أقلام حرة

رنا فخري جاسم: مناهضة السامية في إقليم الاندلس

إرتبط الشعور بالعداء ضد السامية على طول العصور الوسطى في أماكن متعددة فيها أحداث وسلسلة من الاضطهاد للجاليات اليهودية، وكان في هذا العصر إصطلاح يهودي وهو مرادف لمرابي، عدو المسيح وعدو دينه.

توجد جذور لهذا الشعور المعادي للسامية ولإسباب متعددة منها إقتصادية ودينية ويتهم اليهود بالتعامل بالربا ومن جانب آخر بأنه شعب قاتل يعني قاتل الله يشخص المسيح. فضلا عن الاتهامات السابقة، كانت هناك أخطر منها: واحدة منها إرتكاب جرائم حسب طقوسهم الدينية فقد قيل أن اليهود إختطفوا طفلا مسيحيا يوم عيد الجمعة المقدسة ليذبحوه صلبا بعد إستخراج قلبه بهدف إحياء ذكرى عذاب المسيح، هذا هو إتهام توصلت إليه محاكم التفتيش الاسبانية قبل طرد اليهود، فضلا عن إتهامهم دائما الحرمات المقدسة مع إستخدام الرشوة وإكراه المسيحيين.

إزداد الكره تجاه اليهود في كل أراضي شبه جزيرة ايبيريا خلال القرن الرابع عشر ليصيح تيارا عاما تقوده الكنيسة وبشكل خاص الدومنيك والفرانسيسكوس تبعهم النبلاء وكل الشعب كذلك إستمر في القرن الخامس عشر وبشكل خاص النصف الثاني منه لأنه كان حقبة أزمة إقتصادية وإجتماعية كانت ملامحه أكثر وضوحا للحروب التي أتلفت المحاصيل والطاعون الاسود الذي أدى إلى زيادة الاسعار.

وعقد في سنة 1311 المجمع الكنسي في المدينة الفرنسية فيينا (التي كانت جزءا من الامبراطورية الفرنسية وهي اليوم عاصمة النمسا) وقد أتخذوا وسائل ضد اليهود أعتمدت بعد سنتين من قبل مجمع الاساقفة الاسبان في سرقسطة، وأمر المجمع الكنسي الفرنسي بعدم تعيين اليهود في المناصب العامة والسياسية ومنعوا من إستخدام الربا. كذلك طلب منهم بإن يحملوا إشارة متميزة فوق ملابسهم والسكن في بيوت منعزلة، إحترام احتفالات المسيحيين ودفع العشر من مواردهم الى الكنيسة.

كانت اولى الفتن والاضطهادات ضد اليهود هي التي حدثت في النصف الاول من القرن الرابع عشر في كل أراضي شبه جزيرة إيبيريا كذلك في كل أوروبا كانت هناك ثورات ضد الجالية اليهودية .في أشبيلية هاجموا الحي اليهودي لاول مرة قريبا من هذه التواريخ متهمين سكانه بإنتهاكهم المقدسات المسيحية، بعد عدة سنوات وفي سنة 1355 هاجم المسيحيون والمسلمون في طليطلة وقونكة الاحياء اليهودية من جديد خلال الحرب الاهلية بين بطرس الاول القاسي وأنريكه الثاني في قشتاله.

كانت تعامل محاكم التفتيش دائما في أراغون وكتالونيا ضد اليهود على الرغم من الحماية التي قدمت إليهم من ملوك هذه الاقاليم. وفي القرن الخامس عشر تم طرد كثير من اليهود إلى فرنسا وفيها إستقروا ونشروا في هذه الاراضي بيئة من العداء المرعب مع مضايقة البلد الجار. كانت أخطر الاضطرابات والمضايقات في سنة 1368 بخيرونة وفي سنة 1370 بمايوركا وبرشلونة. ولكن الاكثر مأساوية وبدون شك كان في كل القرن الرابع عشر لإضطهاد اليهود وبالذات في سنة 1391 كذلك في سنة 1378 عندما بدأ رئيس الشماسين فيرارد مارتينث بالوعظ ضد اليهود بإشبيلية الذي قام بغلق حيهم ومنع المسيحيين من التعامل معهم، وبعد سنتين أصبح رئيس الشماسين رئيس الاساقفة في إشبيلية إستمر بالوعظ ضد اليهود خصوصا في خطبة أيام الاحد والتي أضرمت نار الكره الشعبي حيث لم يبق بيت في الحي اليهودي إلا وتم هدمه بشكل كلي. ومن إشبيلية إنتشرت الاضطرابات إلى إقليم الاندلس وشرق إسبانيا حتى وصلت في النهاية إلى قشتالة.

نشر بين هذين التاريخين (1412-1415) في بلد الوليد وبناء على رغبة الرهب بيثنته فرير قانون بإقصاء اليهود بالقوة سمي بقانون بلد الوليد والذي أضر بشكل كبير بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية لليهود، لم يكن محتوى القانون جديدا بل أستخدم كثيرا من الوسائل السابقة إلا إن إسلوبه في تحقيق هدفه لم يتمكن من إبعاد اليهود من أراضي شبه جزيرة إيبريا.

***

رنا فخري جاسم

كلية اللغات/ جامعة بغداد

 

في المثقف اليوم