ترجمات أدبية

مارك هاليداي: اوراق اعتماد

بقلم: مارك هاليداي

ترجمة: عادل صالح الزبيدي

***

اوراق اعتماد

لم يفقد طفلا قط. لم يفقد طفلا ولا حتى اوشك ان.

كيف يمكن له ان يتكلم عن الفقدان؟

لم يُغتصب قط. ولا حتى اوشك ان.

كيف يمكن له ان يتوقع ان نصغي له؟

لم يدمه ابوه ضربا قط او اي شخص آخر.

لم يشاهد قط قريبا او صديقا يموت معذبا

ولا حتى موتا هادئا، حتى الآن.

(فيما عدا امه قبل زمن طويل وببطء شديد.)

كيف يمكن له ان يدعي؟ لماذا عليه ان ينهض ويتحدث عن المعاناة وعن الحزن؟

لم ير قط اي شخص يرمى برصاصة او يطعن في الحياة الواقعية.

لم يهاجمه احد من الخلف قط ولا حتى اوشك ان.

(المرة الوحيدة التي سطوا على منزله،

كانت حادثة صغيرة وسخيفة على طريقة

التلطيخ بالطماطم التافهة لجنوب فيلادلفيا.)

لم يقفز قط من منزل محترق.

هل نجى يوما من اعصار، او زلزال، او فيضان؟ كلا مطلقا.

وهو بكل تأكيد لم يجثم في حفرة لعينة وسط الأدغال بينما يرش

رصاص الكلاشنكوف اللعين الوحل على خوذته اللعينة.

كيف يعتقد ان بإمكانه الحديث عن الخوف؟

لم تعذبه شرطة براغواي قط

ولا حتى اعتقل في تركيا.

لم يقض قط ليلة واحد في السجن.

انه عمليا لم يعتد على الألم الشديد

(كانت الاستثناءات قليلة) وكذلك الخطر الرهيب.

لم يجرب قط الهروين ولا حتى الكوكائين.

لم يقطع وريده قط ولا حتى فكر بذلك.

الى حد ما فالرجل بالكاد عاش!

ومع ذلك فهو يسترعي اهتمامنا حين يكون بإمكاننا

ان نصغي الى اولئك الذين عانوا حقا.

أ يعتقد ان الجميع يمتلكون الحقيقة الجادة؟

هل يعرف ما التواضع؟

أ يعتقد ان لا شيء يهم سوى "اللغة"؟

أ يعتبر الاستعارة غرفة ملابس لتكسوا التفاهة حلة جميلة؟

أ لا يرى

ان ليس بإمكاننا الاصغاء لأي قصة حزينة

حتى لو اردنا ذلك؟

***

..................

مارك هاليداي: شاعر وناقد واستاذ ادب اميركي من مواليد عام 1949. تلقى تعليمه في جامعتي براون وبرانديز وعمل بالتدريس في عدة جامعات. من عناوين مجموعاته الشعرية: "نجم صغير" 1987؛ "احتفظ بهذا الى الأبد" 2008؛ و"الخاسرون يواصلون الحلم" 2018.

في نصوص اليوم