أقلام حرة

شيماء هماوندي: عندما تُقطع الأشجار.. أين تذهب الطيور؟!

رؤية فلسفية للعلاقة بين الإنسان والبيئة

في عصرنا الحالي، أصبحت قضية البيئة قضية عالمية، وضرورة الحفاظ عليها، أحد أبرز القضايا التي تواجه الإنسانية بأجمعها، فالتلوث البيئي العالمي، والتغير المناخي، وفقدان التنوع البيولوجي، وغيرها من المشاكل البيئية باتت تهدد وجود الكائنات الحية على الأرض، وفي هذا السياق يصبح السؤال عن واجب الإنسان الأخلاقي تجاه البيئة التي يعيش فيها سؤالاً مهماً وضرورياً في الوقت ذاته.

ماذا يحدث حينما تُقطع الأشجار، وأين تذهب الطيور؟

تعيش الطيور، والحيوانات، منذ القِدم في أحضان الطبيعة، بسلاٍمٍ وأمانٍ، حيث يُعانق تغريد الطيور حفيف الأشجار، منسجمين في تناغمٍ و وفاقٍ، وتقضي الطيور حياتها بين الأشجار، وتبني اعشاشها على الأغصان، لقد كانت الطبيعة وما زالت موطن الكائنات الحية بما فيها الإنسان، ومرت السنوات والأعوام، وتطور نمط حياة الإنسان، وبدأ يبني المدن والمصانع والبيوت الكبيرة، وبدأ يقطع الأشجار الواحدة تلو الأُخرى، وفجأة وجدت الطيور أعشاشها تتهاوى على الأرض، مع سقوط الأشجار المقطوعة، ولم تستوعب هذه الكائنات اللطيفة لماذا يقطع الإنسان الأشجار، لماذا تتهاوى أعشاشها على يده، لماذا يتركها بلا مأوى تحتمي به من الأمطار، الأشجار هي بيوت الطيور، وهي المكان الذي تحتمي به وتقضي كل حياتها فيه، وترعى فيه صغارها، وتجد تحت ضلاله غذائها، ولكن حينما تُقطع الأشجار، أين تذهب الطيور؟!

إن هذا السؤال ليس مجرد إستفسار عن مصير الطيور التي تعيش على الأشجار، وبين الأغصان، بل هو دعوة للتفكر في طبيعة الوجود، وعلاقة الإنسان بالطبيعة، ومسؤوليته تجاه بيئته، وتجاه الكائنات الحية التي تشاركه البيئة ذاتها.

إن هذا السؤال حول مصير الطيور يطرح نفسه في كل مرة، أشاهد فيها طيراً بلا مأوى يحتمي به من برد الشتاء القارص، ولكن ما زال السؤال بلاجواب، أين تذهب الطيور التي كانت تسكن هذه الأشجار؟

الطيور قد تذهب الى أماكن أُخرى، حيث تبني من جديد أعشاشاً جديدة لتكون لها مأوى، لكن ليس دائماً هذا ما يحصل، فالطيور تواجه تحديات ومخاطر كبيرة عندما تُقطع الأشجار، فهي تفقد بيوتها، وتفقد غذائها، وتفقد صغارها، بعض الطيور تموت، وبعضها تتنقل بين الأماكن بحثاً عن شجرة تصبح بيتاً جديدا وماوى لها.

لنزرع الأشجار في كل مكان

الطيور المحلية هي جزء من الطبيعة والبيئة التي يعيش الإنسان فيها، وهي جزء من حياتنا، وحينما تغادر الطيور يختل التوازن البيئي، وفي ذلك ضرر للانسان والطبيعة معاً، فواجب الإنسان هو حماية الحيوانات والبيئة من أجل مصلحة الجميع، لذلك دعونا نحافظ على الأشجار، ولنسمح للطيور بأن تبني أعشاشها بحرية في أحضان الطبيعة، دعونا نزرع أشجاراً جديدة، لتبني الطيور أعشاشاً جديدة.

دعوا الأشجار تتنفس

عندما نقطع الأشجار، فإننا نقطع أيضاً جذورنا التي هي في الأرض، ونفقد صلتنا بالطبيعة، وبفطرتنا وذواتنا، ونفقد إحساسنا بكل قيم التعايش البيئي السلمي، والمعاني الروحية، والأخلاق النبيلة، ولأن الأشجار هي مستقبل أبنائنا، وتمثل جزءاً مهماً من بيئتنا، لذلك فمن واجب الإنسان أن يحافظ عليها، ويحميها، ويتركها تتنفس.

***

شيماء هماوندي

في المثقف اليوم