أقلام حرة
ضياء الاسدي: الابتعاد عن فطرة الله خسر الإنسان حياته
(عندما خلق الله تعالى الإنسان ليجعله خليفة في الأرض المكان الذي أختاره وهيئه له لغرض أعمار الأرض على أساس العمل بالفطرة السليمة التي جُبل عليها ووسيلة الإدراك المعرفي (العقل) الذي ميزه عن باقي مخلوقاته وأساس هذا الإدراك هو الإيمان بالله تعالى الخالق الواحد الأحد لا شريك له في العبادة والطاعة والملك وأخذ منه العهد والميثاق وكذلك العيش في الأرض وفق منظومة متكاملة من سنن وشرائع منضبطة مع بني جنسه في عيش مبني على السلام والمحبة والحق والمساواة في الحقوق والواجبات والعدل والتقوى على ضوء ذلك تم تكريم آدم أبونا في الدنيا والآخرة (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الإسراء 70 وكذلك (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم) الحجرات 13 من هنا بدأت مسيرة آدم في الحياة الدنيا الأولية في الجنة بدورة تدريبية في الأرض التي أختارها وأسكنه الله فيها لا يجوع فيها ولا يعرى وهيأ له سبل العيش الرغيد ووصفها بالجنة لكنه فشل في أول اختبار حقيقي له بعدما أطاع الشيطان وعصى أمر ربه لغايتين لتصبحا أكبر وأخطر هاجس بشري إنساني لفنائه في الحياة الدنيا وخسران الآخرة وهي حب الخلود وحب المال والثروة والملك (فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) طه 120 فكان هذا الفشل السبب في معانات الإنسان الرئيس في تعاسة باقي أجياله وبعدها تعاقبت وتوالت الأخطاء والتصرفات المنحرفة عن الفطرة السليمة للإنسان في الحياة وتأخذ مسارا آخر مغاير لما أراده الله تعالى لهذا الكائن الناكر للجميل الإلهي حيث أبتعد شيئا فشيء عن مراد ربه وعلة خلقه ونقض العهد وأسس قيما جديدة ومسارا مخالفا لطبيعته واتخاذ شرائع وسنن منحرفة لا تليق بعلة خلقه منها الباطل والشرك والإلحاد والكفر بأنعم الله والفساد الأخلاقي والمالي والتعدي على أبناء جنسه وعلى الطبيعة التي سخرها الله له وذريته (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت إ يدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) الروم 41 وسعى في خرابها ويفسد فيها ويهلك الحرث والنسل (وإذا تولى وسعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) البقرة 205 وما زال أبن آدم يعاني المشاكل والصعاب بحياته اليومية لأنه كفر بأنعم الله تعالى أولا وثانيا لم يستطيع أن يحرر نفسه من هيمنة الشيطان وأعوانه بل تحول الكثير منهم إلى شياطين في الأرض بامتياز بسلوكهم وطريقة معيشتهم بالرغم من التحذيرات المسبقة والمتواصلة عبر آيات القرآن العظيم كما قال الله تعالى (يا بني آدم لا يفتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة) الأعراف 27 وبالرغم من كل المحاولات من الله لإعادة الإنسان إلى جادة الحق والصواب والرشد والهداية وبيان الصراط المستقيم لكنه أصر وبإمعان متواصل على الفساد والخراب النفسي والاجتماعي والأخلاقي وتدمير المجتمعات الإنسانية فلا بد لهذا الإنسان الكائن الضعيف المتكبر والمتجبر العودة الخالصة الواعية والتوبة النصوحة لله تعالى (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا) التحريم 8 وكذلك (فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدى) الكهف 110 ليعيد برمجة حياته نحو الأفضل للحصول على مجتمعات إنسانية راقية بعملها وعلمها وفكرها وعقيدتها.
***
ضياء محسن الاسدي






