نصوص أدبية
أسامة محمد صالح: رُهاب التّاريخ

كم يُفْزِعُ العلمُ أنّ النورَ مُطفِئُهُ
عتمٌ وإنْ بشّرَ المولى برجْعَتِهِ
*
أهمُّ بالسّيرِ غربًا نحو أندلسٍ
شوقًا ليومٍ يُمَنِّيني برُؤْيَتِهِ
*
وحينَ أَذْكرُ كيفَ العتمُ أسْقَطَهُ
أرتدُّ صونًا لهُ من عودِ نكْبَتِهِ
*
أهمُّ بالخوضِ في أحداثِ معرَكةٍ
شوقًا لنصْرٍ يُناديني بفِتْيَتِهِ
*
وفارسُ القومِ يدْعوني لنجْدَتِهِ
فيَتْبَعُ اسْمي اسْمَهُ في متْنِ صفْحَتِهِ
*
أسيّر اسمي على الصّفْحاتِ علّ بها
مُؤَمَّرًا يرْتَجي سيْفي لنُصْرَتِهِ
*
وحين تمتلئُ الصّفْحاتُ بي بدمي
أصحو على ولَدي يلْهو بخِربَتِهِ
*
مُستنصِرًا وُلْدَ من للنّارِ سُقْتُ على
ابنِ من دعانيْ لأمضي تحتَ إمرَتِهِ
*
أرتدُّ خوفًا على دمِ ابْن آمرِنا
خوفًا على ولدِي أهوالَ ردَّتِهِ
*
أهمّ بالسّيرِ نحو مسجدٍ علمَ الـ
علِيُّ شوْقي لدرْسٍ عندَ صخرَتِهِ
*
وحين أذكر أنّ المسجدَ احْتَشدَتْ
به العبيدُ لشُكْرٍ دون رغبتِهِ
*
فما هوى صنمٌ من فوق كعبتِهِ
إلا ليَثْبُتَ "يهوَهْ" فوقَ قُبَّتِهِ
*
ولا صحا وطنٌ من طولِ غفوتِهِ
إلا للاتٍ تلا العُزّى بمكّتِهِ
*
أرتدُّ خوفًا عليهِ كيدَ أُمّتِهِ
لكي أظلَّ أراهُ فوْق رَبْوَتِهِ
*
أهمُّ بالغرْفِ من علمٍ بجامعةٍ
ترعْرعَ العلمُ فيها منذُ نشْأتِهِ
*
على يدِ النُّخبةِ التي اطمأنَّ لها
العقلُ فأوْدعَ فيها ما بجُعْبَتِهِ
*
خوفًا على نفسِهِ تلويثَ سُمعَتِهِ
مِن أنْ ترُدّ خُرافاتٌ لأسْرَتِهِ
*
وحين أذكرُ أنّ الشّرقَ قد رحلتْ
أنوارُهُ وبدتْ في غيرِ عتمتِهِ
*
وأنّ جامِعَتي ليستْ سوى جسَدٍ
مُمدَّدٍ فوقَ تلٍ دونَ مُهجتِهِ
*
أرتدّ صونًا لكبرياءِ جامعةٍ
في موتِها لم يزلْ في أوجِ شدّتِهِ
*
كي لا أرى الشرقَ يبكي هجرَ فلذتِهِ
كي لا أرى غدَهُ شمسًا بغربَتِهِ
*
فالشّرق نورٌ فمن له بمحنتِهِ
من للعزيزِ أيا قومي ودمعتِهِ
*
أهمّ بالشّربِ من عينٍ بباديةٍ
عجلانُ يقصدُها صونًا لفطرَتِهِ
*
وحين أذكرُ أنَّ العينَ قد كَدُرتْ
فلم يعُدْ يهتدِي معنىً للفْظَتِهِ
*
أرتدُّ خوفًا على ضادي تكدُّرَها
على مُقامي حياةً دونَ صفْوَتِهِ
*
أهمّ بالسّير فجرًا نحو مقبرةٍ
مُهنِّئًا ماضيًا جلًّا برَقْدتِهِ
*
وباكيًا هِممًا سَدَّتْ مسالِكَها
فواجعٌ قد تداعَتْ إثرَ غيْبتِهِ
*
إذا مضى أيُّها في دربه قدُمًا
قيلَ لصاحبِها: شهيدُ هِمَّتِهِ
*
وإن تأنّت تلافيًا لفاجعةٍ
قيلَ لصاحِبها: مُودٍ بحسْرَتِهِ
*
يغازلُ اليأسُ همّتي وقد أنفَتْ
منهُ وما استسْلَمتْ يومًا لرغبَتِهِ
*
مرادُها أملٌ يحيا بداخِلِها
ولا ترى نفسَها في غيرِ عصْمَتِهِ
*
تراهُ ندّا لها أهلًا لفِطرتِها
تجنّبُ الفاجعاتُ دربَ خطوَتِهِ
*
وتقتفيْ خطوَه السّرّاءُ غايتُها
قلوبُ من دخلوا في ظلِّ رحمَتِهِ
*
لكنّ يأسًا تعدّى الحدَّ مُغْتنِمًا
غيابَ فارسِها ماضٍ بلُعْبتِهِ
*
بالمالِ والأمنِ يُغويها لتحذوَ حذْ
وَمن غنِمنَ الشّقا في خدمةِ ابنتِهِ
*
وإبنةُ الياس أمّ الفاجعاتِ وأمْــ
مُها اسمُها عودةُ العُزّى لقريتِهِ
***
أسامة محمد صالح زامل