نصوص أدبية
ريما الكلزلي: كينونة

ربما كنتَ تظنني نهرًا،
مجرد نهرٍ يجري،
يتبع الشمس بقلبه،
ويغازل القمر عند البلوغ،
ينساب طوعًا،
يسقي الأرض،
ثم يعود كل ليلةٍ
إلى ضفتيه كطفلٍ مطيع.
*
لكني تعبتُ من العطاء بلا وجهة،
من الجريان الأبدي،
من أن أكون مرآةً
تعكس بريق السماء
دون أن تدرك عمق ظلمتها.
*
لن أكون نهرًا،
فالنهر مقيدٌ بمساره،
وأنا أريد أن أختار طريقي،
أن أتحرر،
أن أعيد تشكيل ذاتي،
سأصبح غيمةً
تحلق فوق الجبال،
ترسم ظلها على السهول،
وتهطل حيثما أريد،
لا حيث يُملَى عليّ.
*
سأكون غيمةً
لكن الغيم هشٌّ،
يتلاشى عند أول شعاع،
وأنا أريد أن أبقى،
ثابتةً رغم الرياح.
*
ربما أكون شجرة،
رغم أن جذورها عميقة،
لا تسير نحو أحلامها.
ثابتة تراقب مرور الفصول،
وأنا أريد أن أتغير،
أن أغني للريح،
أن أرقص مع السنابل،
أن أكون حرةً،
كأول قطرةٍ
تحررت من حضن النبع.
*
سأكون شمسًا،
تبعث الدفء في القلوب،
لكنها بعيدة، وحيدة،
تحترق لتضيء.
أريد أن أضيء دون أن أفنى.
لا، لستُ شمسًا،
ولا نجمةً،
تزين الليل وتلهم العشاق،
قد تسقط عندما تُرهقها السماء.
وأنا لا أريد أن أسقط،
بل أريد أن أرتفع كما السماء.
ولا حتى ظلًا،
يتبع النور،
يعيش في حضوره،
ولا يملك ذاته.
أنا أرفض أن أكون تابعًا،
أريد أن أكون النور.
*
لن أكون أرضًا،
تحمل أثقال العالم،
وتنبت الحياة من أحشائها،
لكنها تُداس كل يوم،
دون أن تُسأل عن وجعها.
*
أريد أن أكون سماءً،
عاليةً وحرة،
تُرى ولا تُمس،
تمنح فقط عندما تختار.
*
أريد أن أكون إنسانًا،
يخطئ وينهض،
يحمل روحه بيديه،
يتعلم كيف يكون شمسًا لنفسه،
وظلًا لذاته،
يزرع في قلبه شجرةً،
وينام تحتها عندما يتعب.
*
لن أكون نهرًا،
ولا غيمةً،
ولا شمسًا،
ولا نجمةً،
ولا شجرةً،
ولا ظلًا،
ولا أرضًا.
*
سأكون امرأةً تُعيد صياغة الحكاية،
امرأةً اختارت أن تكون البداية والنهاية.
سأكون الحياة ذاتها،
بدون قيدٍ،
وبدون نهاياتٍ متفق عليها.
***
ريما آل كلزلي