أقلام حرة

صادق السامرائي: طاقة الانقراض!!

إنقرض القوم: ذهبوا ولم يبقَ منهم أحد، وإنقرض الشيء: إنقطع.

الموجودات الحية والجامدة تنقرض لأسباب كامنة فيها، ولوجود عوامل تعرية وإمحاق فاعلة في أغوارها، ويُقال أن من نظريات إنقراض الديناصورات أنها أوجدت نوعا منها يأكل اللحم، وما يعيقه عن الصيد محدودية سرعته، فما وجد طعاما أسهل من أبناء نوعه، فمضت مسيرة الإتلاف الذاتي، حتى لم تجد الديناصورات الآكلة للحوم ما تأكله فمضت بأكل بعضها البعض حتى إختفت، وتجدنا نحتفل بإكتشاف ما تبقى من هياكلها العظمية.

الأسماك تأكل بعضها، لكنها تنتصر على إنقراضها بالتكاثر المليوني لأنواعها، فكثرتها تفيض عن حاجات أكليها، والمخلوقات الأخرى تتحدى الإنقراض بالتكاثر السريع، كالفئران والأرانب والجرذان وغيرها من الحيوانات اللبونة.

وفي دنيا البشر هناك عوامل شرسة ذات قدرات إنقراضية عالية، لا تتصل بالنوع فقط وإنما بإنجازاته التي نسميها حضارية، وهي على إتصال متين بالقوة والإقتدار الذي يوفر الأمن والبيئة المساعدة على تفاعل العناصر المتواجدة فيها، وهذا التفاعل يتسبب بولادة ما يعوقه ويتسبب في إنهياره الذي عادة ما يكون سريعا ومفاجئا، كأنه سقوط من علو شاهق.

ويسري على البشر قانون " ما طار طير وارتفع...إلا كما طار وقع"، وتلك سنة الحياة فوق التراب، التي تتصارع فيها المخلوقات من أجل الإنقراض والبقاء.

لا دائم بل مؤقت وما مصاب بالغثيان الإدراكي بفعل كوكبنا الدوّار، الذي تتغير فيه الموجودات من حال إلى حال، وتلك إرادة الدوران، وقوانين التغيير والإندثار، فالحروب تلد حروبا، والشر خيرا، وللأرض حكمتها وسلطتها على ما تحمله على ظهرها.

الدوام بعيد، ولكل حالة حين، ولكل بداية نهاية، ولهيب الصخب والأجيج يخمد رغم توفر السجير، فالنار تتعب من أكل حطبها، ويصيبها الإعياء والذبول.

فهل أدرك الإنسان ما يرى؟

تسيّرُنا ولا ندري سواها

أعاجيبٌ كما ظهرت نراها

عقولٌ دون واعيةٍ لكنهٍ

بأرضٍ قد تصارعنا قِواها

جهولٌ كلّ مخلوقٍ بطينٍ

يُبادلها مَحاسنَ مُرتقاها

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم