أقلام حرة

أقلام حرة

اعتاد طير الوقواق أن يهاجر من بلاده إلى بلدان أخرى بعيدة عن موطنه لتضع إناثه بيوضها في أعشاش غيرها من الطيور، ليعتاش فرخها بعد تفقيسه على غذاء طيرين آخرين بعد أن يكون قد قضى على أفراخهم كونه ينمو بسرعة وحجمه أكبر وأكثر قوة، هذا باختصار شديد مواصفات هذا النوع من طفيليات الطيور الذي استخدمته عنواناً لمقالتي في توصيف كثير من حكومات وأنظمة منطقتنا المبتلاة بالحكومات الطفيلية التي تعتاش على استكانة شعوبها وتخلفهم وأميتهم الحضارية وحتى الأبجدية، فهي تنشأ في هكذا بيئات متقهقرة وموبوءة بشتى مخلفات الماضي وصفحات التاريخ الاجتماعي الأسود لمعظم مجتمعاتنا، خاصة ما يتعلق بالفهم المنحرف للعقائد الدينية والمذهبية وتحويلها الى خرافات وأساطير من نسج خيال أشخاص مرضى بشتى أنواع العقد النفسية والاجتماعية.

زمر ومجموعات تسلطت في غفلة من الزمن وفي بيئات فكرية وثقافية قاحلة لتضع بيوضها السامة وأفكارها المنحرفة في بلدان احتضنت أولى حضارات البشرية، لكي تفقس جيلاً بعد جيل مجموعات مشوهة لا هم لها إلا السلطة والسحت الحرام لتستمر مسيرة التقهقر والاستكانة والعبودية، تارة لدكتاتور أحمق مفترض وتارة لأفكار خرافية من تاريخ مشوه ومفصل على قياساتها وفهمها المسطح وتارة لشيخ القبيلة وأخرى لفارس نرجسي إرهابي ممتلئ بالسحت الحرام والمرتزقة استطاع تحويل ما حوله الى قطعان من العبيد، كما تفعل كثير من الميليشيات وزعمائها اليوم.

في شرقنا بجهاته الأربع ووسطه الملتهب أبدا تفقست تلك البيوض على شكل حكومات وبرلمانات طفيلية لا همّ لها ولا غمّ إلا امتصاص أرزاق هذه البلدان وثرواتها مستخدمة كل مؤسسات الدولة التي خرجت من تحت عباءتها على مضاعفة تجهيل مجتمعاتها وتفقيرها وزيادة استكانتها العبودية، حتى ان ظهر من يعارضها أو يغير اتجاهات مجتمع قذفته بشتى الاتهامات وفبركت له قصصاً وروايات، حتى اعتقد القطيع أن لا عدو له ولربه إلا هذا الذي يحاول الخروج من عش تلك الطيور الطفيلية التي دمرت أعشاش الشعب ونهبت أرزاقهم وفرص حياتهم في العيش الحر.

لا غرابة فيما يحصل فقد تكالبت على ارض هذه المنطقة من العالم شتى الأقوام والأجناس وهاجرت إليها قبائل متوحشة من شتى أنحاء الدنيا واستوطنت على أديمها بعد أن اقترفت كبريات المذابح في مدنها وقراها وحولت ما تبقى من سكانها الأصليين الى أقوام مستعمَرة تحكمها بالحديد والنار والارزاق، وبعد ان كانت هذه البلاد منشأ كبريات حضارات البشرية غدت واحدة من أكثر بلدان العالم فشلاً وتخلفاً وفساداً، تحت ظلال تلك الاعشاش التي دُست فيها بيوض طائر الوقواق في مدن الشمس.

ترى هل تتقبل قوانين الطبيعة استبدال الأصيل بطير الوقواق الدخيل؟

***

كفاح محمود

 

عندما نقرأ النص القرآني نقف طويلا عند بعض الآيات المباركات ونقرأها بتمعن وتفكر وندورها في العقل كما أمرنا الله تعالى نجد أن هناك الكثير منها تتعارض وتتقاطع مع التفاسير القديمة الموروثة من السلف الصالح والمخيلة الإسلامية وخصوصا الأحاديث النبوية الشريفة التي كُتبت في العهد الأموي المتأخر والعصر العباسي الأول وحين نفتش في بطون أمهات الكتب الدينية والفكرية الإسلامية المعتبرة نجد الكثير من التأويلات والتفسيرات حين نعرضها على العقل المتدبر لا يمكن الأخذ بها أو تصديقها مع كل الاحترام والتقدير للعقول التي أدلت بدلوها في هذا الصدد في زمانها ومكانها منها على سبيل المثال (وما جعلنا لبشر قبلك الخلد أفأن مت فهم الخالدون) وحين نضعها أمام فكرة بقاء النبي عيسى بن مريم عليه السلام حيا حتى قيام الساعة أو فكرة الأمام المهدي عند جمهور علماء المسلمين وكذلك (هو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم أن الإنسان لكفور) و(كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحيكم ثم إليه ترجعون) و(قل الله يحيكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه) وقوله (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين....) ونضعها أمام فكرة ما جاء على لسان السلف الصالح وفي تراثنا الديني وكثير من الأحاديث النبوية فكرة عذاب القبر الذي يُضاف إليه حياتا وموتا جديدا وكيف يُعذب فيه الميت ويُسأل عن أعماله وفكرة المعراج للنبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه فان هذا الطرح لا يمكن التسليم به ولا يمكن عدم الأخذ به كونه طُرحت منذ مئات السنين وأحيطت هذه النصوص بالقداسة من مرجعيات معتبرة حينها لا يمكن تجاوزها أو نقاشها من قبل الآخرين والمعارض لها يدخل في صراع يصل إلى القتل والتكفير والاتهام بالزندقة والإلحاد من قبل الشيوخ ورجال الدين الذين ورثوا الحصانة الكبيرة من المؤسسات الدينية أمام التيار المجدد التنويري الذي يدعوا إلى أعادة النظر في التراث الإسلامي الديني والتفاسير الدينية والفقهية لنصوص القرآن الكريم وكثيرا من الأحاديث النبوية الشريفة حيث جابهت هذه الدعوات للمفكرين الجدد حملات شرسة من قبلها مدافعة عن قيادة الأمة الإسلامية بطريقة تفكيرها ووقفت بالضد من حملات التصحيح وغربلة هذه المفاهيم ومازال الصراح محتدم بين هذه المؤسسات الدينية والعقل العربي المتدبر المتفكر المتنور الذي أطلقوا عليه بـ(القرآنيون) والذي يحاول بدوره وضع المفاهيم والقيم الإسلامية في موضعها الزماني والمكاني الجديد لمواكبة التطور الفكري للإنسان للخروج من عباءة وجلباب وسطوة المفاهيم الدينية والعقلية لكثير من رجال الدين الذين تربعوا على عرش هذه المؤسسات والهيمنة على التراث السلفي الإسلامي محاطا بقداسة النص للأحاديث النبوية الموضوعة على النبي الكريم والبعيدة عن مفهوم الإسلام الحقيقي والرسالة السماوية بحصانة من رجال الدين ومرجعياتهم الذين لهم الكلمة العليا في الساحة الإسلامية .علما كلنا يعرف أن الله تعالى وعلى لسان آياته المباركات يُخاطب الإنسان العاقل والمتدبر لآياته كون أعطاه ميزة العقل للتدبر والتفكر في آياته كمشروع إلهي في تنظيم حياة هذا الإنسان على الأرض على ضوء كل مرحلة من حياته حتى قيام الساعة لهذا أعطى الله تعالى المساحة الكاملة للعقل البشري في كيفية معرفة مراد الله علي خلقه وترتيب شؤونه اليومية من عبادات ومعاملات وقيادة هذا الإنسان نمط حياته في مجتمعه برسالات ثلاث هي اليهودية والنصرانية والإسلامية المحمدية فأن الخروج من دائرة القداسة للنص تعطينا المساحة الكافية في الخوض للمعرفة المنهجية للتدبر التي لا تخرجنا من المفهوم الذي أنزله الله تعالى في كتابه الكريم وفيه تفصيل لكل شيء والذي يوافق كل عصر وزمان وكل عقل بعيدا عن هيمنة الذي يحتكرون قيادة العقل العربي والإسلامي بالتعاون مع كل ما يطرح على الساحة من محاولات لتغير مسار العقل العربي نحو الفهم الصحيح لآيات القرآن الكريم وإعطاء الفرصة والمساحة المهيأة لإخراج الدين الإسلامي للواجهة العالمية بوضوح بعيدا عن الخوف منذ سنين كثيرة والذي على ضوئه تراجع الفكر الإسلامي المنهجي وتقوقع في الجزيرة العربية وبعض البلدان الذي وصلها مشوشا.

***

ضياء محسن الاسدي

دول الدنيا عندما تواجه تهديدا مصيريا تتحد مجتمعاتها وتتناسى ما بينها من إشكالات، وتركز على أهمية الوعاء الوطني وسلامته، والحفاظ على سيادته وقدرته على إبقاء حياة المواطنين السعيدة.

أما مجتمعات دول الأمة فأنها تتشظى أمام أبسط التحديات التي تواجهها، وتصبح فرقا وجماعات وفئات وتحزبات، تتوسل بأعداء وطنها للنيل من أبناء الوطن الآخرين.

وهذا سلوك واضح إلا ما شذ وندر.

فهل وجدتم دولة لم تتمزق أمام التحديات؟!!

لا يمكن تفسير هذه الظاهرة السلوكية الغريبة، فحتى القطعان في الغاب عندما تداهمها الوحوش، تتجمع وتتكاتف لتكون جبهة واحدة ضدها.

فدول الأمة متأهبة للتفرق والتمزق وكأنها تسعى لذلك!!

ولهذا فالصراعات البينية متواصلة منذ تأسيسها، وفي القرن الحادي والعشرين أصبحت الصراعات داخل الدولة الواحدة، كما هو الحال، في العراق واليمن والسودان وليبيا وحتى لبنان.

وتلك حقيقة واقع مأزوم سيأخذ الأمة بدولها لسوء المصير، خصوصا بعد أن تحقق الإستثمار بالدين، وإمتطائه لصناعة الوجود المتشظي الإستنزافي الخسراني، القاضي بالقتل المباح للآخرين من أبناء الوطن، بفتوى قاضية بمحقهم والتخلص من وجودهم المرفوض بموجب هذه الفئة أو تلك.

والغريب في الأمر، أن لا أحد ينهض بوجه التفاعلات السلبية، ومعظم الرموز تسعى للإستثمار بالتمزيق والتفريق وإذكاء الصراعات البينية.

فلماذا يُلام الطامعون بالأمة؟!!

"وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"!!

فهل نتعاون أم نتكاون؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

مما لا يند عن ذهن، أو يلتوي على خاطر، أن الإسلام قد حفز أتباعه على تعلم الطب، ورفع المعاناه عن كاهل المريض الذي يشكو الدنف، وتشتد عليه العلة، ويشق عليه المرض، فالمريض الذي أنهكته الحمى، أو اعتراه مرض ثقيل، تراه يهش لمقدم الطبيب هشاشة السائل المعدم للمال الذي يسد عوزه، ويعالج فقره، لأنه يحسم عنه الداء، ويشفيه بإذن الله من ويلاته وآلامه المبرحة، لذا نجد أن المجتمعات تتسابق إلى وداد الأطباء، وتتنافس على رضاهم، والحقيقة التي لا يغالي فيها أحد، أن تعلم الطب فرض من فروض الكفاية، فهو واجب على كل شخص، ولا يسقطه عنه إلا إذا قام به غيره، كما هو فرض عين على الطبيب الذي زاول هذه المهنة، وسبر أغوارها، وألمّ بشتى تفاصيلها ودقائقها، ولكنه لا ينفك متزايلاً ضجراً منها لكثرة المرضى الذين يلوذون ببابه، فمثل هذا الرجل يكون التطبيب واجباً عليه طالما لا يوجد في المكان الذي يعيش فيه طبيب آخر «وقد أجمع الفقهاء على عدم مسؤولية الطبيب إذا أدى عمله إلى نتائج ضارة بالمريض، وسبب رفع المسؤولية عنه هو إذن الحاكم، وإذن المريض ثانياً، فإذن الحاكم يبيح للطبيب الاشتغال بالتطبيب، وإذن المريض يبيح للطبيب أن يفعل بالمريض ما يرى فيه صلاحه، فإذا اجتمع هذان الإذنان فلا مسؤولية على الطبيب ما لم يخالف أصول الفن أو يقترف خطأً في فعله».

فالطبيب إذا كان همه منصرفاً لصلاح المريض وعلاجه من سقمه، ولم يخالف القواعد والأطر التي يجب اتباعها، والتقيد بها، حتى يتعافى السقيم من وجعه، فإنه لا يسأل عن الخطأ الذي يقع منه في هذه الحالة لأنه خطأ يصعب التحرز عنه، فإذا حدث وأن وصف الطبيب الحاذق دواء لمريضه، ويعتبر هذا الدواء هو الوصفة المتعارف عليها بين الأطباء والصيادلة لعلاج ذلك الداء الذي يشكو منه العليل، فنجم عن تناولها تسمم حاد للمريض أودى بحياته، ففي هذه الحالة لا يتعرض الطبيب لأية عقوبة أو سؤال من الناحية الجنائية والمدنية، لأنه في واقع الأمر قد قام بواجبه على الوجه الأكمل، ويستوي في الحكم إذا تقّمص المريض لباس العافية، أو قضى نحبه، أو حتى كفّ بصره، وفي هذا الصدد يقول الإمام الشافعي رحمه الله»: «وإذا أمر الرجل أن يحجمه، أو يختن غلامه، أو يبيطر دابته، فتلفوا من فعله، فإن كان فعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بتلك الصناعة، فلا ضمان عليه، وإن كان فعل ما لا يفعل مثله من أراد الصلاح، وكان عالماً به، فهو ضامن».

فالطبيب لا يسأل عن خطئه إلا إذا كان خطأ فاحشاً، والخطأ الفاحش هو ما لا تقرره أصول فن الطب، ولا يقرره أهل العلم بفن الطب، والفقهاء «أجمعوا على أن الطبيب إذا أخطأ لزمته الدية، مثل أن يقطع الحشفة فى الختان، وذلك عنده إذا كان من أهل الطب، ولا خلاف أنه إذا لم يكن من أهل الطب أنه يضمن لأنه متعدّ، وقد ورد فى ذلك مع الإجماع حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«مَنّ تطبّب ولم يُعْلمْ مِنْهُ قبل ذلك الطّبُّ فهو ضامن»، والدية فيما أخطأه الطبيب عند الجمهور على العاقلة، ومن أهل العلم من جعله في مال الطبيب، ولا خلاف أنه إذا لم يكن من أهل الطب أنها في ماله على ظاهر حديث عمرو بن شعيب».

وفي عصرنا الحاضر نجد أن القوانين الوضعية لا تلاحق إلا «الأطباء الذين يلجأون إلى طرق علاجية مهجورة، فالالتجاء إلى طريقة في التوليد يقدر الخبراء بأنها أصبحت مهجورة، وتمثل خطورة بالنسبة إلى الجنين يشكل خطأً فادحاً من جانب الطبيب المولد، ونفس الشيء بالنسبة للطبيب الذي يتجاهل المبادئ الأولية في التشخيص، ومعرفة حال المريض، والطبيب الذي يلجأ لطريقة خاصة في العلاج تعتمد على محض الصدفة، بدلاً من اتباع الطرق التقليدية المعروفة»، فمهنة الطب مهمة جسيمة لما يترتب عليها من أخطار قد تؤدي لضياع حياة البشر، لذا ينبغي ألا ينتحلها إلا من يحسنها، وقمين بالطبيب الذي لا يحسن الجراحة إذا شاهد شخصاً به العديد من القروح والكلوم التي ينبجس منها الدم، أن يتصل بالطبيب المتخصص، وأن يقتصر دوره على وضع الرفائد التي توقف نزيف الدم، ويقوم بتضميد الجرح وتعقيمه، ريثما يحضر الطبيب الضليع في هذا المجال.

***

د.الطيب النقر

 

عندما كتبت أول أمس الخميس 28 مارس ملاحظة متسائلا عن صحة الأخبار التي ترد من القاهرة بتواصل قيادات من السلطة ببعض ملاك الأراضي في المنطقة الوسطى من قطاع غزة وتطلب منهم توفير ٤٠٠ دونم لإقامة مخيم لإيواء مهجري رفح قبل اقتحامها من جيش الاحتلال، استنكر كثيرون هذا التساؤل واعتبروه من باب التشكيك والطعن بقيادات فتح والسلطة. وبعد التواصل مع المعنيين مباشرة لم ينفوا الخبر ولكن طرحوا الأمر على الشكل التالي: إنهم وبعد الإصرار الإسرائيلي على اقتحام رفح المكتظة بالسكان وما يترتب على ذلك من إمكانية دفع الآلاف نحو سيناء وسقوط آلاف آخرين خصوصا من النساء والأطفال، وبعد ادعاء واشنطن عجزها عن دفع إسرائيل للتراجع عن الفرار وعجز المنتظم الدولي عن ذلك، ومن منطلق الإحساس بالمسؤولية الإنسانية والأخلاقية والوطنية تشاوروا مع الأخوة في مصر حول كيفية التقليل من التداعيات الخطيرة في حالة غزة رفح، فكانت فكرة إقامة مخيمات إيواء مؤقتة في المنطقة الوسطى، وسألني المسؤول الفلسطيني هل تعتبر محاولة منع التهجير إلى سيناء وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح المدنيين تنسيقا أمنيا؟ وانتهت المكالمة التليفونية حول الموضوع عند هذا الحد. 

كان كلامه مقنع من حيث المبدأ لأن لا أحد يريد تهجير الفلسطينيين الى سيناء أو مزيدا من معاناة قاطنة رفح، كما يجب الاعتراف بأن كل من يشتغل في مجال الإغاثة والمساعدات الإنسانية من دول ومنظمات دولية في القطاع لا بد أن يبسق مع جيش الاحتلال بشكل أو آخر وإلا لن يُسمح له بالعمل وسيدمر كل مشاريعه، ولا داع أن يدعي أحد البطولة وتحدي الاحتلال بعد كل ما لحق القطاع من موت ودمار. وحيث إن كل فلسطين خاضعة للاحتلال المباشر فإن ما يجري في غزة سيكون امتدادا مع ما يجري في الضفة ولو التنسيق بين السلطة وإسرائيل ما استمرت السلطة الى اليوم، وحتى ما جرى طوال سبعة عشر عاما من حكم حماس لغزة، فلولا التنسيق المباشر أو غير المباشر مع الاحتلال من خلال عراب الانقسام الوسيط القطري ما استمرت حماس بالسلطة طوال هذه السنوات.

ولكن يجب الحذر من توظيف العدو لمسألة الغوث الإنساني لزرع بذور الفرقة والاقتتال الداخلي، كما أن العدو لا يعترف بحرمة لأي أماكن آمنة، ونُذكر هنا أنه في بداية الحرب طلب جيش الاحتلال من سكان الشمال ومدينة غزة الانتقال الى المناطق الآمنة جنوب وادي غزة وخصوصا الى رفح وخانيونس، بعدها بدأوا باقتحام خانيونس من أقصى الشرق لأقصى الغرب ولم يحترموا أي مكان آمن حتى المدارس والمستشفيات، وبعد أن عاثوا خرابا ودمارا وموتا فيها حولوا أنظارهم لرفح وقال كل قادتهم أنهم سيقتحمون رفح بذريعة أنها الحصن الباقي لحماس، فما الذي يضمن أن العدو لن ينتقل بعد اقتحام رفح، في حالة حدث ذلك، لاستهداف مخيمات الإيواء الجديدة التي بنيت بأيادي فلسطينية وتمويل عربي بحجة أن قيادات المقاومة تسربوا لهذه المخيمات؟ ألن توجه اتهامات في هذه الحالة أن السلطة ساعدت العدو في تنفيذ مخططه؟

هذا المشهد المرتبك ينطبق أيضا على موضوع الميناء الذي تبنيه إسرائيل بتنسيق مع دولة الإمارات ووكيلها في غزة محمد دحلان، حيث تقوم شركات فلسطينية وعمال فلسطينيون ببنائه في ظل صمت حركة حماس وبقية فصائل المقاومة وعدم استهداف مقاتليها للميناء والعاملين فيه مع أنها تعرف أن فكرة الميناء إسرائيلية وسابقة على قرار واشنطن والغرب ببنائه، وله أهداف تتجاوز الاعتبارات الإنسانية؟ ففي هذه الحالة لا يمكن تجاهل وجود تنسيق أمني إسرائيلي حمساوي دحلاني.

نتفهم معاناة أهلنا في قطاع غزة و افتقارها لأدنى متطلبات الحياة من غذاء ودواء ومياه، والحفاظ على حياتهم وحياة أسرهم أو ما تبقى منها، كما نقدر جهود ذوي النوايا الطيبة في مساعدة أهالي غزة، كما نقدر أن أي حديث الآن عن الوحدة الوطنية والصمود والبطولة لن يجد عندهم آذانا صاغية حبت رغيف الخبز والدواء والماء وضمان الأمان الشخصي بات سابق على أي حديث عن الوطن والوطنية، ولكن يجب الحذر من استغلال معاناة الناس في ظل استمرار الانقسام لتصبح الأطراف الفلسطينية عاملا مساعدا للعدو في تنفيذ مخططاته.

***

د. ابراهيم أبراش

 

ما يجري في الأمة ومنذ قرون وقرون، أن الكثيرين من أدعياء الدين الذي يسمّون أنفسهم بالفقهاء والعلماء وغيرها، يحسبون أنفسهم وكلاء رب العالمين، فعاثوا فسادا بإسم الرب الذي ينوبون عنه، ويدّعون أنهم وكلاؤه!!

بل أن الموضوع تطور وصار الجالس على كرسي السلطة حاكم بأمر الرب، وبهذا يكون الحكم صارما ونافذا في الحال، والجميع لا مسؤولية عليهم لأنهم ينفذون أمر ربهم بعباده الذين سلطهم عليهم.

وهذا الإدعاء تواصل فاعلا في مسيرة الأمة، بل يمكن القول لايزال قائما في بعض المجتمعات، التي إنتشر فيها نواب الرب الذين عليهم تنفيذ إرادته القاضية بالأهوال.

هذا الرب الذي ينوبون عنه أو لديهم وكالة منه، أو يحكمون بأمره، شرس متوحش دموي، مدمن على الظلم والفساد وإنتهاك الحرمات، ويتمتع بمنظر قطع الرؤوس وسفك الدماء.

هو الرب الذي بأمره يحكمون!!

وفي الواقع أنهم يمتطونه ويترجمون بواسطته غرائزهم وأهواءهم، وتوهمهم النفس الأمّارة بالسوء الفاعلة فيهم بما يقومون به، وهم بلا ضمير ولا قدرة على النظر فيما يقترفون.

ويدّعون أنهم يمثلون الدين الذي يعتقدون!!

بعضهم ربهم رحمان رحيم، لكنه أعطاهم وكالة سلوك الأشرار المجرمين، فكيف يتوافق الطرفان المتناقضان؟

كلهم من جنس حمّالة الحطب، ويجيدون التنابز بالخطب، وعلى بعضهم جنود غضب، وقد فار التنور ولسوف يأتيهم العطب.

و"كتب ربكم على نفسه الرحمة"!!

فهل نوابه يرحمون، أم لشرائع الغاب يترجمون؟!!

***

د. صادق السامرائي

كان "مناحيم بيغن" منذ مفاوضات كامب ديفيد قد وضع الأسس التي تقبل بها دولة الاحتلال فيما يدعى زيفا وكذبا "حل القضية الفلسطينية". هذا الحل الذي يتناسب مع مزاج دولة الاحتلال.

وقد التزم رؤساء حكومة هذه الدولة وقادتها بتلك الأسس التي وضعها "بيغن" حتى يومنا هذا. كما أخذتها الولايات المتحدة الأمريكية بعين الاعتبار في جميع مفاوضات السلام التي خاضتها دولة الاحتلال مع الطرف الفلسطيني. كما والتزمت بهذه الأسس الأنظمة العربية التابعة والمستسلمة لواشنطن.

أما عن هذه الاسس فتتضمن

- عدم السماح بقيام دولة فلسطينية تتمتع بمقومات الدولة المستقلة.

- رفض إعادة الأراضي التي احتلتها دولة الاحتلال إلى القيادة الفلسطينية ، لكن يُسمح بقيام سلطة ذاتية على الفلسطينيين في بعض المناطق مع إبقاء السيادة لدولة الاحتلال على الأرض. كما يحق لدولة الاحتلال تنفيذ عمليات أمنية داخل هذه الأرض.

- استمرار مشاريع الاستيطان داخل الأراضي الفلسطينية.

وعودا إلى الانظمة العربية التابعة للولايات المتحدة والتي ربطت انظمتها سياسيا واقتصاديا وامنيا، مقابل الدفاع عن المصالح الأمريكية مثل النفط وحرية الأسواق وتواجد القواعد العسكرية على اراضيها. والأنكى من ذلك كله الحفاظ على أمن دولة الاحتلال وضمان استقرارها وتفوقها. مقابل غض الطرف من قبل الولايات المتحدة عما تنتهكه هذه الأنظمة من انتهاكات وقمع لشعوبها وممارسة الفساد. ويجدر الذكر هنا ان الولايات المتحدة تستطيع إزالة هذه الانظمة مجرد إجبارها على تطبيق الديمقراطية مع شعوبها، وهنا النتيجة ستكون معروفة وهي إزالتهم عن كراسيهم لا من قبل الولايات المتحدة بل من قبل الشعوب المقهورة. لذلك فهذه الأنظمة تعمل على كل ما ذكرنا من عار للاحتفاظ بتلك الكراسي.

أما بالنسبة لأولئك الذين انحازوا للسلام الأمريكي وهرولوا نحوه بكل طاقاتهم من بعض القيادات الفلسطينية لظنهم ان الموقف الأمريكي سيكون إلى جانبهم في تقرير المصير وإقامة الدولة، فقد خاب ظنهم لان ما ظنوه يتناقض مع الأهداف الأمريكية بالحفاظ على قاعدة نفوذها "دولة الاحتلال".

ويكفي ان نذكر هنا بأن القيادات الأمريكية المتتالية كانت قد تعهدت ولا زالت بالتشاور مع القيادات اليهودية قبل اتخاذ أي قرار حول سياساتها في الشرق الأوسط وخاصة تلك المتعلقة بفلسطين.

بل ودعم جهود دولة الاحتلال في توسعها داخل الأراضي الفلسطينية. فجاءت اتفاقيات أوسلو واولادها لا لمصلحة الشعب الفلسطيني بل جاءت لتصب في خدمة دولة الاحتلال ولتحسين وضعها وجعله أفضل مما هو قبل أوسلو.

فبعد أوسلو لم يتوقف التوسع وإقامة المستوطنات في مناطق الحكم الذاتي ولم تتوقف الحواجز المهينة ولا الجدران العازلة العنصرية ولا توقفت الاعتداءات على الأراضي ولا عمليات الهدم ولا الاعتقالات والأهم لم تتوقف الاقتحامات التي يقوم بها قطعان المستوطنين للمسجد الأقصى ، بل ازدادت وأصبحت أكثر وحشية ، وها هي بقراتهم الحمر قد أصبحت جاهزة ، يهددون بذبحها والتطهر من دنسهم وهدم مسجدنا المبارك وإقامة هيكلهم المزعوم.

والكارثة الكبرى هو التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال. وكل ذلك بمباركة أمريكية.

ولهذا كانت ٧/أكتوبر التي كشفت المستور وأسقطت الأقنعة وأيقظت الوعي العربي لدى الشعوب ومن هنا يبدأ التحرير بإذن الله.

***

بديعة النعيمي

يبدو من رد وزير التعليم على حادثة العميد أن هناك تحليلات شخصية وإشاعات أثارها البعض بهدف ما، واتفق مع الوزير أن تصرف العميد فردي ولا صحة لمساومات طالبات، لكن لو فرضنا أن من ظهرت في الفيديو موظفة أو صديقة أو جارة.. أو طالبة كما تحدث البعض فذلك لايغير من سوء الموقف وأساس القضية، وهو الفساد الأخلاقي واستغلال الوظائف، أما المساومات فأعتقد أن الفتيات يتعرضن لها في كل مكان والبعض يلجأن إلى العمل في مكان آخر أو ملازمة البيت بسبب المضايقات والتحرش، لأن مجتمعنا يعاني من خلل نفسي وأخلاقي، وكثيرون من تمردوا بسبب السلطة والنفوذ والظهر القوي الذي يسندهم، وكثيرون من يستغلون ضعف أو حاجة بعض النساء، ويحاولون الوصول اليها بكل الطرق.

وبالعودة إلى صاحب الفيديو الذي انتشر مؤخراً بين المنصات الإلكترونية وهو في وضع مخل للحياء، وظهر للجميع عبر كاميرا مزروعة في مكتبه الوظيفي الموقر الذي يبو أنه يمارس فيه رغباته الشخصية المتعلقة بممارسة الجنس مع الفتيات او الطالبات ليبتزهن أكثر وأكثر، نجد أن الفساد الوظيفي انتشر بكثرة، وإن التحرش فعلياً انتقل من الشارع إلى الدوائر المهمة، وذلك بسبب انفلات الغرائز لدى كثير من المسؤولين وعدم السيطرة عليها وضبطها بالوازع الديني والأخلاقي والإنساني، ولذا فإن هناك حاجة مُلحّة بتشكيل لجنة تحقيق بكل الجامعات لأن هناك بعض الأساتذة وعمداء كليات يستغلون مناصبهم الوظيفية من اجل رغبات وغايات شخصية، ويتورطون بأفعال غير اخلاقية، حتى صارت تنتشر رائحة نتنة بين مؤسساتنا، أما عميد الكلية الذي تحدث البعض عن فعلته القذرة داخل الحرم الجامعي فلا يمثّل شيئاً أمام الواقع وما نسمع عنه.   الأستاذ المفضوح، ما هو إلا انموذج لعشرات الأستاذة الجامعيين والتدريسيين الذين ينهجون نفس النهج المعيب، ويبتزون البنت  مقابل شهادة النجاح  أو الدرجة الوظيفية، والأخيران هما ليسا مبررين للتنازل، والأهم من كل ذلك الجامعات والكليات تحتضن اساتذة نكنُّ لهم كل الإحترام والتقدير.. تعلمنا منهم ومن منهل أدبهم وثقافتهم وأخلاقهم ونصائحهم، أما الفتيات فلسنَ الأكثرية فاسدات بل الأقلية هي التي تعم.

***

ابتهال العربي

 

منذ الساعات الأولى لوفاة النبي الكريم، إنطلقت ذات الأسئلة التي ما عرفت الأجوبة الراسخة، بل خضعت للإجتهادات الفردية والتأويلات المتواصلة الإندفاق، وكلٌ يريد أن يتصرف على نهجه، والحقيقة أن النبي الكريم قد كتب صحيفة المدينة في العام الأول للهجرة، وكان من الممكن أن تكون الحجر الأساس لدستور حكم يتطور مع الزمن، لكن الفردية طغت وصار الفرد هو مرجع كل شيئ.

وجميع الأسئلة متعلقة بمسألة الحكم، وعَجِزَ قادة الأمة رغم إجتهاداتهم عن إيجاد صيغة عمل لترجمة " وإذا حكمتم فاحكموا بالعدل"، " وأمرهم شورى بينهم"، ولا تزال الأمة عاجزة عن التعبير العملي عن هذين المنطوقين، فدب التأويل في ربوعها، حتى إنتهت إلى نظام الحكم الوراثي الذي تعيبه، وسارت عليه منذ أن صار أسلوبا للحكم، ودولها إتخذته سبيلا، ولا تزال عدد من دولها في الزمن المعاصر تمضي على سكته.

والمفكرون عبر القرون المتوالية لم يأتوا بجديد، بل كرروا ذات الأسئلة وإنتهوا إلى ذات الأجوبة، حتى (طه حسين) في كتابه (الفتنة الكبرى) لم يأتِ بجديد، فأعاد صياغة ذات الأفكار والطروحات التسويغية، التي تشير إلى " ليس في الإمكان خير مما كان"، وما ظهر مفكر تحدى المنظومة الإعتقالية المعطلة للعقل، وقال كيف علينا أن نحكم، بل كلهم توحلوا في مستنقعات لماذا.

ومنذ بدايات القرن العشرين وحتى اليوم، لا توجد في معظم دول الأمة آلية لتداول السلطات، بل هي إنقلابات ووراثات وعائليات وفئويات، وكل يحسب البلاد والعباد ملكه الخاص أو غنيمته.

وكلها تسير على إيقاع " إذا تبدل السلطان تغير الزمان"!!

ولن تخرج الأمة من ورطتها الخسرانية، إن لم تأتِ بدستور يعبّر عن معاني العدل أساس الملك، وأمرهم شورى بينهم، وإلا فناعور الوجيع سيبقى يدور بلا هوادة.

و"كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"!!

***

د. صادق السامرائي

 

قرار عزل البنوك الفلسطينية عن الجهاز المصرفي الإسرائيلي.. كارثة أم فرصة

من أخطر أدوات الإذلال التي يمارسها الاحتلال بحق سلطة أوسلو، حركةُ الأموال الفلسطينيية التي تعتبر بالنسبة للتنميةَ الفلسطينية المستدامة شريانُ الحياة، حيث تمرُّ حركةُ أموالِ الفلسطينيين من خلاله، رغم وجود معوّقات سياسية مفتعلة من قبل الجانب الإسرائيلي الذي يتحكم به، ما يعرض هذا الشريان الحيوي للإصابة بالتجلطات التي تنذر بالشلل للاقتصاد الفلسطيني الواهن؛ لارتباطه عضوياً بالاقتصاد الإسرائيلي الطفيلي، من خلال وسيط إسرائيلي "صهيونيّ" يتمثل بمصرفي: "ديسكونت" و"هبوعليم".

هذه العلاقة تفسر ما قالته صحيفة ذي ماركر الإسرائيلية يوم الخميس الماضي، في "إن البنوك الفلسطينية ستصبح معزولة عن الجهاز المصرفي الإسرائيلي، وعن العالم كله، بدءاً من يوم غدٍ، الإثنين، في حالِ لم يَعْقِدْ رئيسُ الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، اجتماعاً للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكبينيت) من أجل اتخاذ قرار يَلْتَفُّ على وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي قرر وقف التعامل بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية".

ووفق الشروط المعمول بها في "إسرائيل" فإن المصرفيْن الإسرائيليين ملزمان بإنذار البنوك الفلسطينية قبل شهر من قطع العلاقات معها.

لكن بسبب المخاطر الهائلة لتقديم دعاوى ضدهما، فإن "التقديرات هي أن المصرفين الإسرائيليين من شأنهما أن يفضّلا خرق هذا البند مع البنوك الفلسطينية وقطع العلاقات بصورة فورية، منذ بداية هذا الأسبوع" أي يوم غد الاثنين، حالما تنتهي المهلة المقررة.

وتجدر الإشارة -وفق الصحيفة- إلى أن قرار سموتريتش جاء لمعاقبة الإدارة الأميركية التي فرضت عقوبات على مستوطنين شاركوا في اعتداءات إرهابية على فلسطينيين، ومعاقبة المصرفيْن الإسرائيلييْن، "ديسكونت" و"هبوعليم"، بسبب تنفيذهما العقوبات الأميركية.

أي أنها مجرد مناكفات وعض أصابع بين حكومة اليمين الإسرائيلي والرئيس الأمريكي جو بايدن الذي بدأ يرفع عصا الطاعة على حكومة نتنياهو المتطرفة؛ ولكن بحذر، على خلفية الضغوطات الداخلية التي تمارس عليه بسب حرب غزة وانعكاساتها السلبية على الانتخابات الأمريكية.

وبعد أن وصفت الإدارة الأميركية المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية بأنهم إرهابيين، صار يتعين على جميع البنوك في العالم التي تلتزم بقوانين منع تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وقف أنشطة المستوطنين المالية. فاستجاب المصرفان الإسرائيليان أعلاه بإغلاق حسابات المستوطنين، مما أشعل فتيل هذه الأزمة المالية بين الطرف اليميني الإسرائيلي ومصرفي "ديسكونت" و"هبوعليم" الإسرائيليين، وبالتالي تأزيم العلاقة البينية المالية مع سلطة أوسلو التي يناط بها حماية المستوطنات كونها صاحبة النفوذ التنسيقيّ الأمنيّ في الضفة الغربية.

وكأن فك الارتباط المالي على هذا النحو وفق حسابات المغامر اليميني سموتريتش مجرد شوكة وجب اقتلاعها دون احتساب للعواقب المحتملة لقراره المرتقب على العلاقة الاستراتيجية بين سلطة أوسلو الوظيفية من جهة، و"إسرائيل" من جهة أخرى.

ومن المؤكد أيضاً أن ما يطالب به المصرفان لا يأتي من قبيل حسن النية؛ بل في نية مبيتة للتحكم بحركة أموال الفلسطينيين ومراقبتها بشدة لتحقيق مصلحة "إسرائيل" العليا، كون المصرفان معنييّن بتنفيذ العلاقة بين البنوك الفلسطينية والجهاز المصرفي الإسرائيلي، وكذلك المعاملات المالية بين البنوك الفلسطينية ودول العالم، وذلك لأن الشيكل هي العملة المتداولة في النظام الاقتصادي الفلسطيني.

لذلك يطالب المصرفان الإسرائيليان، منذ العام 2009، بوقف العلاقات مع البنوك الفلسطينية، بادعاء أن "البنوك الفلسطينية ترفض الانصياع لأنظمة منع تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ما يعرض المصرفين الإسرائيليين لمخاطر كبيرة كونهما يكفلان البنوك الفلسطينية"، بحسب صحيفة "ذي ماركر".

ويفهم من ذلك أن حركة أموال الفلسطينيين خاضعة لشبهات دعم المقاومة، وهذا الأمر يندرج في خانة تبييض الأموال! ما عرّض المصرفيْن لدعاوي قضائية حُرِّكَتْ بحقهما داخلياً وخارجياً؛ بسبب شبهات العلاقة الغامضة للنشاط المالي الفلسطيني والحوالات البنكية من الخارج إلى البنوك الفلسطينية.

أمّا أموال السلطة وما يتعلق بالجباية الضريبية وحوالات العمالة الفلسطينية الوافدة، إلى جانب أموال الفاسدين في السلطة والتي تُحْفَظُ عادة في البنوك الإسرائيلية أو تُهَرَّبُ إلى الخارج وخاصة ما ذكر حولها ضمن وثائق "بنما" 2016 فهي بريئة وفوق الشبهات.

وينظم المصرفان "ديسكونت" و"هبوعليم" العلاقة بين البنوك الفلسطينية والبنك المركزي الإسرائيلي ضمن الأجندة السياسية للحكومة اليمينية الإسرائيلية، لاستنزاف سلطة التنسيق الأمني والتحكم بها كما يحدث على خلفية حرب الإبادة الدائرة على غزة، وذلك وفق مبدأ " الإفراج عن أموال الضريبة مقابل تجيير موقف السلطة لأجندة الكبينت الإسرائيلي.

أي أن العلاقة الطفيلية بين الاقتصادين القائمة على "التابع والمتبوع"، حققت غاياتها، في كونها مؤشراً صحياً لاقتصاد يستفيد ويتناما في ظل الوصاية الإسرائيلية من خلال تبعيته للاقتصاد الإسرائيلي، وتأثره التلقائي بالمناخ الاقتصادي الإسرائيلي، ومن ثم ارتباطه بتقلبات أسعار الشيكل في سوق تل أبيب للأوراق المالية.

وللخروج من المأزق الذي وضعها فيه سموتريتش، طالبت الحكومة الإسرائيلية في خطوة عاجلة مصرفيّ: "ديسكونت" و"هبوعليم" بالاستمرار في هذه المعاملات مع البنوك الفلسطينية، مقابل وعود إصلاحية بغية تأمين الحماية المصرفية لهما، باتخاذ ثلاث خطوات، وهي:

أولاً:- إقامة شركة حكومية إسرائيلية تكون مسؤولة عن العلاقات مع البنوك الفلسطينية.

ثانياً: التعهد للمصرفين بأمرين:

-حصانة من دعاوى جنائية داخلية في "إسرائيل".

- تعويضهما عن دعاوى مدنية قد ترفع ضدهما. وفي أعقاب الحرب على غزة، طالب المصرفان بزيادة مبلغ هذا التعويض.

وعادة ما تمنح دائرة المحاسب العام في وزارة المالية الإسرائيلية هذا التعويض للمَصْرِفًيْن الإسرائيليين، لكن سريانه ينتهي في 31 مارس الجاري، يوم غد الأحد، أي أن حراكهما جاء فاعلاُ ولصالحهما في ظل ما يشهده الاقتصاد الإسرائيلي من أزمةً خانقة غير مشهودة بسبب حرب الإبادة على غزة.

الحكومة الإسرائيلية من جهتها لم تبدأ حتى الآن بإجراء مفاوضات مع المصرفيْن بشأن مطلبهما بزيادة التعويض، ما يعني بأن المعاملات بينهما وبين البنوك الفلسطينية ستنتهييوم غد الاثنين. فما هي يا ترى تبعات ذلك على الطرفين؟

ما يعني بأن أي شركة إسرائيلية لديها علاقات تجارية مع السلطة الفلسطينية لن تتمكن منذ يوم غد من إيداع شيكات فلسطينية أو تلقي دفعات مالية من البنوك الفلسطينية وهذا ضرره يقع على الطرفين.

ناهيك عن صعوبة حصول العمال الفلسطينيين على رواتبهم خلال التحويلات المالية.

وبالتالي ستجد السلطة الفلسطينية نفسها معزولة عن النظام المالي العالمي وعن الاقتصاد الإسرائيلي، "ما سيؤدي إلى انهيارها".

وهذا أمر لا يمكن أن تقبل به "إسرائيل" لحاجتها الأمنية إلى سلطة التنسيق الأمني في ضبط الأمن بالضفة.

ووفق صحيفة ذي ماركر الإسرائيلية فإن تبعات ذلك على الجانب الإسرائيلي سيكون "كارثيا"، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى "مقاطعة دولية للبنوك الإسرائيلية، بادعاء أنها تتعاون مه الحكومة بالتسبب بانهيار البنوك الفلسطينية، وقد تجد البنوك الإسرائيلية نفسها تخضع لحصار دولي.

وإذا حدث هذا، سينهار الاقتصاد الإسرائيلي".

ليس هذا فحسب، بل سيمنح للسلطة الفلسطينية شرعية إصدار عملة مستقلة ومطالبة العالم بالاعتراف بها. "وهذه ستكون الخطوة الأولى نحو اعتراف العالم بدولة فلسطينية مستقلة".

في المحصلة فإن هذه الأزمة ما هي إلا جزء صغير من كارثة إقتصادية تشهدها "إسرائيل" بسبب العدوان على غزة، ومن مؤشرات خسارتها في الحرب باعتراف عضو الكنيست من الليكود، عَميت هليفي، الذي قال عبر يديعوت أحرونوت في أن "إسرائيل حققت إنجازاً واحداً في حربها على غزة يتلخص بالتطوع في الجيش، مقابل ما حققته حماس من إنجازات استراتيجية عشرة على نحو تنشيط الجبهات الأخرى ضد "إسرائيل"، وإخلاء عشرات آلاف الإسرائيليين من بلداتهم في "غلاف غزة" والقريبة من الحدود اللبنانية؛ وعزل "إسرائيل" سياسياً في العالم؛ وتنامي "موجة العداء للسامية في أنحاء العالم"؛ كذلك حصار بحريٍّ فعليٍّ على "إسرائيل".

والأهم هو المسُّ بالاقتصاد الإسرائيلي والحركة السياحية.

وهي فرصى للسلطة -لو صدقت النوايا- بأن تتحرر من الطوق الاقتصادي الإسرائيلي من خلال المبادرة إلى دعمها للمقاومةز

فالاقتصاد الإسرائيلي لن يحتمل خطوة كهذه كما يستشف من السياق أعلاه.. ولا ضير من أن تدفع السلطة ثمن هذه الخطوة الممكنة، دفاعاً عن الشعب الفلسطيني ودمه المستباح دون رادع.

***

بقلم: بكر السباتين

30 مارس 2024

 

معلوم وأمر بديهي لذوي التخصص والنخبويين في مجال الصحافة والإعلام فضلا عن السياسة، ما للحديث الموجه إلى جمهرة من الناس باختلاف ثقافاتهم وتعدد ميولهم وانتماءاتهم، من أهمية وتأثير ملموس ومحسوس، ينعكس على قناعاتهم ورضاهم عن المتحدث من عدمه، والأمر سيان فيما لو كان المتحدث سياسيا أو مصلحا أو واعضا أو خطيب منبر. والحكم ذاته ينطبق على كل من يتسلم دفة حديث على منصة، أو يمسك مايكروفونا أمام الكاميرا، فماداموا يتخذون من ألسنتهم أداة وصل وصلة بالمتلقين، عليهم أن يتقيدوا بما يتلفظون وما يصرحون به، من حيث عدم تجاوز المستوى العام لثقافة المتلقين، والتحدث ضمن إطار فهمهم جميعا، وأن يدركوا بالدرجة الأولى أن الوضوح والصراحة والشفافية وعدم المراءات، هي أساس ما هم ماضون فيه من حديث، حينئذٍ يكونون قد أثبتوا مصداقية في الوسيلة، تضمن تحقيقهم الغاية المنشودة وإيصالها إلى المتلقي.

ومما روى لنا التاريخ الحديث في أواسط القرن المنصرم، أنه طُلِب من ونستون تشرشل عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء في حكومة بريطانيا، إبداء الرأي في مشروع لموضوع متنازع عليه بين حزبَي العمال والمحافظين، وعندما انتهى من كتابة الخطاب الذي سيلقيه أمام مجلس النواب، طلب من سكرتيره الخاص أن يبدي رأيه في الخطاب، وبعد أن قرأه الأخير قال لتشرشل:

- الخطاب جميل جدا ياسيدي، ولكني لم أفهم! هل أنت مع أم ضد المشروع؟ فأجاب تشرشل مبتسما:

- هذا هو المطلوب تماما.

وأظن أن تشرشل لم ينفرد في مغزى رده هذا لوحده، فقد سبقه وعاصره وأخلفه وقلده ومشى على خطاه، كثيرون في بلدان العالم، ولاسيما في بلدنا العريق حضارة وشعبا وملوكا وسلاطين وولاة وحكومات، منذ نشأته حتى ساعة إعداد هذا المقال، إذ هم يعتمدون التورية أسلوبا متوارثا في خطاباتهم وتصريحاتهم ومقالاتهم. والتورية هي نوع من الأساليب البلاغية في اللغة العربية، وتقع ضمن (عِلم البديع)، معناها الاصطلاحي هو الإتيان بلفظ له معنيان، معنى قريب ظاهر غير مقصود، ومعنى بعيد خفيّ هو المقصود، والتورية غير مذمومة شرعا -كما جاء- إلا إذا أُريد بها إحقاق باطل أو إبطال حق، إذ تُعد حينها ضربا من التغرير والخداع.

إن في تزاحم الأحداث وتشعباتها التي تشمل مفاصل بلدنا كافة، ومحاولات أكثر من طرف في صنع القرارات المصيرية وبلورتها، والتلاعب في تأثيراتها وآثارها على أبناء البلد -لحساب جهة ما- تتطلب أغلب الأحيان اتباع أسلوب التورية في التصريحات وإبداء الآراء، من قبل المسؤول الأول في البلد أو الناطق عنه، وهذا المطب يستغله جيش مؤدلج ضمن حسابات وهمية مبرمجة وموجهة، بطرق ممنهجة تحت إشراف جهات مغرضة، وهي ما تُسمى (الذباب الإلكتروني) وأراه مصطلحا مستحدثا متوالدا عن مصطلح (الصحافة الصفراء) وهي صحافة غير مهنية، تهدف إلى إثارة الرأي العام ضد الحكومات والزعامات، عبر إشاعة فضائح مفبركة أو مبالغ فيها، أول من أنشأها الناشر والصحفي الأمريكي ويليام راندولف هيرست (1863- 1951) إذ ينتهج في صحفه ومجلاته التسقيط والتشهير بعثرة هنا أو سقطة هناك، بتورية متقنة تدس سموما بين الكلمات والصور المنشورة، وقد سميت بالصحافة الصفراء لأنها كانت تُطبع على أوراق صفراء رخيصة الثمن.

ومع تعدد الشبكات في الفضاء الإلكتروني، وسهولة بث ما مطلوب نشره، وسرعة وصوله إلى المواطن، تتزايد أفانين الجيش الإلكتروني، وتتطور أسلحته في المواجهة والمجابهة، ولا يُنكر تأثيره على شرائح عديدة من أبناء البلد، وتغيير قناعاتهم وآرائهم في سياسة قادة الدولة. لكن هناك مقولة لإبراهام لنكولن (الرئيس السادس عشر للولايات الأمريكية) تصح في الأزمان والأماكن والظروف كلها، إذ يقول: "يمكنك أن تخدع بعض الناس كل الوقت، وكل الناس بعض الوقت، لكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت".

***

علي علي

 

كانت المقاومة الفلسطينية بعد ٦٧ قد صعّدت عملياتها بحيث أصبح لها دور لا يقل أثرا وخطرا عن دور جيش نظامي، وقد ولّد الوجود الفدائي تحديدا في الأردن الخوف في أوساط يهود الشتات داخل دولة الاحتلال. لذلك انتفض الاستراتيجيون اليهود للبحث عن طرق تصيب هذا الوجود في مقتل.

وبالفعل فقد عملت دولة الاحتلال بكل طاقاتها على إنهاء هذا الوجود من خلال ضربه من الداخل وعزله عن الجماهير العربية. فقامت بتصعيد الخلافات بين فصائل المقاومة وقادتها من جهة، وبينهم وبين السلطات الحاكمة من جهة أخرى.

وبدأت في عام ٧٠ بتصفية الوجود الفدائي على الأراضي الأردنية، وكان للولايات المتحدة الأمريكية الدور الأبرز في هذه التصفية.

ثم جاء عام ٧٣ وكانت دولة الاحتلال قد وقعت في خطأ تقدير إمكانات القوات العربية المصرية والسورية بسبب أن الحرب جاءت مباغتة ومفاجئة لها بحيث أنها حطمت معنويات جيش العدو.

ولولا الجسر الأميركي لما تمكنت دولة الاحتلال من الصمود في الحرب.

فخلال الساعات الأولى التي أعقبت اندلاع الحرب اتخذت دائرة الدفاع الأمريكية إجراءات غير عادية لشحن الأسلحة المهمة لدولة الاحتلال.

وقد كان هذا الجسر الجوي عبارة عن سلسلة من الجسور، أضخمها هو الجسر الثاني والذي عُدّ أضخم جسر عرفه التاريخ العسكري. وقد خرق مدّ هذا الجسر الاتفاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها من أعضاء حلف الأطلسي.

وأكثر من ذلك أن الولايات المتحدة قامت بتجريد وحدات الجيش الأمريكي السابع من أسلحتها في أوروبا والولايات المتحدة بهدف شحنها إلى دولة الاحتلال.

وبعد الحرب بدأت تحركات "كيسنجر" وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك بين العواصم العربية من أجل إرساء السلام، لكن على الطريقة الأمريكية وليس لمصلحة العرب. فقد كان السلام المنشود يصب في مصلحة دولة الاحتلال ،منطقة نفوذهم وقاعدتهم، فكانت "كامب ديفيد" عام ١٩٧٨ والتحالف بين دولة الاحتلال والولايات المتحدة ومصر.

وصولا إلى عام ٨٢ والغزو اليهودي للبنان والدعم العسكري الأمريكي لدولة الاحتلال من أجل تحقيق أهداف سياسية لكلا الدولتين. ومن هذه الأهداف تحطيم منظمة التحرير الفلسطينية ،وإضعاف سورية وإقامة دولة موالية لليهود في لبنان. بالإضافة إلى إرهاب فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين بهدف التسليم لكل ما تقترحه دولة الاحتلال عليهم.

ولهذا رفضت الولايات المتحدة خلال فترة الغزو ممارسة أية ضغوطات على حكومة "مناحيم بيغن" في إيقاف الغزو. وذلك لأن هذا الغزو فرصة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المشتركة بين الدولتين والتي كنا قد ذكرناها.

ومن الأهداف البارزة التي حققها الغزو إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان بسبب الدور القذر الذي لعبه المبعوث الأمريكي "فيليب حبيب".

ومن المعلوم بأن جيش الاحتلال بغطاء من الكتائب اللبنانية قد ارتكب وانتهك الفظائع مثل مجزرة صبرا وشاتيلا دون رادع. وقد استعملت الولايات المتحدة وقتها حق النقض في مجلس الأمن الدولي لإسقاط مشروع تضمن إدانة دولة الاحتلال أو تطبيق أي عقوبات عليها.

واليوم يبرز الدور الأمريكي بشكل فاضح وعلني في حرب دولة الاحتلال على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤. ولا زالت الأولى هي الداعم الرئيسي والمهم والمدافع الظالم عن دولة الاحتلال.

يتبع.....

بديعة النعيمي

 

الخوف سلطان، العقوبة عنوان، السمع والطاعة قانون ودستور وبرهان، البشر بين السيف والنطع حيران، والموقع الممولٍ فتّان، ولا توجد محطة إعلامية بلا سلطة وسجّان!!

يتحدثون عن الحرية الصحفية والإعلام الحر، وإظهار الحقيقة العارية، وما برزت حقيقة ولا إنطلقت حرية، فالأقلام مقيدة والأفواه مكممة والجرأة جريمة، ومَن يفكر يكفر، فلا بد من العقول المعطلة والأقلام المؤجرة، والخنوع والتبعية والإيمان بأن الرب يتمثل في بشر يجب تقديسه وتقليده والموت في سبيله لأنه الرب في هيأة البشر.

أين الحرية الإعلامية فيما يُنشر ويُسوّق ويُعرَض ويُذاع؟

إختلط حابلها بنابلها، وضاع الخيط والعصفور، وكل يغني على ليلاه، والذهب أبلغ المتكلمين، وكل مَن عليها من الجياع المساكين.

فافعل بما تؤمر، ولا تكونن من المارقين!!

ثروات في بنوك الآخرين، وشعوب محرومة مدثرة بالقهر والأنين، والخراب ديدن، والإعمار عدوان، والتفاؤل شذوذ والقول بالخير منبوذ، ولابد من البؤس والقنوط  والتعثر والسقوط، ليغنم المتسلطون، ويحوفون ويكنزون، وعليهم بترويض البشر، وإحاطتهم بالخطر، والمنابر تنادي إلى أين المفر.

يا أيها الحفاة، إركعوا للعتاة، وأسيادهم الهُداة،  فعندهم خريطة الطريق المستقيم، وفي جعبتهم الخبر العظيم، إنها نعمة مطلقة، وجنات نعيم، لا تعرف الأليم، فاسجدوا مع الساجدين، ومَن ينبس ببنت شفة سيكون من المارقين.

إنها لعبة إغراق الدنيا بدماء الحياة، وتمرير مآرب ومشاريع الغزاة، والنشاط الديمقراطي المعاصر المُر.

فأنت تكتب وتنشر، فلماذا تتشكى وتتذمر وتنكر؟!!

فهذا هو الإعلام الحرّ!!

و"الحر يأبى أن يبيع ضميره

بجميع ما في الأرض من أموال"!!

***

د. صادق السامرائي

قامت الولايات المتحدة الأمريكية قبل حرب الأيام الستة عام ٦٧على تدعيم اقتصاد دولة الاحتلال وربطه باقتصادها.

وذلك بسبب العلاقة المتداخلة بين رأس المال الصهيوني والرأسمالية الأمريكية،  حيث يسيطر الرأس مال الصهيوني على مليارات الدولارات التي تتوزع على مختلف النشاطات الاقتصادية في الولايات المتحدة وبالتالي فالمستثمرين اليهود هم المسيطرون على تلك العمليات الاقتصادية ومراكزها. وهذه واحدة من المصالح المتبادلة التي نشأت بين الدولتين.

وتعتبر دولة الاحتلال من وجهة نظر امريكا السد المنيع الذي اعتمدت عليه لوقف النفوذ السوفياتي في المنطقة العربية وخاصة في مصر وسورية،  بالإضافة إلى العراق بعد نجاح ثورة ١٩٥٨.

وكان الهدف إجهاض حركة التحرر العربي بهدف السيطرة على موارد الشرق الأوسط وخاصة النفط.

لذلك قامت الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي "جونسون" الذي عرف بتعاطفه مع اليهود بتزويد دولة الاحتلال بصفقة أسلحة ذات أهمية، تشمل دبابات وطائرات متطورة.

ولا بد هنا أن نتطرق إلى ذكر اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الذي يمتلك معظم الأصوات في مجلس الشيوخ والذي يساهم في دفع حكومة أمريكا لتغدق بأنهار لا تنضب من الأسلحة والإعانات على دولة الاحتلال، بالإضافة إلى الدعم السياسي.

وفي عام ٦٧ عندما تأكدت الولايات المتحدة أن دولة الاحتلال ستربح الحرب، أعطتها الضوء الأخضر للبدء بالهجوم الجوي. وفي الوقت ذاته ابلغت الرئيس عبد الناصر بأن يعتمد عليها في معارضتها لقيام اي عدوان في المنطقة.

كما نسقت مع رئيس وزراء الاتحاد السوفياتي للتعاون الثنائي لمواجهة مشكلة الصراع بين العرب ودولة الاحتلال، وطلب منها مساعدته في عدم قيام مصر بأي عملية عسكرية استباقية ضد دولة الاحتلال.

غير أن هذه الحرب وقعت لكن بضربة استباقية من قبل دولة الاحتلال وبمباركة أمريكية ومساعدات عسكرية ودبلوماسية قدمتها الأخيرة لدولة الاحتلال في مجلس الأمن،  وبذلك وفّرت الوقت لتحتل الأخيرة أراضي ثلاث دول عربية.

وللمرة الأولى أصبحت الولايات المتحدة تشرف على المواصلات بين أوروبا القديمة وبين جنوب شرق آسيا والشرق الأقصى،  ما أتاح للعسكريين الأمريكيين الإشراف بسهولة على مصادر النفط العربي.

أما دولة الاحتلال فوسعت من رقعتها وتوسعت. وحققت أهدافها في ضم القدس واحتلال مرتفعات الجولان والضفة الغربية وإقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة وغيرها من الأهداف.

واليوم في حربها على غزة 2023-3044 نجد بأن التاريخ يعيد نفسه. فالولايات المتحدة لم تتخلى عن قاعدتها ومنطقة نفوذها وذيلها اليهودي. فها هي تقف خلفه وتحاول المحافظة على أمنه بكافة الطرق والوسائل سواء كانت شرعية أو غير شرعية...

يتبع......

***

بديعة النعيمي

 

الوقائع لا تعكس بالضرورة الحقائق التي ولّدت تلك الوقائع، أو التي كانت الدوافع لها؛ حتى تبسط هيمنتها الكلية على المقروء من حركة التاريخ، وفي غزة يتم ومنذ أكثر من خمسة شهور ذبح الناس في القطاع، وتدمير شامل وتام لكل الحياة فيه، والغرض هو تهجير الشعب الغزاوي الفلسطيني العربي من أرضه؛ تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية.

هذا المشروع الصهيوني يرتبط بمشاريع أخرى لا علاقة لها بأمن الكيان الصهيوني، بل إن العلاقة التي تكاد تكون الوحيدة؛ هي جعل دولة الاحتلال الإسرائيلي، دولة طبيعية في المنطقة العربية، وجزءا مهما واستراتيجيا في مشاريع طرق التنمية، وكل ما هو ذو صلة بها. ووضع الفلسطينيين مستقبلا، في زاوية ضيقة؛ لإجبارهم على الموافقة، أو التسليم بالمشروع الدولي والعربي، وربما حتى الإقليمي؛ بتصفية القضية الفلسطينية؛ وحصرها في حكم ذاتي تحت مسمى الدولة..

هذه هي الحقائق من وجهة نظري؛ لما يجري الآن من محارق للناس والأرض، ولكل ما ينبض بالحياة على مسمع ومرآى العالم، بما في ذلك الوطن العربي (النظام العربي) ودول الجوار، والسلطة الفلسطينية، أما الوقائع المسوقة إعلاميا؛ فتدفع تلك الحقائق إلى خانة الإهمال، بعدم تسليط الأضواء عليها، كي يفهم العالم الحر، ما يجري على أرض القطاع وأهدافه ومراميه، لتظهر وكأن دولة الاحتلال الإسرائيلي هي في موقع الدفاع عن النفس، أي أنها لا تريد سوى حماية سكانها وأمنهم لا غير. كل هذا يجري لدفن حقائق المشروع الصهيوني الغربي ـ الأمريكي ـ العربي. هذه المذبحة مستمرة لأكثر من خمسة أشهر مضت ولا تلوح أي إشارة على قرب وضع نهاية لها، ما يعني بصورة لا جدال فيها، منح الزمن الكافي للكيان الصهيوني لإتمام المشروع المشترك بينه وبين أمريكا والغرب والبعض من الأنظمة العربية، متناسيا أن هناك شعبا ناضل ويناضل بقوة وصلابة لا تعرف التراجع، أو الخوف أو اليأس؛ لإفشال هذا المشروع الصهيوني الأمريكي ـ الغربي ـ العربي. مثلا وليس حصرا؛ أمريكا تقول على لسان مسؤوليها وعلى أعلى مستوى؛ على إسرائيل توفير ملاجئ آمنة للمدنيين قبل الشروع باقتحام مدينة رفح، أي ليس لديها أي اعتراض على هذه المذابح من حيث المبدأ، بمعنى آخر أنها ـ أي أمريكا ـ تتشارك مع الكيان الصهيوني في أهمية اقتحام مدينة رفح. هذه كلها وقائع نسمع بها ونقرأ عنها، لكنها ليست الحقائق على أرض واقع الظل، الحقائق هناك؛ تختلف كليا عن هذه الوقائع، من حيث هي وقائع على الأرض، لكنها ليست حقائق التوليد لهذه الوقائع، تلك الحقائق يجري وجرى طمسها بسحب من التضليل المكثف جدا، بالطريقة التي تحجب بها الرؤية عن أن تبصر ما وراء هذه الوقائع من حقائق دافعة أو مكونة لها.. كل التصريحات الأمريكية، أو غيرها إقليميا وعربيا، ما هي إلا لرفع الإحراج وتبييض وجوه مسؤولي هذه الأنظمة والإدارات دوليا وعربيا وإقليميا، وحتى السلطة الفلسطينية.. يتحدث الإعلام عن أن هناك خلافا بين أمريكا وإسرائيل، إن هذا محض خداع وتضليل ودفن للحقائق، فليس بين أمريكا وإسرائيل أي خلاف أكان صغيرا أم كبيرا، دولة الاحتلال الإسرائيلي ستقتحم مدينة رفح في الأيام المقبلة، عند ذلك كيف يكون موقف أمريكا والعالم من هذا الاقتحام على ما في ذلك من مذابح، سوف تجري أكثر مما هو جار منها حتى هذه اللحظة؛ سوى الشجب والاستنكار، من دون اتخاذ أي إجراء فعال لوقف هذه المذبحة، كما حدث في الاشهر الخمسة الماضية على هذه المحارق. فالعراق مثلا تم غزوه واحتلاله وتدميره، وليس إسقاط النظام فقط، بل كان الغزو عملية مرسومة ومبرمجه لتدمير الدولة، بحجج واهية ليس لها أي نصيب من الحقيقة، بل إن جميع ما تم تسويقه لغزو واحتلال العراق؛ عبارة عن أكاذيب وافتراءات لا مثيل لها في كل تاريخ البشرية، إن النظام السابق كان نظاما ديكتاتوريا بامتياز، وحكم الشعب بقبضة من حديد، لكن الولايات المتحدة بإقدامها على غزو واحتلال العراق وتدميره كدولة؛ لم يكن السبب كما تدعي، هو تحرير الشعب العراقي من نظام ديكتاتوري، إضافة إلى الادعاءات الأخرى. هذه كلها تم تثبيتها كوقائع أمريكيا ودوليا وعربيا وإقليميا، حتى هيمنت هذه الوقائع على الخطاب الإعلامي الدولي والعربي والإقليمي، وجميعها كانت بعيدة كليا عن الحقائق التي دفعت أو قادت الولايات المتحدة إلى غزو واحتلال العراق وإنهائه كدولة فاعلة ومهمة إقليميا وعربيا. الحقائق التي قادت، أو كانت الدوافع لاحتلال العراق من قبل أمريكا؛ هي حصريا؛ النفط والغاز والموقع الاستراتيجي، وإعادة رسم خريطة المنطقة العربية؛ وهيكلة الأنظمة العربية، إلى عملية التطبيع المجاني إلى المحاولات الدؤوبة بتصفية القضية الفلسطينية.. لكن أمريكا حتى في هذا الجانب؛ فإنها في الطريق إلى الفشل التام في تحقيق أي من أهدافها سابقة الإشارة لها في هذه السطور. العمل يجري عراقيا وحثيثا على إخراج القوات الأمريكية من العراق، ولاحقا، لن يطول الانتظار؛ لنرى حتى البقية الباقية التي ستظل على أرض الوطن بحجة أو بأخرى؛ سيجري العمل عراقيا ـ وأشدد هنا على عراقيا ـ على إخراجها. إن الولايات المتحدة في الوقت الحاضر؛ تعاني من صعوبات جمة في الاقتصاد وفي السياسة، وفي الحروب التي تخوضها بالإنابة مع القوى الدولية الكبرى، وفي المحاور الدولية، المضادة لسياستها، وستزداد مع الوقت هذه الصعوبات، وعلى مختلف الجبهات داخليا وأوروبيا وفي المنطقة العربية وفي غيرها. هذه كلها ستكون في خدمة الدول والشعوب للتخلص من تغول أمريكا عليها، والعراق واحد من أهم هذه الدول، بل هو في مقدمتها للتخلص من النفوذ الأمريكي.. وبالعودة إلى المذبحة الصهيونية في قطاع غزة؛ أمريكا والغرب وحتى بعض الأنظمة العربية؛ توفر بطريقة أو بأخرى الغطاء لدولة الاحتلال الاسرائيلي لمواصلة حرائقه في القطاع، ومن أبرز هذه الأغطية هي إقامة أمريكا ميناء لتقديم المساعدات للشعب الغزاوي الفلسطيني العربي المحاصر، والواقع تحت وابل من القنابل بمختلف أنواعها وصنوفها، وكذلك بدعة قصف القطاع بحاويات المساعدات الإنسانية التي تجري عربيا وأمريكيا.

إن التحليل النهائي لهذه الإجراءات يقود حكما إلى أن هناك خطة مريبة؛ لتوفير الزمن اللازم لهذه الكيان المجرم في إتمام حصاد أرواح الناس والقضاء على البنية التحتية للقطاع هذا أولا، وثانيا لامتصاص غضب الشعوب الحرة في المعمورة مما يجري في غزة من إبادة جماعية. آما كان الأجدر بأمريكا، لو كانت فعلا؛ تريد إيقاف هذه المذبحة؛ أن تضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي وهي تمتلك كل عوامل الضغط؛ بإيقاف هذه الإبادة الاجرامية؛ يكفي فقط أن توقف الجسر الجوي للذخيرة والسلاح إلى دولة الاحتلال الاسرائيلي.. وهذا أيضا ينطبق على الانظمة العربية، لو أرادت الوقوف بوجه الكيان الصهيوني، وقوفا جديا وحاسما ومنتجا، لكن للأسف لم يحدث أي من هذا. الموقف الجريء والحاسم في الوقوف إلى جانب المقاومة الفلسطينية في غزة؛ هو موقف حركة أنصار الله في اليمن، وهو موقف يحسب لهذه الحركة تاريخيا، إضافة إلى الحدود المسيطرة عليها، أي انها تحت السيطرة؛ لاعتبارات ملزمة وضاغطة في حساب المحيط والبيئة؛ هو في موقفيَ المقاومة العراقية وحزب الله في لبنان في دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية، بطريقة محدودة، من دون الدخول في مواجهة مفتوحة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.. نعود مرة أخرى إلى أن حقائق التاريخ لا تمثل تمثيلا حيا وصادقا وحرفيا للوقائع التي تصنع التاريخ، إن الوقائع في الكثير منها؛ تكون مسبباتها لا علاقة لها بالوقائع التي أوجدت هذه المسببات التي صنعتها، أو تمت صناعتها بإرادة سببية للقوى الدولية أو الإقليمية التي تريد لها أن تكون بهذه الطريقة حصريا وليس بغيرها؛ حتى يتم لها محو هذه الحقائق، ليس محوا تاما وشاملا، وتسيدا على حقائق الحقيقة، بل محوا جزئيا؛ لأن الحقائق في واقع الظل؛ سوف تظهر جلية وواضحة، حين يتم بإرادة الخيرين من علماء التاريخ وخبرائه؛ تسليط الأضواء على الحقائق في واقع الظل. لكن في النهاية وكما علمنا الجانب المشرق والمضيء من تاريخ البشرية العظيم؛ أن الشعوب الحية سوف تنتصر على مستغليها من طغاة العالم.. مهما طال زمن الانتظار.

***

مزهر جبر الساعدي

 

1 - هم ذاتهم، من أسقطوا ثورة ألرابع عشر من تموز / 1958 الوطية، ومثلوا بقائدها الزعيم الخالد، عبد الكريم قاسم، ذات المذاهب والقوميات، وحثالات من هنا وهناك، ذات ألذين يبيعون قضاياهم كل يوم، في مزادات ألمنطقة ألخضراء، ذات ألذين تتشكل منهم حكومات الولائيين، ألذين يقاتلون بعضهم ويقتلون غيرهم، حتى وان توزعوا على أكثر من عاصمة للأرتزاق، ذات الذين استنزفوا ثروات ألعراق، وسفكوا دماء العراقيين، وزرعوا الأرض من زاخو حد الفاو، بأبشع المليشيات الدموية، هل نسيء الى أحد، او نرتكب خطأ، لو قلنا مباشرة، انهم الأضلاع ألثلاثة للنكبة، البيوتات ألمكوناتية، ألشيعية والسنية والكردية حصراً.

2 - صحيح أن ألبيوتات الثلاثة، قد شاركت بقتل العراق، لكنها بذات الوقت، دمرت قضاياها، ان كانت تحترم  قضايا مكوناتها أصلاً، فالبيت الشيعي اصاب التشيع في مقتل، ورفع القناع عن وهمية مظلوميته، والمبررات الزائفة لكامل عقائده وشرائعه، وصارت ألشتيمة والتكفير وألذخيرة ألحية احيانا، رأس رمح جهاديته، للحفاظ على ماء الوجه لمذهبهم، الملطخ بالقناصين والسيافين والقتلة المجهولين، البيت السني، راكع عند مفترق ألطرق، عارض مذهبه تحت الطلب، بين ان يكون بيتاً خليجي، او بيتاً لشيعة المذهب الأيراني، مقابل رئاسة مجلس ألنواب ووزارة الدفاع، اما البيت الكردي، فبيضة قبانه تسير على قدمين، اصابهما الهرم وألشلل، فلا رئاسة الجمهورية ولا وزارة الخارجية، تساويا مقايضتهما بقضية الشعب الكري، هنا فقدوا الخيط والعصفور معاً، وأصبحت مصداقيتها صفراً.

3 - البيوتات الثلاثة، لا يمكنهما أنكار ادوارها، في قتل العراق وسرقة ثرواته وسفك دماء أبناءه، ولا يمكنها تجنب موجة الغضب الشعبي، والثأر الوطني، الذي اقتربت لحظة أنفجاره، والأحتمالات غير السارة تدق ابواب سكان البيوتات، جميع أسباب المتغيرات العاصفة، تنضج من داخل حراكها، وتتبلور عن تيار وكتلة واعية، تجمع الرؤوس المعممة وغير  المعممة في قبضها، لترميها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، حينها ستتنفس رئة العراق بكامل سعتها، ويتنفس العراقيون برئة وحدتهم الوطنية، وفضائل الأخوة والمشتركات المصيرية، قد لا يصدق الأغبياء، لكن عندما تختنق انفاسهم، داخل حفرة تاريخ فضائحهم، سيصدقون أن كل شي سيحدث، أستحقاق على مقاسهم.

4 - كان على القيادات الكردية، في الحزبين الرئيسيين، ان كانا حقاً يحترمون حق شعبهم في تقرير مصيره، ان لا يقتربا من المنطقة الخضراء، ويفتحون امام شعبهم، جميع الأبواب التي تفضي الى التحرر والديمقراطية، وتحرص على توفير قنوات التواصل الوطني، بين شعبها والمجتمع العراقي، ويجب عليها ان تعلم، بدون موجة التحرر الوطني على عموم العراق، ستجف القضية الكردية وتتيبس في مكانها، وهذا ما حصل ويحصل فعلاً من داخل المنطقة الخضراء، عبر تحالفات مشبعة بالكراهية والأحتقان والوقيعة، مع الجماعات الأسلامية، القيادة الكردية، استغفلت شعبها بالشعارات القومية المثيرة، فخسرت نفسها من داخل تحالفات خادعة، حيث استطاع الطرف الآخر، اغرائها بالمنافع الحزبية ، ثم  اشراكها بملفات الفساد والأرهاب، حتى أصبحت جزء منه،  فخسر الشعب الكردي حلمة في التحرر، وأصبحت قضيته اصعب مما كانت عليه، وابتلعت المصالح الأجنبية، كامل مضامينها.

***

حسن حاتم المذكور

يتبين من المعنى اللغوي لجريمة الاغتصاب «أنها تقوم على فعل السلب بالقوة، أو بغير إرادة المسلوب منه، فالاغتصاب لغة يعنى السلب وهو أخذ الشيء بدون علم صاحبه أو إرادته، واصطلاحاً: يعني مواقعة أنثى بغير رضائها، أي اتصال رجل بامرأة اتصالاً جنسياً كاملاً دون رضاء صحيح منها بذلك»، وهذه الجريمة التي لا يرتكبها إلا من تفاقم شره، واستطار أذاه، يعد انعدام الرضاء هو جوهر الجريمة التي لا تنشأ إلا به فى القوانين الوضعية «وذلك مرده إلى أن محل الحماية الجنائية فى جريمة الاغتصاب هو حرية المرأة الجنسية، ولا يتصور الاعتداء على هذه الحرية، إلا إذا كان فعل الوقاع قد حصل دون رضاء المرأة، فإذا حصل الاتصال الجنسي بين الرجل والمرأة الراشدة برضاء هذه الأخيرة، فإن الفعل لا يشكل جريمة اغتصاب، ولكنه قد يشكل جنحة الزنا، أو جنحة ارتكاب فعل منافٍ للحياء إذا كان الوقاع قد حصل علانية».

ولعل الحقيقة التي لا يرقى إليها شك، والواقع الذي لا تسومه مبالغة، أن هناك بوناً شاسعاً بين نظرة الشريعة لجريمة الاغتصاب والقانون الوضعي، فالشريعة تعتبر كل وطءٍ نجم عن علاقة غير شرعية فهو زنا محض، وتعاقب عليه دون أن تعول على رضاء الطرفين، فإذا أقدم العاجز على مغالبة نفسه، ومجاهدة هواه، لقهر امرأة ومواقعتها دون رضائها أو برضائها، فالعقوبة التى تطوله واحدة فى كلا الفعلين، وهى الجلد للبكر الذى لم يسبق له الزواج، والرجم للمحصن، فالشريعة الإسلامية تتسم نظرتها للجريمة بالشمول «فكل اتصال جنسي يتم بين ذكر وأنثى متزوج وغير متزوج، يعتبر فى نظر الشريعة إثماً كبيراً، ويدخل ضمن جرائم الحدود، بينما تتسم نظرة القانون الوضعى بالتخصيص، فإن ارتكب الاتصال الجنسي برضاء الطرفين، وتوافرت فى إحداهما سواء الرجل أو المرأة صفة الزوج، كان ذلك فى نظر القانون الوضعي زناً يعاقب عليه بعقوبة الجنحة، فإن كان هذا الاتصال الجنسى بدون رضاء المرأة وكرهاً عنها، سواء أكانت متزوجة أو غير متزوجة، وسواء أكان من واقعها متزوجاً أو غير متزوج، فإن الجريمة تسمى الاغتصاب أو مواقعة أنثى بغير رضائها».

فالقوانين الوضعية لا تعتبر كل فعل محرم زنا، وأغلبها كما رأينا يعاقب على الزنا الذى يبدر من الأزواج، ونجد أن القانون المصرى يعاقب على الوقاع فى حالة الاغتصاب، ولكن إذا تم هذا الفعل المشين الذى استهجنته كل الشرائع السماوية، والفطر السليمة التى تستنكف عن فعله ومواتاته بالتراضى، «فلا عقاب ما لم يكن الرضاء معيباً، ويعتبر القانون المصرى الرضاء معيباً، إذا لم يبلغ المفعول به ثمانية عشر كاملة، ولو وقعت بناءً على طلبه هو ــ فإن بلغها اعتبر رضاؤه صحيحاً، والعقوبة فى حالة الرضاء المعيب بسيطة، لأن الفعل يعتبر جنحة ولا يتعدى الغرامة المالية»، وليس الأمر مقصوراً على القانون المصري بل يتعداه إلى معظم البلدان الإسلامية والعربية.

***

د.الطيب النقر

أمضى العرب القرن العشرين في مستنقعات الأوطان، وأحواض الدول والأحزاب السياسية، وصناديق الفردية والإستبداد والطغيان الأليم.

وفي بداية القرن الحادي والعشرين تمكنت بعض الحياة التسرب إلى مستنقعات وجودهم، سواء بالقوة المسلطة عليهم، أو بإرادتهم، وتحول وجودهم إلى حالة أخرى، لكنهم أحالوها إلى بركان.

ولكي يخرج العرب من حالة "التبركن"، عليهم أن يدركوا ضرورة المياه الجارية، والإيمان بأن حياة الأنهار وقوانينها مصيرهم لكي يعيشوا في عصرهم.

فالبركان يحرق ويرمي حمما، ولابد للبراكين أن تهدأ، بعد أن أحالت ما حولها إلى وجود هامد، أما النهر فيجري ويسقي ارجاء الوجود ويبعث الحياة الزاهية بالعطاء.

ومن أهم قوانين الأنهار هو الجريان، وهذا يعني التغيير والتبدل، فلا يمكننا عبور النهر مرتين.

ووفقا لإرادة الجريان فأن الأمواج تتوافد وتتعاقب، وكل موجة تؤدي دورها وتذهب لتأتي غيرها، وتعيد نفسها.

والأنظمة السياسية عليها أن تتعلم من الأنهار، وتكون حكوماتها مثل أمواج المياه الجارية، تنهض لفترة معينة وتذهب لتأتي موجة أخرى غيرها فتؤدي دورها.

ويبدو أن المجتمع بحاجة لتغيرات سياسية متواصلة لكي يجد طريقه، أما أن يقيم على حالة واحدة ، فأنه يدفع بطاقات الأنهار إلى الإنحباس في مستنقعات الحكومات الراكدة فيعم التعفن والفساد.

فالمطلوب أن تؤلَّف حكومات تؤدي دورها الإيجابي لفترة وتذهب، ليحل مكانها حكومة أخرى، ليتم إستيعاب طاقات التغيير، فالكل عليه أن يتبدل لتتواكب أمواج الحياة ويتحقق الإستقرار، وتتسلق الجماهير سلم الرقاء الحضاري.

فهل أدركنا جوهر مأساة أنظمتنا السياسية المعوِّقة لمناهج صناعة الحياة؟!!

و"قف دون رأيك في الحياة مجاهدا...إنّ الحياة عقيدة وجهاد"!!

***

د. صادق السامرائي

 

نعم، يمكننا أن نستخلص الحقائق من خرافات جداتنا بطريقة الروائي الجزائري واسيني لعرج: استمتعت مساء أمس بمشاهدة لقاء مع الروائي الجزائري واسيني لعرج وهو متحدث لبق وممتع وقد توقفت عند قضيتين ذكرهما: الأولى هو أنه تحدث عن جذور عائلته الفقيرة الأندلسية وكيف جاءت واستقرت بإحدى قرى تلمسان في الجزائر، بعد انهيار الدولة العربية الإسلامية في الأندلس. قال لعرج إن إحدى جداته كانت تقول حين تسأل عن أصولهم الأندلسية وكيف جاءوا إلى الجزائر أن جدهم الأبعد - حين تقرر طرد العرب والبربر المسلمين واليهود في القرن السابع عشر من الأندلس - كان يعيش في حي بايزيني في غرناطة وهو حي ما يزال قائما إلى اليوم وكانت له فيه دار ومكتبة ضخمة وكانت لديه خادمة أو "عبدة" كما يسمونها باللهجة المحلية، فأعطته قطعة خشب وقالت له أعبر بهذه الخشبة إلى "العدوة الأخرى" الجهة الأخرى من البحر وعد إلى قومك وهذا ما حدث وعاد ووصل إلى ميناء أرشكون الذي لم يعد قائما اليوم.

بعد سنين وعقود، وفيما كان لعرج يتجول رفقة زوجته في مكتبة كبيرة ذكر اسمها عثر على كتاب بعشرة مجلدات عن المورسيكيين "العرب والبربر المسلمين" وكيف هربوا من الاضطهاد الإسباني في الأندلس. واختار واسيني أحد مجلدات الكتاب بمحض الصدفة وقرأ فيه فصلاً عن تلك الأحداث فوجد أن سفينة من مجموعة سفن إيطالية كانت تساعد الفارين العرب الأندلسيين إلى الشاطئ المغاربي وتوصلهم إلى ميناء اسمه أرشكون ... والعجيب أن إحدى هذه السفن كان اسمها عبدة (ABDA)! ويقول لعرج: "وفجأة تذكرتُ حكاية جدتي عن الوصيفة عبدة التي تعاطفت مع جدنا وألقت له بقطة خشب، هي هنا كناية عن السفينة، ووجدتُ أن الأمر يتجاوز الخرافة التي حكتها الجدة وإننا يمكن أن نقرأ ونحلل ما يعتبر خرافة لنجد فيه جزءاً من الحقيقة وأن التأريخ مفروش بهذه "الخرافات/ الأساطير" وأن علينا أن نبذل جهدا تحليليا لنصل إلى ما وراءها من حقائق"!

القضية الثانية في حديث لعرج التي توقفتُ عندها هي ما قاله عن الجذور العربية الاستلهامية وليس الاستنساخية لرواية سرفانتس (1547 -1616م) الشهيرة "دون كيخوطة/ دون كيشوت"، والتي تعتبر الكتاب الأهم باللغة الإسبانية والذي إليه يعود الفضل في تشكل وتكوين اللغة الإسبانية المعروفة اليوم "القشتالية" بعد أن كانت لهجة من لهجات في المنطقة. ويقول لعرج أن سرفانتس مؤلفها أشار بنفسه إلى تلك الجذور الاستلهامية حين ألفها قال إنه عثر على مخطوطة قصة مكتوبة بالعربية بقلم شخص اسمه حامد بن منجلي" وهو اسم عربي وطلب من صاحبها بعد أن اشتراها منه في سوق شعبي في غرناطة أن يأتي ويترجمها له في بيته مقابل معلوم نقدي فوافق على ذلك. ولكن هذه المعلومة لا تعني بالضرورة أن المؤلف عربي بل هي طريقة روائية لحكاية النص على لسان شخص آخر وهناك من يعتقد أن سرفانتس كتب روايته حين كان سجينا في مدينة الجزائر بتهمة جنائية مالية. ما لفت انتباهي هو أن هذه الفقرة غير موجودة في الترجمات العربية لرواية سرفانتس - وقد راجعت أكثر من ترجماتها العديدة إلى اللغة العربية وأنا من عشاق الدون القدماء - ولا أدري هل حذفها المترجم العربي لسبب ما أو أن الناشر الإسباني المعاصر أو المترجم للرواية إلى لغة وسيطة كالفرنسية هو الذي حذف هذه المعلومة. أكد معلومة واسيني هذه شادي روحانا في مقالته المهمة "سرفانتس والعرب وفيها ولكن بتفاصيل مختلفة جزئيا ولكنها هي نفسها من حيث الجوهر.

* بالمناسبة واسيني هو ابن أحد شهداء الثورة الجزائري وكان أبوه نقابياً عماليا معروفاً ترك فرنسا والتحق بالثورة ثم قتله الجنود المظليون الفرنسيون تحت التعذيب وما يزال جثمانه أو قبره مجهولا حتى اليوم. وكان واسيني قد وجه رسالة الى الرئيس الفرنسي الحالي يطالب فيها بمعرفة مصير والده وكيف اغتيل ومكان جثمانه قبل فترة ولكنه لم يستلم جوابا من ماكرون حتى الآن!.

وفي المناسبة فواسيني لعرج – الذي يعمل أستاذا جامعيا الآن في جامعة السوربون الفرنسية - من القلة المثقفة العربية التي رفعت صوت الاحتجاج ضد حرب الإبادة الصهيونية والتضامن مع الشعب الفلسطيني فاعتبر – في تصريحات صحافية له - ما يجري في غزة اليوم من قتل ودمار بمثابة "جريمة إبادة" لا يمكن تبريرها، مستنكرا الموقف العربي الرسمي مما يحدث في غزة. وأضاف "إنه زمن متوحش جديد...أن الحس البشري لم يعد موجودا" ويختم بالقول لقد "استيقاظ العمق المتوحش الحيواني في إسرائيل وأصبح مطلق الحرية".

***

علاء اللامي

........................

*المقابلة بثت مساء أمس ولكني عثرت على تسجيلها على اليوتيوب ... هنا، رابطها:

https://www.youtube.com/watch?v=o16MWPH1zIk&ab_channel=%D9%81%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%B324%2FFRANCE24Arabic

يقول الإرهابي الصهيوني دافيد بن غوريون في بدايات قيام الدولة "إن اليهود يخوضون اليوم مع العرب معركة المياه، وعلى مصير هذه المعركة يتوقف مصير "إسرائيل "، وإذا لم ننجح في هذه المعركة فإننا لن نكون في فلسطين".

كان من ضمن نجاح الخطة الصهيونية للاستيلاء على فلسطين السيطرة على منابع المياه التي تغذي البلاد، على رأسها جبل الشيخ ونهر الأردن وبحيرة طبريا وغيرها من المنابع المهمة والموارد.

فما كان من الإدارة الأمريكية إلا أن مولت عدد من المشاريع المائية التي تخدم دولة الاحتلال وتحافظ على وجودها كقاعدة لها في الشرق الأوسط.

وحتى العدوان الثلاثي عام ٥٦ الذي كان من أحد أسبابه المعلنة تأميم قناة السويس من قبل رئيس مصر جمال عبد الناصر، كان للولايات المتحدة الأمريكية يد خفية فيه، مع أن الدول التي كانت في الواجهة هي بريطانيا وفرنسا ودولة الاحتلال.

وبصرف النظر عن الأسباب سواء كانت تأميم القناة أو رفض الرئيس عبد الناصر الدخول في حلف بغداد أو غيرها من الأسباب التي جعلت من الولايات المتحدة الأمريكية هي الرأس المدبر لهذا العدوان الذي في حقيقة الأمر كان رباعيا لا ثلاثيا.

حيث استخدمت الأخيرة دولة الاحتلال لافتعال مثل هذا العدوان.

وما قرأنا عنه من تدخل الولايات المتحدة الأمريكية ودورها الإيجابي في وقف العدوان على مصر هو كذب وتزييف للحقائق.

فدورها في وقف العدوان إنما جاء من قبيل إخضاع بريطانيا وفرنسا لها. ولكي تثبت للعالم الغربي أنها الزعيم، وخاصة بعد أن خرجت بعد الحرب العالمية الثانية كأضخم قوة في العالم. ما أدى إلى تحول أوروبا إلى تابع ومنفذ لقراراتها.

أما دولة الاحتلال فأيقنت أن لا بقاء لها ولا استمرار من دون دعم هذه القوة العالمية.

وقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية بالتغلغل في أفريقيا بعد أن قامت بتنحية بريطانيا وفرنسا بفضل دولة الاحتلال وموقفها وخاصة بعد الاستيلاء على مدينة "ايلات" أم الرشراش سابقا. الأمر الذي سمح للولايات المتحدة بالتسلل إلى أفريقيا وإقامة الشركات الأمريكية تحت قناع يهودي.

والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة بعد ٥٦ كانت قد لعبت دورا بارزا في تقليص قضية فلسطين واختزالها إلى قضية للاجئين، فأنشات منظمات الإغاثة وعلى رأسها "الأونروا" بشكل مؤقت لحين تذويب هؤلاء اللاجئين في الدول التي استقروا بها.

هذا ما ظنته الولايات المتحدة وذيلها اليهودي. لكن هيهات.. ففلسطين شمس لا تغرب ما دام هناك قلب ينبض بقضيتها.

فكلما حاولوا طمسها وتغييبها، انتفض هذا القلب..وكان ٧/أكتوبر/٢٠٢٣، اللهب الذي أحرق غطرسة أميركا ودولة الاحتلال.

يتبع....

***

بديعة النعيمي

بدأت منطقة الشرق الأوسط، المعروفة باحتياطاتها الهائلة من النفط والغاز، في التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة لمكافحة تغير المناخ وضمان الاستدامة للأجيال القادمة. ويعود هذا التحول إلى عوامل مختلفة بما في ذلك انخفاض تكاليف التقنيات المتجددة، وزيادة الضغط العالمي للحد من انبعاثات الكربون، والرغبة في تنويع مصادر الطاقة لضمان أمن الطاقة.

تعتبر الطاقة الشمسية من أهم مصادر الطاقة المتجددة الواعدة في الشرق الأوسط. ومع وفرة ضوء الشمس على مدار العام، تتمتع بلدان هذه المنطقة بإمكانيات هائلة لتسخير الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء. في الواقع، قامت دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن بالفعل باستثمارات كبيرة في مشاريع الطاقة الشمسية وهي في طريقها لتصبح رائدة عالميا في إنتاج الطاقة الشمسية.

كما تكتسب طاقة الرياح المزيد من الاهتمام في الشرق الأوسط، حيث تستثمر دول مثل مصر وإيران والمغرب في مزارع الرياح لتوليد الكهرباء النظيفة. توفر الجغرافيا الفريدة للمنطقة، مع الصحاري والسواحل الشاسعة، ظروفًا مثالية لتوليد طاقة الرياح، مما يجعلها خيارًا قابلاً للتطبيق لتطوير الطاقة المتجددة.

علاوة على ذلك، يتمتع الشرق الأوسط بإمكانات كبيرة للطاقة الحرارية الأرضية، خاصة في البلدان ذات النشاط البركاني مثل تركيا وإيران. تتميز الطاقة الحرارية الأرضية بكونها مصدرا ثابتا وموثوقًا للطاقة المتجددة، فضلاً عن كونها أكثر فعالية من حيث التكلفة من الوقود الأحفوري التقليدي على المدى الطويل.

الطاقة الكهرومائية هي مصدر آخر للطاقة المتجددة التي يمكن استخدامها في الشرق الأوسط، وخاصة في البلدان التي لديها إمكانية الوصول إلى الأنهار والمسطحات المائية مثل تركيا وإيران. في حين أن مشاريع الطاقة الكهرومائية يمكن أن يكون لها آثار بيئية كبيرة، فإن التخطيط والإدارة الدقيقين يمكن أن يساعدا في تقليل هذه الآثار وضمان التنمية المستدامة.

وبالإضافة إلى هذه المصادر، يمكن أن تلعب تقنيات الطاقة الحيوية وتحويل النفايات إلى طاقة أيضا دورا مهما في مستقبل الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط. يمكن لبلدان المنطقة استخدام موارد الكتلة الحيوية مثل النفايات الزراعية، والنفايات الصلبة البلدية، والنفايات العضوية لتوليد الكهرباء والحرارة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتخفيف التلوث البيئي.

على الرغم من الإمكانات الهائلة للطاقة المتجددة في الشرق الأوسط، إلا أن هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها لتحقيق هذه الإمكانات. وتشمل هذه التحديات الحواجز التنظيمية، والافتقار إلى البنية التحتية، ومحدودية خيارات التمويل، والحاجة إلى تنمية القوى العاملة الماهرة. ومع ذلك، فمن خلال التخطيط الاستراتيجي والتعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الدولية، يمكن معالجة هذه التحديات وتسريع نشر الطاقة المتجددة في المنطقة.

أحد المحركات الرئيسية لمستقبل الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط هو الاعتراف المتزايد بالفوائد الاقتصادية للطاقة النظيفة. ويمكن للاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة أن تخلق فرص عمل، وتحفز الاقتصادات المحلية، وتقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد المكلف. وهذا التحول نحو اقتصاد الطاقة النظيفة يمكن أن يعزز أيضًا أمن الطاقة ويقلل من التعرض لتقلبات سوق الطاقة العالمية.

علاوة على ذلك، فإن التحول إلى الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط يمكن أن يساعد المنطقة على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق باريس والمساهمة في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. ومن خلال الحد من انبعاثات الكربون وتعزيز التنمية المستدامة، يمكن لبلدان الشرق الأوسط أن تلعب دورا حاسما في المعركة العالمية ضد تغير المناخ وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.

في الختام، يبدو مستقبل الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط واعدا، مع إدراك دول المنطقة بشكل متزايد للفوائد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية للطاقة النظيفة. ومن خلال تسخير الموارد الطبيعية الوفيرة المتاحة في المنطقة والاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة، يمكن لمنطقة الشرق الأوسط أن تقود التحول نحو نظام طاقة أكثر استدامة ومرونة يستفيد منه الأجيال الحالية والمستقبلية.

***

محمد عبد الكريم يوسف

يقول أجدادنا المطر الخير، ويؤكد صحة كلامهم الذِكر الحكيم (وخلقنا من الماء كل شيءٍ حي)، والمطر نعمة في كل البلدان بما فيها بلاد الكفّار كما يقولون.. هذا القول المضحك الذي جعلنا أمّة ضحكت من جهلها الأمم رغم عراقة الحضارة وأصالة الخُلق ومنبع الثروات، وصرنا نتحدث كثيراً عن مجد الماضي لأن الحاضر غير محبوب والمستقبل مرهون بالوعود والأكاذيب مثل نحارب الفساد، نظام العراق ديمقراطي، قمع الدكتاتورية، وغيرها.

 المطر خير ونعمة من الخالق الكريم لكنه صار نقمة من المسؤول البخيل الذي ينظر الى المال والإمتيازات والجاه ويظهر في اللقاءات الإعلامية يكذب على الشعب، والغريب أن هذا المسؤول يصبح قديماً في المهنة فيرتقي إلى منصب أعلى، وكل هؤلاء الناس يهابونه ويتذللون له، ولايسألون أنفسهم من هم المسؤولين عن ملفات الفساد، ولماذا لازالت زخة مطر تغرق البيوت ببعض المناطق في زمن الهواتف النقالة والإنترنت الضوئي والتجارة الرقمية التي أبدع بها بلاد الكفار؟.

الأمطار لم تعد نعمة بالنسبة للناس البسطاء الذين تغرق منازلهم بالمياه الملوثة لأن البلدية وهيئة المجاري مقصّرة بواجبها الوظيفي، ولم يعالجوا هذا الحال المائل وكأنه معضلة كبيرة .. للأسف هي نعمة للمسؤول الذي منذ أشهر وهو يصرّح برفع خزين المياه وتحسن الوضع المائي وانتعاش الاهوار، ونجاح الخطة الزراعية ووفرة محصولي الحنطة والرز وإيصال مياه الشرب إلى المنازل، فالمسؤولين عن الملف المائي عجزوا لسنوات عن معالجة شح المياه وضربه للأراضي التي اكتسحها الجفاف ونفقت بسببها الثروة السمكية والحيوانية، فضلاً عن هجرة سكانها، لتأتي الأمطار وتحل المشكلة بفطرة الخالق التي فطر الطبيعة عليها.

***

ابتهال العربي

 

"وإن ربك لبالمرصاد"

في تسعينات القرن الماضي قالت لي أمرأة عراقية طيبة طاعنة في السن، "إن ربك يمهل ولا يهمل"، و"على الباغي تدور الدوائر "،و"الظلم لا يدوم"، وسترى نهاية الظالمين، إنهم إلى بئس المصير، وكنت أتصور كلامها خيالا، لكن الذي حصل أثبت ما لم يكن في الحسبان، و" إذا جاءت الأقدار عميت الأبصار"، فإنتهى حال الظالم المقصود إلى أسوأ من أقبح خيال.

وإستمعت لكلمة قديمة للرئيس الحبيب بورقيبة مع القذافي أثناء زيارته لتونس وهو ينصحه قائلا بما معناه : " يثور عليك شعب مثقف وواعي خير من الشعب الجاهل"، ودارت الأيام وإذا بالقذافي ينتهي نهايته المعروفة، وإنكشفت أوهامه، وسوء حاشيته، وخداعهم له.

واليوم تردني رسالة من أحد الأصدقاء، عن شخص خان مدينته وفعل ما فعل عندما كان ذو سطوة وقرب من السلطة، وإذا به ينتهي نهاية قاسية، وحيدا في بلاد الإغتراب.

معادلة ثابتة لا تقبل التحريف تسري في الكون، خلاصتها أن العناصر الداخلة فيها تحدد نتائجها، فكيفما تكون نؤول، وما فيك يحدد مصيرك، ولن يخفى ما في الصدور من نزعات ومآرب وتطلعات.

"ومهما تكن عند امرئ من خليقةٍ...وإن خالها تخفى على الناس تُعلمِ"

ويتحقق علمها بنتائج المصير، فالأمور بخواتمها، "وإن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يُرى"

وفعل ما فعل و" سعى في خرابها"، وما تورع ولا إتقى، وحسبها ملك يديه، وستدوم له، وتناسى لو دامت لغيرة ما آلت إليه.

 وبعض المدن منكوبة بأبنائها الذين لا ينصفونها ولا تأخذهم الغيرة نحوها، فلا يذكرونها ولا يتعاضدون ويتكاتفون، بل يُظهرون العداوة لمدينتهم وأهلها، وهؤلاء مصيرهم وخيم.

و"تلك الموازين والرحمن أنزلها...رب البرية بين الناس مقياسا"

و"إن الله لايحب الخائنين"

فلا تلومن غيرك إذا كنت من الجاحدين، الموالين للظالمين!!

***

د-صادق السامرائي

 

تعتبر دولة الاحتلال الدولة الوحيدة التي قامت "بوعد" باطل ليس له سند قانوني أو شرعي.

فمن الشتات ودهاليز أوروبا ومعسكرات ألمانيا وصقيع روسيا وزقاق بولندا، سار القطار الصهيوني الشاذ اللاشرعي بدعم أمريكي نحو أرض فلسطين. من خلال انتداب بريطاني إلى تقسيم غير مبارك، فعصابات وليس انتهاء بعضوية في الأمم المتحدة تحت مظلة أمريكية.

من المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية احتضنت مشروع تقسيم فلسطين الذي أشارت إليه اللجنة الموفدة إلى فلسطين في مايو/١٩٤٧ من قبل الجمعية العمومية للأمم المتحدة. بل وتعاونت مع الحركة الصهيونية على شراء الضمائر والأصوات لتمرير قرار التقسيم.

وقد جاء اعتراف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية "ترومان" بعد دقائق من إعلان "دافيد بن غوريون" قيام الدولة.

ولم يقتصر الأمر على هذا بل إن "ترومان" قام بتعيين سفيرا للولايات المتحدة الأمريكية في "تل أبيب".

كما أنها ساهمت بفتح أبواب الهجرة اليهودية إلى فلسطين دون قيد أو شرط.

وبما أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر أكبر حاضنة لليهود والأثرياء الداعمين للحركة الصهيونية فقد كانت التبرعات التي تصل إليها بملايين الدولارات في فترة قيامها وما سبق ذلك بسنوات.

وكان أيضا أن تدخلت في إنقاذ دولة الاحتلال ماليا في أوائل الخمسينات عن طريق الضغط على جمهورية ألمانيا الاتحادية بدفع عشرات ملايين الدولارات.

لكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تفعل ذلك من أجل "سواد عيونهم" كما يقال، إنما لأنها صاحبة المصلحة الكبرى في إيجاد هذه الدولة في هذه الرقعة من الارض.

وليس أدل على ذلك من قول "ترومان" عند قيام هذه الدولة : (لقد قامت "إسرائيل" في منطقة الشرق الأوسط لكي تتصدى لتيار النعرة الوطنية، فإذا لم تستطع أن تحقق هذا فلا أقل من أن تجتذبه بعيدا عن مصالح البترول الأمريكي في الشرق الأوسط).

ومن هنا يتضح أن الهدف من مؤيدي التقسيم داخل الحكومة الأمريكية هو إنشاء دولة يهودية تكون بمثابة قاعدة أمريكية آمنة ومتطورة في الشرق الأوسط حيث تكون هي الجسر الرئيسي إلى آبار النفط العربي.

كما أنها أرادت من هذه الدولة الوليدة أن تكون سدا وجيشا تستخدمه في استراتيجيتها تجاه الوطن العربي عن طريق المصالح المتبادلة بينهما.

وهذا غيض من فيض من الدور الذي قامت به الولايات المتحدة لمساعدة دولة الاحتلال على القيام وأخذ حيز صغير في الشرق الأوسط لكن مفعوله كبير.

وقد توالت المصالح المتبادلة بينها وحتى يومنا هذا في حربها على غزة 2023 – 2024م.

يتبع.....

***

بديعة النعيمي

 

الحرب خدعة والكذب إحدى أدوات الحرب وتظهر أهميته في الحرب النفسية والتضليل الإعلامي، ولكن لا يكون الكذب فعالا إلا إذا وجد من يصدقه، لذا فالمشكلة في آفة الكذب ليس في الجهة التي تكذب بل فيمن يصدق الكذب ويتصرف على أساسه دون تدقيق وتمحيص بالرواية.

هذا ينطبق على سلوك الأفراد وعلى الدول أيضاً، فالكيان اليهودي العنصري قام على أساس أكاذيب وأساطير حيث خلط الأساطير مع الدين مع السياسة والاقتصاد، واستطاع لأكثر من سبعة عقود تضليل العالم وخصوصا في الغرب، إلى أن جاءت جرب الإبادة على الشعب الفلسطيني لتكشف حقيقة هذا الكيان، وهذه أمثلة من الأساطير والأكاذيب:

1- إنهم شعب الله المختار، ولا نعلم كيف رب العالمين يفضل شعبا عن بقية الشعوب وتستمر الأفضلية والاختيار إلى اليوم مع أن رب العالمين أتى بعدهم بأنبياء وكتب مقدسة!

2- أسطورة وعد الرب لليهود بأرض فلسطين، وكأـنه في ذاك الزمان قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة كانت هناك حدود تفصل الدول والمجتمعات عن بعضها البعض والعالم مقسم جغرافيا!

3- أكذوبة أن يهود اليوم هم نفس السلالة وامتداد للعبرانيين واليهود المذكورين في الكتب المقدسة، بينما يهود اليوم في الواقع لمَّم من جنسيات وشعوب لا علاقة لهم باليهود الأوائل وكثيرون منهم ليسوا يهودا أصلا.

4- أسطورة الهيكل المزعوم تحت المسجد الأقصى، بالرغم أنهم ومنذ قيام كيانهم عام 1948، بل وقبل ذلك، يحفرون وينقبون تحت المسجد وفي كل الأراضي الفلسطينية ولم يجدوا ما يدل على وجود الهيكل ولا أي أثر يدل على وجود حضارة اليهود المزعومة!

5- كما زعموا في بداية مشروعهم الصهيوني أن فلسطين أرض بلا شعب ويجب أن تمنح لشعب بلا أرض وهم اليهود! وأثبت الواقع وكل الوثائق التاريخية كذب مزاعمهم، فهم لم يكونوا يوما شعبا كما أن الشعب الفلسطيني كان وما زال ثابتا على أرضه ويقاتل دفاعا عنها والعالم أعترف بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره على أرضه كما اعترف بالدولة الفلسطينية.

6- وزعمت جولدا مائير أول رئيسة وزراء في الدولة اليهودية أن كبار الفلسطينيين سيموتون والصغار سينسون، والواقع يقول إن الصغار هم الذين حملوا راية الثورة والكفاح وما زالوا يقاتلون.

7- ولأن دولتهم وروايتهم قامت على الأكاذيب فإن حبل أكاذيبهم لم يتوقف أو ينقطع. أكاذيب حول ديمقراطية الدولة فيما كيانهم الأكثر عنصرية في التاريخ المعاصر وقد صدر قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975 يعبر الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري.

8- أكاذيب حول سعيهم للسلام بينما قتل اليهود بممارساتهم على الأرض كل فرص السلام و تهربوا من الاتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين كما يرفضون الالتزام بكل قرارات الشرعية الدولية بهذا الشأن.

9- أكاذيب بأن تطبيعهم مع الدول العربية يعجل بعملية السلام وقيام الدولة الفلسطينية بينما كان هدفهم خلق فتنة وقطيعة بين الفلسطينيين والعرب والتفرد بالفلسطينيين وهو ما يجري اليوم.

10- روجوا أكاذيب أن كيانهم يتعرض لتهديد وجودي من دول الجوار، بينما دولتهم تمارس الإرهاب وتحتل أراضي من دول الجوار: سوريا ولبنان والدولة الفلسطينية.

11- ويكذبون عندما يبررون عدوانهم وإجرامهم بأنه ممارسة لحق الدفاع عن النفس، بينما حق الدفاع عن النفس كما هو منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة يُمنح لكل الدول والشعوب وخصوصاً الخاضعة للاحتلال، ومقاومة الشعب الفلسطيني دفاعا مشروعا عن النفس.

12- كذب الكيان اليهودي العنصري عندما زعم بأن الفلسطينيين الذين اقتحموا غلاف غزة اغتصبوا يهوديات وقطعوا رؤوس أطفال! وأثبتت التحقيقات حتى من واشنطن ودول الغرب عدم صحة هذه المزاعم.

13- وكذبوا عندما زعموا أن هدفهم من الحرب القضاء على حركة حماس بينما جيشهم يدمر البيوت والمستشفيات والمدارس والبنية التحتية.

14- وكذبوا عندما زعموا أنهم لا يستهدفون المدنيين بينما قتلوا خلال ستة أشهر أكثر من أثنين وثلاثين ألف مدني أغلبهم من الأطفال والنساء و أضعافهم من الجرحى والمعتقلين والمفقودين.

15- وكذبوا عندما اتهموا وكالة الأونروا الدولية بأنها تدعم الإرهاب بينما هدفهم إنهاء قضية اللاجئين وحق العودة.

16- ويكذبون في كل تصريحاتهم حول وقف الحرب والهدن الإنسانية وسعيهم لإنجاز صفقة تبادل أسرى، بينما يماطلون لكسب الوقت لاستكمال مخططاتهم الموضوعة حتى قبل عملية طوفان الأقصى.

بالرغم من انكشاف كل هذه الأكاذيب من طرف الشعوب حتى في الغرب ذاته إلا أن كثيراً من حكومات الغرب مصرة على دعم إسرائيل إما تواطؤ ومشاركة في الجريمة أو عجزاً، وهو الأمر الذي يؤكد أن صراع الفلسطينيين ومن يناصرهم من أحرار العالم ليس فقط مع إسرائيل بل مع المنظومة الاستعمارية الامبريالية المسيحية الرسمية التي أوجدت هذا الكيان ليخدم مصالحها في المنطقة والعالم. وحرب غزة كشفت هذه المنظومة حتى عند شعوبها التي خرجت تناصر الحق الفلسطيني.

***

ا. د. إبراهيم ابراش

المقدمة: في السنوات الأخيرة، شهد العالم ثورة في مجال التكنولوجيا وتطور ملحوظ في مجال الذكاء الاصطناعي، أذ باتت الشركات الرائدة في هذا المجال تلعب دوراً كبيراً في تحقيق التقدم والابتكار في هذا المجال الحيوي.

تعتبر شركة "جوجل" واحدة من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي ،حيث تقدم العديد من الحلول المبتكرة في هذا المجال، وتقدم جوجل محرك البحث الشهير الذي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة البحث وتوفير نتائج دقيقة وسريعة للمستخدمين.

أضف الى ذلك  تعتبر شركة "أمازون" من أبرز الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة التسوق الإلكتروني للمستخدمين وتوفير خدمات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

أولاً: الشركات الرائدة في مجال الذكاء الإصطناعي:

قبل عشرين عاماً، تصدرت شركات الطاقة والأدوية والعقارات قائمة أكبر الشركات المدرجة في بورصات العالم، واليوم حلت محلها شركات التكنولوجيا كأكبر الشركات المدرجة، وحققت المركز الأول بينها.

سبع من أكبر عشر شركات يتم تداول أسهمها علنًا في العالم هي شركات تكنولوجيا تركز على الذكاء الاصطناعي، وفقًا لتقرير صادر عن Companies.marketcap، الذي يتتبع بيانات سوق الأسهم وول ستريت حول العالم.

على مدار العامين الماضيين، عزز الذكاء الاصطناعي القيمة السوقية للعديد من شركات التكنولوجيا العالمية، وعلى رأسها شركة NVIDIA الأمريكية، من 500 مليار دولار عام/ 2023 إلى قيمة 500 مليار دولار عند بدء التداول في 22 فبراير2024، وارتفعت إلى 1.88 تريليون دولار.

وتشمل أكبر عشر شركات مدرجة في وول ستريت ثماني شركات أمريكية، وشركة سعودية واحدة، وشركة تايوانية واحدة... ومن أبرزها : -

1- شركة مايكروسوفت:

تقوم شركة مايكروسوفت بتطوير وترخيص ودعم البرامج والخدمات والأجهزة والحلول في جميع أنحاء العالم" Microsoft Azure" ، الذي يشار إليه غالبًا باسم  Azure، وهو نظام أساسي للحوسبة السحابية تديره مايكروسوفت لإدارة التطبيقات عبر مراكز البيانات الموزعة عالميًا، كما يقدم خدمات قادرة على الذكاء الاصطناعي.

أما في المرتبة الأولى، كانت شركة مايكروسوفت بقيمة سوقية عند 3 تريليونات دولار، وهي شركة أمريكية تعمل على تطوير وتوزيع البرامج والخدمات مثل: محرك بحث Bing والحلول السحابية ونظام تشغيل الكمبيوتر Windows.

قبل شهرين فقط، تصدرت مايكروسوفت قائمة أكبر الشركات المدرجة حول العالم، بحسب بياناتها في وول ستريت، بعد الطفرة التي حققتها شركتها التابعة OpenAI وبرنامجها ChatGPT.

2- شركة أمازون:

تعتبر أمازون أكبر متجر إلكتروني لبيع السلع عبر الإنترنت في أميركا الشمالية وعلى الصعيد الدولي.

كانت Kiva واحدة من أولى منتجات الذكاء الاصطناعي للشركة، وهي مركبات موجهة آلية (AGVs) يمكنها التنقل في المستودع باستخدام سلسلة من ملصقات الباركود على الأرض، كما أعلنت أمازون سابقًا عن أول روبوت متحرك مستقل بالكامل.

في خطاب المستثمر للربع الثاني من عام/ 2022 ، سلطت Baron Funds لإدارة الأصول، الضوء على عدد قليل من الأسهم وكانت أمازون  واحدة منها.

3- شركة ميتا:

شركة ميتا بلاتفورمز، تمارس النشاط التجاري باسم - ميتا - والمعروفة سابقًا باسم شركة فيسبوك: وهي شركة أمريكية متعددة الجنسيات مقرها في مينلو بارك، كاليفورنيا، تمتلك الشركة فيسبوك، إنستغرام، واتساب، ماسنجر، و ثريدز، من بين منتجات وخدمات أخرى، ميتا هي واحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم.

تقوم ميتا بتطوير منتجات تمكن الأشخاص من الاتصال والمشاركة مع الأصدقاء والعائلة من خلال الأجهزة المحمولة وأجهزة الكمبيوتر الشخصية وسماعات الواقع الافتراضي والأجهزة القابلة للارتداء والأجهزة المنزلية في جميع أنحاء العالم.

في 29 سبتمبر/أيلول2023، نشر مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، على فيسبوك تفاصيل حول أحدث منتجات الذكاء الاصطناعي للشركة، واحد من هؤلاء ، يسمى Make-A-Video ، يتميز بمقطع مدته 20 ثانية تم تجميعه باستخدام العديد من المطالبات النصية.

أشارت خبيرة الذكاء الاصطناعي في جامعة هارفارد، جوديث دوناث، إلى أن "التقنية الجديدة ستساهم في تسهيل المواقف الاجتماعية بحلول عام/ 2030 من خلال الروبوتات."

4- شركة آبل:

تقوم الشركة بتصميم وتصنيع وتسويق الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية والأجهزة اللوحية والأجهزة القابلة للارتداء والملحقات.

تشتهر أبل باستخدام أحدث إمكانات الذكاء الاصطناعي على أجهزتها، مثل Siri الخاص بآيفون، وتقوم الشركة حاليًا بتوظيف خبراء من جميع أنحاء العالم لبناء قسم داخلي يركز على الذكاء الاصطناعي، للتوسع في هذا المجال.

في خطاب المستثمر للربع الثاني من عام/ 2022، سلطت شركة AlgerCapital لإدارة الأصول، الضوء على عدد قليل من الأسهم وكانت شركة أبل واحدة منها.

5- شركة إنفيديا:

توفر شركة إنفيديا حلول الرسومات والحوسبة والشبكات وتقوم بنقل أعمال الذكاء الاصطناعي إلى أرض المصنع في صورة منتج جديد، "LandingEdge"، والذي يخضع لاختبارات تجريبية مع العديد من العملاء.

حافظ محللو RajvindraGill  هذا الشهر على تصنيف شراء سهم الشركة ورفع السعر المستهدف إلى 230 دولارًا بدلا عن 200 دولار، مما يبرز أن عملاء الشركة ينجذبون إلى عمليات التطوير الجديدة.

ثانياً: شركة أنفيديا النجم الألمع

أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن طفرة الذكاء الاصطناعي هو شركات مثل أوبن أيه آي ومايكروسوفت وجوجل، لكن النجم الذي خطف الأضواء حالياً لم يكن شركة تطلق تطبيقات للعامة (مثل بوت تشات جي بي تي)، ولا شركة تطور نماذج لغوية لتشغيل هذه الأدوات (مثل نماذج جيميني)، وإنما الشركة التي تقف متوارية في خلفية مشهد الذكاء الاصطناعي: شركة إنتاج الرقائق إنفيديا.

ارتفعت قيمة هذه الشركة - التي تسيطر على 80 بالمائة من سوق رقائق الذكاء الاصطناعي- من تريليون دولار إلى تريليوني دولار خلال ثمانية أشهر فقط، لتصبح ثالث أكبر الشركات قيمة في أميركا بعد مايكروسوفت وآبل، متفوقة على شركات مثل ألفابت وأمازون.

إذا نظرنا إلى الصورة الأوسع، سنجد أن سباق الذكاء الاصطناعي ينتقل الآن إلى ميدان جديد هو الرقائق.

كما أجرى الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، (مارك زوكربيرج)، مؤخراً جولة في أسيا محاولاً إيجاد بدائل في حال تأثرت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة (TSMC) - أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم- بالتوترات الجيوسياسية بين أميركا والصين.

وتسعى الكثير من الدول والشركات إلى تقليل اعتمادها على شركات الرقائق وبناء رقائقها بشكل مستقل، وقد أعلنت الحكومة الهندية، عن استثمارات قيمتها 15،2 مليار دولار في مصانع لإنتاج أشباه الموصلات، من بينها مشروع لبناء أول منشأة كبرى في البلاد لصناعة الرقائق.

كما اتفقت مايكروسوفت مع شركة إنتل على إنتاج رقائق صممتها مايكروسوفت لنفسها، في صفقة بقيمة 15 مليار دولار أيضاً، كل هذه التطورات تشير إلى أن معركة الرقائق ستكون أوسع نطاقاً وأكثر تنافسية من معركة تطبيقات الذكاء الاصطناعي نفسها.

فقد أعلنت شركة "إنفيديا" (NVidias) المتخصصة في تصنيع الرقائق الإلكترونية"، صرف مئات الملايين من الدولارات لبناء أقوى حاسوب عملاق للذكاء الاصطناعي في إسرائيل والمسمى (إسرائيل-1 (Israel-1..

إن تحرك شركة "إنفيديا" يأتي في ظل زيادة الطلب على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن بدأ تشغيل "إسرائيل-1" جزئيا بحلول نهاية عام/ 2023، ومن المتوقع أن يقدم ما يصل إلى 8 "إيكسافلوبس" (exaflops) من حوسبة الذكاء الاصطناعي، مما يضعه بين أسرع أجهزة الحاسوب العملاقة في العالم.

 والإيكسافلوبس: هو وحدة قياس لأداء الحواسيب العملاقة التي يمكنها حساب ما لا يقل عن كوينتيليون -أي واحد و18 صفرا – عملية حسابية في الثانية.

كما تبرعت شركة إنفيديا الأميركية لصناعة الرقائق الإلكترونية وموظفوها بمبلغ 15 مليون دولار لمنظمات إسرائيلية وأجنبية غير ربحية لدعم إسرائيل في حربها على قطاع غزة، بحسب تقرير لرويترز.

وقالت إنفيديا إن آلاف الموظفين من أكثر من 30 دولة تبرعوا بما مجموعه 5 ملايين دولار، وقامت الشركة بإضافة عشرة ملايين دولار في إطار برنامج خاص تم تقديمه لمساعدة المتضررين من الحرب.

ووصل سهم شركة الرقائق مستوى قياسيا ، حتى بلغ 734،96دولارا، وبلغت قيمتها السوقية 1،82تريليون دولار، مقارنة بـ1،81تريليون دولار لعملاق التجزئة أمازون، ومتخلفة عن ألفابت المالكة لغوغل ببضعة مليارات، حيث وصلت قيمتها إلى 1،87 تريليون دولار، وفقًا لبيانات شركة إل إس إي جي.

ثالثاً: الاستنتاجات والتوصيات

الأستنتاجات

تعتبر التكنولوجيا وخاصة مجال الذكاء الاصطناعي من أهم التطورات التي شهدتها العالم في السنوات الأخيرة. حيث أصبح للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على العديد من القطاعات في المجتمع منها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

ويعتبر الذكاء الاصطناعي بمثابة ثورة صناعية جديدة تؤثر بشكل كبير على نمط الحياة والعمل والتواصل في العالم. وفي هذا البحث سنتناول تأثير الذكاء الاصطناعي على الحكومات الأمية وتهاوي عروشها.

1- التأثيرات الإيجابية للذكاء الاصطناعي على الحكومات الأمية:

* زيادة الكفاءة وتحسين الخدمات الحكومية.

* تحسين إدارة الموارد والمالية.

* تعزيز الأمن الوطني ومكافحة الجريمة.

-2التأثيرات السلبية للذكاء الاصطناعي على الحكومات الأمية:

* تهديد للسيادة الوطنية.

* زيادة التطفل على الحياة الشخصية للمواطنين.

* خطر فقدان السيطرة على النظام السياسي.

التوصيات:

* ضرورة وضع قوانين وأنظمة رقابية لحماية الحقوق والحريات الفردية.

* العمل على تعزيز التعاون الدولي لتنظيم استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

* تطوير القدرات البشرية وتأهيلها لمواكبة التطور التكنولوجي.

***

شاكر عبد موسى/ العراق

...................

المصادر:

* "Top Artificial Intelligence companies in the world"

* "The Future of Artificial Intelligence: Top AI Companies in the World

* "Artificial Intelligence Companies Transforming Industries"

* نشرة الخوارزمية من أم أي تي تكنولوجي ريفيوhttps://mail.google.com .

مَثل عامي قديم معمول به على مر العصور، ويمثل العلاقة بين الحاكم والرعية، التي تحسب أولياء الكراسي قرودا، ولابد من الرقص على إيقاعات قراراتهم وإجراءاتهم مهما كانت ظالمة ومناهضة للمصلحة العامة، المهم سلامة وأمان الكرسي الذي يتراقص بهم أو معهم إلى حين.

أجيال تلو أجيال راقصت الكراسي التي إحترقت، وأودت بأصحابها إلى سوء المصير.

ولكل كرسي جمهرة راقصين، تتنوع آليات ومهارات التعبير عن رقصهم بتغير الزمان وتبدل المكان، والراقصون همو همو!!

عجائب سلوكية في مجتمعات تقبّحت بالقهر والحرمان من أبسط حقوق الإنسان.

والرقص كما تعلمون ممتع ويعبّر عن الفرح والإنشراح والطرب، والراقصول في جميع الأجيال "كالطير يرقص مذبوحا من الألم".

ترى لماذا تتسيّد القرود وتنجذب إليها القرود المرهونة بها؟

القرد يتميز بنزعته نحو السرقة وإستلاب ما تطاله يداه، ولكي تلهيه عليك أن تراقصه، وتبعد أنظاره عنك، فيتعب من اللهو وربما يستكين إلى حين.

ولكل كرسي حاشية، وهي التي تجيد المراقصة وأخذ القرد المتسلط إلى أتون الهلاك، وهو كالمنوَّم بما يريد ويرغب، وعمّا حوله مقطوع، فيحسب النار ماءً، وتلك حكاية المتسلطين على مصائر الشعوب، والمخدوعين بما يتوارد إليهم من إيقاعات رقص القرود الساعية للإستحواذ على ما تكسبه بواسطتهم.

وبسبب القرود المحيطة بهم، تكون أقوالهم متقاطعة مع أفعالهم، فتجدهم عندما يحمي الوطيس، كالأرانب التي تبحث عن حفرة أو جحر أمين، لفقدانهم قدرات المواجهة الحقيقية، وإغراقهم في الأحلام الفنتازية والخيالات الوهمية المعزّزة بإدعاءات القرود المتراقصة حولهم.

والسبب الجوهري وراء ذلك غياب الدستور، وعدم القدرة على إنشاء صيغة واضحة لإنتقال السلطات وتبادل القيادات، وهذه علة واجهت الأمة منذ إنطلاق دولتها ولا تزال دون علاج.

وتتواصل القرود برقصاتها حول مرابع قرد فريد، ما دامت السلطات دستورها الأهواء!!

"وإن حكمتَ فاحكم بينهم بالقسط، إن الله يحب المقسطين"!!

القسط: العدل

***

د. صادق السامرائي

 

منذ بداية عملية طوفان الأقصى المباركة كان بنيامين نتنياهو قد حذر قائلا "أن العدو سيدفع ثمنا غير مسبوق".

وأمر بتعبئة واسعة النطاق لجيش الاحتياط ورد لم يسبق له مثيل.

وكما هي عادة جيش الاحتلال حين تطلق مسميات على حروبها،  أطلق على حربه على غزة ٢٠٢٣-٢٠٢٤ "السيوف الحديدية".

ولو محّصنا قليلا في هذه التسمية سنخرج بنتيجة أن السيوف في عصرها كان يستخدمها الأطراف المتحاربون في ساحة الوغى وجها لوجه. ومن المعروف أن السيوف اشتهر بها العرب أكثر من غيرهم.

ولا أعلم حقيقة لم قام جيش الاحتلال الذي يوصم بالجبن بإطلاق هذه التسمية على حربه الغاشمة على غزة والتي اتسمت بالانتقام والدموية من شعب أعزل لا من جيش مقابل جيش.

فلم نرى أثرا لهذه السيوف على الأرض، إنما رأينا طائرات جبانة تعيث فسادا بالبلاد والعباد. وكان الأولى تسمية هذه الحرب "الصحون الطائرة الحديدية".

إلا أن بنيامين نتنياهو وحفظا لماء الوجه قرر أن يشنّ هجوما بريا على شمال القطاع،  فلم نرى سوى سيوفا بلاستيكية هشة أضحكت أصغر طفل في غزة.

بعد ذلك ظهرت تصريحات تقول أن النتن ياهو يريد تغيير اسم الحرب من "السيوف الحديدية" إلى حرب "سفر التكوين". كون الاسم الأول هو اسم لحملة عسكرية لا اسما لحرب. وقد سعى النتن من خلال ذلك إيجاد تبرير لمواصلة الحرب المكلفة بإقناع شعبه أنها حرب دينية ومقدسة. وحسب معتقداتهم فقد ورد في "سفر التكوين" أحداث بدء الخليقة وسيرة حياة بعض الأنبياء وكيف اختار الله النبي نوح كي ينذر البشرية من الطوفان الذي كان قادما إليها.

ومن المعلوم بأن عملية طوفان الأقصى لم تكن كسابقاتها فالطوفان جاء مفاجئا ومباغتا للعدو في عقر مستوطناتهم اللاشرعية. واسم الطوفان استقته حركة حماس من القرآن الكريم تيمنا بالطوفان في عهد نبوة نبي الله نوح عليه السلام. وفي المقابل أراد نتنياهو من حربه أن تتلفع بالرداء الديني ليحفز العنصرية اليهودية لدى شعبه.

وهذا التقنع بقناع الدين في الحروب أمر خطير لأنها لا تعترف بالحلول السياسية وإنما تصنع نهاية واحدة لهدف الحرب. غير أن نتنياهو أخفق وسقط في أوحال غزة التي تلتهم كل غريب شاذ..

***

بديعة النعيمي

كنا وما زلنا نؤكد ونشجع على النهوض بواقع السياحة في العراق لأهميتها الاقتصادية وتحسين موارد الحكومة لإنعاش اقتصادها والاطلاع على حضارة وادي الرافدين العراقية الموغلة في القدم ولما يتمتع به من مواقع أثرية لحضارة امتدت قرابة 7000 سنة من شماله إلى جنوبه وخصوصا في المناطق الجنوبية مهد الحضارة السومرية والبابلية وبالتحديد محافظة ذي قار كأول دولة مدنية متمثلة في مدينة أريدو وما زالت الأهوار العراقية خير شاهد على هذه الحضارة كونها تحدثك عن بقاياها التاريخية وعلى لسان وطريقة معيشة سكانها الأصليين وعاداتهم وسلوكهم ولهجاتهم وطريقة حياتهم في المعيشة وهم متمسكون بها لغاية الآن فقد أصبحت محط أنظار العالم بأسره وأخذوا يتوافدون عليها رغبة لمعرفتها عن كثب والاطلاع على جمال الطبيعة التي تحتضنها ومعرفة حضارة هذا البلد الذي سمعوا عنه الكثير .

فالخوف والحذر بعد ما أصبح الفرد العراقي بطبيعته الجديدة وسلوكه المكتسب ميالا لتقليد الغير وخصوصا الغرب في الملبس والمأكل وبعض العادات والسلوكيات الدخيلة على مجتمعنا لذا يجب على المعنيين في القطاع السياحي خصوصا في الأهوار فتح دورات تدريبية وتثقيفية فكرية لسكان هذه المناطق السياحية للحفاظ على تراثهم وحضارتهم ومفردات الحياة الخاصة بهم التي ينفردون بها عن باقي السكان العراقيين والتمسك بها وتنبيههم خطورة الانجرار وراء كل من يحاول تغيير سلوكياتهم ونمط حياتهم والتأثر بثقافة الغرب المشوهة التي تؤدي إلى طمس بقايا حضارتهم العراقية وتجريدها من معالمها الأصيلة وغلق كل المنافذ وإفشال المحاولات الخبيثة للنيل من عراقيتنا من خلال تهجير سكان الأهوار إلى المدن وتحويل مناطقهم إلى مدن سياحية ومشاريع ربحية لبعض المتنفذين تتلاعب بها رؤوس الأموال الفاسدة ,أن مما أثار حفيظتي رؤيتي على أحدى مواقع التواصل الاجتماعي أن سائحتين أجنبيتين تلاعب وتصور طفلتين عراقيتين من السكان برفع علامة قرني الشيطان بأصابعهم البريئتين وقد تكون هذه الإشارة مقصودة وأول الغيث قطرة ماء تجر بعدها ما يخاف عقباها والويلات لتلك المناطق منها إنشاء مناطق خاصة للمسابح المشتركة ومن وسائل اللهو والعب في هذه المنتجعات السياحية تخصص لهذه الأغراض حينها نفقد حضارتنا ومواطنينا البسطاء الذين قد تغرهم المظاهر البراقة ويذهبون مع التيار الذي ترسمه هذه المشاريع الخبيثة في المستقبل وهنا يأتي دور الحكومة في إدارة هذه البرامج الحكومية في المناطق السياحية باتخاذ التدابير الملائمة في تثقيف المواطن هناك على ضرورة التمسك بالهوية العراقية الأصيلة والإشراف المباشر عليها وتنظيم سير عملها وفق منهاج منظم لهذه المجاميع السياحية الأجنبية بإدارة وزارة السياحة حصرا وبأسلوب حضاري لنقطع دابر يدي من تحاول تمرير هكذا مشاريع تخريبية ضد العراق وحضارته الموغلة في القدم والحفاظ على النسيج السكاني لهذه المناطق السياحية.

***

ضياء محسن الاسدي

 

فرى: قطّع، شق، مزّق، إفترس، ومفري إسم مفعول من فرى.

دول الأمة الثرية فرية (فريسة) للقوى الكبرى وثرواتها رهن بنوكها، ولا خيار عندها لأنها تودعها فيها فتتحكم بها، وتفرض شروطها على الذي يريد سحب أية كمية منها.

إنها لها وليست ملكها!!

فهذه الدول مكبلة بثرواتها ومُستعبَدة بها، مما يفسر لماذا هي غنية نظريا ومواطنوها يعانون من العوز والفاقة، وفيها أتعس الخدمات وعدم مراعاة حقوق الإنسان.

إنها دول مُستعمَرة بثرواتها!!

وهي حقيقة دامغة مؤسفة مؤلمة خدعت أجيال القرن العشرين، ولا تزال في ذروتها، والناس لاهية ببعضها بإدعاءات التضليل والخداع والتخنيع والترويع المؤدينة.

وكل ما عليها ضاع!!

فالسيادة وهم، والحرية وَهْمٌ، والعدل وهم، وحقوق المواطنين سراب، والبلاد خراب، وليتحقق التنكيل التعسفي والتدمير العقلي للبشر.

وليكن اليأس عنوانا ومسيرات الدموع وجلد الذات برهانا.

وقل ربي زد وبارك، وإدفع بالمساكين إلى جنات النعيم ، وفقا لمناهج الأدينة القاضية بالحرمان والجهل والتغفيل، وتحويل البشر إلى قطيع راتع في مرابع الظلم والعدوان على أبسط حقوق الإنسان.

وإنها لديمقراطية غناء، وتفاعلات علياء، وإن قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن المصلحون، فدع وطنا وشعبا وسبّح بتبعية الأسياد القابضين على مصير الكراسي والشعب والوطن، وفي "عِبْهُمْ" ما لا تعلمون!!

و"الناس بلاء للناس"!!

***

د. صادق السامرائي

 

نقلت لنا كتب التاريخ انه تم اجلاء اليهود (بنو قريضه وبني قينقاع) من المدينة المنورة التي كانت تسمى يثرب لانهم اخلّوا بالعهود والمواثيق مع المسلمين وممارسة المكائد ضدهم، ننظر الى اليهود كديانة وليس الى عرق، وهم منتشرون في كافة انحاء العالم، لسنا في وارد ذكر سبب الانتشار، والمؤكد انهم متواجدون بكل البلاد العربية والاسلامية، اشتهروا بكراهيتهم للعرب والدين الاسلامي ووجدوا الفرصة من خلال وعد بلفور المشؤوم فاصبحوا يمارسون مختلف انواع الاضطهاد والقتل والتهجير بحق جيرانهم الفلسطينيين على مدى سبعة قرون من تمكنهم بالبقاء بارض فلسطين التاريخية، لايقف الامر عند هذا الحد فيبدو ان سلالة بني قريضه قد انتشرت في ربوع بلداننا العربية او لنقل ان فكرها العنصري قد لاقى اذانا صاغية لدى جيرانهم فاصبحوا سواء لا يمكن التفرقة بينهم .

لقد كشفت لنا احداث غزة ان جيرانها من يدعون انهم عربا، هم من سلالة بني قريضه او المتشبعين بفكرهم، لأول مرة في تاريخ الحروب بالمنطقة يتخاذل العرب حكاما ومحكومين عن نصرة اخوانهم في الدين والعرق، أبناء غزة المحاصرين منذ العقدين من الزمن يقاتلون بمفردهم وتتساقط على رؤوسهم مختلف انواع الاسلحة بينما جيرانهم العرب يشاهدون ما يحدث وكأن الامر لا يعنيهم ، مصر(حكومة وشعبا) التي كنا نسميها الشقيقة الكبرى تقف عاجزة!؟ عن ادخال المساعدات عبر معبر رفح الحدودي الذي يدخل ضمن الاعتراف الدولي بفلسطين وفق قرار التقسيم، الأردن على الجانب الشرقي تراقب الوضع عن كثب مظاهرات هزيلة وتصريحات رنانة من قبل السلطة بمؤازرة غزة لكنها لا تعدو مسرحية ذات الرقصات الفلكلورية من خلال القاء سلات غذائية جوا لاتسمن ولا تغني من جوع.

بينما حكام دول الخليج (بعد اعتمادهم الديانة الابراهيمية واقامة المعابد اليهودية على اراضيهم) يحاولون ايهامنا بانهم يسعون من اجل وقف القتال في غزة عبر عديد اللقاءات اللامحدودة مع زعماء الصهاينة، الذين يقيمون معهم افضل العلاقات، والنتائج سلبية، ونجزم بانهم يريدون اطالة امد الحرب حتى يتم القضاء على المقاومين ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية(وأدها) او في افضل الاحوال كانتونات فلسطينية مبعثرة تحت سلطة الاحتلال، آخذين بعين الاعتبار الخط البري لنقل البضائع الى الصهاينة بدءا من دبي مرورا بالأراضي المقدسة ومملكة الاردن الهاشمية التي يدعي مؤسسيها انهم من السلالة الشريفة، وانتهاء بالأرضي المحتلة عقب منع عبور البواخر المتجهة الى الصهاينة عبر مضيق باب المندب من قبل اليمن.

 تبقى سوريا ولبنان، وهاتان الدولتان اصبحتا ضعيفتان جدا ولم تقويان على درأ المخاطر عن نفسيهما بسبب التدخلات الخارجية وتامر الحكام العرب ضدهما تنفيذا لأوامر امريكا التي قال زعماء في اكثر من تصريع بان حكام الخليج ليس بإمكانهم البقاء لأكثر من اسبوع بالسلطة ان نفضت امريكا يدها منهم.

وبعد.. ماذا يمكننا ان نقول عن واقعنا المزرى...المقاومون في غزة وعلى مدى 170 يوما هم شرفاء الامة، وشعب غزة رغم الماسي والتجويع هو الاجدر بالحياة، والخزي والعار للحكام العرب المتواطئين وللشعوب العربية التي خرجت بعض الوقت ثم اختفت في جحورها، لا نقول انها مغلوبة على امرها، بل ارتضت معيشة الذل والمهانة، وتبقى غزة صامدة منتصبة تقارع الاعداء وان بمفرها تكتب التاريخ وتسطر اعظم ملاحمه البطولية.

***

ميلاد عمر المزوغي

قام العدو بمصادرة مئات الدونمات من الأراضي الفلسطينية أثناء الحرب على غزة بعد تدمير المباني على الحدود الشرقية والشمالية من القطاع تدميرا ممنهجا يهدف إلى إقامة "منطقة عازلة" مستقبلية على السياج مع غزة في اليوم التالي للحرب ٢٠٢٣-٢٠٢٤. وقد تذرع جيش الاحتلال بأن ما حصل من هدم وتدمير ليس أكثر من "أعراض جانبية" تحصل في أغلب الحروب.

وقد كذبت الدولة وكذب جيشها في هذه الذريعة حيث أن خطة المنطقة العازلة لها نية مسبقة حيث صرحت بأنها ستصادر ٦٠ كلم مربع من مساحة القطاع التي تبلغ ٣٦٠ كم مربع ،وأن هذه الخطة لن تشمل محور فيلادلفيا على حسب ما ادعت.

والجدير بالذكر أن الهدف من إقامة مثل هذه المناطق في الحروب حماية المدنيين.

إلا أن الوضع مع دولة ظالمة ومستعمرة كدولة الاحتلال هو محاولة لاستخدام القوة العسكرية القانونية بهدف تحقيق أهداف سياسية وأمنية.

ومن هنا فإن الخطة تشمل أكثر من مجرد إقامة منطقة عازلة الهدف منها ضمان حماية حدود الدولة "الأمن" أي البقرة المقدسة التي كنت قد تناولتها في مقال سابق، بالإضافة إلى منع تكرار حدوث ٧/أكتوبر. فهي تشمل تدمير حماس والخروج بقطاع منزوع السلاح والقضاء على ما تسميه دولة الاحتلال "تطرف" داخل القطاع وعدم السماح لأي فلسطيني من الدخول إليها.

وقد صرح وزير الخارجية "إيلي كوهين" بذلك حيث قال "في نهاية هذه الحرب لن تظل حماس موجودة في غزة فحسب بل ستنخفض أيضا مساحة غزة".

وبالرغم من موقف الولايات المتحدة المعارض لتقليص حجم الأراضي الفلسطينية بعد الحرب ، إلا أننا بتنا متأكدين أنها تكذب وأنها هي التي تدفع بحكومة الاحتلال لتوسيع رقعتها كون هذه الدولة قاعدة لها في قلب الشرق الأوسط.

فدولة الاحتلال لا تخجل من نهش الأراضي الفلسطينية ولا تشبع منها لأنها تعلم أن الولايات المتحدة التي ساندتها منذ وعد بلفور لن تتركها كحليف وقاعدة، هناك أيضا من يساندها في عملية النهش وهي الأنظمة العربية التي كان لها دورا بارزا ومهما في هذه الحرب. والشمس التي لن يغطيها غربال الكذب هي الحقيقة المرة بأنها كانت شريكة في عمليات الإبادة والتجويع لشعبنا في غزة ويجب محاسبتها لهذا الدور المخزي لا من قبل المحاكم الدولية لأنها صهيونية إنما الحساب لا بدّ أن يأتي من طرف الشعوب.

لا بدّ من قيام عهد جديد خالٍ من المطبعين والمتواطئين.

هذا العهد لن ينتفض ما لم تنتفض الشعوب من أسفل رماد الخذلان ،في طوفان مشرف يقتلع العروش والكراسي التي جثمت على صدورنا عقود كثيرة، أضاعت الكرامة عندما فرطوا بفلسطين وباعوها بثمن بخس.

فعلمونا يا أهل غزة كيف تُنتزع الحرية انتزاعا.. علمينا يا مقاومتنا المباركة كيف نستعيد الكرامة. كيف نذهب للموت دون أن يأتي إلينا..

علمونا وعلمونا أن لا نصر دون دماء ولا شهادة دون إيمان ولا عودة للأرض دون تضحيات.

***

بديعة النعيمي

يقول المثل الشعبي: "ضربتين بالراس توجع". وقد شاءت أقدار هذه البلاد الغريبة أن يتعرض المواطن العراقي إلى ثلاث ضربات في أسبوع واحد. الضربة الأولى، جاءت من أعلى سلطة قضائية، حين اتهمها النائب السابق مشعان الجبوري بأنها هددته وطالبته بالانسحاب من الائتلاف الثلاثي الذي شكله آنذاك التيار الصدري.

وكنت مثل جميع المواطنين الذي يخافون من مجرد ذكر اسم المحكمة الاتحادية، أتوقع أن يلقى القبض على مشعان الجبوري بتهمة التصريح الكاذب، فالنائب السابق ظهر في برنامج تلفزيوني وحديثه مسجل بالصوت والصورة، والغريب أن المحكمة الاتحادية أصدرت بياناً قالت فيه إنها تتعرض لهجمة سياسية دون أن تذكر لنا ولا حرفاً واحداً من حروف اسم " مشعان "المكون من خمسة حروف. الضربة الثانية جاءت من التعليم حيث انتشر فيديو الأستاذ الجامعي وكاميراته الخفية وتناقلت صفحات الفيسبوك باعتباره حدثاً زلزل الحياة التعليمية في العراق. كان بالإمكان أن تنتهي الحكاية عند ضربتين لولا البيان الذي صدر عن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة يخبرنا فيه أن عدداً من ضباط وزارة الداخلية، من بينهم ضباط برتب عسكرية كبيرة، قاموا بإنشاء "صفحات وهمية" في مواقع التواصل الاجتماعي لابتزاز زملائهم بهدف الحصول على الأموال، وكالعادة تغاضى البيان عن أسماء الضباط الكبار.

في ظل هذه الضربات قرأت تغريدة لسياسي ليبرالي حد النخاع، لديه هواية شتم عبد الكريم قاسم صباح كل يوم، أخبرنا السيد الليبرالي أن حديث مشعان الجبوري مؤامرة ضدّ القانون.

لا أفهم لماذا نعيش في ظل نظرية المؤامرة، لمجرّد أنّ العراق قدّم للعالم نموذجاً للعدالة، لا يمكن أن تجده حتى في السويد مثلا!، بدليل أننا نعيش هذه الأيام مع فيديوهات أخرى يسعى أصحابها لتنغيص حياتنا مثل أنّ ما قالته النائبة حنان الفتلاوي من أنها ومع زملائها سيذكرها التاريخ بسطور من ذهب.

معروف لدينا، منذ سنوات أننا نُجبر كلّ يوم على مشاهدة فيديو سياسية، يخبرنا اصحابها انهم وحدهم على حق والباقي على باطل فيديوهات كثيرة تعرض كل يوم تعددت وجوه أبطالها، وكلها تريد منا ان نصدقها.

وأعترف أنني لم أشاهد فيديو الأستاذ الجامعي، وأفضّل قراءة ردود الأفعال دوماً. ولكن ما يعنيني في هذه الملحمة غير المسبوقة من السطحيات الديمقراطية هو ما ينتج عنها من آثار على المواطن الذي وجد نفسه وسط ملحمة فاضحة لا يريد لها أحد أن تنتهي

ياسادة نحن العراقيين نقبل التهم كلّها إلا أن يتّهمنا ليبرالي معتق بأننا "نريد أن نُخرب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في بلاد الرافدين".

***

علي حسين

 

إخترع: إستحدث إكتشف

إنخرع: خاف جزع ضعف إسترخى

من مميزات القرن الحادي والعشرين أن الأفكار اخذت تتلاقح بسرعة لامثيل لها في القرون الماضيات، فما أن تنطلق فكرة حتى تتلقفها عقول عديدة وتستثمر فيها فتتطور وتنطلق وكأنها من إنتاج جميع العقول التي تشاركت في تمثلها.

وعليه فأن ما يُستحدث لا قِبَل للفرد به، لأنه منتوج جماعي، وهذه ظاهرة لم تعهدها البشرية من قبل، والتي كانت المخترعات فيها فردية وحسب، وتحتاج لزمن معين لتنتشر وتتعود عليها الناس، أما اليوم فكل ما يحصل يسابق  الضوء، وسرعة إنتشاره تتناسب طرديا مع القدرات التواصلية المتعاظمة التسارع والإستحواذ على وجود البشر.

فما نخترعه صار مخيفا ويصعب على نسبة كبيرة من البشر التفاعل معه وفقا لما يستوجب التفاعل، فالعلاقة البشرية أصبحت عبر شبكات التواصل بأنواعها، ومعظم الدوائر تحول الموظف فيها إلى عبد للكوبيوتر، فلا يعرف شيئا وعليه أن يعود إلى الشاشة ليجيب على أبسط الأسئلة.

اليوم كنت في دائرة لإجراء معاملة ما، فوجدتني في محنة، فالجميع  عاجزون عن القيام بعملهم، لأن شبكة الإنترنيت عاطلة، ولا يُعرف السبب، ولا يدرون متى ستعود!!

إحترت في الأمر وغادرت، والقول بأننا أصبحنا عبيدا لمخترعاتنا يتردد في خاطري!!

والمعضلة الكبرى أننا إخترعنا أدوات شر قادرة على إبادتنا، وأمعنا بإستخدامها ضد بعضنا، فاختلقنا الحروب المروعة، وصارت الصواريخ والمسيرات والقاذفات المتنوعة تلقي بحممها الفتاكة على الناس عن بعد بعيد، فتحسب ما تقوم به من إجرام ألعاب إفتراضية على شاشات التفاعلات اليومية، التي جردّت البشر من مهارات التواصل الإجتماعي الحي.

فهل ستخرعنا حقا مخترعاتنا، وتبيدنا وتحيلنا إلى عصف مأكول؟

إن الواقع الأرضي بحاجة إلى غلطة قائد مأفون، لتتحرر الأرض من أحمالها!!

وعلى نفسها جنت عقولنا!!

و"مَن يزرع الشر يحصد ندامة"!!

و"لاخير في علمٍ لا ينفع الناس"!!

***

د. صادق السامرائي

 

من المعروف بأن بنيامين نتنياهو خاض في غزة خمس حروب، لم يحقق من خلالها هدفا واحدا من أهدافه.

بدءا من حرب ٢٠٠٦ والتي أطلق عليها جيش الاحتلال "أمطار الصيف" وكان الهدف منها فك أسر الجندي "جلعاد شاليط" الذي اختطفته كتائب القسام في عملية نوعية. غير أن أمطار صيفهم تبخرت على رمال غزة ولم يُحرر شاليط.

إلا بعد أن مرّغت المقاومة الفلسطينية أنف الاحتلال لخمس سنوات من المفاوضات مقابل ١٠٢٧ أسير فلسطيني. وكان ما أرادت المقاومة.

أما "رصاصهم المصبوب" عام ٢٠٠٨_٢٠٠٩ التي قامت بهدف وضع حد لصواريخ المقاومة فقد ابتلعته أرض غزة، ولم تتوقف الصورايخ.

و"عمود السحاب" ٢٠١٢ الذي كان هدفها القضاء على قدرات المقاومة الفلسطينية، بددته شمس المقاومة قبل أن يحقق هدف سحقها.

ثم جاء ٢٠١٤ وجاءت الحرب التي أطلق عليها جيش الاحتلال "الجرف الصامد" لنفس السبب وهو سحق القدرة الصاروخية للمقاومة لكنه لم يصمد فانهار وابتلعه بحر غزة.

وحرب ٢٠١٩ و٢٠٢١ كلها حروب دموية لم يحقق خلالها جيش الاحتلال سوى ارتكاب المجازر بحق البشر والحيوان والحجر. فسلسلة الحروب السابقة أضف إليها الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى وإقامة الطقوس التلمودية، والمناداة بهدمه، وكل الانتهاكات والعنصرية أوصلت إلى ٧/أكتوبر المجيد وكانت من إفرازاتها التي لا كان لا بدّ منها.

وقد أذاقت ٧/أكتوبر وما بعدها جيش الاحتلال بل ودولته الويلات والخسائر وانقلاب الموازين التي كانت قبل ذلك ترجح لصالحها.

فغزة كانت وستبقى الموت الأكيد لهم، لا ذلك النصر الذي يتفاخر به نتنياهو.

واليوم بهدف التغطية على خسارته في شمال القطاع نجده يخطط لدخول رفح بهدف القضاء على ألوية المقاومة الفلسطينية كما يزعم وكما يمليه عليه خياله وأحلامه، متجاهلا التحذيرات الدولية من نتائج الهجوم. لأنه في الحقيقة لن يحقق سوى المزيد من المجازر، حيث يتواجد في رفح أكثر من مليون إنسان.

وقد صرح هذا النتن بأنه سيوفر ممرا آمنا للسكان المدنيين قبل البدء بعملية الهجوم.

وهنا ادعى مسؤول كبير في إدارة بايدن أن هناك انقساما متزايدا بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال خاصة بشأن مخطط الهجوم على رفح!!!

غير أننا بتنا نشك أن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال ليستا على خط ونهج واحد.

فالحرب اليوم باتت حبلى بسلسلة حروب، لكن السؤال بعد فشل الجيش في الشمال، هل ستصدق أقوال بنيامين نتنياهو في الدخول إلى رفح؟ وهل ستتمخض الولادة عن حرب صحيحة البدن أم أنها ستسقط حملها؟

وهل سيدخل نتنياهو بالفعل ويرتكب كارثة إنسانية، أم أن مجريات الأمور ستتغير وخاصة بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له موسكو، حيث جاء بتوقيت حساس كانت روسيا فيه قد أفشلت مشروع قرار امريكي مشروط بوقف الحرب مؤقتا في غزة؟

***

بديعة النعيمي

 

من يرقب الشارع العراقي، وتعامل الناس فيما بينهم رسميا وشعبيا، يكتشف دون عناء يذكر افتقاره إلى الحياة المدنية بأبسط صورها، فالتشنج، والبيروقراطية في التعامل، والفوقية في العلاقات، والانتقائية في الميول، والتحزب الذي لا يفقه من مبادئ السياسي شيئا، والمذهبية المغرقة بالتشنج والتي تتغذى على نظرية المؤامرة، والضعف في الروح الوطنية، وانعدام ثقافة التكافل والتعاون، وتقليدية المشاريع بما فيها الثقافية والدينية، كلها تدل على أن شعبنا العراقي لم يستوعب بعد ثقافة الحياة المدنية، رغم مرور أكثر من عشرين عاما على التغيير، وتخلصهم من دكتاتورية الحاكم مثلما يدعون.

وهم إن كانوا بالأمس يتذرعون بوجود السطوة الغاشمة التي تمنعهم من ممارسة حياة المدنية، فلا عذر لهم منذ عام 2003، مع أن هناك بوادر فيها دلالات على استجابة بعضهم بل وسعيهم للتغيير، ومن يعرف نسبة هؤلاء سيصاب بالإحباط حتما نظرا لقلتهم نسبة إلى عدد نفوس الشعب العراقي، ولكنها على العموم بشرى خير تزرع في نفوسنا الأمل أن التغيير قادم لا محال، ولكنه سيستغرق زمنا لا طاقة لنا بتحمله، زمن ستقع فيه الكثير من الخروقات والظلم والاستلاب ومصادرة الحقوق وأشياء كثيرة أخرى، لن تمر دون أثر وإنما ستسهم في تأخير تحقيق الهدف لأنها تذكي روح القبلية والثأر والفصل العشائري والوساطات الدينية، وذلك كله يتعارض مع مدنية الأمة.

الذي أراه ومن خلال التجربة والمراقبة والبحث والتقصي أن المدنية لا تُدرك فعلا إلا عن طريق الممارسة الفعلية والمستمرة والمباشرة؛ التي يوجبها القانون الإكراهي، ولو في مرحلة البداية، ويحاسب من لا يعمل بهديها. معنى هذا أنها لا يمكن أن تدرك عن طريق التعليم الرسمي، وإنْ كان للتعليم أثره في ترسيخ متبنياتها وأبعادها، نظرا لكن هذا التعليم يُعنى بشريحة محددة من الناس، فضلا عن ذلك لا يمكن أن نلمس أثر التعليم إلا إذا ما اشتركت معه المؤسسة الدينية والمؤسسة الرسمية ومؤسسة الأسرة والمجتمع كله والشارع، وحتى الأسواق والمتاجر، عندها فقط ممكن أن تعي الجماهير معنى أن تمارس الحياة المدنية لتحفظ كرامتها وإنسانيتها بدل أن تبقى تجتر ظلامات الأمس ولا تفكر بالساعة ولا بغدها القريب.

***

الدكتور صالح الطائي

 

هناك مقولة لأحد كبار ضباط جيش العدو مضمونها "لا، لن يوجد بديل للحصان، ومن يتحدث عن جيش يعتمد على الدبابات، لا يعرف عما يتحدث، فالدبابة دودة عمياء لا ترى أين هي ذاهبة، ولا يمكن لها أن تكون بديلا للحصان المرن المتحرك والدينامي".

هذه المقولة جزء من فقرة من رسالة على خلفية بحث نظرية الأمن عام ١٩٨٧. مفادها أنه يتوجب على الجيش التجديد في نظريات إدارة المعارك الجديدة وعدم اعتماد الأساليب القديمة.

ومن المفترض أن تكون المقولة السابقة نافعة لكل زمان ومكان. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة "هل ما رأيناه اليوم في حرب دولة الاحتلال على غزة يعكس التجديد الذي ذكره الضابط في الأعلى وأراده من قيادات هذا الجيش؟"

بالتأكيد لا، لأن ما حصل في غزة يعكس سوء إدارة الجيش، كشف عنه الدخول البري الذي أثبت أن الأسلوب القتالي السيئ ظهر من خلال عدم قدرة الجندي على الرد على التحديات التي واجهته في ساحة القتال. وأثبت أن الدبابة لم تحمي هذا الجندي بالرغم من التطور التكنولوجي الذي تبجحت به دولة الاحتلال وتفاخرت به أمام العالم. فالاجتياح البري أثبت العكس وأن دباباتهم ليست متطورة بالمستوى الذي ادّعته دولة الاحتلال.

كما أن المواجهة البرية مع المقاومة الفلسطينية عكست القدرات السيئة والمتدنية لجيش الاحتلال. ويبدو أن قادة الجيش لم يقدّر مستوى قدرات جنوده ولم يدرسها قبل اتخاذ القرار المتهور للدخول البري إلى القطاع.

وقد رأينا كيف لقي مئات الجنود من جيش الاحتلال حتفهم فيه. ولا بدّ بأن هذا الأداء كان صادما لبنيامين نتنياهو الذي قرر مخطئا الدخول حيث قادته قدماه إلى فخ غزة دون أن يعي النتائج المترتبة هناك. وهذا يعكس افتقار نتنياهو لاتخاذ القرارات الناضجة.

وليس أدل على قراراته التي تفتقر الحكمة والنضوج الفشل الذريع الذي مني به جيشه بعد خسارته مئات الجنود والضباط وانسحاب عدة ألوية من القطاع مثل لواء جولاني وغيره دون تحقيق أيّ من أهداف الحرب، سواء في القضاء على حماس أو استعادة الأسرى.

ومن هنا نتساءل، هل وضع بنيامين نتنياهو نصب عينيه عندما قرر أن يخوض حربا في غزة، أن جيشه الجبان سيقف أمام مقاومة ثابتة لا تخشى الموت بل تقبل عليه دون خوف، مقاومة ألحقت الضربات المتلاحقة به على مستوى الضباط والجنود و الآليات العسكرية؟

اليوم جيش الاحتلال مستنزف ومنهك فمتى سيعترف نتنياهو بالهزيمة وخاصة أن جيشه في تناقص مقابل فشل في التعبئة البشرية بعد التمرد عليه ورفض التجنيد من قبل العديد من جنود الاحتياط، بعضها لأسباب ضميرية وأخرى نفسية؟

فأين هو الانتصار يا "بيبي" وهوة الخلافات كل يوم تتعمق بينك وبين جيشك بعد الهزيمة والخسارة في المعارك البرية؟

***

بديعة النعيمي

تدخل الحرب بين روسيا وأمريكا على الأراضي الأوكرانية، عامها الثالث ولا تلوح أية بارقة أمل أو إشارة إلى قرب نهايتها، بالمفاوضات أو بغيرها. روسيا سعت وتسعى بكل ما لديها لحماية اقتصادها أولا، وثانيا؛ الإضرار بمصالح الولايات المتحدة، والبعض من الدول الأوروبية؛ بتقليص مساحات تأثيرهما في أكثر من منطقة ساخنة في العالم، وفي شبه الجزيرة الكورية وفي الشرق الأوسط وغيرهما. الرئيس الروسي وفي خطاب له أمام الجمعية الفدرالية الروسية؛ أكد جملة مواضيع كان أغلبها؛ يتعلق بما يجري على حدود روسيا وفي أوكرانيا، والصراع مع أمريكا والغرب، حاضرا ومستقبلا.

ومن أهم النقاط التي أكدها الرئيس الروسي، تشير وبوضوح إلى أن روسيا عقدت عزمها على الابتعاد عن المصالحة حاليا ومستقبلا مع أمريكا، وجل دول الاتحاد الأوروبي، مع أنها أكدت من خلال، ما جاء في خطاب رئيسها؛ أنها مستعدة لأي حوار، أو مفاوضات في الوقت الحاضر، أو في المستقبل؛ إنما الفحص العميق لما جاء من نقاط مركزة في خطاب الرئيس الروسي؛ يؤكد أن هذا لن يحدث لا الآن ولا مستقبلا. لذا كان الخطاب للاستعداد الاستراتيجي؛ لما سوف يكون عليه حال الصراع بين أمريكا والغرب من جهة، وروسيا من جهة ثانية.

من الجانب الآخر، وحسب قراءتي لفقرات الخطاب؛ روسيا بوتين على قناعة كاملة بأن هذا الصراع، والحرب في أوكرانيا، من أهم وأخطر محطات هذا الصراع، إضافة إلى المحطات الأخرى الكثيرة على رقعة الشطرنج الكونية؛ لن ينتهي في الأمد المنظور، بل سيستمر إلى الامد المنظور والمتوسط والبعيد. وفي مقابلة سابقة قال بوتين؛ إن الحرب في أوكرانيا، هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا، أما الغرب وأمريكا فهم ينظرون لها طبقا للحسابات التكتيكية. لذا فإن روسيا لن تسمح أبدا بأن تلحق بها هزيمة مهما كان صغر حجمها وتأثيراتها. روسيا الآن ومنذ أشهر تحقق المزيد من الانتصارات على أوكرانيا، وبالتالي على أمريكا والغرب. هذه الحرب استنزفت ليس روسيا فقط، بل حتى دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا أيضا. السؤال المهم هنا إلى متى ستستمر هذه الحرب في ظل إصرار الطرفين على مواصلتها، سواء دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا أو روسيا؟ وكيف ستنتهي هذه الحرب؟ لا اعتقد أن هذه الحرب ستنتهي قريبا وفي الامد المنظورـ ولن تنتهي بانتصار أحد طرفيها، بل ستتوقف جزئيا ويظل ميدانها مفتوحا؛ لإشعالها مرة أخرى حين تكون الظروف مناسبة لأمريكا والغرب. من المستحيل أن توافق أمريكا والغرب على إعطاء روسيا ما تريد، الذي يتلخص في اعتراف أوكرانيا بضم روسيا للأقاليم الخمسة وشبه جزيرة القرم؛ وبالتوقيع الأوكراني على اعتبارها جزءا من الأراضي الروسية، وهذا ما تطالب به موسكو في أي مفاوضات مستقبلا. وهذا يعني انتصار روسيا، ما يؤدي حتما إلى ابتعاد دول الاتحاد الأوروبي عن أمريكا بطريقة أو بأخرى. ويعني أنها لن تنتهي بالمفاوضات على عكس ما تقول به الصحافة الروسية؛ أمريكا والغرب في نهاية المطاف؛ يقومون بإجبار الأوكرانيين على الجلوس إلى طاولة التفاوض. كما أن أمريكا في هذه الحالة ستفقد الكثير من هيبتها وتأثيراتها، ليس على دول الاتحاد الأوروبي فقط، بل على الكثير من مناطق هيمنتها وسيطرتها ونفوذها. وروسيا هي الأخرى، مهما كانت خسائرها وتضحياتها، لن تسمح أن تكون هي الخاسرة في هذه الحرب؛ لأن هذا يعني الكثير لها، ويؤدي إلى اهتزاز أوضاعها الداخلية. عليه فان هذه الحرب لن تنتهي قريبا، بل ستستمر لزمن لا تلوح له نهاية في الأفق القريب. في رأيي أن روسيا ربما ستتوقف؛ عندما تسيطر على كامل أراضي الأقاليم التي ضمتها واعتبرتها باستفتاء قامت بإجرائه، أو نظمت إجراءه في هذه الأقاليم قبل أكثر من سنة؛ على أنها جزء من أراضي الاتحاد الروسي. كما أن أوكرانيا ومن خلفها أمريكا والغرب حين يكون الأخيرين قد تم استنزاف قدراتهما الاقتصادية والتسليحية؛ سوف يدفعان الأوكرانيين إلى تجميد الحرب. توقف الحرب المفتوحة أو صمت فوهات المدافع، لن يكون صمتا تاما وكليا، بل ستكون هناك مناوشات محدودة في حينها. أمريكا والغرب ستقومان خلال هذه الاستراحة، بضخ أسلحة نوعية لها قدرة على الفتك وذات قدرات تدميرية كبيرة. روسيا بوتين لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي، ولا تتحرك لناحية زيادة ترسانتها من الأسلحة التقليدية، وزيادة قوتها التدميرية كما ونوعا، هذا يعني أن روسيا ستضطر للدخول ميدان سباق التسلح.. وهذا خطير جدا ليس على الغرب وأمريكا وروسيا فقط، بل على العالم كله، مخاطر الانزلاق إلى الهاوية السحيقة التي لا قرار لها، أي إلى الحرب المباشرة والمفتوحة بينهما، وليس حرب أمريكا والغرب بالوكلاء الأوكرانيين؛ لخطأ في تقدير رد الفعل للطرف المقابل، أو لخطأ عملياتي يتجاوز جغرافية الحرب في أوكرانيا، أو توسعتها إلى خارج ميدانها، إلى بولندا، وروسيا البيضاء، أو دول بحر البلطيق. أما مشاركة البعض من دول الاتحاد الأوروبي أو أمريكا، أي قوات من حلف الناتو، كما أشارت لهذا؛ الصحافة الروسية مؤخرا؛ فهذا أمر مستبعد كليا. الأهم والأخطر؛ هو الخطأ الأمريكي والغربي في تقدير رد الفعل الروسي، ما يفسر؛ قول بوتين من أن الحرب في أوكرانيا هي بالنسبة إلى روسيا مسألة حياة أو موت، وأيضا استعراضه وهو يحلق بالقاصفة الاستراتيجية الروسية (البجعة البيضاء) التي تحمل الأسلحة النووية وبضمنها الصواريخ الفرط صوتية، إنها رسائل للتأثير النفسي أولا، والأهم هي رسائل كبح وردع وتهديد.. إن الحرب في أوكرانيا من الصعوبة التنبؤ بمآلاتها واتجاهات تطورها، إنما من الممكن التنبؤ بما سوف تقود له من نتائج، بالقياس والقراءة والفحص لحركتها الواقعية والموضوعية، الحبلى بصواعق الجحيم الكوني؛ الصحافة الروسية أشارت مؤخرا، في عدة مقالات صحافية أو مقالات رأي؛ إلى أن أمريكا والغرب عازمان على فتح جبهات في بحر البلطيق ودول البلطيق، بالإضافة إلى الصراع الأذربيجاني الأرمني؛ روسيا ستكون مضطرة لمجابهتهم في مناطق الصراع هذه.. كما بينوا وشرحوا في تلك المقالات.. وفي رأيي أن روسيا بوتين لن تدخل مناطق الصراع هذه، أو لن تنجر إليها. لكن وفي الوقت ذاته، لن تقف صامتة أو لا تتحرك في هذا الاتجاه. روسيا بوتين، لمواجهة التحركات الأمريكية والغربية هذه، إن تحولت إلى أفعال على أرض الواقع، بما تنطوي عليه من تشتيت للجهد العسكري الروسي؛ إن تصدت لها روسيا بوتين، بما يؤدي بالنتيجة إلى إضعاف حشدها العسكري في كل جبهات المواجهة العسكرية على الأرض الأوكرانية وفي تلك المناطق. من وجهة النظر الشخصية؛ لن تتصدى روسيا لها في مناطقها، أو خارج جغرافية الحرب في أوكرانيا، بل ربما ستتصدى لها بأن تتوسع في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا كما تسميها. أن تقوم بالسيطرة على مناطق أوكرانية أخرى خارج الدونباس، وربما حتى كييف العاصمة. لويد أوستن قال مؤخرا إن أمريكا والغرب لن يسمحا بهزيمة أوكرانيا. في هذه المحطة من الحرب، بعد زمن ما، الزمن الذي تكون فيه؛ هزيمة أوكرانيا تقترب من التحقق. عندها تقف الحرب في أوكرانيا على الخط الأخير، الذي في حالة تجاوزه، إلى الخط الأول، الذي يؤذن، أو يدق ناقوس الخطر الجدي؛ بالاقتراب من الصدام النووي بين أعظم قوتين نوويتين في العالم. هنا يبدأ تفعيل العقل؛ باستحضار العقلانية في الفعل المنتج للمواقف لطرفي الحرب، الأمريكي والروسي. هذا الموقف سيتجسد؛ بالحيلولة دون السقوط الحر في فوهة البركان. ليتم الصمت والقبول بالواقع الجغرافي الجديد على الأرض الأوكرانية من طرفي الحرب؛ روسيا وأوكرانيا بإرادة وتوجيه أمريكي وغربي إلى حين.. من دون أن يكون هناك اتفاق وتوقيع، بل بالتراسل الاحيائي المفهوم من الطرفين، لأن أمريكا والغرب لن يعترفا؛ بالأقاليم التي ضمتها روسيا، أراضي روسية.. بل التجميد كما كان قد حدث في ضم شبه جزيرة القرم.

***

مزهر جبر الساعدي

 

الاستعمار: تسلط أمة على أمة أخرى فتحكمها بفكرها وقيمها واقتصادها وقوتها العسكرية وسياستها العامة مع إدعاء أنها تريد إعمارها.

الدول المُستعمِرة لدول أخرى تكون ثرية وقوية، والمواطنون فيها يعيشون برفاهية ورخاء.

والهدف الأول من النشاطات الاستعمارية منذ بدئها هو الإستحواذ على ثروات الدول المُستهدَفة.

إنها لا تختلف عن التفاعلات القديمة بين القبائل والفئات، التي كانت تهاجم بعضها والقوي فيها يستولي على الضعيف ويأخذ ما يملكه من الثروات بأنواعها، ويأسر ويسبي ويفعل ما يشاء بالضحية.

وتماثل ما تقوم به الأسود عندما تنقض على فرائسها في الغاب، فالدول المُستعمِرة أسود الغاب، والدول المُستعمَرة ظباؤه، فلا عجب أن تستكين الظباء لمخالب وأنياب الأسود الضارية.

ووسائل الاستعمار تطورت كثيرا ويأتي في مقدمتها المناهج الإلهائية، وعلى رأسها مشاريع وأساليب الأدينة، التي تجعل المجتمعات منشغلة ببعضها ومنقطعة عن الطامعين بثرواتها، فهي في صراعات بينية خسرانية إتلافية، والمُستعمِر ينهب ويسلب وفي غفلتها وتناحراتها غاطسة، ومن القهر والحرمان دارسة.

وهذه آليات لتعطيل العقول وتأجيج العواطف والإنفعالات، وتسويغ التطرف والغلو وإستلطاف الفساد وتبرير الجرائم بأنواعها، فالدين المُبرمَج هو القائد والحَكم، فالفتاوى تنتصر على الدستور والقانون، ولابد من السلاح اللازم لسفك دماء الوطنيين، والخارجين عن مرابع القطيع الخانع في ميادين السمع والطاعة.

إنه الاستعمار الحديث جدا والمتطور ديمقراطيا، والمتفاعل مع المصالح والمشاريع الإستحواذية الإستنزافية الإستلابية، للدول التي تتوهم الثراء بسبب مواردها الطبيعية، وفيها أدوات تسمى أنظمة حكم، تقوم بدور الوكيل لخدمة مصالح الأصيل القابض على مصيرها المحتوم.

فما أروع أعداء الأمة وأذكاهم، وأحرصهم على تولية أغبياء المجتمعات مهمات القيادة والسلطة، وأمامهم كل صباح قائمة بما يجب عليهم القيام به وإلا...!!

تلك مصيبة أمة بما لديها من الثروات والقدرات الطبيعية والبشرية الحضارية المتميزة، والتي عليها أن ترمي بها في أتون مراجل الإتلاف والتقطير التدميري لمميزاتها ومعالم كينونتها الكبرى، التي تتكالب عليها أفواه الطامعين بأنيابها المكشرة ومخالبها المتحفزة.

فدول الأمة على شفا حفرة من الوجيع الإنقراضي، وكأنها تستطيب الكي بالنار!!

و"كم تابعٍ لا يُعاقَب ويُعاقِب الآخرين"!!

***

د. صادق السامرائي

 

اتصل بي صديق عمل سنوات كوزير في السلطة في حكومات أبو عمار ليعلمني مستهجنا أنه سمع أن الأسماء المرشحة لحكومة محمد مصطفى تم عرضها على واشنطن للموافقة عليها.

وكان ردي أن كل الحكومات الفلسطينية في عهد الرئيس أبو مازن كان يتم التشاور بشأنها مباشرة أو غير مباشرة مع واشنطن والقاهرة وعمان، وكان لكل دولة نصيبها من الوزراء الموالين أو الأصدقاء الذين يمكن الاطمئنان لهم. وهذا مفهوم وغير مستغرب مع حكومة سلطة تخضع للاحتلال ولا يمكن أن تتدبر أمورها دون التنسيق مع الاحتلال وواشنطن ودول الجوار في كل شيء. الاستثناء الوحيد كانت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية التي لم تعمر إلا لأشهر (١٧ مارس إلى ١٤ يونيو ٢٠٠٧ وخلالها تم محاصرة الحكومة والسلطة وجرت اشتباكات مسلحة بين فتح وحماس وما يشبه الحرب الأهلية تُوجت بانقلاب حماس على السلطة.

حكومات ياسر عرفات كانت مختلفة بعض الشيء حيث ضمت شخصيات سياسية بارزة ومقاتلين وفدائيين قدامى وكان التنسيق مع دولة الاحتلال وواشنطن والأطراف الخارجية موجود ولكن بدرجة أقل، ولكن في نهاية المطاف تعرضت السلطة والحكومة والرئيس نفسه لحصار شديد ثم اجتياح الضفة 2002  وممارسة ضغوط على الرئيس لتغيير النظام السياسي، حيث فُرض عليه بداية سلام فياض كوزير للمالية ثم مقاسمة السلطة مع  رئيس وزراء أيضا دون رغبته وأخيرا تصفية أبو عمار نفسه وتدمير غالبية الإنجازات المهمة في الضفة وغزة، بالإضافة الى عدم قدرة حكومات أبو عمار على وقف الاستيطان.

 ولكن وحيث هذا الزمان ليس ذاك الزمان والرئيس أبو مازن ليس الرئيس أبو عمار، و(العباسية) نهجا وكاريزما ليست (العرفاتية)، وحيث إنه تم توافق الفصائل في موسكو على تشكيل حكومة تكنوقراط وواشنطن تريدها كذلك، فمن غير المستغرب أن يكون رئيس الوزراء والوزير المفضل اليوم هو من ليس له سوابق في المشاركة بأي شكل من أشكال المقاومة المسلحة أو غير المسلحة حتى إلقاء حجارة على العدو، ولم يسبق أن تم اعتقاله أو وقفه إداريا على خلفية سياسية، وهذا لا ينتقص من قيمة أي وزير أو نشكك بوطنيته ولكن هذا هو الواقع المؤلم، وسيستمر إلى حين التوصل لوحدة وطنية حقيقية وتقوية جبهتنا الداخلية وتحصينها من كل الاختراقات وتصويب مسار علاقتنا بمحيطنا العربي والإسلامي، حتى تخفف من اشتراطات الخارج في تشكيل الحكومة. 

وموضوعيا فالحكومات الفلسطينية لا تحكم بل تدير ملفات كل وزير حسب تخصصه، ونفس الأمر بالنسبة للمجلس التشريعي ،وهذا ينطبق على فلسطين وكل الدول العربية، أما الحكم والسلطة ورسم السياسات العامة فهي بيد ما يمكن تسميتها مجازا وتجاوزا (الدولة العميقة): الرئيس وبعض مستشاريه وقادة الأجهزة الأمنية وربما جهات أخرى.

***

د. ابراهيم أبراش

في المثقف اليوم