أقلام ثقافية

محسن الأكرمين: حيرتي الحياة!!

حيرتني الحياة بحدود ارتباك الملل ونحن نعيشها منفصلة عن حقيقة التفكير في علة وجودية الحياة بذاتها المتغيرة، فالخروج من الفردوس الرحب قد يكون أصعب من الدخول إلى جنة خلد الراحة.

حيرتني كل النهايات السعيدة، والتي تتقلد براعة في قصص الخيال حين لم تنته بعد بالحقيقة، ولن تنتهي بمساءلة الواقع. حيرني تفكير العدو المفترض/ الغائب في الزمن والمكان والذي يعرف رؤى المستقبل باستراق من سمع الذكاء الاصطناعي، ويصبح لا يخسر معركة الحاضر مهما كانت حدتها ومدتها!!

حيرني تفكير الإنسان الفطري والذي ينطلق من النهاية ليفكر في البدايات والتي باتت من الماضي السحيق، إنه بحق يشابه لعبة سقوط الحوت في مياه البحر اللَّجِّ.

حيرني القوم حين يقولون: امض بثقة نحو أحلامك!! لكن أحلام الكوابيس تُكسر العظام الهشة، وتشتت الاتجاهات وكل علامات التشوير نحو جودة الحياة والسعادة.

حيرتني دموعي حين تتهاوى على الأرض بلا ألم، وتسقي أشواك الماضي التي تستيقظ من غفوتها بالأنياب المفترسة، فتزيد دمعاتي بالفيض وبكاء قنابل الاستمطار.

حيرتني الأفراح البهية، والمصطنعة بابتسامات سمجة رقيقة، وقد باتت لا تفرحني وهي تحمل (ماكياجات) التردي والتفاهة والبذخ والترف، بل أضحت تضايقني وتقض مضجعي، فهل بات تفكري يثقلني بملازمة وجعي الداخلي.

حيرتني ضائقة نفسي وألمها المسترجع بتعداد الذكريات، والتي بات تلازمني من شدة فرطي ونكسي من أن الحياة تعيسة، ولا تستوجب المغامرة بالسباحة ضد التيار.

حيرتني تلك القضايا التي تزعجني بالفتنة وبالتصنع، وأنا أداوم مشاهدتها بالتأمل وحتى بالنقد الفاضح، وكأني كدت أمارس لعبة ببغاء قرصان بحري يردد (آمين) وهو ينعش ذاكرة فرط القسوة.

حيرتني آلامي حين أستكين إلى سماعها وهي تغرد لغة البؤس والتردي بين ماض وحاضر ومستقبل، وألازم مداواتها بمسكنات لحظية فتخبو وتنام بالشدة، ثم تستيقظ لتنغيص ما بقي من يومي وحياتي.

حيرتني الشعور بالبكاء والوجع، وأنا أمام لحظات من المتعة والسعادة، فأدفن رأسي بالغرس الرمزي في التراب لأستعيد ملمحي الأول وبلا غبار ردم من عنق النعامة!!

حيرتني حياتي كليا حين أصير يوما مكبلا وكسيح الحركة، وبلا أجنحة وافدة للفرار من سجنها الطوعي المفتوح الأبواب وبلا حراس أمن، لكني أفشل حين أقاوم اليأس بالقتل السلبي، حينها أنتفض عن واقع يسيطر على مشاعري واحتياجاتي بالهرب نحو ذاك المستقبل وما يخفيه من مطبات.

***

محسن الأكرمين

في المثقف اليوم