قراءة في كتاب
عدنان حسين: الحاكم والمحكوم في العالم العربي (1-2)

صدر عن دار "لندن للطباعة والنشر" في المملكة المتحدة كتاب جديد للدكتور قاسم حسين صالح يحمل عنوان "الحاكم والمحكوم في العالم العربي" وهو الكتاب الثامن والخمسون في رصيده الإبداعي. يتضمن الكتاب مقدمة بقلم الدكتور فجر جودة النعيمي وخمسة فصول. وقد جاء في التقديم أنَّ هذا الكتاب هو "كنز معرفي سيبقى أثره طويلًا.. ليس لوفرة في المعلومات، وليس لرشاقة في الأسلوب، وليس لطريقة العرض أو التسلسل المنطقي للموضوعات وإنما لكل هذه الأشياء مجتمعة". يقع الكتاب في 302 صفحة من القطع الكبير ويتضمّن العديد من الموضوعات التي لم تُطرح أو تُناقَش من قبل بهذا العمق العلمي والنَفَس الموضوعي الرصين مثل "سايكولوجيا الخليفة" و "الحَوَل العقلي" Mental Squint أو التحليل النفسي لشخصيتيّ محمد الجولاني وقاسم سليماني. كما يتوقف الباحث عند موضوعات مثيرة للجدل مثل الإلحاد في العراق والعالم العربي، أو سادية السلطة ومازوشية المواطن، والتحرّش الجنسي بنسخته العراقية، وقضية شارلي إيبدو وما انطوت عليه من "حرب الأنبياء" بمقاربة سايكولوجية لا تنتصر لهذا الطرف أو ذاك وإنما تسمّي الأشياء بمسمياتها. ويختم الفصل الخامس والأخير بدراسة النكتة من منظور عراقي وعربي وعالمي.
يفرّق الباحث بين السلطة والتسلّط. فالسلطة من وجهة نظر ماكس فيبر هي (الفرصة المتاحة للقادة حتى تخضع لهم مجموعة معينة من الناس). وما يميّز السلطة عن القسر والإجبار هو الشرعية. ويصف السلطة الشرعية بأنها تلك التي يرى الحاكم والمحكوم أنها مشروعة ومُبررة. ويقسِّمها إلى ثلاثة أقسام وهي: السلطة العقلية القانونية والسلطة التقليدية والسلطة الكارزمية التي يضفي القائد من خلالها على نفسه صفات التفرّد والإلهام والموهبة الإلهية.
السلطة والتسلّط
يقسّم ابن خلدون القوانين السياسية التي تحكم الناس إلى ثلاثة أنماط وهي:1- قوانين تعتمد السياسة العقلية 2- قوانين تعتمد السياسة المدنية 3- قوانين سياسية دينية. فالسلطة ضرورة اجتماعية لتنظيم أمور المجتمع أمّا التسلّط فيحمل معاني الظلم والقهر والإكراه والتشدّد والعنف.
يُذكِّرنا الباحث بأنّ العرب قبل الإسلام كانت دولًا ومماك ممتدة في الشام والعراق واليمن ويُعدّ الإسلام بداية تحوّل في العالَم العربي الذي كان موزعًا بين الروم والفرس. ثم يُقدّم لنا جردة بالعهود الأربعة التي مرّ بها العرب وهي على التوالي:1- العهد الراشدي (632 - 661م) 2- العهد الأموي (661 - 750م) 3- العهد العباسي (750 - 1258م) العهد العثماني (1281 - 1924م) ويُذكِّرنا أيضًا بأنّ حياة ثلاثة خلفاء وهم (عمر وعثمان وعلي) قد انتهت بالقتل قبل أن يتولّى الحسن بن علي الخلافة ويتنازل عنها لمعاوية حيث يستمر الأمويون في الحكم. ثم يقدِّم لنا الباحث معلوماتٍ مكثفةً عن هذه العهود مجتمعة. فمعاوية بن أبي سفيان هو أول من جعل الحُكم وراثيًا واستمرت الدولة الأموية 90 عامًا حكم فيها 14 خليفة بدأت بمعاوية الذي حكم (21 سنة) وانتهت بمروان الثاني بن محمد الذي قُتل عام 750م. أمّا دولة العباسيين التي استمرت (500 سنة) فقد بدأت بأبي العباس السفّاح وحكم فيها (11خليفة) في العصر الأول و (29 خليفة) في العصر الثاني ومعظمهم انتهى قتلًا أو خلعًا وآخرهم قتله المغول. أمّا العهد العثماني فقد كانت فيه الخلافة وراثية في خط الأبناء واستمرت الخلافة إلى سنة 1924م حيث أُلغيت الخلافة وحلّ محلها النظام الجمهوري العلماني وكان آخر السلاطين هو السلطان عبد المجيد الثاني. لا يقدِّم الباحث وهو المختص بعلم النفس معلومات نفسية فقط وإنما يعززها دائمًا بالمعلومات الاجتماعية والتاريخية والسياسية والحضارية إن شئتم.
متلازمة الغطرسة
يؤكد الباحث بأنّ متلازمة الغطرسة موجودة لدى معظم الحكّام العرب ويستحيل أن يفصل نفسه عنها، فـ"صدام حسين هو العراق" و "معمّر القذافي هو ليبيا وملك الملوك" وهذا الأمر ينسحب إلى بعض الملوك والرؤساء الآخرين وإن لم يصرّحوا بذلك" كما تشيع بين القادة العرب ثلاثة أعراض وهي (استعمال لقب نحن)، و(الاعتقاد الراسخ بتبرئته أمام الله والتاريخ) و(الاقتناع بالاستقامة) والأخطر من ذلك أنّ الرئيس العربي تتحكّم به (سايكولوجيا الخليفة) التي تعني اعتقاده بأنه يشكّل امتدادًا للخليفة الذي يمثّل سلطة الله على الأرض التي تشفّرت في اللاوعي الجمعي عبر 1400 سنة.
إن سبب تظاهرات (الربيع العربي) في تونس ومصر والبحرين وليبيا والعراق عام 2011م هو انعدام العدالة الاجتماعية وهيمنة الحُكام العرب على السلطة والثروة إلى الدرجة التي أوصلوا فيها الشعوب إلى ما دون خط الفقر ومع ذلك فإن القذافي عزا تظاهرات المحتجين في بلده الغني إلى تناولهم لحبوب الهلوسة بينما كان هو الشخص الوحيد الذي يهلوس بينهم! ويتساءل الباحث بعد المصير المُخزي الذي مرّ به زين العابدين بن علي وحسني مبارك وملك الملوك: هل يعتبر الحُكام العرب الباقون أو القادمون الجُدد إلى السلطة؟ والأغرب من ذلك أن (سايكولوجيا الخليفة) ما تزال متحكمة فيهم حتى وإن كانوا ديمقراطيين!
الطاعة العمياء
يلتفت الباحث إلى مسألة مهمة جدًا وهي تنفيذ الأوامر والتعليمات سواء ما حدث مؤخرًا في العراق أو قبلها في ألمانيا وأرمينيا وأوكرانيا ورواندا وكمبوديا والبوسنة، وهي نفس الأسطوانة التي سمعناها من مرتكبي الجرائم في نظاميّ صدام حسين وحسني مبارك بعد 2003 لأنهم ورثوا آلية سايكولوجية وهي الطاعة العمياء لتنفيذ أوامر السلطة وكأنّ المنفِّذين لا ذنب لهم فيما يحدث ولم نشهد، إلّا ما ندر، مَن يحتج أو يعترض أو يعصي تنفيذ أوامر السلطة العليا.
ومع أنّ العراق بعد 2003م لديه وزارة حقوق الإنسان لكن الوفد الذي يمثّلها طُرِد من قاعة المؤتمر الخاص بحقوق الإنسان بجنيف في 22 - 23 / 9 /2012 لإتهام العراق بارتكابه جرائم ضدّ حقوق الإنسان وكانت الطاعة العمياء في تنفيذ الأوامر العليا هي أحد أهمّ الأسباب.
يتوصل الباحث إلى نتيجة مهمة مفادها أنّ نظرية (الشخص العظيم) التي ترى أنّ القادة استثنائيون يمتلكون شخصيات تمتاز بالشجاعة والعزم والذكاء والكاريزما قد امتدت على مدى 1400 سنة وقد فعل هذا المناخ السايكولوجي فعله فينا حتى صرنا نعتقد بأنّ القائد العربي يولد بتركيبة بايولوجية عجيبة وقدرات خارقة تخصّه بها قوة سماوية غير التي يُولد بها عباد الله بينما يشير واقع الحال إلى اختباء صدام حسين في حفرة مظلمة وفرار ملك الملوك إلى خندق شقّي بباطن الأرض، وهزيمة زين العابدين إلى كبد السماء! ويستثني المؤلف قائدَين نزيهَين وشجاعَين وهما الزعيم عبدالكريم قاسم والمشير عبدالرحمن سوار الذهب. أمّا رأي الكاتب بالشخصيات التي وصلت إلى سُدة الحكم في العراق بعد 2003م فهو رأي دقيق شخّص فيه إصابتهم بهوس الثروة الذي أفضى إلى إفقار 13مليون عراقي باعتراف وزارة التخطيط العراقية في بلد يُعدّ من أغنى عشرة بلدان في العالم والغريب أنّ هؤلاء الفقراء هم الذين انتخبوهم وأوصلوهم إلى كرسي الرئاسة؛ وتلك من أوجع مفارقات العقل العربي وأشدّها إيلامًا.
الجمود العقائدي
يعزو الباحث هذا الخراب إلى الدوغماتية أو الجمود العقائدي أو الفكري الذي يعّده الباحث هو السبب الرئيس في الخلافات السياسية لأنّ الدوغماتي لا يرى غيره، ولا يسمع إلّا نفسه، ولا يتقبّل الرأي الآخر.
يرى الباحث أنّ تعامل القذّافي مع المتظاهرين يُثبت أنه مُصاب بالبارانويا والهوس والوساس لكنه، أي الكاتب، يتساءل: إذا كان القذافي مُصابًا بالذهان فهل يمكن لرئيس دولة مُصاب بهذا المرض أن يحكم شعبًا لمدة أربعين سنة حظيَ فيها باحترام رؤساء دول في عالم عاقل؟ وإذا صحّ هذا الأمر فلا بدّ أن يكون الحاكم والمحكوم مُصابَين بأمراض نفسية مُشابهة للعلاقة بين (سي السيد وزوجته اللذين يعانيان من عُصابيّ التسلط والخضوع) وهذا غير ممكن أن يكون الحكام العرب مصابون بالذهان أو الجنون لأنّ الجنون هو اضطراب عقلي حاد يُفقد الرجل صلته بالواقع ويكون غير مسؤول عن أفعاله بما فيها السلوك الإجرامي. ويخلص إلى القول إنّ الحُكام العرب مصابون باضطرابات الشخصية التي تتسيد فيها ثلاثة أعراض رئيسة وهي النرجسية والسايكوباثية والبارانويا. وأكثر من ذلك يتوصل الباحث إلى أنّ المعادلة النفسية السائدة منذ 1400 سنة هي سادية الراعي مقابل مازوشية الرعية.
يتتبع الباحث القمم الثلاث التي عقدها ترامب في ولايته الأولى بينه وبين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ومجلس التعاون الخليجي وقمة عربية إسلامية مع 55 من قادة وممثلي الدول الإسلامية في العالم حيث ركزت القمم الثلاث على تعزيز العلاقات الاقتصادية ومناقشة التهديدات التي تواجه أمن واستقرار الخليج العربي والموقف من إيران وبناء شراكات أمنية لمكافحة التهديدات الدولية بسبب الإرهاب والتطرّف. والأهم من ذلك أنّ الدكتور قاسم حسين قد حلّل شخصية ترامب في عدة جوانب حيث قال عنه أنه (يتصف بالذكاء والحيلة والقدرة على التغيير) وشخّص بشكل دقيق أنه كان يعاني من هوس (الإسلام الراديكالي) ومصاب بـ (الإسلاموفوبيا) وأضاف بأنّ (شخصيته نرجسية، استعلائية، تسلطيّة. وقد استبعد بالرياض عبارته (الإرهاب الإسلامي المتطرّف) مستبدلًا إيّاها بدعوة (قادة العالم الإسلامي لتطوير رؤية سلمية للإسلام) وقد غاص في طويته وقال بأنه (يكره الدين الإسلامي ويفضّل الدين اليهودي عليه) وهذا ما لمسهُ الجميع من خلال موافقه السياسية مع إسرائيل؛ الكيان الغاصب والمُحتل لفسلطين.
يتوقف الباحث في موضوع (صراع الهُويات.. وثقافة السلام) عند ثماني هُويات رئيسة وهي: (الهُوية الشخصية، والهُوية الاجتماعية الفئوية، والهُوية القومية، والهُوية الوطنية، وهُوية الدور، والهُوية الثقافية، والهُوية الدينية، والهُوية الجندرية). فمثلما يعتز العربي بهُويته، فإن الكوردي والتركماني والآشوري والإيزيدي والصائبي لهم الحق في أن يعتزوا بهوياتهم الفرعية من دون أن يتخلوا عن هُويتهم الوطنية الجامعة.
يعرّج الباحث أكثر من مرة على الاحتراب الطائفي الذي حدث بين 2006 - 2008 وراح ضحيته الألوف من الأبرياء الأمر الذي دفع الكثيرين إلى حمل ثلاث هُويات بثلاثة أسماء وهي عمر، حيدر أو رزكار ليؤمِّنوا سلامة عبورهم في نقاط التفتيش.
الحَوَل العقلي
ومع أننا توقفنا عند موضوع (الحَوَل العقلي) في مراجعتنا لكتاب (الجندرية..) إلّا أننا سنتوقف عنده ثانية لأهميته وحسّاسيته وجِدّته. فالمُصاب بهذا الحَوَل (يرى الإيجابيات في جماعته ويغمض عينيه عن سلبياتها. ويُضخِّم سلبيات الجماعة الأخرى ويغمض عينيه عن إيجابياتها. وكما يرى أحول العين الواحدَ اثنين ولا يمكنكَ أنه تُقنعه أنه واحد، كذلك أحول العقل يرى أنّ جماعته على حق والأخرى على باطل. وأنّ هذه الأخرى هي سبب الأزمات مع أنّ جماعته شريك فيها). وقد تجسّد هذا المرض في حكومات الإسلام السياسي التي جاءت إلى سدة الحكم بعد 2003 على وجه التحديد. والغريب أنّ المعارضين للنظام الدكتاتوري السابق يرون أنّ العراق من حقهم فقط والآخرون لا حقّ لهم فيه. وقد استثنى الباحث ثلاثة مكوِّنات وهي المرجعية الدينية، والتقدميون الذين يملكون منظورًا إنسانيًا، والمحبون للعراق وطنًا للجميع فإن غالبية العراقيين مُصابون بالحَوَل العقلي وعلاجهم غير ممكن الآن ما لم تأتِ سلطة سليمة تسيّد القانون وتتعامل معه بمهنية عالية.
اعتمدت أحزاب الإسلام السياسي في العراق على سايكلوجيا الضحية وخلقت لديهم الشعور بالأحقية في الاستفراد بالسلطة والثروة مُعتبرين ملايين العراقيين في الداخل إمّا مُوالين للطاغية أو خانعين له.
من الموضوعات الشائقة في هذا الكتاب هو قدرة المؤلف على تحليل الشخصيات السياسية أو العسكرية أو الدينية بحرفية عالية جدًا فبعد أن عرّفنا بشخصية ترامب ها هو الباحث يسلّط الضوء على شخصية محمد الجولاني الإشكالية التي يرى المُستطلَعون أنّ (سلوك الفرد يتسق ويستقر عبر الزمن وعبر المواقف). أظهرت نتائج الاستطلاع آراء فريقين يرى الأول أنّ أحمد الشرع داعشي وسيظل داعشيًا، ويرى الفريق الثاني أنه صناعة أمريكية. بينما يرى الباحث أن سلوك الفرد لا يبقى مستقرًا عبر الزمن. فالجولاني تحوّل من أقصى اليمين المتطرف إلى شخصية مدنية. وقد طمأنَ السوريين بعد تحرير (حماه) بأنّ (الذين يخشون الحكم الإسلامي إمّا أنهم رأوا تطبيقات غير صحيحة أو لم يفهموه بشكل صحيح). ومقولته الأخيرة بأنّ قوى المعارضة إذا نجحت في الإطاحة بنظام الأسد فإن سوريا ستتحول إلى (دولة مؤسسات؛ أي ستكون دولة حرة ديمقراطية وتعددية). ويخلص الباحث إلى أن الشرع (يمتلك صفات كارزمية فهو يتمتع بحضور مؤثر ولديه القدرة على التأثير بالآخرين وإعجابهم به وأنه يمتلك خبرة سياسية ويتحدث ويسترسل بطلاقة المتمكن وبلغة جسد متناغمة مع كلامه).
يتضمّن الفصل الثاني ثلاثة عشر موضوعًا أهمها تحليل سايكولوجي لشخصية قاسم سليماني والإلحاد في العراق والعالم العربي وهناك موضوعات مكررة سبق وإن توقفنا عندها في عرض كتاب (الجندرية..) مثل لقاء (البابا والسيستاني) و (انتحار الأدباء) وما إلى ذلك.
يستنتج القارئ لنظرية فرويد أنّ الإنسان هو الذي خلق الدين فيما نخلص من نظرية يونغ أنّ الدين بنظامه الأخلاقي هو الذي خلق الإنسان. يتوقف المؤلف عند أربعة علماء نفس وهم فرويد، إريك فروم، يونغ، وفرانكل ويسهب في الحديث عن آرائهم وتجاربهم النفسية.
الميول التعصبيّة
يُعرّف الباحثُ التعصبَ بأنه (اتجاه سلبي غير مُبرر نحو الفرد قائم على أساس انتمائه إلى جماعة معينة لها دين أو طائفة أو عِرق مختلف أو إتجاه عدائي نحو جماعة معينة قائم على أساس الانتماء إليها). يُحدد الباحث ثلاثة أنواع من التديّن وهي: 1- التديّن الغرضي 2- التديّن الباحث عن الحقيقة 3- التديّن الحقيقي. ويرى الباحث أنّ المتدينين السياسيين أو السياسيين المتديين هم الأكثر تعصبًا بين الناس. وأنّ الذين لديهم ميول تعصبيّة ينخرطون عادة في أحزاب أو حركات متطرفة سواء أكانت دينية أم علمانية أو يمينية أم يسارية بالمصطلح السياسي.
ويعتقد الباحث أنّ النوع يخلق ضدّه النوعي. فالتفكير الخرافي يخلق التفكير العلمي. والدين خلق الإلحاد (لأن الإلحاد لم يكن موجودًا قبل نشوء الدين). أمّا أنواع التفكير فيحددها الباحث بثلاثة أنواع وهي:1- التفكير الإبداعي 2- التفكير الناقد 3- التفكير ما وراء المعرفي.
شخصية سليماني الجدلية
مع أهمية المعلومات التوثيقية عن اغتيال قاسم سليماني إلّا أنّ ما يهمنا هو التحليل السايكولوجي لهذه الشخصية التي تم اغتيالها من قِبل القوات الأمريكية في أثناء قدومه من مطار دمشق إلى بغداد في 3 / 1 / 2020م وكان في استقباله أبو مهدي المهندس الذي قُتل في الحادث أيضًا مع ستة آخرين. ويؤكد الباحث أنّ هذه الدراسة هي سايكولوجية ولا علاقة لها بالجانب السياسي. وقد برّر ترامب الهجوم لأنّ سليماني كان يخطط لهجمات وشيكة على دبلوماسيين وعسكريين أمريكيين في العراق. وكدأب الباحث دائمًا فقد نظّم استطلاعًا طلب فيه ذكر ثلاث صفات إيجابية وثلاث صفات سلبية تعتقد أنها موجودة في شخصية سليماني. وقد شارك في الإجابة 351 شخصًا بينهم أكاديميون ومثقفون وإعلاميون. ونتيجة لهذا الاستطلاع فقد بلغت الصفات الإيجابية في شخصية قاسم سليماني %64 وهي الشجاعة، الذكاء، الإخلاص للمُعتقد، التضحية للوطن، التواضع، الدهاء، الكياسة، الكتمان، الإقدام، الثبات الانفعالي، التحكّم بالسلوك، دماثة الخلق، الطموح، الحنكة؛ أي بواقع 14 صفة إيجابية. أمّا الصفات السلبية فقد بلغت %34 وهي الطائفية، العنصرية، العدوان، الغرور، الانصياع لسلطة الفقيه، الثقة الزائدة بالنفس، جبروت القوة، الميكيافيلية، المغامرة، والتهور؛ أي بواقع 10 صفات سلبية.
أمّا تعريف الشخصية فيعني (السلوك والأفكار والانفعالات التي يتميز بها الفرد عن الآخرين). وعلى وفق هذا التعريف فإنّ شخصية سليماني كارزمية؛ أي تستشف فيها دوافع السلطة من كاريزما القائد وليس من السلطة القانونية أو سلطة القيم والتقاليد. ويرى الباحث بأنّ الشخصية الكارزمية يجب أن تتمتع بصفات مميزة في كل مكوّن من مكونات الشخصية الثلاثة (السلوك والأفكار والانفعالات) وأنّ سليماني قد أحرز درجات عالية في مكونيّ السلوك والأفكار لكنه حصل على درجة منخفضة على مكوّن الانفعالات. ورغم صفات الشجاعة والذكاء الميداني والتواضع إلّا أنّ ما يعوزه هو القدرة على التواصل اللفظي. وهو من وجهة نظر إيرانية بطل قومي ورمز وطني و "أسطورة". فقد شغل منصب قائد فيلق القدس. وكان يُدير أمور الحكم في سوريا ولم يكن بشّار الأسد سوى مدير بلدية عنده بحسب وصف مجلة (وول ستريت). أمّا من وجهة نظر أمريكية فهو قاتل ومجرم وإرهابي يشكّل خطرًا على مصالح وإستراتيجيات أمريكا والشرق الأوسط وهو أشدُّ خطرًا من ابن لادن وأبو بكر البغدادي لأن وراءه أكبر دولة في المنطقة. أما على الصعيد العراقي فالبعض يرى أنه مسؤول عن قتل 600 متظاهر وجرح الآلاف. وهذا يعني أنه شخصية جدلية وكارزمية يقرُّ بها المحبون والكارهون. ويدين الباحث أي جريمة تقع مسؤوليتها عليه، ويستنكر جريمة إغتياله من قبل القوات الأمريكية.
***
عدنان حسين أحمد (لندن)