أقلام حرة

صادق السامرائي: أين الشعر؟!!

الباعث لهذا المقال أن أحد النخب المعروفة في الوسط الثقافي صرح بمنشور في وسائل التواصل الإجتماعي بكلمات ينسف فيها وجود شعر، فما ينشر لا يقترب من الشعر ولا ينتسب إليه، فالشعر إبن جيله وحسب!!

لكنه لم يوضح ويحدد ما يقصده بالشعر، وكيف يُعرّفه ويريده، وما هو الشعر الذي يعترف به؟!

مثل هذه التصريحات تتكرر من بعض النخب الثقافية التي تنظر بإستعلاء إلى المرحلة وتجردها من الإبداع، وتحسبها خالية مما يستحق القراءة والنظر.

لست بصدد الرد على الطروحات المحبطة، المعبرة عن إضطرابات عضيلة في الشخصية وتمثل ضيق أفق وإضمحلال في الوعي والإدراك المعرفي، وربما تشير إلى بدايات مرضية لدى البعض الذي ما عاد يتمثل ما يطرح ويقول، ويتوهم بأنه حالة متصورة متصومعة وهي لا وجود لها ولا قيمة ولا أثر.

فالرموز الثقافية التي كانت مهمة تنسف وجودها وتسحق نفسها، وتصنع صورة سلبية عنها تطيح بإنجازاتها السابقة التي كانت مؤثرة في الوسط الثقافي.

بينما المطلوب التشجيع والإحتضان والتوجيه والتعليم والتدريب، والتثقيف على بناء القدرات اللازمة لصناعة ما ينفع الأجيال ولديها مجالسها التنويرية.

ورسم صور منورة للواقع الثقافي، فالشائع في مجتمعات الدنيا، أن رموزها تتحول إلى منابر إرشادية لرعاية وتأهيل الأجيال الصاعدة، فتضخها بخبراتها ومهاراتها الإبداعية، لكي تتمكن من حمل الرسالة والإتيان بالرائع الجديد.

وتراهم يتفاخرون بتعليم الآخرين، ويقيمون المجالس الثقافية ويشاركون في الندوات والمحاضرات التي تحث على الجد والإجتهاد وإبداع ما يليق بالزمن المعاصر.

أكثر نخب الأمم يصبحون مشاعل تضيئ دروب الأجيال وتتبناها، وفي ربوعنا يتحولون إلى عثرات ومصدات لتعويق القدرات، ويتفاخرون بإطفاء الشموع وإخماد أنوار العقول الإبداعية، بتصريحاتهم الإحباطية عن أجيال تريد قدوات تأخذ بأيديها إلى مسارات إبداعية صاعدة.

فهل توجد قدوات معرفية حسنة ومؤثرة في مجتمعاتنا؟

و"عظ الناس بفعلك ولا تعظهم بقولك"

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم