعضها فـوق بعـض.
(13) حدلتــا: مملؤتــان.
(14) وشــيئاً: حليتــا وزينتا.
(15) الزرد: الدرع.
المراجع:
1- عبداللطيـف شرارة:" فلسفة الحبّ عنـد العرب "، مكتبة الحياة، بيروت،.1960
2-جـلال السـناد: "دراسة سوسيولوجيّة للأمثال الشعبيّة في دير الزور " أطروحة ماجستير، كلّيّة الآداب جامعة دمشق، دمشق،.1988
3-بـوعـلي ياسين:" أزمة المرأة في المجتمع الذكوريّ العربيّ "، دار الحوار، اللاذقيّة،.1992
4- نزار قبّاني:" عـن الشعر والحبّ "، بيروت، دار العلم للملايين بيروت، 1976.
5- محمّد عثمان الخشـت:" المرأة المثاليّة في أعين الرجال "، مكتبة ابن سينا، القاهرة، 1988.
6- عبداللّه بو حديبة: " الإسلام والجنس "، تعريب هالة العوري، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1987.
7- سلوى خمّاش: " المرأة العربيّة والمجتمع التقليديّ "، دار الحقيقة بيروت،.1981
8- أوسـفلد شـفارتس:" علـم النفس الجنسـيّ "، تعـريب شعبان بركات، المكتبة العصريّة، صيداً، بيروت، 1972.
9- نور الدين العتر: " ماذا عن المرأة "، دار الفكر، دمشق 1979.
10- خـليل أحمد خليل:" المرأة العربيّة وقضايا التغيير: بحث اجتماعيّ في تاريخ القهر النسائيّ "، دار الطليعة، بيروت،.1985
11- صـلاح الدين المنجّد:" أمثال المرأة عند العرب: ما قالته المرأة العربيّة ومـا قيـل فيهـا "، دار الكتـاب الجديد، بيروت، لبنان.1981.






