قراءة في كتاب

شمس الدين العوني: "همسات قلب مُنتشٍ" ديوان شعري للشاعرة ايمان داوود

الذهاب في درب الشعر بما هو حنين العناصر والأمكنة والكائنات بحثا عن جمال الكلمات والصور والأصوات..

تمضي الكلمات في دروبها حيث الكائنات مفعمة بالنشيد والأحلام والذكرا.. هي فسحة القلب في أكوان تتلاطم أمواج أحاسيسها وتفاصيلها المكللة بالذكرى وبالغناء الطالع كزهرات في بستان منسي لم تعهده سوى الفراشات وهي المغمورة بالجمال في رياح ناعمة تصنع الهبوب والألق والبهاء...

هي كلمات الذات في سفرها وغدوها ورواحها وفي عناصر بهجتها نحتا للقيمة وتأصيلا للكيان.. وبين الكلمات الطافحة بالحنين والأصوات المسكونة بالشجن والجمال والصور المشيرة الى المعاني.. يبرز الالمكان بتعدد ألوانه من البحر الى الاخضرار الى الأنهار الى الحدائق.. الى كل ما هو باعث على السحر الدفين والهدوء..

ثمة أمنيات ونشيد وحروف ترقص وهي تشكل الكلمات والمعاني في مياه الشعر العذبة والجهات في هذه الأرض التي تسعد بجمال الكلمات والذكرى والحب والحنين والأمل المبثوث والطالع من أنفاس أطفال لا يرتجي غير أحوال الرفعة والبهاء لأجل سكينة وهذوء العناصر والأشياء..

من هنا كانت في ذهابها في أرض الكلمات والشعر والغناء بكثير من شؤون وشجون الذات.. كل ذلك وفق عنوان لافت هو الكائن في سفره الناعم باسم الحنين.. كم يقتل الحنين كائنه مثلما تفعل تلك الخيوط بالكمان ليولد اللحن الشجي والنغمات الدافئة.. انها موسيقى الأرجاء على ايقاع الجمال في الجهات والأمكنة والأحوال..

بدأت علاقتها بالشعر وبالكتابة منذ طفولة حالمة ديدنها الذهاب تجاه عوالم لا تقول بغير الحلم والنوستالجيا مجالا للعناق الشعري بكلمات وصور وأصوات هي من جوهر ذاتها المبحرة والموغلة في فتنة الكلام كما ترى هي ذلك وتقوله وتحلم من خلاله ببلوغ مراتب القول والفن والابداع.. وهي المفعمة بدهشة العوالم والرغبات الموزعة بين الكتابة والقراءة والحنين والصوت وهو يقرأ المشاهد والصور.. كون من رغبات شتى نحو الآفاق وتجليات الطفولة الكامنة في الكينونة..

هكذا هي الشاعرة والمترجمة والصوت الاذاعي المميز الكاتبة ايمان داوود.. في نشيدها المفتوح على العلم وجواهره المتصلة بالابداع والبهجة والحنين.. هي الآن تعد لديوانها الشعري الجديد باللغة الفرنسية  بعنوان " همسات قلب مُنتشٍ" وفيه عدد من القصائد المعبرة عن ذات الشاعرة وهي ترى العالم وكائناته وأمكنته بعين القلب لا بعين الوجه عنوانها الحنين ودافعها الحلم هكذا هي تكتب تتقصد القصائد يهزها النشيد مثل فراشات من ذهب الأزمنة.

ديوان بعنوان معبر والنصوص بها شفافية الذات في تفاصيلها قولا بالسير نحو الشعر هذا الاخذ بناصية الأشياء والعناصر.. احساسا ووجدا وسفرا في دروب الكينونة..

نشرت بعدد من الفضاءات والمواقع نصوصها باللغتين العربية والفرنسية ولها مبادرات متعددة في ترجمة النصوص الأدبية وتسعى لأان تشارك في فعاليات ومهرجانات وطتيه ودولية للابداع الأدبي وللثقافه والشعر وفي هذا الجانب من تجربتها تقول الشاعرة والمترجمة ايمان داوود ".. أرغب في ان اترجم اكثر من اثر الي الفرنسيه او العكس

و ان اجد حظي ومكاني المستحق في الساحة الثقافيه وفي الاعلام كشاعرة وكاتبة ومترجمة تونسية على الصعيد الوطني والعربي والعالمي.. صفاقس هي مدينتي ومسقط راسي..  وقد كانت لي رغبة جامحة للذهاب في عالم الأدب وكانت العائلة حاضنة هذه الموهبة في بداياتها وشجعتني للمضي في الكتابة التي تطورت ضمن بنامج اذاعي قدمته وفيه قراءات شعرية بصوتي وتواصلت تجربتي في الكتابة حيث الشعر بالنسبة لي عالم رحب وجميل لاكتشاف الذات وعشقي للموسيقى قديم بين الأغنيات العربية القديمة والحديثة والموسيقى الغربية.. الأدب مجال مفتوح على الحلم والدهشة.. قرأت للعديد من الأدباء واستوقفني اعجابا عدد غير هين منهم وأذكر الشاعر الشابي وجعفر ماجد ونجيب محفوظ...و غيرهم.. ديواني هذا الذي هو بصدد الاعداد باكورة كلماتي بين الحلم والحنين في حياة الانسان وهو يعانق جمال الأشياء والأمكنة والعناصر وأتمنى النجاح ضمن تجربتي حيث الشعر عالم يأسرني بجماله وفداحة حلمه وحنينه الجارف...".

هكذا هي الشاعرة ايمان داوود أستاذة اللغة الفرنسية والمترجمة والاذاعية تمضي في دروب الشعر والكلام والأدب وفي قلبها شغف لا يضاهى بسحر المعاني والكلمات ويمثل ديوانها الشعري هذا " همسات قلب مُنتشٍ" مجالا ضمن محطة من مسيرتها الشعرية فيه النظر والتأمل والقول بالشعر حالة وجد وحنين وحلم في عالم متغير ومربك.

***

شمس الدين العوني

في المثقف اليوم