نصوص أدبية

مجيدة محمدي: سقوط من فرط النور

هيَ الأرضُ... مِهبٌّ للرُّكودِ،

تدورُ كما يدورُ الحَجَرُ في فمِ النّهرِ،

تتآكلُ أطرافُها

من شدّةِ ما تُعيدُ ذاتَها إلى ذاتِها.

*

كيفَ تجذبُ وقتَكَ إذًا،

من بين أنيابِ الغياب؟

كيفَ تُحرّكُ واقعًا

تحجّرَ من فرطِ الحذر؟

الجبالُ تتهامسُ ساخرَةً، من رامَ القمّةَ،

يُصلبُ على سلّمٍ من هباء.

*

ثمّةَ في الهواءِ من يُطفئُ مصابيحَ الحلمِ،

من يُقايضُ الارتفاعَ، بأمانِ الحفرة،

ومن يهمسُ، ابقَ هنا،

في قاعِ الضّجيج،

فالأعلى مكتظٌّ بالوحشةِ.

*

كلّما صعدتَ،

سقطَ ظلّكَ عليكَ.

كلّما أنشدتَ، ابتلعَك الصدى ...

كلّما لامستَ النُّورَ،

عادتْ إليكَ أصابعُ العتمةِ

تُعيدُ ترتيبَك من جديدٍ....

*

ما الذي يدفعُكَ،

أيّها المتعبُ،

إلى حفرِ ملامحِك في الرصيفِ،

كأنّك تبحثُ عن وجهِك القديمِ

تحتَ الغبار؟

*

الحجارةُ تشيخُ،

الخطى تُجرّ أذيالَها كأسرى،

والهواءُ مُثقلٌ

بأنينِ من لم يُكملوا الحكاية...

تسيرُ،

كأنّكَ تعتذرُ عن البقاءِ حيًّا،

كأنّ الطريقَ ليستْ لكَ،

بل لجثثٍ تتدرّبُ على النهوض.

*

العصافيرُ تُذبحُ في السّماءِ

دونَ شاهدٍ أو محكمة،

والشجرُ يُجلدُ في صمتٍ

حتى يُقرَّ بخضرته.

*

يا الله،

هل هذه القيامةُ

تُجرَّبُ قبلَ الإعلان؟

هل نحنُ نُصلبُ

كي لا ينسى التاريخُ رائحةَ الألم؟

*

يا الله،

ارفعْ عنّا هذا الليلَ

الذي لا ينتهي،

نحنُ — أبناءُ الطينِ والرغبةِ —

سئمنا التّحوّلَ إلى رمادٍ

كلّما حاولنا أن نُضيءَ.

*

نحنُ الرّعاعُ الممنوعونَ من الحُلمِ،

نكتبُ على حوافِّ العدمِ،

"هنا مرَّ إنسانٌ

حاولَ أن يصيرَ نجمًا،

فسقطَ...

من فرطِ االنور "

***

مجيدة محمدي

في نصوص اليوم