نصوص أدبية

حامد عبد الصمد: جاذبية القناطر

(إلى أخي الخصيبيّ طالب عبد العزيز)

***

1- نافذة

-غرسي الأخضر..

خلف السنين

في كلّ أرضٍ ..ومكان

عبر المدائن والقرى -

هكذا سمعتُ نفسي

صمتُّ لحظة

فجأة

- وأنا أعيش صيف هذا البلد الحزين-

ابتلعني الطريق

بآهة طويلة

طويـــله

على جناح الزمن

وعند منتصف الجسر

حاولتُ

بهمتي العالية

وقد تلألأت البعيدة القريبة

أنْ أرفع شتات الأوهام

ولكنّها

قاومتْ

وقاومتْ

وسقطتْ عليّ

بمعطفها الأسود....!

وبقي الجسر ...

يرفرف عليه

ثوبه المصبوغ ..!

المتجدّد العتيق ...!

**

2- بدريّة

قبل أن يعرف القناطر

قنطرة

قنطرة

كانت له – بدريّة-

نافذة خضراء

بين ارتعاش الصباح

تمدّ له عيونها

عيونها العسل...

درباً لمطلع الشمس

جسراً إلى الحياة....!

**

3- قرية البرهامة (عويسيان)

وجد في- البرهامة-

طفلة كالقمر

في صوتها قصيدة

لا تشبه القصائد

قالت له بدندنة:

وفي اليدين قهوة

وكسرة من خبزة التنور

وقدّمت فنجانها له ..

في دفء الظلال

-إنّي أنا الحلوة المرّة

والمرّة الحلوة

إني أنا القصيدة الجديدة –

وأومأت برأسها تشكره

و.......!

ليس يجدي الغناء...!

**

4- اغنيّة الوحدة

كنتُ هادئاً جدّاً

مسالماً جداً..

وفي عيوني حلم

تحتكر رأسي أفكار

وأفكار ...

وفي ثنيات ثوبي عطر

من بساتين قريتي (الحمزة)

وفي خاطري ذكريات

ورحتُ أزرع قلبي الغض

خلف شبابيك العمر

لتتسرّبُ قطرات العطف ..

وكلمات الرطب المعسّل كلّها

في قصيدة نثر إلى جميع القرّاء

هنا ....أو هناك

كـــ "تاريخ الأسى" .

**

5- أنا

انّني منزوٍ بصورة بصرية

وقد وقفتُ على مثل الحجر من ذكر المعاد

صلتي بالآخرين

بطريقة ترتيب الفصول

التي لم تستقم في ذهني

حتى بقيتُ أعيش في نزاهة

مثل عشبة

مندّاة بقطرات

من ورد الرازقيّ، والياسمين

**

6- نهر عويسيان

النهر الصغير

يتّسع...

يتّسع

يتّسع

وتبدأ الضفاف بالبوح:

-خالتي هناك

عمّتي هنا

وزنابيل الرز ..والزوري

وكل السمك يحدّق في الرز

حبّة.. حبّة

والنهر ظلّ مع العشب

آه.. آه... يا صيّاد السمك

"صيدلي بُنيّة"

الأغنيّة لن تنتهي...!

- غموض الأسلوب

أمر غير مسعف

لأنّه مقطوع عن السياق ...!-

**

7- نهر السراجي

تحرّكتْ قدماي

ولاح النهر أمامي

كطيف نامت

عنه جبال الرياح لاح أليفاً ..

طيّباً

كان سعيدا

تتّسع أرجاؤه

كلّما صبّتْ فيه الذكريات

روافد صافية

غنيّة .. ثرّة ...!

آه ..أيّها النهر الذي يحتضن السمك

ويثري النخيل ويروي حنايا الفقراء....!

**

8- مرة أخرى

قليلاً ..

قليلا

قليلا

عادت الفكرة

ولملمتْ أجزاءها

مرّتْ

على جفن الذكريات

وراحتْ

وعادتْ

إلى أصلها

لتعرف الحقيقة

ثمّ بألف رجاء ...!

على أسيجة الوقت

جنّحتْ روحها

في تسابيح

لتبلور

الجمال

والفن

والحنان على جفن القمر........!

**

9- همسة

في ليلة باردة

كان (ابن عبد العزيز)

يبحث عن دفء، بطريقة مغايرة قال لي:

(وهو يجلس قافية سمراء)

إنّي أرى لمحة من السماء

تشرق في الغرفة الأخرى

وأسمع همسة، من الأرض السابعة

وإطلالة من النجوم والقمر

على ماضٍ بعيد، قريب

وأرى مستقبلاً

يختفي وراء الف باب

وأشواقي تزحف ..

تركضُ في بهجة ....

قال لي ..

ثمّ لملم نفسه

وشظايا كلماته المتناثرة

وغادر

إلى روحه الثانية

ليصطبغ بالنور الصباحي البهيج ...!

**

10- تراتيل القرويّ

دائماً في حيرة

وفي إبهام شديد

وفي رغبة قويّة للبكاء

حتى النشيج

وبالتمرغ

على التراب

كنتُ وما أزال

حفنة من صلوات أبحر

لوحدي

على شرفات السماء

وروحي بصدر السور ترتّل كلمات الملك القدّوس بخشوع ..لا حدّ له ...1

(لا اله الا هو الحيّ القيوم

لا تأخذه سنة ولا نوم....)

سبحانك ربي

وتبقى شفاهي تصلّي

وقلبي يصلّي

***

حامد عبد الصمد

 

في نصوص اليوم