أقلام حرة

نايف عبوش: ظاهرة التملق الاجتماعي.. تبريرات واهية وتداعيات سلبية

لابد من القول، بادئ ذي بدء، بأن ظاهرة التملق الاجتماعي هي سلوك إنساني سيء ومتدن، يشيع غالباً في المجتمعات المتخلفة، ويمكن أن تكون له تداعيات سلبية سيئة، على الأفراد والمجتمعات.

في حين نجد ان ثقافة الصدق والصراحة، تشجع الأفراد على التعبير عن أنفسهم بصدق، وبدون خوف، او تملق او مسايرة، ومن ثم فهي بهذا النهج السليم، تعمل على بناء انسان صادق، أكثر ثقة بنفسه، في سلوكه، واقواله، وتصرفاته الاجتماعية، وبالتالي، فانها تصنع مجتمعا رصينا، خاليا من الزيف، والتبجح.

 ويظهر التملق الإجتماعي بما هو سلوك إنساني متدني، ومقرف، على السطح عادة، عندما يسعى الأفراد المتملقون إلى كسب رضا الآخرين، من ذوي الجاه، والمكانة الرفيعة، والإمكانات المالية، وذلك من خلال التعبير عن آراء زائفة، أو مشاعر متلونة، وغير صادقة.

وتاخذ ظاهرة التملق الشائعة في العديد من مجتمعات اليوم، أشكالًا متعددة، بدءا من التملق اللفظي، مرورا بالمحاباة، والمسايرة، والسلوكيات الاجتماعية المصطنعة، وغيرها من السلوكيات الهابطة.

ولعل من بين اهم أسباب ظاهرة التملق الاجتماعي، ضعف الوازع الأخلاقي، والديني، وعقدة الشعور بالدونية تجاه الآخر، عند البعض من ضعاف النفوس، الأمر الذي يدفع بالمتملق للتقرب من الآخر، في مسعى رخيص منه لكسب الود، طمعا في الحصول على مكاسب مادية رخيصة، او لغرض الحصول على قبول اجتماعي في محيطه، مما يدفعه إلى التملق للآخرين.

كما يمكن الإشارة إلى المتملق يخشى الرفض، أو الانتقاد في مواجهة الآخر، مما يجعله يلجأ إلى التملق تجنب للمواجهة، والاستقلال بالرأي والقرار بعيداً عن أي تاثيرات للآخر.

على ان السعي وراء المكاسب المادية أو الاجتماعية المتواضعة، قد تغري ضعاف النفوس، وتدفع البعض منهم، للسعي المحموم إلى التملق، بغية الحصول على مكاسب مادية أو ميزات اجتماعية، مثل الحصول على وظيفة، او وعد بترقية في العمل، أو كسب صداقة شخصية مؤثرة تطلعا للتبجح وحب الظهور.

ولا ريب أن ضعف الثقة بالنفس، وشعور البعض بالدونية، قد يدفع المتملق، الى ممارسة سلوك انتهازي منبوذ، إرضاء للآخرين، تعزيزا لثقته المتواضعة بنفسه.

على تداعيات ظاهرة التملق الاجتماعي لابد لها أن تنعكس سلبا على الفرد والمجتمع في نفس الوقت، فقد يؤدي التملق إلى فقدان الثقة بين الأفراد والمجتمعات، حيث تختلط عندهم الامور، وتضيع بينهم المقاييس، بتفشي الظاهرة، ومن ثم يصبح من الصعب عليهم عندئذ، التمييز بين الإنسان الصادق، والمزيف.

ويمكن أن يؤدي التملق أيضا إلى علاقات اجتماعية غير صحية، حيث يصبح الأفراد أكثر انشغالًا بكسب ود الآخرين وارضائهم، بدلا من السعي المطلوب، لبناء علاقات ودية، حقيقية وصادقة.

وبالاضافة إلى ما تقدم من تداعيات، وافرازات سلبية، فان التملق قد يؤدي إلى خلق ضغط نفسي على الإنسان المتملق، بحيث يعيش حياته بقلق، طالما اقتصر دوره على لعب دور الممثل، الذي يمارس أدوارًا غير حقيقية، ليصبح (لوگي) كما يوصف شعبيا.

 وهكذا يتسبب التملق في فقدان استقلال الهوية الشخصية للفرد المتملق، بعد أن يصبح إمعة بيد اسياده الآخرين، ليظل عاجزا عن التعبير عن آرائه، ومشاعره الحقيقية، بصدق وشفافية.

***

نايف عبوش

في المثقف اليوم