قراءات نقدية
علوان السلمان: (النص الشذري) واستنطاق اللحظات الشعورية

الكتابة الشذرية.. أسلوب النبذة..
كما يقول نيتشه
***
نص شذري
يحيى السماوي
نهركِ الذي شربتُهُ
قُبلةً قُبلة
ذَرَفتُهُ
دمعةً دمعة
....................
النص الشذري الذي هو آخر المحاولات التجريبية الشعرية.. الكاشفة عن تأملات ماورائية للوجود الانساني تحققها صوردلالية قائمة على الانزياح الكلمي والإيحاء والترميز والإدهاش والعصف الذهني والتكثيف والايجاز الجملي والتبئير والتركــيز والابتــعاد عن الاستــطراد الوصفي وتفادي الكتابة النسقية..
هذا النوع من الكتابة له وجوده في التراث العربي، لاسيما في المنتج الصوفي والعرفاني.. الذي يقوم على شعرية الانفصال ويتكئ على بلاغة التشظي التي تشكل بمجموعها شاعرية تأملية وجدانية تعتمد لغة يومية ومفردات موحية بعيدة عن التقعر والضبابية.. مع خيال ممزوج بواقعية تسمو بانزياحات لغوية وفواصل تتارجح ما بين الصمت والنطق..
وبالوقوف على عوالم النص الشذري الذي نسجته انامل منتجة الشاعر يحيى السماوي..
نهركِ الذي شربتُهُ
قُبلةً.. قُبلة
ذَرَفتُهُ
دمعةً.. دمعة
نجد انه نص يكشف عن ذهنية متفتحة ورؤية باصرة لوعي الفكرة وتحقيق اضاءتها.. القائمة على مقاطع تأملية.. وانطباعات عقلية ونفسية مستقلة بنفسها على المستوى البصري.. والمتكاملة دلاليا وتركيبيا وتداوليا.. .فضلا عن قيامه على اسلوب التكرار الدال على التوكيد والنمطية الصورية والدلالة النفسية التي من خلالها يفرغ الشاعر المنتج مشاعره ليعيد التوازن ويكشف عن ايقاع داخلي مؤكد للحالة النفسية والانفعالية للذات المنتجة.. فكان لهذا التحول أثره الفاعل في انفتاح النص على المستوى الجمالي والفني والاسلوبي.. اضافة الى الصراعات الضدية (شربته /ذرفته..) التي اضفت على النص نموا متصاعدا بصوره القائمة على الانزياح، والمفارقة والإيحاء، والترميز والإدهاش، والعصف الذهني.
من كل هذا الايجاز نستخلص ان الشذرة التي عانقت الوانا تشكيلة حققتها ريشة منتجها الفنان التشكيلي حيدر عباس عبادي وهي تمارس فعلها وتفاعلها والعوالم النصية بحركية إيقاعية قوامها: الدينامية التي تبدو أنها ضد النسقية، وضد النظام النصي بتجاوزها المالوف من القول.. مع محاولة منتجها استنطاق اللحظات الشعورية عبر نسق لغوي ـ تشكيلي قادر على توليد المعاني.. مع اعتماد الرمز النصي المكثف.. الذي يسمو بالنص وينقله الى عوالم ابداعية محركة للذاكرة وكاشفة عن خزينها المعرفي.. كونه يمتلك قدرة تعبيرية مختزلة لتراكيبها الجملية.. خارجا عن المالوف والقوالب الجاهزة.. بتخلقه من ذاته وعلى ذاته في حركة بؤرية مكثفة.. نامية.. متجددة.. ..
***
علوان السلمان