ترجمات أدبية
كيفن بروفر: قبور

بقلم: كيفن بروفر
ترجمة: عادل صالح الزبيدي
***
قبور
في عام العناية الإلهية، في عام الخضرة الواسعة، في الموسم المطير،
حين مزقت الجداول سفح الجبل وأغرقت الحقول،
حين حفرت الأمطار فجوات مظلمة في التل خلف الكنيسة
فبرزت العظام في المكان الذي كان قبورا من قبل—
في أيام الفوضى، في أيام اللخبطة والذكاء، في بعثرة العظام،
شظايا وخرق التوابيت حيث كنا نبحث
بين الجثث المتحللة في ضباب العصر—تلك الكنوز التي اكتشفناها،
عملات معدنية عليها وجوه لا أحد يعرفها، صليب يشع ذهبيا بضوء الشمس،
خاتم ودبوس زينة. كنا أطفالا ومتوحشين، نستمتع باللعب في الروث والوحل
الى ان يلوح القس العجوز ببندقيته في الهواء علينا فنتفرق ضاحكين.
ثم يخيم صمت ونحن نختبئ بين جذور النباتات وعظام الموتى من زمن سحيق.
لم اشعر بسعادة كتلك قط.
*
كتبت هذه الأبيات قبل ثلاث سنوات، متخيلا تحللا لن اشهده ابدا،
على الرغم من انكم ربما عايشتم شيئا مثله في المكان الذي أنتم فيه،
مئات من الأعوام من الآن، حين أكون قد لفني النسيان.
في تكرار ذلك الحدث، ستلوح عظامي بارزة من الوحل
خلف حطام مقبرة الكنيسة في مخيلتي. وأنتم الذين لن اعرفكم ابدا،
ستفتشون فرحين عن عملات معدنية بينها. كنت أفكر في هذه القصيدة
في متجر البقالة، جنب اللحوم المبردة، كنت أفكر في مستقبلي البعيد،
وفيكم أنتم الذين تعيشون في ذلك المستقبل، حين يسقط رجل عجوز فجأة على الأرض.
كان ممددا هناك جنب مرطبان مايونيز مهشم. حين علمت انه لم يتأذ،
اخذته الى الحمام، حيث نظفت قميصه بتلك المناديل الورقية البنية التي توجد في لفائف لا نهاية لها.
كان يتعرق. تفوح منه رائحة النبيذ. اعطاني خمس دولارات مقابل عنائي.
لم أكن اريد نقوده، لكنني اخذتها لأجعله سعيدا فحسب.
***
......................
كيفن بروفر: شاعر أميركي من مواليد كليفلاند بولاية اوهايو لعام 1969. تلقى تعليمه في عدد من الجامعات ويعمل حاليا أستاذا للكتابة الإبداعية في جامعة هيوستن ومحررا لعدد من الدوريات. نشر العديد من المجموعات الشعرية نال اغلبها او رشح لجوائز مرموقة. من عناوين مجموعاته الشعرية: "الغابة الغريبة" 1998؛ "عظم الاصبع" 2002؛ "النشيد الوطني" 2008؛ "الكنائس" 2014؛ "كيف أحـبَّهم" 2018؛ و"المخاوف" 2023. يقول الشاعر عن قصيدته هذه ما يأتي:
"تهمني طريقة انتقال القصائد عبر الزمن. بدأت برؤيا عن المستقبل الذي يتخيله المتكلم في القصيدة، والذي لا يكشف عن نفسه الا بعد سنين بوصفه مبتدع تلك الرؤيا. ولكنني اتساءل، لمن يقدم هذه الرؤيا المستقبلية؟ على اية حال، انه يقيم في قبرين: أحدهما في مقبرة كنيسة المستقبل في مخيلته والآخر قسم اللحوم المبردة في المتجر، الذي هو كما يتخيله مقبرة من نوع ما. في كلتا الحالتين، تعرض النقود مقابل الاهتمام بالموتى او بمن سيموتون قريبا."