أقلام ثقافية

جاسم الخالدي: القلب الذي يسكنه وجهكِ

منذ أن قال الطبيبُ إن قلبي يحتاجُ إلى معاينةٍ عاجلة، ارتجفَ في صدري خوفٌ لا اسمَ له، ربما لأنني أخافُ عليهِ… على القلبِ الذي يسكنُهُ وجهُكِ> منذ لقائنا الأول، ذلك اللقاء الذي كسرنا فيه أعرافَ القبيلة، ومضينا — كطفلين — نحو البعيد، حيث لا يُسمَعُ إلا خفقُ الريحِ ونبضُ خطانا. أتذكّرين؟

حين رآكِ أحدهم تجلسينَ إلى جواري، لم تهتزّي، لم تُخفِي ابتسامتك، بل قلتِ لهُ بهدوءٍ جميل: تفضّل، المكانُ يتّسعُ لنا جميعًا. كأنكِ تُعلّمينَ العالمَ معنى الحرية. قلتُ لكِ يومها: من أينَ لكِ كلُّ هذا النور؟ كلُّ هذا الاتزان في وجهِ العاصفة؟ فأجبتِني: وهل فعلتُ ما يدعو إلى الخوف؟ ومنذ تلك اللحظة، صار قلبي — يا حبيبتي — يخافُ عليكِ أكثرَ ممّا يخافُ على نفسه، يخافُ من صمتكِ إذا طال، ومن حضوركِ إذا اقترب، ومن كلمةٍ تخرجُ منكِ فتُعيدُ إلى الدمِ اضطرابَهُ الأول.

*

إنه القلبُ الذي لا يشفى، لأنكِ فيهِ — نبضًا لا يخضعُ لمعاينةٍ، وحبًّا لا يُكتبُ لهُ علاج.

***

د. جاسم الخالدي

في المثقف اليوم